حديث الألوان(الأزرق) Three Colors: Blue

حديث الألوان(الأزرق)

Three Colors: Blue

شاهدت من قبل للمخرج كريستوف كيشلوفسكي,من قبل الجزء الأول من سلسلة الوصايا العشر,واليوم شاهدت الجزء الأول من ثلاثية الألوان,هذا المخرج قادم من عمق الحياة,لا حكايات متشعبة وقصص فرعية,لا تفاصيل مرهقة تشتت المشاهد,فقط إنسان وحادثة ومشاعر وشخصيات تجد ذاتك فيها,الفن يجعلنا جميعاً واحد ما يحدث في فرنسا,يحدث في مصر وما يحدث في مصر يحدث في الهند,وهكذا,الفن هو الشئ الوحيد الباقي في عالم اليوم الجامع للإنسانية,الإنسانية التي تمتلك نفس القلب,ولها نفس المشاعر وهمومها واحدة.

امرأة تفقد زوجها وابنتها في حادث,وتبدأ الحكاية لتكشف لنا لحظات الضعف,وساعات الإلهام,أيام التناقض,قوة الجنس وسحره,الجنس الموصوم بالنجاسة والعيب في العالم المتخلف الذي هو نحن.

 

جولييت بينوشيه ممثلة إيمائية تختزل الكلام في ملامح وتعبيرات تنفد لقلب المشاهد,فحين يخبرها الطبيب بموت ابنتها وزوجها,لا تفتعل الحزن والألم,تتركه يتسرب لنا كالسم,ولو كانت صرخت وبكت بمرارة لكان تأثيرها أقل مما صنعته بتقلص الملامح والاهتزاز,الفيلم هو البطلة والبطلة هي الفيلم,مرحلة معينة من حياة إنسانة تتمكن من الاستمرار رغم الألم والمرارة الناتجة عن فقد أسرتها؛بسبب عدم قدرتها علي الانتحار!!تدور بها الدنيا وتلتهمها تفاصيلها أحياناً وتعود لذاتها وأحزانها أحياناً,لكنها لم تفقد حبها لزوجها الراحل رغم معرفتها بخيانته,والحب ليس كما تصدره لنا أعمالنا الساذجة الغبية كأشياء عديدة في ذلك المجتمع,الحب الشعور الأعظم للإنسان لا يمكن أن يخدشه خطأ أو تحطمه خطيئة,رد الفعل طبيعي ومشاعرنا المتضاربة المتناقضة هي ذواتنا الحقيقية,لكن لو كان الحب حب سينتصر في النهاية,والحب سينتصر مع الفن وإكمال المقطوعة الموسيقية.

الأزرق اسم لفيلم به كل الألوان,فيلم شاهدته مترجم بلمات تسبق المشاهد,لكن صدق الممثلة واحترافية المخرج تسللا كالسحر لأبقي للنهاية,وتلك لغة السينما...اللا لغة.

الأفلام من نوعية أعمال كيشلوفسكي تهبط إلي اللاوعي,وتظهر في رؤاك للحياة,وتفكيرك في الأحداث...آه لو كانت عندنا سينما حقيقية,ما كان عندنا كل تلك التشوهات النفسية والعقلية,ولكنا زرعنا حديقة جميلة نستريح فيها من الحظيرة البهائمية المحبوسين فيها!