السبت، 22 يونيو 2024

بلسم القلوب الخائفة

 

بلسم القلوب الخائفة

 

الخوف من المستقبل المجهول هو الوحش القابع في النفس البشرية،غذاؤه الخيالات المضطربة وترقب موجات الألم والعذاب الهائلين،هو السيخ المحمي في لهيب الأفكار السوداء ليكوي الحاضر،ويسلبه أي لحظة من المتعة،إنه مرض عصرنا المعقد،العصر الذي تحققت فيه عبارة الفيلسوف الإنجليزي توماس هوبز"الإنسان ذئب أخيه الإنسان"،فالجزء الأكبر من مخاوفنا يتمثل في المجتمع وعلاقتنا بأفراده،وما يمكن أن يفعله بنا إخوتنا في البشرية من شرور!بدلاً من أن يطبب ويداوي الواحد منا أخيه في الإنسانية،يبرز له أنيابه المسنونة و يتحين الفرص ليغرزها في لحمه الحي،وينهشه بالعين واللسان واليد،ويستبيح لنفسه انتهاك كرامته وسمعته وجسده لو استطاع... صحيح إن الطيبيين مازالوا في كل مكان،لكن صوت الأذي أعلي،وأنين الجرحي والمظلومين يعلو علي ضحكات السعداء،إن الخوف يستوطن الأرواح ليلتهمها ويمزق ساعات اليوم لأشلاء،ينثر بعضها في صحراء الأوهام،والبعض الآخر يغرقه في محيطات التفكير المفرط،وويل النفس من فرط التفكير،إنه مثلث برمودا العقل يبتلعه حتي تعتم الرؤية من حوله،وهكذا يضيع العمر هباء، وفي النهاية ينظر الإنسان خلفه فيجد سنواته كالزبد طفت للحظات قليلة علي أمواج الحياة ولم تخلف ورائها سوي المرارة والدموع.

فهل من علاج؟لا أعتقد أنه سيوجد في يوم ما علاج لأصحاب النفوس القلقة والعقول التي لا تتوقف عن التفكير،وتنسج من الضلالات والكلمات التي يتقيأها الناس علي أرواحهم عالماً كاملاً،يفصله عن واقعه الحقيقي،فلا يجد في للسعادة طعماً ولا للاستقرار النفسي سبيلاً... لكن يمكن للواحد منا أن يخفف عن روحه أعباء الخوف والقلق،بأن ينشغل في صلاته،فالصلاة منذ القدم هي الملجأ الروحي للإنسان،في أحلك الأوقات،هكذا ورد في النقوش المصرية القديمة،وهكذا فعل الأبطال في الإلياذة وهم بين الحياة والموت،وأن ينشغل في عمله مهما كان هذا العمل،كي لا يترك روحه عارية لسباع التفكير المفرط وطيور القلق الجارحة،وأن يسعي في الخير ومساعدة غيره،فابتسامة رضا وامتنان علي شفاه محتاج تجلي لنا حقيقة العالم،وتبين رسالتنا الحقيقية ودورنا فيه،وتمد لنا حبلاً من بهجة ينتشلنا من أعماقنا المظلمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق