ذكري الجنوبي في زمن
الإخوان
ها قد أتت ذكري أمل دنقل,ولم تقام الاحتفالات في الهيئة
العامة للكتاب,وليس هذا بمستغرب في زمن الإخوان,زمن السمع والطاعة,زمن الفتاوي في
العمليات العسكرية لتحرير الجنود من يد الإرهابيين!!
كيف يمكن أن يحتفلوا بذكري"من قال لا في وجه من
قالوا نعم".
لم يكن أمل"شاعر"يشعر ويكتب ما يشعر به,بل كان
مقاتلاً بمعني الكلمة,ابتداء من نظرته القوية المتحدية,حتي مواجهته للموت والمرض
واختيار الكلمات التي تكتب علي قبره"هنا يرقد فلان ابن فلان وكل من عليها
فان",قصائده من النوع الذابح الذبيح,كيف؟
قصائده معجونه بدمه ولحمه الذي مزقته الحياة وأكلته عيون
الناس,فكانت مذبوحاً,يمارس الفعل الواقع علي قارئه,ليس تشفياً ولا كراهية,بل يخرج
من خيالاته المتوهمة و يتخلي عن رؤيته الساذجة للحياة,فالحياة جارحة ككلماته,خشنة
كلغته,ساخرة كأسلوبه,مرة كعيشته.
نحن نحتفل بأمل ونعيد قراءته مرات ومرات,هذا ابن مصر
المنتني إليها وحسناً صنعوا بعدم احتفائهم به,نحن قراءه ومحبوه أولي به من سلطة
ديكتاتورية ظل يحاربها طوال عمره القصير.الجنوبي منا ونحن منه,لأنه مثلنا يبحث عن
الحقيقة ويمزق نفسه سعياً وراءها,الجنوبي يشبهنا,مصري يحب بلاده ولا يرضي عنها
بديلاً,كان معنا حين كان الجبناء وسيكونوا دوماً فارين من سفينة الوطن وهي
تغرق,كان بجوارنا,يلجم جواد المياه الجموح,ينقل الماء علي كتفيه,يستبق الومن,يبني
البيوت من الحجارة؛لينقذ مهاد الصبا والحضارة...لينقذ الوطن.
يقاوم الإنسان الموت والفناء بالفن والإبداع,في البدء
انتصر الموت علي الجسد النحيل بعد هجومه بجيوش السرطان,فلم يتمكن الفارس من
المقاومة,بعد أن خذله جسده,لكن في المنتهي وإلي الأبد يحقق دنقل حلم الإنسان
بالخلود,وينضم مع زملائه الخالدين من الشعراء.
الجنوبي الآن ينظر لمصر ويضحك ساخراً,علي هؤلاء
المتكتلون تحت راية جماعة,يحاربوا مصر وهويتها,أسمعه يهمس بجواري بينما عيناه
معلقتان بجرافيتي الشهداء,في همس ساخر ممزوج بضحك:"المجد لكم
يا وجوه علي الجدار
تبتسم
وتركونا نحن نئن
لكننا لن نبتئس
ولنا الغد...
مخاضه حمم
حمم الشوق والغضب"
ويرحل عني مبتعداً يحك ذقنه الحليقة مغمضاً نصف عينه
قائلاً باستهانة:"اسمها إحياء ذكري وليست احتفال بمرور كذا سنة علي الوفاة...ارحمونا
بقي"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق