الجمعة، 21 مارس 2014

موعود....الذي ولد مهزوماً



موعود....الذي ولد مهزوماً

أول خطوة ليوسف زيدان في ميدان القصة القصيرة,هذا الميدان المستمر في التآكل بفعل تضخم"كمي"لميدان الرواية,كأنه أراد أن يعطيه مساحة أخري إنقاذاً له بعد أن أسس له يحيي حقي و زينه يوسف إدريس ثم اختفيا تاركين الميدان لأجيال انزاحت عنه عيونها لصالح النجومية التي تكفلها الرواية وخصوصاً لوتلقفتها السينما.
زيدان رفض دخول عالم القصة القصيرة إلا بحسه الروائي ولغته,فهنا ثلاثة أجيال وزمن قطعه بالمونتاج قفزاً من عام 1971 حتي 2012,في تلك السنوات ولد جيل مهزوم استمراراً لجيل مغيب وانتهت القصة بجيل مشتت بلا طريق ولا هدف,عدا أمل يحمله للغد يسرقه كل لحظة أجيال الهزيمة البائسة.وهو يريد أن يعرف رأي قراؤه لفائدته "في مقبل الأيام".عدت للمنزل عند منتصف الليل فاعتبرت نفسي من قراؤه!
لي حلم كبير-وأنا رجل كثير الأحلام- أن أحوّل عزازيل لسيناريو سينمائي لتأكيد فكرة أن السيناريو السينمائي المكتوب ينتمي لعالم الأدب قدر انتماؤه لعالم السينما,وأن للسينما أدبها الخاص,لكنه حلم يحتاج لشهور طويلة ليتحقق وظروفي الشخصية تمنعني من البدء فيه,وقطعت عليّ فجأة وأنا في بداية كتابة رأيي,فكرة تحويل قصة موعود لتمثيلية إذاعية قصيرة,وقلت إن شئ كهذا ينتهي في ساعة,فاغتنمت الساعة وأنا في انتظار ما يتحقق في شهور.
الحق أن القصة لها مغزي سياسي وأنا سئمت من السياسة وسبحت في دم ضحايها حتي الغرق,فانتهزت تلك الفكرة حتي لا أدخل لهذا المربع كريه الرائحة!!
المسمع الأول

-ضوضاء مقهي متداخلة وصياح لاعبين مع رميهم للنرد.
زبون1:افتح يا نُص الراديو,عبد الحليم هايغني الليلة.
النُص:المعلم محرج عليا أمد إيدي عالراديو.
زبون2:ما تسمع ياله الكلام وتفتح لنا الراديو,نسمع العندليب بعد ما جه بالسلامة.
زبون3(صوت عجوز): اسمع كلامهم يا ابني,واسمع كلام الزمن,خلاص لا عاد فيه أخبار عن الحرب ولا كلام في السلام,هات لهم مُطرب الثورة اللي نسانا الثورة(بسخرية مرة)وهات لي قهوة سادة.
زبون 1:الواد ده غلباوي أنا هاقوم افتحه.
النص(بفزع):حاسب يا سيدنا...المعلم قال.... !
زبون 3(العجوز): خلاص بقي يا ابني,مفيش حد غيرك هايسمع كلام المعلم!
صوت: الخلفية للمسمع منذ الآن موسيقي البداية لأغنية موعود(ستتكرر في بداية كل مسمع يتغير فيه صوت شخصية موعود مع تقدمه في العُمر)
خليل: ربنا هايقومها بالسلامة إن شاء الله.
ربيع:ولد...نفسي في ولد!
خليل:كله من عند ربك.
ربيع(متنهداً):ولد...يارب ولد لجل حبيبك النبي!...ولد!
(يبدأ عبد الحليم الغناء)

المسمع الثاني
-حجرة نوم ربيع ورجاء عقب الولادة مباشرة.
رجاء(بوهن):نسميه علي اسم أخويا...علي.
ربيع:لأ
رجاء:ليه؟
ربيع(بتصميم):هاسميه علي أول كلمة سمعتها قبل أم سعد تبعت لي ابنها من عالقهوة...اسمه موعود.
رجاء(بدهشة ممزوجة بالخوف من معارضته):إيه...موعود!
ربيع(حالماً):موعود ربيع.
المسمع الثالث
-فصل في مدرسة إبتدائية
مجموعة من التلاميذ يغنون مهتاجين بغيظهم لزميلهم:موعوووووود معايا بالعذاب موعوووووووود يا قلبي.
تلميذ 1:موعووووووود معايا بالعذاب يا...يا موعووووود.
تلميذ 2:الموعود موعود ولو علقوا علي رقبته عامود
صوت:ضحك هيستيري يكاد يغطي علي نشيج بكاء موعود
المسمع الثالث
-حوش المدرسة
المدرسة:إنت تعبان يا حبيبي ولا إيه؟
موعود:لا يا أبله.
المدرسة:أومال ما بتلعبش مع زمايلك ليه؟
موعود:بيتريقوا عليا ومابيسبونيش غير لما يعيطوني
المدرسة:بيتريقوا عليك ليه؟
موعود:عشان اسمي
المدرسة(باستغراب):اسمك ايه؟
موعود:موعود.
المدرسة:موعود إيه يا بابا؟!باقولك اسمك إيه؟
موعود:اسمي...اسمي موعود.
المدرسة(تفلت منها ضحكة لا إرادية):موعود!
المسمع الرابع
-منزل موعود
صوت :غلق باب الشقة وارتماء موعود علي الأريكة باكياً
رجاء:مالك يا موعود حد ضربك؟
ربيع(ينادي من الحجرة الداخلية):ماله موعود يا أم موعود؟
موعود (في بكاء متزايد):كفاية...كفاية مش عايز أسمع الاسم ده حرام عليكوا.
رجاء:مالك يا ضنايا,اسم إيه؟
موعود:اسمي يا ماما مين اللي سماني موعود؟
ربيع:(صوته أصبح قريباً):وماله اسمك يا ولد؟
موعود:الناس كلها بتتريق عليه يا بابا,ليه ماسميتونيش اسم تاني,غيروا لي اسمي!
ربيع:ناس بهايم مش فاهمين.
رجاء(في وجل):بس برضه....
ربيع(ينهرها):بس إنتي يا ولية,ما تسمعش كلام أمك يا ولد,بكرة تفهم معني اسمك وتشكرني عليه لما تكبر,بس لو مت قول الله يرحمك يا أبا(بلهجة ذات معني تخص زوجته),ولو فضلت لسه عايش قول برضه الله يرحمك يا أبا ويزيح عنك!
المسمع الخامس
-مدرج جامعي ودوي صوت الطلاب
طالب:أول يوم ده بيبقي زحمة...زحمة عشان التعارف,بنات بقي واختلاط بعد فصل غلط من الأول.
موعود(بخجل):آه
طالب:وبمناسبة التعارف اسمك إيه.
موعود(محدثاً نفسه في نفسه):وبعدين بقي من أولها كده!(لزميله)اسمي موعود.
طالب:وأنا اسمي حسين
موعود (مُحدثاً نفسه):غريبة ما ضحكش عليا يعني.
موعود:بس مش شايف أنه اسمي غريب شوية!
طالب:الأسماء في حد ذاتها مالهاش معني,المعني الناس هي اللي بتحطه للكلام,"مصر" مثلاً يعني إيه؟...ولا حاجة بس بالنسبة لك إيه؟
موعود:بلدي
طالب:بس معناها إيه؟


المسمع السادس
-حجرة موعود وهو يستمع لأغنية موعود
موعود( محدثاً نفسه):الله يرحمك يا بابا...حتي ولو مفهمتش إنت سمتني كده ليه,  وعمري ما هافهم!طب كنت سميني عبد الحليم علي اسم المغني!جايز يكون لي حظه!
المسمع السابع
رجاء:أنا كبرت يا ابني وماعدتش أقدر أخدمك زي الأول,وآديك اتوظفت وبقيت راجل,وأنا لو معاك النهاردة فبكرة هاحصل أبوك
موعود:بعد الشر عليكي يا ماما!!
رجاء:لو عايز تتطمن قلبي وافق علي اللي قولتلك عليه؟
موعود:أميمة حلوة وبنت حلال,وبصراحة أنا فكرت فيها كتير من زمان قبل ما تكلميني عليها!
-رجاء(مداعبة):ومخبي عليا...يا واد  إنت يا تقيل!
المسمع الثامن
-ليلة الزفاف
أميمة(برقة):علي فكرة يا موعود مش إنت اللي موعود,أنا اللي موعودة...موعودة بيك.
موعود(بفرح):وأنا كمان بيكي موعود.
المسمع التاسع
-شقة الزوجية
موعود(بعصبية):يا عمي والله ظالماني دي هي اللي حولت حياتي لجحيم بمعاملتها وكلامها اللي زي السم...ياساتر إيه ده!متجوز حية يا ناس!!
أميمة(وسط شهقاتها الباكية):سامع يا بابا سامع بيقول إيه الكداب ده.
أم أميمة: والنبي عين وصابتك يا بنتي وميلت بختك وضيعت شبابك وجمالك مع موعود..ده كفاية بس اسمه.
موعود(متعصباً):يرضيك كده يا عمي!!
أم أميمة(ساخرة):يا أخويا بالراحة ليطق لك عرق نحتاس احنا فيك.
أبو أميمة:بس إنتي وهي ولا كلمة...هو إحنا جوزناكوا عشان نستريح منكم ولا عشان توجعوا دماغنا معاكوا,دي المرة الخامسة اللي تتخانقوا فيه من تلات سنين من ساعة ما اتجوزتوا,وشكلها مش هاتكون الأخيرة.
المسمع العاشر
-موعود يستمع لموعود
موعود(مخاطباً نفسه):الله يرحمك يا أبا أخيراً بدأت أفهم!
أميمة(بعصبية من المطبخ):طفي الأغنية اللي مصدعني بيها دي وقوم حل مع البت الواجب...يا دي النيلة السودا عليا يا إخواتي!!
المسمع الحادي عشر
-مقاطع من نشرة الأخبار عن أحداث الثورة وما يحدث في الميدان.
نورهان:بس إحنا غيركوا يا عم معووج(ضاحكة بخفة ودلال)آسفة موعود.
موعود (لنفسه):الله يسامحك يا أبا(لنورهان) لو كان جيلنا آذاكوا اعذروه,إحنا جيل اتولد مهزوم,والبركة فيكوا انتوا الشباب اللي يعوض
نورهان(بحماس):تعرف يا عم موعود,إحنا هاندي للأجيال اللي جاية هدية,ثورة وبلد أحسن,مش بعيد بعد كل العظمة دي ترجع أمجادنا تاني ونرجع لأصلنا الفرعوني العظيم,ده إحنا,دي ثقافتنا وهويتنا والجينات الفرعونية هاتبدأ تنشط  من جديد أهوه مع الجيل ده.صحيح متأخرة شوية بس نشطت,ولن يصح إلا الصحيح
موعود( لنفسه):لن يصح إلا الصحيح...في يوم القيامة بس يا حلوة.
نورهان:أنا لازم أعرفك بصاحبي.
موعود(منزعجاً):صاحبك؟!يعني إيه صاحبك؟!
نورهان:حبيبي وصاحبي وقريب هايبقي خطيبي,أحمد,كان عايش في أمريكا ولما قامت الثورة رجع هنا وقرر يعيش هنا علي طول,زي برضه ما هانكون مع بعض علي طول!

المسمع الثاني عشر
-منزل موعود.
بسملة:إنت مش قولتلي إن احنا هانروح الميدان نتفرج عالمظاهرات الجمعة دي يا بابا؟
موعود:وهناكل أحلي كشري كمان.
بسملة(بفرح):أنا هاخش أنام عشان يوم الجمعة ييجي بسرعة
المسمع الثالث عشر
-الميدان
بسملة:الجو حر أوي يا بابا!تعالي نروح عند الضل اللي هناك
صوت/أقدام تبتعد.
نورهان:الله...عم موعود!
موعود:إزيك يا نورهان؟
نورهان:الحمد لله...أعرفك بأحمد خطيبي.
موعود أحمد آه...إزيك يا مستر أحمد.
أحمد:كويس شكراً.
موعود:طب عن إذنكوا عشان نروح بقي
بسملة:لسه بدري يا بابا.
نورهان:دي لازم بسملة,إزيك يا أمورة؟
بسملة:حرانة وعطشانة!
نورهان:يا قلبي!!خدي العصير ده.
بسملة:شكراً يا طنط
نورهان:الله....دي أحلي طنط سمعتها.
موعود(لنفسه):ودي أحلي يا قلبي سمعتها,الله يرحمك يا أبا ويزيح عني أنا.
أحمد:بكرة دي يا نورة تعيش في البلد اللي بنحلم بيه.
موعود (لنفسه):يا سلام...نورة نفسي أنا كمان أدلعها.
نورهان:بس لما إخوانا البعدا يغوروا لجحورهم الضلمة.
موعود:طب نستأذن إحنا بقي مع السلامة.
المسمع الرابع عشر
موعود:تاكس
صوت :فرملة,ثم فتح باب سيارة وغلقه,فينبعث صوت عبد الحليم"وتاني تاني تاني راجعين للحيرة تاني.هايمين بنجري ورا الأماني"
موعود(ساخراً بمرارة):مفيش أغنية غير دي يا أسطي؟

موسيقي النهاية