أفكار ليلية
كيف تمكنت تلك الحشرات البشرية من غزو رأسي؟!وشغلتني ليال عدة أرقني فيها
فلان وعلانة؟!..ألهذا الحد يضيع العمر في التفاهات؟!أللنفس كل تلك القدرة علي خداع
نفسها؟!!
دخلت الشركة اليوم بعد غياب طويل,إجازة بدون مرتب لو لم
آخذها,لكنت انهرت علي قدم المدير تقبيلاً ليسمح لي بها,أو كنت جلبت السكين من
مطبخي الصغير المدربك,وانهلت علي فروةشعره
الغزير الفرح به,وغرزت حتي المخ,أعصابي لم تعد تحتمل,لابد لي من إجازة.شهر قضيته
في الرسم والتأمل,موهبتي القديمة التي لم أوليها أي اهتمام,ومع ذلك ماتزال تنقح
علي بقسوة,مطالبة إياي برسم الموظفات مع التركيز علي منابت الأثداء,واستدارة
المؤخرات...ثلاثين سنة وبلا زواج,حتي هذه السن مازلت أمارس العادة السرية!!لو كان
هناك شاب غربي وأخبره عني أحدهم ذلك,لكان بصق علي ومضي,لكن في بلد الحرمان,لا
تتعجب,هناك من هم في الخمسين ولم يلمسوا امرأة,لم يتحسس جلد ناعم,لم يلتصق بمؤخرة
ولا داعب ثدي,أنا الموظف في إدارة الحسابات عماد ماهر,مؤمن بشيئن,أنني في زمرة من
عاداهم الزمان وحطمتهم الظروف وقتلتهم بدلهم,مصر,آكلة أرواح الرجال,وقلوب
النساء,مدمرة أحلام الشباب,أكرهها لأنها تكرهني من قلبها,وتتمني الخلاص مني,أكرهها
لأنها رمتني ولم تنصفني,ولا أنصفت أبي ولا جدي,كلنا موظفون,كلنا أكلنا من ذات طبق
الخراء الواحد,كلنا في الوساخة إخوة,وأن خلاص الرجل في المرأة.
أجل.لم أعد هذا القلق علي الغد المنتظر منه شئاً,ولا أنا
الرجل الذي يطمع في سمعة حسنة فيساير الشائع,أنا عرفت أي بالوعة أعيش فيها مع
الحشرات,وأنا أيضاً حشرة,ميزتي الوحيدة أني أعرف أني حشرة,حشرة صغيرة في بالوعة
ضخمة ممتلئة بمختلف أنواع وأحجام الحشرات,كلهم يهاجمون بعضهم,وينكحون بعضهم,النكاح
في كل مكان في البالوعة لكنه مخفٍ,كل ما هو مخف في هذا البلد هو أكثر ما يفعله
ناسه,قبل رجوعي للمنزل تلك الليلة,حودت علي كشك"أولاد الحوفي"...ياله من
اسم,كأسماء الشركات والمحال الكبيرة,وهوفي الأساس خشبتين علي الجانبين,وفي الخلف
حائط جامع و في الواجهة كراتين شيبسي,حكي لي الواد رضا عن سيد الشيال,وهو يفتح
خرطوشة جديدة مغلقة:"سيد ابن الوسخة الكافر,زانق واد صغير في دورة المية
بتاعة الجامع وكاتم نفسه,وعمال يهدده يا إما(.......)يا إما يموته!لولا الحاج عوض
كان داخل يفك حصرته سمع عياط الوله,وهو لا مؤاخذة بيقلعه اللباس".
لم أندهش ولا علقت علي شئ,لم يعد هناك في تلك الدنيا ما
يدهشني ولا ما يثير فضولي,أنا فقط أحاول كتم أنفي قليلاً حتي لا تتسرب إليها رائحة
العفن,العفن بين ملابسي وجلدي,العفن يحاول فتح فمي للسكن فيّ,وسينجح,لا أحد يقاوم
العفن.مهما قاوم سيغتصبه,لا أعلم كيف استطاع أولاد الواني هناك أن يتسللوا لخلايا
مخي ويسيطرون عليها,مدام سهيلة,آنسة مها,الأستاذ أحمد,عم عبده بتاع
البوفيه.........كل من كنت أهتم بهم في فترة سابقة مضت,وعلي رأسهم فوزي بيه
ابن.....كنت أعتبرهم محورحياتي وأدورأنا في فلكهم,ربما كان عقاباً من الله هذا
الاعتقاد فلا أحد يعرف هؤلاء الملاعين مثلي,مجموعة من الجهلة فاقدي الأهلية لأي
شئ,يحملون ألقاباً ويتقلدون وظائف,والقرد المسلسل أكفأ منهم ألف مرة,وأنا الرسام
العظيم,القارئ النهم,من بدأ حياته بتزكية وتشجيع من كبار رسامي عصره,عبد الهادي
الجزار وعصمت داوستاشي,علي سبيل المثال كانا يعجبان بأعمالي,أعمالي التي
تحولت,لوظيفة يرأسني فيها فوزي بيه,فوزي باشا,فوزي المتزوج من شئ في غاية
القبح,لأن والدها زوجها إياه وفاء لدين؛لذلك تجده عصبياً لاعناً أباي وأمي لأي
خطأ,كارهاً نفسه,وربما لعن الخالق في علاه بسبب تلك الورطة,وفي الشركة نكتة أن
زوجته هي من تركبه,وهو من يطلق الآهات والصرخات بوجع,تزامله في المكتب مدام
سهيلة,أكبر ناقدة عرفتها البشرية,لو رأتني أتمخط في منديلي لصرخت بلا
مقدمات"إيه ده يا عماد!!إخي علي كده..يا ساتر",أنا مجرد موظف فاشل وفنان
مقتول.
في الليل كما الآن أتخيل لهم رسومات لا أرسمها إلا في
خيالي,ففوزي كحمار يمشي في الغيط ووراءه الفلاح السمين يحاول ركوبه,وسهيلة مرضعة
بخمسين حلمة,وخالد وهو المتعنطز النزهي,قرص من الجلة في يد امرأة حبشية تضعه علي
الأرض فتبول عليه البقرة,في الليل وقبل أن أنام كما تلك اللحظة,والنوم يهزمني
واستسلم له بهدوء,أدعو الله في علاه:"يارب أنا راضي بقسمتك,قسمت الأرزاق
والنصيب,بس قول لنفسي وحياة حبيبك النبي تسيبها من اللي كان واللي في الغيب,خليها
تحمدك وترضي,وبطّل شيطاني يسب لي,يارب والنبي"
عميقة ومشحونة
ردحذفعميقة و جميلة بس محتاج شوية حاجات زي مثلا
ردحذف- راجع الي بتكتبه عشان التفاصيل الناقصة او المسافات او كلمة ناقصة كده
- بعد ما تحط مشاعرك في المادة المكتوبة استني متنشرهاش قبل ما تهندس الإطار الأدبي بتاع المادة
و شكرا :)