صدق ابن الرشيق القيرواني عندما قال"ثم جاء المتنبي فملأ الدنيا وشغل الناس" وديوانه الذي حققه عبد الوهاب عزام-الذي قضي شطراً كبيراً من عمره في صحبة المتنبي- بتدقيق شديد مع الإشارة لما نسب للمتنبي أو ما غيره الشاعر نفسه فيما بعد، واختلاف نسخ المخطوطات فيما بينها، يملأ وجدان القارئ حتي اليوم وسيظل قابعاً في الثقافة العربية مادامت قائمة ثروة للاقتباس والقياس والعظة، نري فيه تطور الشاعر منذ صباه لأنه قد رتب القصائد تاريخياً من أول بيت قاله حتي ختام آخر قصيدة له، نسير مع قصائده لنهاية حياته، ويالها من حياة فريدة وشخصية نادرة، اصطدمت بالدنيا والناس ومع كل ارتطام نسمع دويه شعراً يتفجر من قريحته الملهمة من موهبة سماوية، ستقرأ هنا أحد روائع وآيات الأدب العربي القديم، تتعلم اللغة والحكمة وفن البياز ويدق قلبك في مواطن كثيرة وستتأمل وتفكر في الدنيا والناس في مواطن أكثر، فمن بين أبيات المديح والرثاء والهجاء والغزل، يعصر المتنبي من حشاشة نفسه ويصفي قطرات من روحه مثقلة بالحكم مواعظ التجارب مع الناس ودنياهم، ولا تندهش لو وجدت نفسك وعواطفك تتجلي في مرآة قصائده، فقد صدق أيضاً القاضي الفاضل أيضاً حين قال"إن أبا الطيب ينطق عن خواطر الناس".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق