الجمعة، 31 أغسطس 2012

المصريون لا يقرءون(إيسوب)!!!


المصريون لا يقرءون(إيسوب)!!!


الأسد العجوز شاخ ولم يعد يقدر علي الصيد,ولت أيام قوته؛وأصبح أقل مجهود يسبب له من الألم ما لا يطيق...ماذا يفعل إذن ليوفر طعامه؟..بعد تفكير طويل قرر أن ينفذ فكرته.أعلن للحيوانات أنه مريض لا يبرح عرينه,وكان عالماً أن الحيوانات الطيبة ستزوره؛لتطمئن علي ملكها المسكين,وبمجرد دخول أحد الحيوانات عرينه,يمزقه بمخالبه ويلتهمه..إلي أن جاء دور الثعلب الماكر,وقف خارج الكهف يسأل الملك عن حاله,فقال له الملك بوّد:لماذا لم تدخل إلي العرين أيها الثعلب؟
أجاب الثعلب بنبرات ذات مغزي:كنت أتمني أيها الملك؛لكني رأيت الكثيرين يذهبوا في هذا الطريق ولا يعودوا أبداً.

كانت تلك القصة مقررة في إحدي مناهج التعليم المصري البائس القذر العقيم-ربما إلي الآن-واغتالوا معناها ومغزاها؛بأساليبهم المتخلفة و كتبهم الغبية,كما فعلوا مع رائعة طه حسين الأيام ورواية باكثير وا إسلاماه.
تلك القصة من إحدي حكم الحكيم اليوناني إيسوب,التي كان يرويها لتوعية الناس,ولم يكن يدري المسكين,أنه كالصارخ في البرية.
سأسوق مثالين علي سوء حظ إيسوب مع المصريين,وعدم فاعلية(اللاتعليم)المصري..للأسف مثالين في غاية القسوة,يتقافزا أمامي ليبكياني...آه ربما يكونا السبب في ألم معدتي الشديد؛الذي جعلني أضغط علي الحروف بيد,وبالأخري أضغط علي بطني!!!!
في الواقع الأمور أعقد من ذلك,ولكن هكذا بدأت التفكير في غرق المصريين في البحر؛هرباً من الظروف اللاإنسانية التي يعيشون فيها,واقتراض(الرئيس مرسي وليس مصر)من البنك الدولي.

لقد جعل الفقر المدقع ومذلة الحاجة؛الثعلب أذكي من المصريين!!وشبعت الأسماك من لحومهم الآدمي التي لم تعرف الراحة طوال عمرها,هناك أجيالاً كاملة عاشت حياتها في بؤس شديد,منذ عصر الانفتاح الملعون,الذي التهم الروح؛ليترك الجسد رخيصاً يُباع بأي ثمن..منذوراً للموت في أفظع الظروف!!!وكم من حوادث حريق وغرق و اصطدام وقتل و....و....و... كانت نتاج للفساد السياسي,ودفع ثمنها المواطن كان قبل (اغتياله) بلحظات يحلم بوجبة ساخنة وجلسة وسط أسرته,بعد نهار ممتلئ بالآلام!!
فلم يتعلم المصريون من قصة إيسوب,وراحوا المرة تلو المرة يدخلون لعرين الأسد(البحر)ليلتهم زهرة شبابهم ويهلك آمالهم البسيطة بين أمواجه.لوم هؤلاء المغامرون صعب جداً,من لا يعيش في مصر فقط يمكن أن يكيل لهم اللوم والتجريح كما يشاء,وحده أخاهم المصري الذي يعيش وسطهم يدرك حجم معانة هؤلاء,وما يلاقونه للحصول علي الخبز...قد يموت شهيداً في الطابور ليوفر لنفسه ولأسرته بضعة أرغفة يشمئز منها شخص لاتزال تجري في دمائه بعضاً من كرامة!
يدرك جيداً كمّ الصفعات التي قد يصفعها له ضابطاً لا تروقه ملامحه!
يدرك جيداً معني قدوم العيد علي أسرة؛تعيش بحوالي دولار واحد في اليوم!
يدرك ما هو الجحيم الذي يعانيه أهل مصر الطيبون.
 يقع الذنب والخطيئة علي الديكتاتور القابع فوق كرسيه,والرأسمالي والمضطجع بجوار خزانته....لن ننتهي إذا بدأنا في تعداد المذنبين!!!

الإخوان يؤمنون أن الإسلام هو الحل,والمواطن الفقير يؤمن أن الإنتحار هو الحل,وأؤمن أن الوطنية والديمقراطية هما الحل...أرجوك أخبرني ما هو الحل الذي تؤمن به؟؟!!

ولنا عودة مع حادثة الغرق التالية!!!هذا زمن البكاء علي القتلي!!!!!!!


لا ينفصل عن ذلك الأمر اقتراض (الرئيس مرسي وليس مصر)من البنك الدولي...مصر الثورة في نظرالعالم تقترض..تشحت..ياله من أمر مخجل..لا يجدي معه أي كلام يقال!!!!!كم أتمني أن أجد عبارت تعبر عما فوق الحزن والحسرة!!!!

دعا فأر الريف فأر المدينة علي الغداء,فلم يعجبه الطعام وسخر منه,وطلب منه أن يذهب معه إلي المدينة ليري ما يأكلونه هناك,وانبهر فأر الريف من الطعام الذي يأكله فأر المدينة؛وسال لعابه,ولكن حينما همّ بالأكل
رأي رجل يدخل الحجرة ,حينما رآه فأر المدينة هرب بسرعة وجذب فأر الريف من يده إلي الجحر....استمر الحال هكذا يقترب من الطعام فيدخل شخص يراه فأر المدينة,فيركض مذعوراً مرتعداُ لجحره...عندها سخر فأر الريف من فأر المدينة,وقال ضاحكاً:كلا يا صديقي,طعامك لا يعجبني....طعامي لا يقدّر بمال,هو لي أنا آكله علي راحتي,ولا أخاف أحداً...سأعود الآن لأشبع من طعامي الرائع,وداعاً.

تلك حكاية أخري للحكيم إيسوب,أرجو ألا ينتبه لها الأوغاد القائمون علي العملية اللاتعليمية..لعل جيل آخر يتعلم منها؛فلا يقترض بدون حاجة وهو عنده ما يفيض ليصبح هو الدائن!!!!!!!فلا يثقل كاهل أبناءه بعبء سداد دين كان في غني عنه,ولا يلبي دعوة بنوك الرأسمالية الملطخة بدماء الشعوب.

الجمعة، 24 أغسطس 2012

في صحبة رجل طيب..لا يتورع عن الركل في أماكن حساسة!


في صحبة رجل طيب..لا يتورع عن الركل في أماكن حساسة!




أي صديق طيب هذا!يصحبك في رحلة عجيبة داخل النفس البشرية؛بكل ما فيها من آلام وأحلام عرفناها جيدا,ولم تتوفر لنا الفرصة لفهمها.

سأقول الحقيقة الآن:الواحد منا قبل رجاء النقاش ليس كما هو بعد رجاء النقاش.
  الجميل في هذا الرجل أنه ليس عالماً؛ليتعالي عليك ويرهبك في كل مرة في صيغة"ليس لهذا الموضوع مجال الآن,وربما نعود له في فصلٍ لاحق"
بل هو صديق حقيقي,يمارس صداقته مع القارئ بدون أن يعرفه,يتصادق عليه بكل بساطة وبدون مقدمات...غريب كيف يحدث هذا فعلاً.


قليل جداً من البشر يفهمون الإنسانية بمعناها الواسع،التي إحدي تجلياتها:نحن الاثنان من مخلوقات الله...لذلك سنتفاهم سوياً بسهولة لو أحببنا بعضنا.
وكان هذا هو منهج رجاء النقاش في كتابة(تأملات في الإنسان)بوعي أو بدون وعي.عن طريق حب الإنسان كما هو بعيوبه الشنعاء,وأخطاءه الفظيعة وخطاياه المدمرة,في النهاية يتمكن النقاش من نبشّ مشاعر الأشخاص الذين تحدث عنهم,لا يحكم علي أحد؛بل يُبدي رأيه بوضوح,فلا يضطرنا أن نكره أحداً.

علي الرغم من معرفته أن الكراهية؛لا يمكن انتزاعها من بعض النفوس الوضيعة,الحاقدة علي الناجحين في أي مجال,فهم في رأيه هواة تحطيم وتخريب لهؤلاء الممتازين من البشر,الذين يشعرون إزاءهم بالضآلة والحقارة؛لذلك يودون رؤيتهم مهشمين كتماثيل مكسورة!!
بالمشاعر الصادقة والخبرة الحياتية العريضة والثقافة الواسعة ,يشكل رجاء النقاش حالة فريدة في تاريخ الأدب العربي الحديث.

ومن تلك الخبرة يحذرنا من مصيدة ندخلها بأقدامنا,ونحن سعداء مرتاحون!تلك التي يدعوها"اللذة الخطرة"وكم عرفت من أناس عاشوا حياتهم كلها وهم يستمتعون بتلك الذة القاتلة,وقد جربتها مراراً-قبل أن ينتشلني منها هذا الفصل-وكنت بالفعل أشعر بمتعتها وتأثيرها المسكّر علي النفس,وكنت أردد لنفسي في نشوة من ألقي علي عاتقه كل المسئولية:وماذا أفعل..هم السبب..هم من يقفون في طريقي؛ولذلك لن أعمل حتي تنصلح الأمور...يا لي من شخص مسكين يتآمر ضدي الجميع.
وماذا تكون تلك اللذة؟
يسميها النقاش(لذة الفشل) أي كم أنا رائع وجميل ولكن من حولي لا يقدرونني,الظروف لا تلائمني,الحياة لا تعجبني...الشيشة لا تُكيفُني!!!وما إلي تلك الأعذار الرائعة الجميلة بالفعل...كم أحنّ إلي تلك الأيام عندما كنت أتصور أني رائع وجميل,قبل أن يركلني النقاش في مكان حساس-نفسياً!-؛لينقذني من ذلك المخدر الملعون.

لا يمكن اختصار الكتاب أو شرحه,فأهم ما فيه تلك العلاقة المباشرة بين الكاتب الصادق والقارئ المحب...كنت أتمني أن أتحدث عن كل فصل,لكن إذا ماشيت تلك الرغبة فلن أنتهي من الحديث؛فكل فكرة رغم بساطتها,إلا إننا حين نتأملها ونغوص فيها نندهش,ولابد أن نتساءل:"تري لو كان رجاء النقاش كاتباً أوروبياً أو أمريكياً..هل كنا سنسأم من كثرة تكريم ذكراه من قبل دولته الاجنبية,والاحتفالات التي ستقيمها ونشره في العالم عبر الترجمة؟!"
أسئلة كثيرة لابد أن تدور....لو كان في مصر تعليماً ومدارس وجامعات,لتمنيت أن يُدّرس أحد مؤلفاته لكن للأسف في مصر نفتقد تلك الأشياء الجميلة...والمصيرية!

الجمعة، 10 أغسطس 2012

كاتبة مستنيرة سرقوا جريدتها!!


  
   كاتبة مستنيرة سرقوا جريدتها!!

علي الرغم من استيائي الشديد؛لطغيان الجانب السياسي القبيح,علي الوجه المشرق الجميل للأدب والثقافة,في جريدة تحمل اسم(أخبار الأدب)لكني كنت مستريحاً نوعاً؛لأن عبلة الرويني في العام والنصف الذي قضته في رئاسة التحرير,كانت لها يدان تعمل بهما:الشجاعة والشرف.

بعد أن تمت(أخونة الصحافة)تلك الكلمة تضايقهم؛لذلك أود أن أقول:
أخونة الصحافة
أخونة الصحافة
أخونة الصحافة
بعد أخونة الصحافةتم استبعاد كاتبة مصرية,تمثل نموذجاً للمرأة المثقفة المتحدية الغير قابلة للقهر أو الإذلال.هل يتحمل القطبيون والمحافظون في الجماعة,امرأة(سافرة)!
لها قلمها الحاد علي كل سلطة؟!
هل يقبل المتشددون والمتطرفون وجود نموذج عصري للمرأة المصرية في المجتمع؟
-كلا بالطبع...من قال هذا!!!
إذن هل يقبلونها أيضاً كاتبة تنويرية تدافع عن حق الإنسان في الحرية,وقول ما يعتقد واعتقاد ما يقوله؟!
كما يقول لينين الرملي:"حصاوي يغمي عليه"!

قبل أن تطيحوا بكاتبة(حقيقية)ومثقفة تنويرية؛لصالح شخص له مصالح مع جماعة دينية,انحرفت عن مبادئها,فلا تستحق لقبها القديم,لابد أن تعلموا أنها ليست شخصاً,بل رمز تم تدشينه عالياً برعونة أعداءها وسذاجتهم,باقتحامهم مكتبها قبل أن تخليه,برفض مقالها بسبب كلمة أخونة الصحافة.
لكم أن تعبثوا قليلاً في عقل مصر ومقدراتها,اليوم السلطة معكم,وأمس مع مبارك المخلوع.غداً ماذا أنتم فاعلون؟؟

هل ستصبح أخبار الأدب جريدة(دعوية)!!!بمفهوم الإسلام الراديكالي للدعوة؛ليصيح فيها تاجر دين أو مريض يُخفي عقده وإحباطه مزمجراً:"إما أن تفعل ذلك ولك الجنة,أو ذلك ولك النار...وفي الحالتين الويل لك في الدنيا"؟؟؟

الأستاذة عبلة الرويني إياك أن تحزني للحظة,هم استولوا علي الورق والأحبار؛ليلطخوا الصحيفة..ولكن هل سيتمكنوا من احتلال العقل المصري العبقري,الذي تعرفينه أكثر مني!هل سيدخلوا باب التاريخ من نفس بابك!لمن إذن السلالم الخلفية التي تؤدي إلي.........!
هل سيمسحوا الذكري الجميلة التي تركتيها في نفوس قرائك!هل سيزيلوا اسمك من وجدان الحركة الثقافية في مصر!
لهم الصحيفة ورئاسة التحرير وهنيئاً لهم بالمكتب الذي اقتحموه..... ولنا المجدُ - نحنُ الذينَ وقَفْنا
(!وقد طَمسَ اللهُ أسماءنا)
نتحدى الدَّمارَ..
ونأوي الى جبلِ لا يموت
(!يسمونَه الشَّعب)
نأبي الفرار..َ
ونأبي النُزوحْ!

البعض يقول"وداعاً أخبار الأدب التي نعرفها..ارقدي بسلام!"
ولكن هناك من يهمس بإصرار وتحدٍ ويده قابضة علي الحلم,وعيناه معلقة بضوء التنوير" تعالي يا عزيزتي بثوبك الجديد..بعد جيل,جيلين.عام عامين.المهم أن تعرفينا حين نعود..حين يعود الضوء لينير الطرق إليكِ"

الأحد، 5 أغسطس 2012

شواكيش قاتلة!



 شواكيش قاتلة!
 


لك أن تهاجم علي سالم الرجل الذي زار إسرائيل كما يحلو لك,الداعي للتطبيع والسلام مع الكيان مغتصب,صاحب الآراء العجيبة في القضايا السياسية,والأحداث التي تمر بها مصر.
لك الحق في مهاجمة والهجوم علي سالم السياسي,لكن سالم الفنان,فلاتملك إلا الإعجاب به.
أري أن علي سالم هو أهم كاتب مسرحي مصري علي قيد الحياة,علي الرغم من التضييق الذي يعاني منه,من الدوائر الثقافية المصرية,بسبب علاقاته مع الإسرائيليين,التي بسببها تم فصله من اتحاد الكتاب ,أُسقِط هذا القرار بأمر قضائي,إلا أن علي سالم رفض العودة.
قد نختلف مع شخص أو توجه معين,لكن ذلك لا يعني التنكيل والقاء التهم بالخيانة والعمالة وما إلي ذلك,الرجل له موقف أعلنه ولم يتراجع عنه,عندي هو مخطئ,وعندالبعض له صفات أخري لا يمكن ذكرها,
أليس الخطأ حق لكل حي-هو يري نفسه علي صواب-لماذا إذن إسقاط هذا الحق عن سالم؟! ..الذي فقد أخاً له قتلته إسرائيل.

في شواكيشه الساخرة,يدق علي رؤوس العرب,لعلها تفيق مما هي فيه,من أشياء يعلمها الجميع,سالم لا يُخفي إعجابه الشديد وانبهاره بحضارة الغرب-معه كل الحق-وفي نفس الوقت لا ينسي أن أخلاق وقيم الغرب,تكاد تكون حكراً علي المواطن الغربي!
يطوف سالم في الأزمنة والأماكن,بمقالات معظمها أقرب لروح المسرح,ذلك الذي يعشقه علي سالم,ويدرك جيداً أنه خارج المسرح كالسمك خارج الماء؛لذلك يصحبه معه أيضاً في الصحافة.
أعمال علي سالم تلمح فيها هماً وطنياً واضحاً,فهو يحب بلده,ويتمني أن يجد فيها ما هو عند الغرب,يستمتع به المواطن الغربي,بينما يري العربي غارقاً في أوحال من كل نوع..بعضها من صنع الغرب نفسه.,ففي كل مقال تجده يمسك عيباً من العيوب,وتلك هي الكوميديا الجادة-الكوميديا البعض هو من صنع منها هزلاً,وشتان بين الكوميديا والهزل-التي تضحك تلفت الإنسان سواء قرئاً أو مشاهداً لعيوبه هو,تواجهه بها,ولا تضحكه علي آخرلتوحي له أنه في حالة جيداً,والأمور تجري بخير وسلام!
الشواكيش الساخرةالتي استخدمها سالم إذا لم يتم التخلص منها بعد أن أدّمت رؤوسنا...بمرور الوقت ستتحول لشواكيش قاتلة.

الأربعاء، 1 أغسطس 2012

حبّة هَوا في الحر!


 
حبّة هَوا في الحر!


بقلب طفل ساذج يكتشف الحياة لأول مرة,وعقل فيلسوف حكيم,يصبح وليد طاهر برسومه وحروفه,حبة هوا في هجير الحياة اللافح,لن تقرؤه-هل يُقرأ أم يشاهد!- أبداً مرة واحدة,لابد من أخري,لتري فنان يرسم حياتك ويُعلق عليها,تلك فرصة لا تتاح للكثيرين,ذوي القلوب الصادقة هم من سيتفاعلون مع وليد طاهر,بسبب بساطته الشديدة,التي لم تبتعد عن الأفتعال والتكلف قط!!لأانها لا تعرف أن تلك الأشياء السيئة وجدِت في الحياة بعد!الكاريكاتير عند طاهر ليس مجرد رسمة,مقابل مبلغ,ولكنه الأمر الذي يجعله ساحراً بطريقة ما.طريقة قد لا تتعدي الزمن الذي يعمل فيه,لكنها تمنحه الوهج الذي سيبقي معه حتي الرسمة الثانية,حين يتوقف عن الرسم والكتابة,سيصبح عادياً جداً,يتألم في صمت كالجميع,وحين يتأوه تصبح الآه مكتومة صامتة تُدفن في صدره,أما الرسم والكتابة,هما ما يمنحناه التفرد...يمنحانه عالمه الخاص,الذي يخلقه بمزاجه,دون أن يفرض عليه أحد شيئاً,في الوقع هو مخنوق,من كل ما يُفرض,لذا بطله الأثير يحمل دوماً سيجارة,متهدلة علي شفتيه,بقي لها أنفاس معدودة,وتختنق تحت أي حذاء!!!
أذكر أن معظم رسوم الكتاب قد شاهدتها في صباي المبكر,بصفحة ضربة الشمس للمأسوف عليها الدستور!!!تلك الصفحة العامرة بكل ما يحتاجه الشاب المتمرد علي حميع الأسوار؛لذلك يخاطبه طاهر:قدام السور .. قدام اللى بانيه .. قدام اللى معليه .. و كمان قدام اللى واقف يحميه .. وقف راجل غلبان و عمل بيبى
هكذا بكل بساطة يتعامل مع الاسوار المخيفة,ومع بانيّها وحاميها.أزعم أنه اشترك مع كتيبة الدستور المأسوف عليها!!!!بإمتاع جيل كامل في عزّ الحر والوهج الساخن الغير محتمل...بحبة هوا.

بالأمس حلمت بك..حقاً



 بالأمس حلمت بك..حقاً



 

أكان لا بد أن أبكي وأرتعش عقب الانتهاء من تلك المجموعة؟! أكان لا بد أن تشاركني الشخصيات الضعيفة المتداعية البنيان,منامي تلك الليلة؟!الحزن الذي يكتنف تلك المجموعة,حزن جياش,لا يقوي أي شعور آخر علي الوقوف أمامه ومحاولة زعزته.كتبها عقب وفاة والده,فلابد أن تصبح بتلك الصورة الآسرة الشجية,حين يفقد المرء والده يشعر بمرارة الحياة,بصورة مضاعفة مرات ومرات,يراها من منظور آخر,من الممكن أن يكون يري نفسه في مواجهة الحياة وقسوتها,كنبتة صغيرة أمام سيل مجنون,لن يكف قبل أن يفعل بها الأفاعيل,قد يكون حصي صغيرة في انتظار أن يهوي عليها الجبل,قد يكون أي شئ ضعيف هشّ.بهاء طاهر نقل ذلك الشعور بالضعف والضآلة لجميع شخصياته القصصية في تلك المجموعة..الموظف في النافذة الأسرة في فنجان قهوة العجوز في نصيحة من شاب عاقل الشاب في بالأمس حلمت بك,الفتاة في قصة سندس,كل تلك الشخصيات صُهِرت في بوتقة بهاء طاهر الحزينة,ليصب علي ورقه مشاعر لا يمكن وصفها بأي شئ,ككل المشاعر الصادقة والحقيقة,أي محاولة لوصفها وشرحها لن تجدي شيئاً,بل من الممكن أن تشوهها وتفقدها نفسها؛ولذلك لم يُطِل طاهر في الوصف والشرح,سَرَدَ فقط ما يحدث بعين الراوي المختفي عن الأعين,العارف بكل مايدور,وما دار ولم يُصرِح به.

بهاء طاهر بتلك المجموعة وضع بصمته علي روح قارئها,ويالها من بصمة,تمنحه الشعور الذي لا يوصف..المُسمي الشجن النبيل!!