الجمعة، 18 فبراير 2022

رحلة فارس الظلام

 

1

عند صدور فيلم Batman Begins عام 2005كان قد مضي علي الظهور الأول لشخصية باتمان حوالي 66عاماً,منذ ظهورها الأول علي يد بوب كين وبول دينفر في مجلة ديتيكتف كومكس1939,وكما قررت شركة دي سي في ثمانينيات القرن العشرين بث روح جديدة في قصة بطل جوثام فاستعانت بفرانك ميللر أحد أهم فناني القص المصورة في العالم,فظهرت رواية "باتمان:العام الأول"جاء الدور علي السينما فتعاقدت شركة وارنر بروس مع المخرج الشاب وقتها كريستوفر نولان علي إخراج Batman Begins,لم يكن في تاريخ نولان حتي ذلك العام سوي ثلاثة أفلام أولها Followوهو فيلم ذو ميزانية محدودة,لكن تظهر فيه الكثير من أفكار نولان التي سيتوسع في مناقشتها بعد ذلك,ومن المفارقات وجود شارة باتمان تعلو باب شقة في أحد المشاهد,ولم يكن أحد يتوقع أن ذلك المخرج البريطاني الذي يعمل صانعاً للأفلام في ظل موارد مالية ضعيفة,سيعيد إحياء تلك الشخصية من جديد علي الشاشة وتحت يديه إمكانيات هوليوود الجبارة,والفيلم الثاني Mementoذو التقنية الثورية في فن السيناريو حيث نشاهد الأحداث معكوسة من النهاية إلي البداية وموضوعه اكتشاف الهوية الذاتية,والأوهام التي نقتات عليها لنعيش حياتنا بصورة ترضي عقولنا,وInsomnia وموضوعه الهدف الأخلاقي وسط اضطرابات الحياة,وفي طريقه لإنجاز ثلاثية فارس الظلام التي ستغير مفاهيم تلقي رواد السينما لأفلام الأبطال الخارقين,كل فيلم من الثلاثة محمل بأسئلة فلسفية وقضايا إنسانية عميقة المعاني كعادة أفلام نولان,وطابع مميز يحمل بصمة مخرج سيصبح من أساتذة الفن السينمائي في زمننا الخالي,وكان هذا بالضبط ما تحتاجه شخصية باتمان بعد سلسلة من الاخفاقات السينمائية,ليتلقفها ويعيد سرد قصتها من جديد بصورة مغايرة تحمل رؤية فريدة,تقرب بطل الطفولة لملايين البشر من عالمهم الحقيقي,جوثام لم تعد مدينة خيالية,بل هي عالمنا المعاصر المضطرب المريض,بكل مافيه من ظلم وإحباط وكراهية,وباتمان شخص تعرض لمأساة قتل أبويه أمام عينيه بدافع السرقة,فتحول إلي بطل خارق بالإرادة والتدريب والعمل,بعيداً عن الصورة النمطية للبطل الخارق الممنوح هبة من قوي عظمي وقدرات فوق بشرية.

التيمة الأساسية في الفيلم هي الخوف,أقدم شعور إنساني سجننا الذي نحيا فيه,وكذلك كان بروس واين(كريستيان بيل)يحيا في خوف منذ صدمة طفولته القاسية,ويحيا شاعراً بالذنب أنه السبب,وتتخذ عقدته تلك من الوطواط رمزية لمشاعره الكامنة,فهو أول ما أثار فيه الخوف عندما سقط في البئر,وهو الدافع الذي جعل والديه يغادران المسرح عندما ظهر خوفه مجسداً أمامه في عمل استعراضي,فقتلهما أحد المجرمين,والسقوط في رحلة البطل التراجيدي هي بداية العظمة,عندما يسقط بروس صغيراً يسأله والده"لماذا نسقط؟"وعندما يكبر ويصبح باتمان وقد احترق قصره وأصيب بشدة علي يد رأس الغول(ليام نيسون)يسأله الخادم الوفي ألفريد(مايكل كين)"لماذا نسقط يا سيدي؟...كي نتعلم أن ننهض من جديد" وسمة الرجولة الوقوف بعد السقوط ومواجهة الخوف, العمل كما قدمه نولان ليس فيلم أكشن لبطل خارق بل رؤية عميقة للنفس البشرية وعدوها الأول الخوف,فالخوف هو نتاج التجربة البشرية علي الأرض,ولولاه ما كان للإنسان أن يصنع المعجزات أو يتردي في أحقر قيعان البؤس,خوف بروس واين هو ما سيولد شخصية باتمان,الرجل الذي قرر مساعدة المدينة-عالمه-لتسود فيها العدالة ويتقهقر المجرمون في شوراعها,يشترك مع عدوه ومدربه رأس الغول في الرغبة لإصلاح ميزان العالم المختل,لكن طريقهما متضاد,رأس الغول وعصابته تدرب بروس واين أثناء ترحاله في العالم سعياً لفهم أوسع للذات البشرية ليصبح أحد أتباعها في تخطي القانون ولعب دور القاضي والمدعي والجلاد في نفس الوقت,وهو مايرفضه تماماً,فرغم خذلانه في محكمة جوثام التي قررت اطلاق سراح قاتل والديه بنفوذ مجرم آخر فالكون(توم ويلكنسون),إلا أنه يؤمن بالقانون ولا يري أن الفساد يحارب بالفوضي والإطاحة بالمؤسسات التي تمثل استقرار الدولة,بل هو يسعي ليصبح يد العدالة الغير رسمية,ولذلك يعادي ويحرق بيت رأس الغول,ويجد طريقه إلي الشرطي الشريف جوردون(جاري أولدمان)ويسأله جوردون عما سيفعله ليواجه عصابة فالكون,فهو مجرد رجل واحد فيجيبه وقد أصبح باتمان"الآن نحن رجلين"لم يتماهي أو ينبهر بالعصابة رغم تدريبها المثالي ولا وجد في عددها وعتادها ما يرجوه,بل وجده في شرطي نزيه هو الممثل الحقيقي للعدالة رغم وباء الفساد الذي اجتاح جوثام.

يتمكن من القبض علي فالكون والدكتور كرين(كيليان مورفي)الذي يستخدم غاز ينشر الخوف للسيطرة علي أعداؤه لكنهما يقودانه إلي رأس الغول,العقل المدبر للجرائم في جوثام,فمهمة عصابته تمزيق المدن الفاسدة لتبني من جديد لا يهم عدد الضحايا,بل مايهم هو التطهير الشامل الأعمي سواء أصاب الصالحين أو الفاسدين,يتصدي له باتمان وقد سيطر الرعب علي الجميع,وعندما يغزو الفزع قلوب أهالي المدينة,يتحولون إلي أعداء لبعضهم كل واحد يري في الآخر تجسيداً لمخاوفه,وبالعلم يتمكن فوكس(مورجان فريمان)موظف قسم العلوم التطبيقية بشركة واين,من صنع لقاح فعال كما صمم من قبل معدات باتمان,وعندما يسيطر باتمان علي خوفه يسيطر علي مصيره,فيولد من الصبي المرتجف والشاب المتشرد أسطورة فارس الظلام حامي المدينة من الشر والجريمة.

تلك هي لمحات من الخط السردي الذي رواه نولان بالتعاون مع كاتب السيناريو دايفد إس جوير,ليجددا لباتمان شبابه السينمائي متبنيين عالم فرانك ميللر السوداوي للأحداث التي واكبت بداية باتمان,إننا أمام رجل يسقط ويخاف ككل الرجال,لكن عند قيامه يستخدم خوفه كمصدر لقوته,ورغم ثرائه الفاحش يكرس حياته وأمواله لمحاربة الشر كي لا يذوق طفل آخر ما ذاقه بروس واين من المرارة.

قدم نولان طاقماً تمثيلياً يؤدون أدوارهم في هارمونية رائعة وجعل من كريستيان بيل تحت إدارته خلال الثلاثية أفضل من قام بدور باتمان علي الإطلاق,منقباً عن بعد جديد في عالم باتمان,مبرزاً الصراع الداخلي لبروس واين الذي انعكس علي صراعه الخارجي مع الجريمة,فعرفنا بعمق من هو باتمان ومادوافعه,بأداء مذهل من كريستيان بيل صور فيه ملامح بروس واين نهاراً وباتمان ليلاً,ولو شابه القصور في مشاهده مع كاتي هولمز التي تقوم بدور رايتشل دوز صديقة طفولته,فعلي الشاشة بدا ذلك الثنائي يفتقد للانسجام,وجاء النسق الزمني قائماً علي تداخل الماضي والحاضر-ألاعيب الزمن المفضلة عند نولان-فتعدد منظور السرد البصري,ليعري أعماق بروس واين التي سيولد منها باتمان,ونجح المصورون في تقديم المشاهد الكابوسية للخوف وهو يعربد في أرواح أهل جوثام...الخوف الذي هزمه باتمان في النهاية.

2

الجزء الثاني من الثلاثية the dark knightاكتسح شباك التذاكر 2008وتحول إلي فيلم أيقوني في تاريخ السينما,ومع السيناريو المحكم الذي كتبه الأخوان كريستوفر وجوناثون نولان,والإخراج البصري المبهر والأداء التمثيلي الصادق والأسئلة الشائكة المطروحة أصبح ملحمة سينمائية استعادت بها هوليوود بريقها,واعتبر كريستوفر نولان فتي هوليوود الذهبي القادر علي جلب الإيرادات المحطمة للأرقام القياسية.

يبدأ الفيلم مع عملية سرقة أموال عصابات جوثام,بتدبي من الجوكر(هيث ليدجر)وعندما يراه مدير البنك(ويليام فيكنر) يقتل المشاركين معه في السرقة,يتأسف علي الحال الذي آل إليه مجرمي الزمن الحالي!ويسأله بماذا تؤمن؟ يجيبه الجوكر وقد خلع قناع المهرج لنري قناعاً آخر من الأصباغ"أؤمن بأن ما لا يقتلك ببساطة يجعلك...غريباً",وهو تحريف لعبارة الفيلسوف الألماني نيتشة"ما لا يقتلك يجعلك أقوي"إن مسار الجوكر شبيه بمسار باتمان لكن كلاً منهما كان له قراره الخاص,باتمان تعرض للأذي النفسي والبدني بعد قتل أبويه,ومع أن الفيلم لم يعرض ماضي الجوكر إلا أن القصة المصورة  the killing jokeالتي كتبها ألان مور,واستمد منها الفيلم بعض ملامحه,تكشف أن الجوكر تعرض للخداع من قبل إحدي العصابات بعدما شاركهم في محاولة السطو علي كازينو قمار بجوار مصنع للمواد الكيميائية كان يعمل فيه,ويسقط في المصرف الممتلئ بالكيماويات فيتغير شكله ويصاب بالجنون,لقد أصبح الجوكر بعد الفيلم أحد أبرز الشخصيات في الثقافة المعاصرة بفضل الأداء التمثيلي العبقري لهيث ليدجر,بل ولأول مرة يسحب الشرير بساط الاهتمام من البطل,والسبب في ذلك أنه من السهل أن يصير كل من تعرض للصدمات والأحزان شريراً فوضوياً ينتقم من الجميع,لكن من الصعب أن يصبح حامياً للعدالة والخير,مناصراً للقانون والنظام,فقلة في ذلك العالم تسير علي درب باتمان فهو الباب الضيق الذي لا يسع إلا ذوي النفوس الكبيرة,أما الشر والدمار فلا يكلف سوي إطلاق العنان للنفس تفعل ما تريد,وهو ما سعي نولان لتصويره عبر قصة الصراع المحموم بين باتمان والجوكي,والذي سيتحول في خضمه المحامي العام لمدينة جوثام هارفي دينيت(آرون إيكهارت)إلي المجرم المعروف بذي الوجهين,لقد اختار طريق الجوكر بعدما خسر ريتشل دوز(ماجي جيلنهال)بعد خيانة أفراد الشرطة الفاسدين في مكتب جوردون وتسليمهما لعصابة الجوكر,لقد أثبت الجوكر فرضيته أن يوم واحد سئ يقود أعقل الناس وأكثرهم استقامة إلي الشر والجنون,وتلك هي التيمة في ذلك الجزء لقد نشر الجوكر الفوضي والجنون في جوثام,بعدما قويت يد العدالة والنظام حينما قبض دينيت علي نصف رجال العصابات في جوثام بدون قناع,وهو ما جعل بروس واين يفكر في تخليه عن دور باتمان فالمحامي الجديد هو البطل الحقيقي القادر علي إحقاق مواجهة عتاة الإجرام"بدون قناع",ليأتي جنون الجوكر ليحرق نصف وجهه وكل قلبه بالنار والقتل,ليحوله لشبيهه,ليقذف به من سمو العدالة ونبل الإصلاح إلي عالم الجنون والانتقام والقتل,فيختطف أسرة جوردون ليذيقه مع اعتراه من عذاب بفقد حبيبته ريتشل,حتي يأتي الإنقاذ علي يد باتمان الذي لم ينقذ ابن جوردون فحسب بل أنقذ المدينة بتحمل جرائم دينيت.

لقد حل الظلام الحالك علي جوثام وسقط أملها مشوهاً ملوثاً بالدم والجريمة,لكن فارس الظلام يحمي الأمل علي حساب الحقيقة,كي لا يلتهم السواد الذي خرج ن روح الجوكر الأمل في العدالة والخير فبحسب رأيه"أحياناً لا تصبح الحقيقة كافية,أحياناً ما يستحق الناس شئ أكثر منها,أحياناً يستحق الناس مكافئة لإيمانهم",وفي النهاية يركض خلفه الحرس والكلاب فهو"البطل الذي تستحقه جوثام لكنها لا تحتاجه الآن,لذلك سنطارده لأنه يستطيع تحمل ذلك,لأنه ليس بطلنا إنه حارس صامت وحام يقظ...إنه فارس الظلام"كما يعلق جوردون في المشهد الختامي"

برع نولان في تبيان العالم المظلم لمدينة اخترقها الجنون,واستطاع انتزاع باتمان من عالم الخيال ليضعه في قالب واقعي فظهرت بعضاً من المعالم الحقيقية لمدينة شيكاجو ولأول مرة يقوم باتمان بمهمة خارج جوثام عندما ذهب إلي هونج كونج ضمن خطته للإطاحة بمجرمي جوثام وتقديم الأدلة ضدهم لهارفي دينيت,ليدور في ذلك الجو الواقعي المقبض الصراع بين النور والظلام بين الخير والشر بين الفوضي والنظام بين الانتقام والعدالة,إن الجوكر هو أكبر أعداء باتمان لكنه لا يقتله أبداً ولا يمكن له أن يقتله,فعندها سيصبح مجرماً كالجوكر,رغم أن الجوكر يهدد أمن المدينة علي الدوام,فكلما قبض عليه يهرب من مصحة أركام,وهو ما يطرح سؤالاً هاماً:لماذا لا يقتل باتمان الجوكر ويمنع القتل والخراب؟,في مشهد المطاردة علي الدراجة النارية يستفز الجوكر باتمان ليقتله,فيطلق النار عشوائياً علي السيارات,ويكاد باتمان يدهسه بالفعل لكنه بذلك لن يصبح باتمان بل بروس واين الطفل الذي آذته الحياة,وكبر لينتقم سيصير بالفعل نسخة من الجوكر,لقد اختار باتمان مسئوليته وحافظ عليها وهي خدمة العدالة لا تنفيذها بيديه كما رأينا في الجزء الأول.

إن شخصية الجوكر مظلمة إلي حد مخيف,وقد خلق هيث ليدجر للجوكر كاريزما طاغية بتدريبات قاسية نفسياً حتي قدم تلك الشخصية المجهدة لأي فنان فاكتسب طبقة صوت مميزة,وأتقن حركات إيمائية لا تنسي استحق عليها الأوسكار الذي فاز به بعد وفاته عقب تأديته الدور الأبرز في تاريخه والخالد في عالم السينما رغم أن ظهوره لم بالكاد تجاوز النصف ساعة!!إن مشهد خيبة أمله بأن يفجر أهل جوثام بعضهم وتلك النظرة الخابية لفشل نظريته بأن تحت الضغط القاسي يتحول الجميع إلي محرمين,عبقرية,فيبدو من تحت المساحيق والندوب وجه الجوكر الحقيقي,والضحكات الأخيرة الممزوجة باليأس والقهر تخترق الأسماع لأنها صادرة من عماق الصراع في داخله ليحفر تلك الصورة في ذهن عشاق الثلاثية,وهي نفس الصيحة الصادقة لكريستيان بيل وهو يكاد يدهس الجوكر صحية غضب ونقمة وصراع بين بروس واين وباتمان,وتمكنت ماجي جيلنهال من استعادة حيوية شخصية ريتشل دوز التي تمثل لبروس واين أمله في الاستقرار والعيش بوجه واحد بعدما أصبح للمدينة فارسها مكشوف الوجه الذي يعمل بالنهار ليحميها من القتلة والسفاحين,آرون إيكهارت تفوق علي نفسه بدور هارفي دينيت ذي الوجهين الرجل الذي لم يتحمل,وسقط ليرفعه باتمان علي حساب نفسه ويعيده من جديد كذكري حلوة ترمز إلي الأمل المرتقب,بالطبع لا يمكن نسيان الثلاثي جاري أولدمان ومايكل كين ومورجان فريمان,ففي كل مشهد درس تمثيلي تشي بالموهبة الرفيعة التي اكتسبت تألقها بخبرة السنين.

إن فارس الظلام بفضائله وتضحياته,وذلك المليونير الذي حرم نفسه من التمتع بثرواته ليقضي الليل في مواجهة حثالة جوثام يتفادي طلقات الموت,هو الناجي الوحيد من الجنون والظلام فهو فارس ذلك العالم,والقادر بالصبر والعمل علي ترويضه وتحمل طعناته في ثبات لأن المنطق والفضيلة محميان طالما اختار الإنسان طريق الخير حتي لو تكاثف الظلام,وانطفأ المصباح,وعوت الكلاب,وهو طريق وعر وقاس سقط فيه هارفي دينيت ومضي فيه فارس الظلام حتي النهايى

3

الجزء الأخير المتمم للثلاثية the dark knight risesيبدأ من حيث انتهي الجزء السابق,الخيار الأخلاقي الذي اتخذه باتمان في الكذب ليحمي المدينة,انعكس وتحول لنكبة شخصية عليه وعلي المدينة ولم يسلم المفتش جوردون,بعدما أصبح باتمان مجرماً انزوي بروس واين في قصره لثمان سنوات يعاني فيها الوحدة والعجز,وجوردون تركته أسرته يعاني من تأنيب الضمير,لكن المدينة خلت تقريباً من الجريمة بفضل قانون دينيت حتي يظهر باين(توم هاردي)ليهدد المدينة بقنبلة نووية ويفضح حقيقة هارفي دينيت فتضرب الفوضي جذورها في المدينة بمساعدة ابنة رأس الغول ميراندا(ماريون كوتيار),والآن باتمان مفلس ومحبوس في سجن تحت الأرض بعدما كسر باين ظهره وهي اللحظة المؤلمة لمحبي فارس الظلام عندما ظهرت في القصة المصورة knight fall أراد باين تدمير روحه وجسده فجعله مشلولاً ينتظر الموت معذباً بالأمل فكي يتحرر عليه أن يتسلق فوهة تشبه البئر الذي سقط فيه صغيراً,لكنه أخطر وأصعب بل شبه مستحيل,وتلك الحبكة تكشف لنا حقيقة فارس الظلام,فليست الثروة الهائلة التي تمكنه من شراء أحدث المعدات ولا القوة البدنية التي كفلها له التدريب الشاق,بل الإرادة كما ذكر رأس الغول من قبل"الإرادة هي كل شئ"تغلب باتمان علي الألم والمعاناة لينهض من تحت رماد الأرض مارداً يصحح خطأه ويعيد الأمل للمدينة التي انفصلت عن العالم وأصبحت تعد ساعاتها,الألم هو المسيطر علي ذلك الجزء فكل الشخصيات لها ألمها الخاص.

العنص النسائي يحتل مساحة أوسع في الفيلم من خلال شخصيتي سيلينا كايل المرأة القطة"آن هاثواي"التي سيجد معها بروس وين نجاحه الإنساني المفقود بعدما يخلفه روبن"جوزيف ليفيت"كحارس علي المدينة لأن العالم علي الدوام يحتاج إلي المخلصين الذين يعملون ويضحون بلا انتظار للمكافآت,لحماية منظومة القيم من العابثين والفوضوين وكل منا يمكن أن يصير بطلاً ولو لعمل بسيط لكن ثماره تظهر مع الوقت وذلك المعني يقوله باتمان لجوردون وهو يحاول معرفة شخصية البطل الذي سينقذ المدينة من القنبلة مضحياً بنفسه"البطل قد يكون أي شخص,حتي رجل يقوم بعمل بسيط كأن يطمأن طفلاً بوضعه معطفاً علي كتفيه كي يشعر أن العالم لم ينته"مشيراً إلي ما فعله جوردون معه عندما مات أبويه في الجزء الأول,وهنا يكتشف جوردون أن البطل الخفي أشهر رجل في المدينة...بروس واين!