الجمعة، 22 ديسمبر 2023

ذكريات محفوظية

 

 

في مراهقتي كان رأسي يشتعل خيالاً، لحد الإيمان بالعوالم الفنية والأدبية، أتنفس مع أبطالها وأحيا حياتهم، وأتوحد معهم بكل كياني وأتبني رؤاهم للحياة، وأول من تعلقت بعالمه الأدبي كان نجيب محفوظ... مازلت أتذكر تلك الصباحات الرائقة المشعشعة بنور الشمس في السماء، والملونة بكلمات محفوظ في وجداني أتشربها علي مهل ومع كل عبارة يتجلي لي رونق اللغة العربية، ويزداد إعجابي بذلك الرجل الدؤوب في عمله وقدرته علي تطويع اللغة ليقطر من قلمه كل تلك الصور الصادقة العذبة، القادرة علي لمس شغاف القلوب من أول سطر.

ومنذ تلك الفترة المبكرة في حياتي سكنني نجيب محفوظ، وأخذ مكانة عزيزة في قلبي وتملك جزء نبيل من ذكرياتي البعيدة،، وأصبح أصدقائي هم كمال عبد الجواد والملك أحمس، وبروحي أصبحت فرداً من عائلة الناجي أشهد علي الأحوال العجيبة للبشر وهم يتقلبون بين قمم النجاح والشرف، ثم يهوون إلي حضيض البؤس الرذيلة، ومازلت أنتظر  يملأني الأمل أن"ينفتح الباب ذات يوم تحية لمن يخوضون الحياة ببراءة الأطفال وطموح الملائكة" وتأملت الصراع الأزلي بين الخير والشر وتطورات الحياة مع أولاد حارتنا فبعضهم يسعي لإصلاح مافسد وتقويم المعوج، وآخرون-وما أكثرهم-يقتاتون علي الفساد والظلم والقهر، ويحاربون كل من يبذر المحبة في الأرض الخراب، وعرفت المرأة مع نساء الثلاثية وخفق قلبي واللص تطارده الكلاب، ورحلت مع ابن فطومة أبحث عن المعني، وتذوقت عطر الكلمات وتعلمت معني إحياء التراث مع ليالي ألف ليلة وليلة، أتتذكر تلك الأوقات السعيدة التي قضيتها بين صفحات روايات محفوظ وابتسم وأنا انظر بعطف وحنان من نافذة الماضي، لذلك المراهق القابع بين الكتب وقتئذ يقرأ ويتعلم ويحلم-قبل أن يصطدم بالحياة وتصطدم الحياة به ويترك كلاً منهما ندوب لا تمحي علي الآخر-وتتفتح ذائقته الأدبية علي يد عميد الرواية العربية حالماً أن يصير مثله بل إنه يتقمصه ويصبح هو! وتدور الأيام وتتغير الظروف وتتبدل الأماكن... ويبقي أثر محفوظ خالداً في القلب لا تزعزعه مرور السنوات

السبت، 16 ديسمبر 2023

إسرائيل وفلسطين

 

 

الكتاب من تأليف المؤرخ اليهودي العراقي،الذي يحمل الجنسية البريطانية والإسرائيلية،المنتمي لمجموعة"المؤرخون الجدد"الهادفة لكشف الأكاذيب كما دأب أعلام الدولة الإسرائيلية علي ترديدها بمختلف الأبواق الإعلامية،كي تستدر عطف ودموع العالم لتغمض جفونهم عن دماء الآلاف من ضحايا آلة الحرب الإسرائيلية،بينما تتسع وتتقد بالغضب لدي كل ما يمس سمعة إسرائيل حتي لو أدي لخنق حرية الرأي في العالم.

المؤلف يهاجم بشدة الدولة العبرية،مظهراً حقيقتها باعتبارها دولة يحكمها عصابة من قادة بلا ضمير،ويذكر أنه تبعاً لتعريف الإرهاب باعتباره عنف ضد مدنيين لتحقيق أغراض سياسية فإن إسرائيل كيان يقوم في الاساس وينمو بالإرهاب في حق العرب،ويستمر في تعرية الدولة المحتلة،واستخدامها لسياسة العقاب الجماعي واغتيال المناضلين واتباع سياسة تجويع وحصار الشعب الفلسطيني،ويبدأ سرد مأساة أرض الزيتون منذ صدور وعد بلفور ١٩١٧المكون من ٦٧كلمة فقط،حتي الحرب علي قطاع غزة ٢٠٠٨،شارحاً أن العرب والإسرائيلين يحملون علي ظهورهم تركة التاريخ والأيدولوجيا والصور المشوهة عن الآخر مستعيناً بعبارة المؤرخ الفرنسي أرنست رينان"الأمة مجموعة من البشر تجمعهم رؤية خاطئة عن الماضي وكراهية لجيرانهم،ويصف الصهيونية بانها من أكثر قصص العلاقات العامة نجاحاً،بينما القومية الفلسطينية نموذج كامل للفشل وهو أحد أسباب الهزيمة العربية ١٩٤٨،وعن المقاومة يؤكد أن الجيش يمكنه هزيمة جيش آخر لكنه لا يقدر علي هزيمة شعب يريد الحياة والكرامة، مفنداً أكذوبة الشعار الذي ابتدعه الكاتب الكوميدي يسرائيل زينجويل"أرض بلا شعب لشعب بلا أرض" ،ولا يدخر جهداً في الهجوم علي قادة إسرائيل كبن جوريون ورابين وشارون وينعتهم بالسفاحين ويطلق عليهم صفات وحشية والأخير هو الأكثر وحشية وخداعاً وتهوراً،مع إبراز جرائم و إخفاقات الموساد،ويعرض تحولات القضية الفلسطينية من خلال شخصيات عربية كوصفي التل وحسني الزعيم وياسر عرفات والملك حسين وإدوارد سعيد وحنان عشراوي،ويفضح المزاعم الإسرائيلية بشأن السلام لان كل سلوكياتهم وأقوالهم تشير بأن الأرض أهم من أي مشروع للسلام مع العرب،وعن علاقات إسرائيل مع أمريكا يذكر وجود مدرستين للسياسة الامريكية مدرسة التوازن بين العرب وإسرائيل ومدرسة إسرائيل أولاً التي انبثق عنها احتلال العراق في عهد بوش كتوطئة لعالم جديد يكون في خدمة إسرائيل.


تفسير التوراة بالعربية

 

 

ترجمت أسفار موسي الخمسة المعروفة بالتوراة،بواسطة أحبار اليهود مرات عديدة عبر التاريخ، ومن أهمها الترجمة السبعينية بالأسكندرية بأمر من بطليموس الثاني، ليضم لمكتبة المدينة كتاب اليهود المقدس،ومن جديد وبعد قرون طويلة تظهر مصر مرة أخري في مسيرة ترجمة العهد القديم،حين يقوم العالم المصري اليهودي سعيد الفيومي،أو سعديا جاؤون -لقب عبري يعني علامة أو فقيه-بترجمة جديدة للتوراة،ويعرفه ابن النديم في الفهرس بأنه"من أفاضل اليهود وعلمائهم المتمكنين من اللغة العربية،وتزعم اليهود بأنها لم تر مثله".

ولد سعيد الفيومي في بداية ثمانينيات القرن التاسع الميلادي بمدينة الفيوم،وتلقي علومه علي يد العلماء المسلمين واليهود، بعدها اطلع علي الثقافة اليونانية،وعاش بين مصر وفلسطين حتي انتهي به ترحاله لأرض العراق، وهناك وجد يهود العراق في صراع مذهبي،بين الربانيين والقراءيين، فعاهد نفسه أن يخدم الدين اليهودي مقتدياً بما فعله المتكلمون للدين الإسلامي،فيوضح أن الديانة اليهودية تتفق مع المنطق والتاريخ،ثم توالت مؤلفاته العديدة ومنها تفسيره للتوراة وترجمتها للغة العربية بحروف عبرية بطريقة تعرف باسم العربية اليهودية وكل مؤلفاته كتبت بذلك النمط،كعادة يهود العصور الوسطي،لأن العبرية لم تكن باللغة السائدة،فأراد الفيومي بتلك الطريقة في الترجمة الوصول للقارئ اليهودي العادي ليطلع علي كتابه المقدس ويستنير بالمبادئ والعقائد اليهودية كما كتب عنها الفيومي في أعماله.

وتلك الترجمة التي أخرجها وصححها يوسف درينبورج،ونقلها وقدمها المترجمان سعيد عطية مطاوع،وأحمد عبد المقصود الجندي،اول ترجمة مباشرة من العبرية للعربية،نري فيها تشبع الفيومي بالثقافة العربية الإسلامية بحكم الميلاد والمعيشة،يظهر ذلك في اللغة التي ترجم لها الكتاب، فهو يستخدم لفظ الجلالة"الله"،ليترجم أسماء الألوهية عند اليهود كيهوه وألوهيم،ويتجلي تأثره بالنص القرآني حين ينزه الله عن اي صفة فيها تشبيه أو تجسيد،وهو ما نجده في الترجمات الأخري للتوراة،لأنه فعلاً موجود في الأصل هكذا،لكن سعيد الفيومي المتأثر بالمعتزلة والمدارس الكلامية أراد ترجمة المعني لتتماشي مع العقل والمنطق مستخدماُ المنهج الفلسفي،ويشهد علي تحرره من القيود التي ربما تحير المترجمون حتي اليوم،تفضيله لترجمة الأسماء كما عرفت في عصره وليس اسمها الوارد في التوراة،فيضع نهر النيل بدلاً من فيشون،والحبشة مكان كوش.


الأربعاء، 6 ديسمبر 2023

وعاد كل شئ كما كان

 

وعاد كل شئ كما كان

 

 

(مسرحية من فصل واحد)

 

 

 

المنظر: صالون في منزل ينتمي إلي الطبقة الوسطي، الأثاث مبعثر في الأرجاء عقب خناقة شديدة بين الزوجين، الكراسي مقلوبة، وصورة الزفاف سقطت من مكانها علي الحائط المواجه للجمهور، والورد الذي كان في الآنية اصبح علي الأرض، والتلفزيون انفصل عن الكهربا، القطعة الوحيدة التي بقيت في مكانها هي الأريكة التي تتوسط المسرح، والجو العام يوحي بعاصفة من الفوضي، الوقت صباح مبكر من يوم حار، من خارج المسرح يسمع صوت الزوجين.

ص. الزوجة: إن حياتي معك عبارة عن سلسلة من الآلام والعذاب المستمر، يا ربي أيدفع الإنسان حياته كلها ثمناً لقرار أحمق؟!

ص. الزوج: أنا من أصبحت أيامي جحيماً لا يطاق البتة... لقد فاض بي الكيل!

تدخل الزوجة  إلي المسرح، امرأة في الثلاثين متوسطة الجمال والقامة، تحمل حقيبة ملابسها ).

الزوجة( تستدير برأسها للخلف كي ترد علي الزوج) : لا تحمل.هماً بعد الآن، سأريحك مني إلي الأبد).

(بتبعها الزوج، رجل في الخامسة والثلاثين، طويل القامة).

الزوج: اجل هذا ما تجيدينه، كلما حدث بيننا شئ ترحلين هاربة إلي بيت أبيك.

الزوجة: وهل تسمي ماحدث منذ ساعة مجرد مشكلة يا أستاذ، لقد انطلقت من المنزل كالثور الهائج، وانظر ما فعلت في الصالون(تبكي) الصالون!

الزوج: لقذ شاركتني... لا يمكنك إنكار ذلك.

الزوجة: لقد نقلت لي عدوي العنف والكراهية، إن الغضب كالفيروس ينتقل بين الأشخاص في لحظة وهذا الحر القاتل المثير للأعصاب، فلم أشعر بنفسي إلا وأنا أطيح بالأثاث معك (برثاء) أتذكر كيف اشترينا ذلك الصالون  بل كيف اشترينا تلك الشقة وأثاثها؟

(تتهاوي علي الأريكة، تعتري الزوج نوبة ذكريات، فيهوي هو الآخر علي الأريكة).

الزوج (بنصف ابتسامة حزينة) :كل شئ كان مناصفة، جنيه علي جنيه، من عرقنا وسهرنا وبهدلتنا في مختلف الأعمال، لقد عملنا في كل شئ، ولم نتكبر علي أي عمل، مادام شريفاً، ونستطيع الكسب من ورائه، عشنا سنوات نحلم به، ونفذناه كما نحلم به نماماً، كنت أعد الساعات كي نجتمع فيه سوياً، كزوجين يستمتعان ببعضهما، ويستمتعان بالحياة.

الزوجة: وأنا أيضاً كذلك، لكن كان... كان(تكتم الكلام في قلبها).

الزوج( يبوح بما تكتمه) : كان يؤنسنا الامل ويخفف عنا الحب، وكنا آبرياء لم تدهسنا الظروف والأيام وتتركنا مشوهين ممتلئين بالجروح، كانت تسكرنا الأحلام العذبة... أحلام البيت الهادئ العامر بالحب.

الزوجة: أين ذهب كل ذلك(تشير للفوضي من حولها) وكيف اصبحت معيشتنا علي تلك الصورة؟!

الزوج: تبذيرك هو السبب أيتها المرأة.

الزوجة(وقد فاض بها، تعدد الاتهامات التي طالما سردها عليها الزوج) :حرام عليك! أنا مبذرة، وكاذبة واسمع لكلام امي التي لا تحبك وتريد خراب بيتنا، وأم مهملة وامرأة لا تعني بنظافة بيتها، وزوجة لا تهتم بمظهرها أمام زوجها، لقد سئمت من تلك القائمة، وأنت ملاك لا غبار عليك، نسمة تسري في الحياة لا تعرف سوي اللطف والعطف والمودة المطلقة.

الزوج: لم أقل علي نفسي ذلك، إن كل إنسان في هذه الدنيا لديه عيوبه الخاصة، الظاهر منها للعيون، والمستتر عنها في أستار الأسرار والظلام... وما خفي كان أعظم... لكني في العالم الخارجي أرزح تحت ضغط هائل لا يمكم وصفه، لقد أصبح الناس قساة إلي درجة الوحشية، والقرش يجئ بطلوع الروح وإهدار الكرامة، والتعرض لكل ما يأكل الروح ويذيب الحديد، أبسط حقوقي أن أُسير بيتي كما أشتهي وأشعر فيه إني السيد... قشة أتعلق بها وسط الطوفان العارم.

الزوجة: علي حسابي؟! إنني ايضاً أعيش تحت ضغط هائل هنا، إني أم لثلاث أطفال في المدارس، لا تعرف ماهية العناية بثلاث أرواح علي مدار الساعة، وحيدة لا معين لي، وأنت طوال النهار والجزء الأكبر من الليل في الخارج، لا تدري شيئاً عن معاناتي مع اولادك.

الزوج: لكل مسئولياته.

الزوجة :وأنا أدير مسئولياتي علي أفضل وجه ممكن.

الزوج: (ساخراً) :مسئولياتك؟! إنك يا مدام لا تعرفين معني المسئولية، أتدرين كم مرة تغفلين عن موتور المياه فيصاب بالعطب، وأدفع ثمن استبداله وتصليحه،قلت لك مائة مرة حين تقفلين الصنبور اقفلي معه زر الموتور.

الزوجة: ما أسهل الكلام... ولد يحتاج للاغتسال، وبنت تبكي، وآخر ينادي علي وقد اوقع شيئاً، كل هذا في لحظة واحدة، وفي النهاية علي أن أتذكر موتور المياه.

الزوج (ساخطاً): الأولاد... الأولاد حجتك في كل شئ الأولاد، كأنك الأم الوحيدة فوق الأرض، لطالما نصحتك بالاحتياط، لكنك حملتي بهم تباعاً.

الزوجة( مستنكرة) :هل هذه غلطتي أنا أيضاً؟! هل حملت بهم من تلقاء نفسي؟!

(يهم الزوج بالرد، لكن يوقفه جرس الباب).

الزوج: هل تنتظرين أحداً؟

الزوجة: كلا.

الزوج: ربما تكونين اشتريتي شئ أون لاين، وقد وصل الآن.

الزوجة: يعلم الله إنني لم أشتر شيئاً لنفسي منذ ثلاث سنوات، كل قرش يُنفق علي الأطفال.

 (يريد الزوج الرد لكنه يكبح نفسه وينهض لينظر في العين السحرية)

الزوج: إنه جارنا العجوز(ينظر إلي الفوضي حوله في حيرة ولا يجد بداً من فتح الباب، بينما الزوجة تحاول إخفاء حقيبتها تحت الأريكة) تفضل.

(يدخل الجار العجوز، نحيف البنية، هزيل الجسد، يتكئ علي عصا خشبية، وبالكاد تحمله قدماه).

الجار العجوز: السلام عليكم(ينتبه لحال الصالون) ما هذا، هل جرت هنا معركة(مداعباً) هل عادت غارات الألمان من جديد.

الزوج(مرتبكاً، يفتعل الضحك) :إننا... إننا نجري بعض التجديدات، في المنزل، تفضل اجلس علي الأريكة.

الجار العجوز(بينما الزوج يساعده في الوصول للأريكة) :عندكم حق، فلا مفر من التجديد أو الهلاك(يجلس بجوار الزوجة) كيف حالك يا ابنتي؟

الزوجة: بأفضل حال، شكراً علي سؤالك؟

الجار (يلمح الحقيبة) :وتلك الحقيبة ضمن التجديدات؟

الزوجة: إنها ملابس قديمة لم نعد نحتاج إليها.

الجار العجوز: آسف إني أتيت لكما في هذه الساعة المبكرة من الصباح، لكني أعرف أن الأولاد بارك الله لكما فيهم يذهبون في ذلك الوقت للمدرسة... آه الأولاد... ما أجملهم من نعمة أعظم نعمة علي وجه الأرض.. اللهم اعطي كل محروم يارب(يرفع يده للدعاء بينما الزوج والزوجة يتبادلان النظرات ثم ينظران للأرض مطرقين) وفي تلك الساعة تكون أنت لا تزال في البيت، علي كل لن أطيل عليكما، الأمر ومافيه إنني ذاهب لابنتي في امريكا، إنها تلح علي ولم تعد تقبل حججي في البقاء، تريد أن تصون شيخوختي عن المتاعب في كنفها... هكذا هي الحياة نعتني بأطفالنا وهم صغار، ويعتنون بنا نحن حين نصل لأرذل العمر، وأريد أن أئتمنكما علي شقتي بكل مافيها، وحين يجئ قضاء الله فسلموها لابنتي إذا جاءت أو لمن ترسله لكما، لقد فكرت كثيراً في الشخص الأصلح لأضع بين يديه هذه الأمانة، فلم أجد غيركما( يتبادل الزوجان النظر) إن شقتي هذه هي كل ما املك بعد رحلتي الطويلة في الحياة،(يتنهد) وأريد السفر وأنا مطمئن عليها(ينطق السفر بطريقة تحمل المعنيان السفر الحقيقي والموت) فما قولكما؟

الزوج: الحقيقة إننا....

الزوجة: إنه شئ يسعدنا ولكن....

(يتبادل الزوجان النظر، بينما الجار العجوز ينتظر الإجابة).

العجوز(ينهض) : لا أريد الجواب الآن فكروا وقرروا، ومهما كان قراركم إني شاكر لكما).

(يتجه العجوز ناحية الباب، يخرج ويغلق الباب خلفه، ويترك الزوجين يلفهما صمت يدوم لثوان وقد غرق كلاً منهما في أفكاره الخاصة)

الزوج: علي الأقل هناك من يرانا صالحين رغم كل شئ.

الزوجة: أتريد كلمة الحق، إنك إنسان صالح، ولولا إيماني بذلك لما تركت بيت أبي وتزوجتك.

الزوج(متأثراً) :وأنت امرأة فاضلة.

الزوجة: شكراً... منذ فترة لم أسمع منك كلمة تبل الريق.

الزوج(يقترب منها) :ما الذي جري لنا؟ هل دهستنا الحياة إلي درجة إننا لم نعد نعرف ذواتنا، انسلخنا عن حقيقتنا وارتدينا، أقنعة أخري طمعاً في الحماية والاختباء من أنياب الأيام، فلم تزدنا تلك الأقنعة إلا تعاسة.

الزوجة: إنك محق، لقد أغلقنا باب القلب بألف قفل وقفل، أمام الحب والتسامح والعطف والغفران، وفتحناه علي مصراعيه للكراهية والحقد، فتحطمت بداخلنا المشاعر الإنسانية(تشير للأثاث المحطم) وطغت حيوانيتنا علي السطح بفعل الصراع الدائم، ورغبة كل طرف في الانتصار علي حساب الآخر.

الزوج(شاعراً بالخجل) :آسف علي ما فعلت.

الزوجة(شاعرة بالخجل): وأنا أيضاً آسفة علي ما فعلت.

الزوج: ما رأيك في مسألة هذا الجار؟

الزوجة(ناظرة إلي حقيبتها): لا أدري، هل سنحافظ علي بيتنا كي نحافظ علي بيوت الآخرين.

الزوج: إن كلامه وثقته فينا جعلتني أري الأمور بمنظور جديد.

الزوجة: وما هو؟

الزوج: إننا في الأصل خيران رغم كل شئ، وعلينا التمسك بالخير في داخلنا، ولا نسمح للصراعات والمشاكل أن تشوه طبيعتنا، وتحطم حياتنا.

الزوجة: كلام جميل، والعمل؟

الزوج: أن نعيد حساباتنا.

الزوجة: بمعني؟

الزوج: بمعني إني أحبك... بمعني أن نعود كسابق عهدنا، وأعدك أن أشاركك همومك داخل البيت، والمساعدة بكل طاقة.

الزوجة(في سعادة): حقاً؟! وتتوقف عن اتهامي دون العناية بمعرفة الآسباب التي أدت للنتائج التي تكرهها؟

الزوج: أعدك.

الزوجة: وأنا أيضاً سأحاول أن أكون هدنتك وسط معارك الحياة الخبيثة التي تشوه كل ما هو جميل... وعلي فكرة إنني موافقة علي طلبك بيع أساوري الذهبية للبدء في مشروعك الخاص.

الزوج(ينهض): إذن ساعديني اولاً في إعادة كل شئ كما كان.

(تنهض الزوجة ويبدأ الزوجان في ترتيب البيت، يرفعان صورة الزفاف مكانها علي الحائط، ويعدلان الكراسي المقلوبة، وتلتقط الزوجة الزهور من علي الأرض وتعيدها للآنية، وتعيد وصل التلفزيون بالكهرباء، فينبعث صوت وردة في أغنية"طبعاً أحباب" وتستمر حتي نزول الستار، فيبتسم الزوجان لبعضهما في مودة، يعود كل شئ كما كان، ويبدو الصالون منتم للطبقة الوسطي، ذوقه وألوانه ينمان عن اختيار شاعري).

الزوج( ينظر حوله في سعادة) وعاد كل شئ كما كان، ما أغبانا لنحطم حياة كهذه... حلوة بالرغم ما يعتريها من أزمات.

الزوجة (تنسق الزهور) :أجل الحياة تحلو بالتعاون والمودة والوفاق.

الزوج: والآن، نحافظ علي حياتنا وحياة الآخرين، نؤتمن علي مستقبل أولادنا الذين يعتمدون علينا، وعلي ذكريات جارنا العجوز؟

الزوجة: بالطبع وأشعر إننا سنكون أكفاء، مادمنا سوياً، قلباً واحد ويداً واحدة.

الزوج(متجهاً لباب كي يفتحه وهو ينادي بحماس وسرور وسط ضحكات زوجته) : أيها الجار الطيب... نحن متفقون... نحن متفقون.

 

ستار

 

 

أيام آدم(سيناريو وحوار)


الجملة التلخيصية:

آدم بك شاب تلقي تعليمه في إنجلترا، يختطف الموت خطيبته شارلوت فيصنع ما يظن أنه إكسير الحياة، حين يعود لمصر يجد الموت يتهدد والدته، يجرب علي نفسه الإكسير في محاولة لإنقاذها، لكنه يتحول لشخص مغاير اسمه الغريب، يتغذي علي الشر والشهوات... فمن سينتصر علي الآخر؟

المعالجة:

أثناء دراسة آدم بك في إنجلترا تموت خطيبته شارلوت بمرض قاتل، مما يعرضه لهزة نفسية قاسية، فيسعي نحو أسطورة إكسير الخلود، ويكرس نفسه وهو بين جدران أكسفورد لصنع ذلك الإكسير ودراسته، ويجري تجاربه علي جثث الموتي ويرتحل للمراكز الدينية في العالم، كنيس الغريبة في جزيرة جربة بتونس، كنيسة القيامة في القدس، الازهر الشريف في القاهرة، وحين يعود لمصر عام ١٨٨٦وهو في الثلاثين يصبح في حوزته ما يحسبه الإكسير، ويتعرف علي قمر راقصة خمارة دنيا في الشارع بعد تعرضها لحادث لغرقها في التفكير في همومها مع الفتوة الطرابيلي الذي يؤذيها بدنياً ونفسياً ويمتهن كرامتها. 

تقيم والدته هناء هانم حفلة بمناسبة رجوعه لتدبر طريقة تعرفه بها علي يسر ابنة يونس باشا ناظر الحقانية التي يرتاح لها وتخبره عن رغبتها في السفر لأوروبا، فكل ما يشغل عقل حكمت هو زواج آدم، لأن رجل في الثلاثين من أصل عريق وبلا زوجة، يعتبر في القرن التاسع عشر كارثة، في الحفل تسقط حكمت مريضة بعلة في قلبها، يجرب آدم الإكسير علي نفسه لكنه يتحول إلي شخصية مغايرة اسمها الغريب ذو قوة جبارة ووسامة تدير رؤوس النساء، ويمتلك قمر-شهوة آدم المكبوتة- بعد هزيمة الطرابيلي ورجاله، ويدمن آدم الإكسير بإغواء من الغريب الذي يخاطب أعمق رغباته، ويعيشان صراع مرير مع بعضهما، الغريب يوسوس لآدم وآدم يضايق الغريب. 

يوغل الغريب في الشر، ويصل لسمع الصاغ مراد الأرمل الذي يعيش مع ابنته ليلي، الظابط الذي اختير من الجيش للانضمام لجهاز البوليس الناشئ، ويعتبر محاربة الجريمة ميدان معركة يأخذ شكلاً جديداً، ساعياً لنشر العدالة وإحلال القانون محل النبوت. 

تحمل قمر من آدم/الغريب فيغضب كلاهما، ويمتزج صوتاهما وهما يلومانها، ويتبرئ كلاً منهما من الطفل، فتتأكد شكوكها بوجود شئ مريب، تلك الشكوك التي بدأت تتزايد منذ أن رأت ساعة آدم مع الغريب، تسير خلفه وتراقبه، تراه في غضبه يقتل أحد البشاوات وسائقه لأنه اعترض طرقه بعربته، ولسعه الباشا بكرباجه، يهرب من مكان الجريمة، وتشاهد وهي معلقة في غصن شجرة قريبة من القصر، آدم يرتدي لباس الغريب واللاسة التي خاطتها له، يبكي جرائمه وضياعه، ويحطم زجاجة الإكسير... فتهرب. 

يتوقف آدم عن شرب الإكسير ويذهب للصحراء برفقة أحد علماء الآثار، وهناك ينقذ المكتشفات الأثرية من اللصوص، لكنه يصاب بجرح، وبينما هو منعزل عن كل شئ في انتظار الشفاء يبدأ بتدوين تجربته تحت عنوان"أيام آدم"، وحين يعود يعيش ساعات انسجام مع خطيبته يسر ويبدو أن كل شئ علي ما يرام، والغريب قد رحل إلي الأبد، لكنه يعود في قصر يسر بدون إكسير لأنه يتغذي من نفس آدم، ويتحكم في آدم، ويورطه في قتل الملازم زين صديق مراد، والزوج الذي ينتظر مولوده الأول، اثناء مطاردة تحبس الأنفاس يري فيها مراد وهو يطارد الغريب في النهر، قطرات دمه بلون أسود غريب بعدما اصيب بجرح، يلاحق مراد الغريب حتي أسوار القصر حيث تختفي آثاره، يدخل مراد القصر ويجد مرجان الجنايني جارهم القديم، ويقابل آدم الجريح ويري الدماء السوداء تنز من جرحه، ويستعلم من مرجان عن آدم، فيخبره عن أحواله الغريبة، وكلامه مع نفسه، والمعمل الذي يقضي فيه كل أوقاته، وكقمر يشك مراد بوجود صلة غريبة بين آدم والغريب، يراقب للقصر ويلمح فعلاً الغريب يقفز فوق اسواره بقوته الهائلة، يستخدم مراد حبلاً، لكنه لا يجد أحد ومن الآثار علي الوحل يستدل علي الباب الخلفي للمعمل الذي يستخدمه الغريب للدخول والخروج دون أن يراه أحد، يدخل مراد للمعمل ويري الغريب وهو يتحول لآدم في مشهد يفوق كل تخيلاته، يخبره آدم عن استحالة حل تلك القضية، علي مت سيطلق الرصاص ومن سيحاكم، هل هو آدم ام الغريب، ويجد آدم حل واحد لتلك الإشكالية، حيث ينتحر بشرب السم وسط صراخ الغريب وتوسلاته. 

يدفن آدم في مقابر العامة، بعد رفض عائلته دفنه وسط أجداده، وتظهر قمر أمام القصر حاملة طفله الرضيع، صاحب الحق في قصر آذم وثروته، لكنهما محرمين عليه، ومن الأعلي تجلس حكمت هانم أمام النافذة متهدمة. 

الشخصيات الرئيسية:

آدم بركات: يبلغ من العمر ٣٠عاماً،عليه سمت العلماء وجديتهم، يكسو شخصيته حزن دفين، متوسط القامة اسود العينين والشع، له نظرة يمتزج فيها غضب مكتوم مع رأفة وطيبة، يرتدي علي الدوام ملابس يطغي عليها لون الحداد. 

الابن الوحيد لبركات باشا وحكمت هانم، سافر وهو في العشرين إلي إنجلترا ليدرس هناك، كعادة أبناء كبراء تلك الفترة في السفر خارج القطر المصري وتلقي العلم الأوروبي، وهناك يخطب شارلوت ويهبها قلبه، ثم تموت بداء عضال، فيهتز نفسياً، ويقرر مواجهة الموت بالعلم. 

لا يمتلك أصدقاء، ولا يميل للاختلاط بأحد. 

الغريب:الشخصية التي يتحول لها آدم بشربه للإكسير، طويل القامة، وسيم وجذاب للنساء، يمتلك قوة شبه خارقة، قادر علي كل شئ، ما عدا الهروب من آدم، له نبرة مقنعة للغاية وخاصة عندما يوسوس لآدم ويقنعه بشرب الإكسير من جديد، يحب قمر، ويدفع آدم للاستمرار، بإغرائه بأن تجربته نجحت ومن خلاله سيحصل علي الخلود ويتملك كل ما يعجز آدم علي الاستحواذ عليه. 

قمر:في السابعة والعشرين، خمرية البشرة، لها قوام يبهج من يراه، وملامحها مصرية للغاية، لم تحظ من الدنيا سوي  بنصيب وافر من الجمال، ولدت في خمارة دنيا لأب مجهول حيث كانت امها تعمل هناك بائعة للهوي، تولت دنيا تربيتها، حتي عملت راقصة في الخمارة، تعاني من مضايقات الفتوة الطرابيلي، وتجد في الغريب ملاذها، حتي تعرف الحقيقة، وهي اول من استطاع الربط بين آدم والغريب. 

مراد: في الثالثة والثلاثين، صارم الملامح قوي البنية وعريض الكتفين، ملامحه نحتها الزمن والصعاب، له نظرة ثاقبة، وعليه سمات النباهة والحس البوليسي، صاغ نقل من الجيش إلي البوليس في فترة التكوين الأولي لحهاز الشرطة في مصر أرمل ويعيش مع ابنته ليلي، يسعي لتحقيق قوة القانون في عالم يحكمه قانون القوة، وعندما يكتشف الحقيقة يجد نفسه في إشكالية تخالف العقل والمنطق. 

الشخصيات الاساسية:

يسر: فتاة رقيقة وحالمة، تضج بالحيوية، ابنة يونس باشا ناظر الحقانية وهي العروس المرشحة لآدم، تتبادل معه الحب، وتتحمل أحواله الغريبة، تحلم بالسفر لأوروبا، ولا تحقق حلمها سوي بعد وفاة آدم ومعرفة حقيقته الصادمة، فترحل علي ظهر احد السفن لأوروبا. 

حكمت: والدة آدم في الخامسة والخمسين، تتسم بالرقي في هيئتها وكلامها وحركاتها، رشيقة نحيفة، من أصول أرنينية، همها زواج ابنها ومتعاطفة مع حبه القديم، يحفز مرضها آدم أن يجرب الإكسير، فيموت وهي مازالت علي قيد الحياة. 

دنيا: صاحبة الخمارة في الخامسة والخمسين، راقصة قديمة ومديرة للخمارة التي تجمع بين الصالة وحجرات الدعارة توفي ابنها صغيراً، تجد في الغريب فرصة للثراء، وبالفعل تسرق منه اموال وذهب، وتهرب بهم مع فتي في الثامنة عشر، لكنه يقتلها في الطريق. 

سنية: ابنة عبد الوهاب وحليمة خادمي القصر، في السادسة عشر تحب آدم حب طفولي، وتسعي عن طريق السحر لجعله يترك خطيبته يسر ويقع في هواها هي، تتجسس عليه في معمله وتشهد تحوله للغريب تنهار، وتصاب بحالة عصبية ونفسية تعزلها عن الواقع وتحيا في عالم بعيد شبه ميتة. 

عبد الوهاب:خادم أسرة بركات باشا الامين أسود البشرة، كان مع زوجته عبدين له قبل صدور قانون تحريم الرق في مصر، وبقيا في القصر كخادمين، يتملق آدم علي الدوام، كعادة الضعفاء والعبيد في التقرب لأسيادهم. 

حليمة: تعتبر هي مربية آدم، تعرف بحب ابنتها لآدم، وتقنعها باستحالة اتصال السادة والعبيد، في أي زمان ومكان. 

زين: ملازم يعمل مع مراد في سلك الشرطة منبهر به وبقدراته البوليسية، متزوج حديثاً، وينتظر مولوده الأول، يقتل اثناء مطاردة الغريب. 

الطرابيلي: فتوة المنطقة، يهزمه الغريب ويبعده، يحاول الثأر لنفسه فيهزمه الغريب من جديد، ويتسبب في فقأ عينه









م /١         أمام محطة مصر                                     ل/ د


يكتب علي الشاشة "القاهرة يناير 1886"

ليلة باردة من شهر يناير. فرسة أصيلة مربوطة في عربة فاخرة. 

تدق بحوافرها في الأرض ونسمع صوت تنفسها ونري بخار يخرج من منخريها. 

السائق يجلس ساكناً ومن بعيد تدوي صافرة قطار قادم. 

الشارع شبه خال من المارة عدا رجل يمر او عربة تتهادي في الخلفية. 

بجوار الحصان يظهر عبد الوهاب (٥٠) أسود البشرة له عينين تطل منهما نظرة رضوخ من تعود علي الاستعباد، الخادم الأمين لأسرة بركات باشا، يفرك كفيه اجتلاباً للدفء، ويسلي وقفته بمداعبة الفرسة سكر، والكلام معها وهو يطعمها الجزر بلهجة حنين إلي الماضي. 

عبد الوهاب: دنيا وزمن يا سكر... أهو آدم بيه اللي جاي من أوروبا ده، ومذنبنا أنا وانتي في السقعة دي، انتوا الاتنين مولودين في يوم واحد يجي من تلاتين سنة... ياااه تلاتين مروا زي نسمة الهوا اللي تفتح شبابيك البيوت من غير سكانها ما يحسوا، بكينا وضحكنا واتوجعنا فيهم لحد ماقولنا يا كفي،سنين دابوا بعد ما دوبونا وبقت آثارهم علي وشوشنا... لسه فاكر شقاوته وهو عيل يجري ويرمح في الجنينة وينط عالشجر زي القرود، ولما يقع ويتعور حليمة مراتي تغسل له هدومه قبل أبوه المرحوم بركات باشا مايرجع...كانت دنيا غير الدنيا وزمن غير الزمن وناس ماتتعوضش. 


بين الخارجين من المحطة وهم عدة شخوص متباينة بين باشا وتاجر وعمدة وأفندي، يخرج آدم(٣٠) من باب المحطة، عليه سمات الجدية ووقار العلماء، يكسوه شخصيته حزن دفين، متوسط القامة أسود العينين والشعر، له نظرة يمتزج فيها غضب مكتوم مع رأفة وطيبة، يرتدي بدلة سوداء قاتمة اللون وملابسه علي الدوام يطغي عليها لون وطابع الحداد. 

يراه عبد الوهاب فيتهلل ويجري ناحيته. 

ينحني أمامه. 

عبد الوهاب: حمد الله علي سلامتك يا آدم بيه.

آدم: الله يسلمك يا عبد الوهاب. 

يحمل عبد الوهاب عنه حقيبته. 

يركب آدم العربة. 

بضع عبد الوهاب الحقيبة، بجوار السائق و يأمر السائق بالتحرك

عبد الوهاب: اطلع عالقصر. 

يلحق بآدم في العربة. 

ينطلق الحصان. 


قطع

   م/٢                           العربة                                                     ل/ د


آدم يجلس في مواجهة عبد الوهاب. 

عبد الوهاب: أظن المرة دي مش أجازة يا بيه، هاتفضل معانا علي طول في المحروسة.

آدم: أيوة... خلاص... ناوي استقر في مصر

عبد الوهاب: دي تبقي مصر نورت.

آدم يبتسم برثاء.

آدم: مصر قدامها كتير قوي عشان تنور.

عبد الوهاب: طبعاً، هانروح فين جنب بلاد الإنجليز والطليان والفرنساويين، ولا البلد اللي طالعة جديد اللي بيسموها امريكا.

آدم: البلاد دي مش أحسن مننا أبداً، بل بالعكس هنا في مميزات مش موجودة في أحسن المدن اللي زرتها... الفرق الوحيد أن أهلها اتعلموا بجد واشتغلوا بضمير عشان يبقي ليهم وزن، واحنا هنا عايشين في الجهل وبنشتغل عشان نملا بطننا، وده اللي خلي ناس في السما وناس في الأرض. 

عبد الوهاب(مؤكداً علي كلامه بلمسة تملق يتقرب بها الضعفاء للأقوياء) :عندك حق يا بيه وآدي النتيجة الإنجليز ولاد امبارح احتلونا بعد الولس ما كسر عرابي في التل الكبير، ده أنا من يومين سامع من واحد متعلم في لندنة (يقصد لندن) زي سعادتك كده بيقول إن مصر دي بقي لها ألوفات السنين وكانت موجودة قبل خلق الله دول كلهم ما يتوجدوا في الدنيا... بس آه.... دنيا وزمن.

قطع















م٣                  شارع سليمان باشا "طلعت حرب حالياً               ل/ خ


بومة علي فرع شجرة تواجه الكاميرا بعينين حادتين وهي تقف علي فرع شجرة ضخمة. 

تنظر للعربة التي ماتزال تسير. 

تستعرض الكاميرا القصور القليلة المتناثرة هنا وهناك في تلك الحقبة، القبب والأبنية تبدو مهببة يحيطها الضباب ويلفها الغموض. 

الشارع هادئ وبه مساحات كثيرة خالية وأراضٍ زراعية ممتدة، المنطقة في التصميم والتخطيط والفخامة في المعمار والبناء قطعة من أوروبا. 

 من خلف زجاج العربة آدم  ينظر لسرية بريطانية مدججة بالسلاح

 يشير قائدها للعربة بالوقوف. 

يعبر هو وجنوده الذين ينظرون للسائق باستهزاء. 

أحدهم يسخر منه فيشهر سلاحه في وجهه فيرتعب السائق وسط ضحك زملائه. 

آدم: حلم الخديوي إسماعيل آن مصر تبقي قطعة من أوروبا اتحول لكابوس، وبقينا تحت رجلين اوروبا. 


قطع

















م/٤                                      مكان آخر من الشارع(أمام قصر آدم)                                 ل/خ


تقف العربة أمام القصر الفخم المصمم علي الطراز الأوروبي، له بوابة حديدية عملاقة، مزخرفة باثنين من الملائكة يعزفان علي القيثارة، الواجهة باذخة مزدانة بالعديد من المنمنمات الصغيرة. 

ينزل آدم وخلفه عبد الوهاب يحمل الحقيبة.

يقتربان من البوابة. 

يفتح الجنايني العجوز مرجان(٦٠)  رجل علي الفطرة حاملاً مصباحاً يتوهج في عتمة الليل بيديه المعروقتين المرتعشتين. 

ينحني لآدم. 

مرجان (متهللاً) : بركة رجوعك سالم يا بيه. 

آدم( متعاطفاً مع كبر سن مرجان) : شكراً يا عم مرجان، اقفل البوابة وروح انت اوضتك. 

يشعر مرجان بالراحة لسماعه تلك الكلمات. 

مرجان: يعني سعادتك مش هاتعوز حاجة مني؟


عبد الوهاب(بنفاد صبر) : ما خلاص يا مرجان البيه قالك روح، شد لحافك عليك واديها للصبح. 

يبتسم آدم.

آدم: انتوا لسه بتناكفوا في بعض؟!

مرجان: عبد الوهاب معايا كده طول عمره يا بيه، حاطط نقره من نقري.. عن إذنك.

ينسحب مرجان لحجرته الصغيرة الملتصقة بسور البوابة.

يدخلان إلي باب القصر.

من أحدي نوافذ القصر نري سنية(١٦) ذات وجه خمري ممتلئ وملامح بريئة وهي ابنة عبد الو هاب تنظر لآدم حالمة بحب طفولي.


قطع








م/٥                                               قصر آدم (البهو)                                         ل/د


يدخل آدم للقصر.

علي الحائط صورة ضخمة لبركات باشا والد آدم لملابس التشريفة المزدانة بالنياشين. 

حكمت هانم (٥٠) راقية في هيئتها وكلامها وحركاتها بيضاء رشيقة نحيفة ذات اصول ارمينية ترتدي فستاناُ زهري اللون، تحتضن آدم ابنها الذي يضمها بحنان. 

من الداخل تهرع حليمة (٥٠) ذات سمت أمومي وتميل للبدانة، وسنية وهي تعدل هندامها، بينما عبد الوهاب يحمل الحقيبة. 

حكمت: مكنتش مصدقة لما بعت وقولت لي إنك خلاص راجع، حسيت إني في حلم، بس أهو خلاص  الحلم اتحقق وبقيت يا حبيبي في حضني

آدم: خلاص يا أمي شبعت غربة... ورجعت أدور عالأمان اللي من قلبي اتسرق.

تقترب حليمة منه وتنظر له بحنان أمومي تريد احتضانه هي الأخري لكنها محرجة.

يفتح لها ذراعه يشجعها علي احتضانه.

آدم: تعالي يا حليمة... ده انتي اللي مربياني

ترتمي حليمة في حضن آدم باكية. 

حليمة: وانت ابن روحي وعمري. 


يدفعها عبد الوهاب عنه برفق.

عبد الوهاب: خلاص بقي سيبي البيه يرتاح. 

حليمة: يا اخويا سيبني دول ٤سنين من ساعة آخر مرة كان فيها هنا. 


يدفعها عبد الوهاب بصورة اقوي فتضطر لتركه راغمة.

عبد الوهاب: سامحني سعادتك لو لو مزقيتهاش عافية هاتلزق فيك طول الليل.

يضحك الجميع في جو من المرح، يلحظ آدم سنية، فيداعب وجهها كالأطفال.

آدم: معقول دي سنية... آزيك؟ 

سنية: الحمد لله يا آدم بيه حمد الله عالسلامة. 

آدم: ده انتي كبرتي وبقيتي عروسة. 

تتثاءب سنية رغماً عنها، فتضحك حكمت وآدم. 

حكمت: بس عروسة عايزة تنام، يلا يا عبد الوهاب خد مراتك وبنتك وانزلوا اوضكم بس طلعوا شنطة البيه الأول. 

تنصرف أسرة عبد الوهاب ويبقي آدم وحكمت وحدهما. 

تتجه حكمت للجلوس علي الأريكة يتبعها آدم. 

حكمت: بكرة عاملة لك حفلة بمناسبة رجوعك، عايزين نجدد ليالي زمان، وعازمة فيها أكابر المحروسة (بلهجة ذات مغزي) وبناتهم... نفسي يا ابني أكمل فرحتي بيك (شاعرة بدنو أجلها) قبل ما أموت. 

ينزعج لذكر كلمة الموت. 

آدم بعد الشر عليكي يا ماما، بلاش الكلمة تيجي علي لسانك. 

حكمت: ده الموت علينا حق يا حبيبي، الكاس اللي دار عاللي سبقونا لازم نشرب منه طال الزمن ولا قصر

يهتاج آدم فتتدارك حكمت غضبه وتغير الموضوع. 

حكمت: عايزاك تشوف يسر بنت هناء هانم. 

آدم: تصبحي علي خير يا ماما. 

ينصرف آدم بعصبية. 

يصعد علي سلم القصر في اتجاه حجرته، فيكاد يصطدم بحليمة. 

حليمة: فاتحتيه يا هانم.

حكمت: باين لنا اتسرعنا، قولت لك نستني كام يوم.

حليمة: أبداً هو ده وقته، لازم تحطي الجواز أول حاجة قدامه اول ما رجله تخطي القصر، ده اللي في سنه عيالهم بقوا علي وش جواز. 

حكمت: اللي مر بيه مكانش شوية يا حليمة... كان روحه، فيها راحت وخدت قلبه وياها، من يومها وهو مبقاش آدم. 

قطع




















م/٦                                               حجرة آدم                                                          ل/د

يخلع آدم جاكتته وطربوشه ويتركهما علي مقعد في أحد الأركان، متأملاً زوايا غرفته المكونة من سرير كبير مريح، وستائر حريرية تميل للصفرة. 

يقترب من مكتبه الموضوع عليه نموذج للكرة للأرضية.

يخرج من جيبه قارورة زجاجية بداخلها سائل احمر. 

يضعها علي المكتب في حرص شديد.

يدير الكرة الارضية بالعكس فيتذكر الماضي. 

فلاش باك





















م/٧                                    منزل شارلوت (الردهة + الحجرة النوم)                                   ل/د


يكتب علي الشاشة "لندن ١٨٧٦".

تتقدم الكاميرا بسرعة وبحركة متوترة ناحية باب حجرة نوم شارلوت المغلق، نسمع نهنهة بكاء وأنات حزن تجئ من خلفه. 

في لمحة ينفتح الباب بعنف. 

يندفع آدم ألي الداخل وعمره أصغر 1٠سنوات.

يركع علي سرير شارلوت (١٩) خطيبته  التي تحتضر بينما أمها وأبوها وأخوها روبرت يبكون في ألم، الإضاءة قاتمة للغاية، فتظهر الشخصيات كأنها أشباح في جو كابوسي ينقل لنا الإحساس برهبة الموت. 

ملحوظة: الحوار سيدور بالإنجليزية، وتظهر ترجمته كما هو وارد هنا. 

آدم (متألماً كأن روحه تفارق جسده): شارلوت. 

تمسك شارلوت يديه بقبضة واهنة، تحاول أن تستمد منها القوة علي الكلام الذي يخرج من بين أنفاسها المتقطعة بصعوبة. 

شارلوت: خطيبي المحبوب وزوج المستقبل. 

تتزايد حدة البكاء لدي الجميع عند سماع عبارة" زوج المستقبل"، بينما شارلوت في صحوة الموت، تتكلم بصورة افضل وتحاول القيام من علي السرير لضم آدم. 

شارلوت: مفيش داعي للبكا أنا خلاص بقيت كويسة، حاسة إني خفيفة قوي... ده أنا بطير(تضحك ضحكة قصيرة) الحق يا آدم ده أنا بسبح في الهوا، مفيش حاجة بتوجعني خلاص الألم راح... راح للأبد. 

تسقط رأسها وهي ماتزال تحاول الاقتراب من آدم وتموت وسط صيحات أسرتها. 

آدم يضرب السرير بغيظ ونقمة. 

قطع












م/٨                                                المقبرة                                                       ن/خ


تابوت شارلوت يوضع في جوف الأرض، محاطاً بأسرتها وأصدقائها وآدم وسطهم الجميع في ثياب الحداد المقبضة للقلوب.

نراهم من وجهة نظر التابوت نفسه. 

ينهال التراب علي التابوت حتي تسود الشاشة تماماً....ونشعر إننا نحن من ندفن تحت التراب. 


قطع























م/٩                                               حديقة في لندن                                                    ن/خ


يجلس آدم وروبرت علي مقعد في أحد أيام الخريف اللندنية. 

أوراق الشجر تتساقط علي الأرض في كآبة والضباب يغلف تفاصيل المشهد. 

روبرت: ماتت وخدت سعادتنا معاها. 

آدم ساهم في اسي صامت. 

روبرت: اتكلم معايا يا آدم، قول اللي بيدور في ذهنك، بقالك شهر من يوم الجنازة وانت في الحالة دي. 

آدم (بغضب): أقول إيه ياروبرت، أقول إن أختك مكانتش خطيبتي وبس، كانت روحي اللي غدرت بيا وودعتني وأنا لسه حي(يقف) كانت حياتي اللي اتمنيت أعيشها ودلوقتي عايش اتكوي بالأمنية دي للأبد، وإن موتها قسمني علي نقيضين، زاهد في الحياة وعدو للموت، اللي شبحه بقي بيطاردني في كل لحظة ولازم اهزمه وانتقم منه! 

يندهش روبرت من كلامه وعصبيته. 

روبرت: الصدمة كانت مزلزلة لينا كلنا، بس مش لازم تخليك تفقد صوابك وتقول كلام أشبه بالتخاريف. 

آدم: التخاريف الحقيقية هي إننا نعيش النهارده واحنا مش ضامنين بكرة، نبني ونحلم ونتعب وييجي الموت ونتحول لمجرد ذكري يسبقها حرف "كان"، الإنسان في العصر ده اتغلب علي معوقات كتير كانت مستحيلة في يوم من الأيام... لازم يتغلب عالموت ويعيش... يعيش... يعيش!!! 

روبرت: لكن إرادة الرب إن كل حي لازم يموت. 

آدم: ورغبتك ورغبتي ورغبة كل البشر إنهم يعيشوا، وميحسوش بحرقة ألم فراق الأحباب؟! لو دورت في أعماقك هتلاقي إنك كمان بتتمني الخلود وبتسعي لكده بكل السبل، وأولها إنك بتلغي الموت من تفكيرك، وبتعيش أيامك كإنك هاتفضل في الدنيا للأبد. 

روبرت: إنت أعصابك تعبانة والحوار معاك مش هايوصل نتيجة. 


ينظر آدم لورقة شجر صفراء ميتة ، تتمايل مع الرياح حتي تسقط علي الأرض. 



قطع








م/١٠                                     جامعة أكسفورد (المعمل+المكتبة)                                       ن/د


آدم غارق بين السوائل الكيميائية متعددة الألوان المنسابة في الأنابيب، علي مواقد صغيرة تغلي علي النار،وأدوات التقطير والأبخرة المنتشرة في المعمل، يعمل بجدية شديدة، وهو يخلط بعض المواد. 


أرفف المكتبة عملاقة، مجلداتها ضخمة وأنيقة.

آدم يجلس علي مقعد يفتح أحد الكتب فنشاهد صوراً لمرضي الطاعون  الأسود الذي نهش أوروبا في القرن الرابع عشر.

 في الخلفية وقع موسيقي جنائزية تستمر حتي نهاية المشهد الخامس عشر. 

مزج






















م/١١                                    شارع بمدينة أوروبية                                                  ن/خ


تتحول الصورة السابقة إلي مشهد حي. 

الموتي متناثرين علي الإرض. 

بعض الناس يرتدون قناع الطاعون ويفرون من المدينة. 

وسط عويل وبكاء، طفلة لا يشعر بها أحد تبكي بصمت علي جثة والديها ، وبثور الطاعون تغطي وجهها. 

نشاهد العديد من أشباح الضحايا رجال ونساء، تحوم فوق الأرض وتحت السماء،  وتنفتح طاقة في السماء يتوجهون كلهم إليها حتي تبتلعهم. 

الطفلة ماتزال تبكي بحرقة. 



قطع






















م/١٢                                                منزل مهجور                                                  ل/د


منزل متهالك مهجور علي أطراف لندن. 

الأمطار تخترق السقف في عدة مواضع وتتساقط علي الأرض ويطغي صوت دقاتها علي موسيقي الخلفية. 

جثة موضوعة علي طاولة تشريح، منزوعة عظام الجمجمة العلوية وآدم خلفها يجس المخ البارز منها. 

ويهم بانتزاعه. 

قطع






















م/ ١٣                                      جامعة اكسفورد (المكتبة)                                               ن/د


آدم يفتح كتاب عربي. 

زوم إن علي اسم جابر ابن حيان حتي تخترق الكاميرا لصفحات الكتاب وننتقل إلي زمان ومكان آخرين. 

قطع


























م/١٤                                     قصر عربي  (حجرة النوم+الردهة)                                     ن/د


فتاة متعبة للغاية وشاحبة علي الفراش. 

يدخل عليها جابر بن حيان مطمئناً واثقاً. 

يسقيها دواء. 

معها أبيها قلق علبها للغاية. 

ويقف بجوارها آدم لا يراه أو يشعر به أحد مجرد شاهد بعين الخيال علي الموقف. 

الأب: أتعتقد يا ابن حيان أن شفاء ابنتي من مرضها المهلك الذي أشرف بها علي ظلمات القبور، يكمن في دوائك هذا؟ 

ابن حيان (مبتسماً): أولاً هذا ليس دوائي أنا، إنه عبارة عن هبات من الطبيعة استخلصته منها، ومزجته بمقدار، وليس هذا سوي الخطوة الأولي لما احلم به، ثانياً اطمئن تماماً أيها الأب الطيب لا يوجد في هذه الدنيا  داء لم يخلق الله له علاجاً. 


يقف جابر بن حيان في الردهة مع الأب شديد القلق. 

تخرج عليهما الفتاة في كامل صحتها ونضارتها. 


قطع















م/١٥                                      جامعة أكسفورد( المكتبة)                                                ن/د


آدم شديد التركيز علي هذه الصفحة. 

 ويدون عدة ملاحظات بصورة محمومة. 

قطع


























 

م/١٦                                                ساحة أكسفورد                                              ن/خ


الطلبة يملئون الساحة كثيفة الأشجار. 

آدم وقد كبر عمره  يسير مع أستاذ عجوز. 


الأستاذ: اللي بيفصل العلم عن السحر خيط رفيع جداً، مايشوفهوش غير العلماء الحقيقيين، وانت شاب واعد، وانا مستغرب إن فيه عربي نابغ زيك ،بتفكرني بأجدادكم اللي كانوا اساتذة لينا زي ما احنا دلوقتي أساتذة ليكم، حاول ماتغفلش عن الخيط ده،عشان توصل للنتيجة الصح. 

آدم: بس إكسير الحياة وحجر الفلاسفة مش سحر، علماء كتير بحثوا عنه ومنهم نيوتن العظيم. 

الأستاذ: انت وصفت نيوتن بالعظيم عشان تجاربه الفيزيائية الملموسة وتأثير إنجازاته اليومي علينا اللي من خلالها قدرنا نفهم طبيعة عمل الكون، مش عشان انشغاله بأمور غيبية وغير منطقية. 

آدم: بس إطالة عمر الإنسان ممكن. 

الأستاذ: اللي متقدرش تنفيه ماتقدرش تثبته، ده ختام كلامي، ولو كان مؤثر عندك انصحك تهتم بحاجة داخل نطاق المنهج العلمي...خسارة عقل متوهج زيك يتوه في الظلام. 

يرحل الأستاذ ويترك آدم وحيداً. 

قطع
















م/  ١٧                                       جزيرة جربة بتونس +كنيس الغريبة                                ن/خ


لقطة عامة للجزيرة وشاطئها الساحر وطبيعتها الخلابة. 

آدم في حجرة مليئة بالمخطوطات التي يفتش فيها بعناية. 

يجلس مع حاخام. 

الحاخام(باللهجة التونسية) : صحيح الأعمار في التوراة مداها مئات السنين، إنما من الوارد إن يكون حساب السنين فيها غير حسابنا العصري كاتناشر شهر، بس حتي لو كانوا عاشوا الأعمار الطويلة دي لاحظ برضه إنها فضلت تقل بمرور الزمن لحد ماوصلت للمعدل اللي نعرفه داوود ٧٠ وسليمان 5٢...كانه إنذار إن الزمان بينتهي، والأعمار بتدبل لحد ما يفني أصحابها. 

قطع






















م/١٨                                                    كنيسة القيامة                                                ن/د


آدم يجلس مع أحد القساوسة.

القسيس(باللهجة الشامية) : مش مهم انت عشت قد إيه علي الأرض المهم عشتهم إزاي وعملت فيهم إيه، حياة الإنسان مش بتتقاس بالأيام والسنين، كتير عاشوا سنين طويلة وانتهوا كإن مالهمش وجود أو أسوأ إن سيرتهم تتلعن كل ما تيجي لأنهم قضوا عمرهم في الشر وأذي غيرهم، إنما في خلال عمر المسيح اللي كان ٣٣سنة فقط لا غير، طاف اسمه كل ركن في الأرض بالهداية والذكر الحسن، فيه ناس بتوصل للعمر ده، وهم لسه مش عارفين عايزين إيه، ولا حتي عارفين نفسهم... نفوس صغيرة في أجسام رجال تهد الجبال. 

قطع
























م/١٩                                                الجامع الأزهر                                                  ن/د


يجلس آدم مع أحد الشيوخ. 

الشيخ: وبعدين مين اللي قال إن الإنسان لما بيتمد بيه العمر ده يبقي نعمة ليه، بالعكس ده يمكن يكون نقمة عليه، ده من الموت بتخرج الحياة، ولولا فتح القبور مكانتش الأرحام شالت الأجنة، ده المسار اللي حدده رب العالمين عشان الكون يتوازن ويتجدد روح قصاد روح(يربت علي كتفه) الدنيا دار زيارة مش إقامة والبقاء فيها مرهون لأجل معلوم ودي حكمة علام الغيوب.

ينهض الشيخ ويترك آدم الذي ينهض بعده. 

يخرج من جيبه زجاجة الإكسير التي تتلألأ في الضوء المنسكب من نوافذ الأزهر. 

آدم: قلب بينده في دنيا من غير ودان. 

نهاية الفلاش باك






















م/٢٠                                              حجرة آدم                                              ل/



 القطع علي نفس الزجاجة. 

علي وجه آدم نفس النطرة في اللقطة السابقة.

الكرة الأرضية مازالت تدور.

نري إنعكاس وجه آدم مشوهاً علي الزجاجة.

مزج























م/٢١                                                       شارع شعبي                                                        ل/د


يتحول الإكسير إلي بقعة من مياه الأمطار، نري فيها وجه الصاغ مراد واضحاً(٣٣)صارم الملامح قوي البنية طويل القامة وعريض الكتفين ملامحه نحتها الزمن والصعاب والحياة العسكرية، له نظرة ثاقبة وعليه سمات النباهة والحس البوليسي.

يكمن خلف أحد الجدران وبجواره الملازم زين (٢٢) وخلفه قوة بوليسية من الجنود.

نري رجالا ملثمين يتوجهون لأحد المحال ويحاولون كسر قفله. 

يقفز مراد وجنوده ويحاصرونهم بينما يستسلم اللصوص. 

مراد(لشاويش) :خدوهم عالكراكون، وبلغ سيادة المأمور إننا أحبطنا محاولة السرقة، وأنا شوية وهاحصلكم علي هناك.

يرحل الجنود وهم يسوقون اللصوص.

مراد(لزين) :قبل ما نرجع تعالي نكمل جولتنا بتاعة الليل. 

يسيران. 

زين:نفسي أعرف يا افندم ازاي قدرت تتنكر وتنضم للعصابة من غير ما حد يشك فيك لحظة، لدرجة إن محدش فيهم قدر يتعرف عليك دلوقتي.

مراد: دي مواهب بقي يا حضرة الملازم، أصل وأنا عيل كنت بدور ورا المشخصاتية وبتوع الأراجوز، اقلدهم وكان نفسي اشتغل معاهم واطلع مشخصاتي، لحد ابويا ما عرف ولسعني قلم خلاني أصرخ زي بخيتة مرات الأراجوز وهي بتولد ... الفترة دي اتعلمت فيها التنكر والتمثيل علي إيد الناس دي... يظهر إني أول ظابط مشخصاتي.

يضحكان.

زين:الحقيقة يا افندم انت كل مرة بتبهرني بمهارة جديدة.

مراد: لما خدوني من الجيش عشان انضم للبوليس في الأول كنت متضرر، إنما مع الوقت اكتشفت إن الجريمة هي كمان ميدان حرب، لكنها حرب من نوع خاص يلزم لها كل أنواع الحيل وعاهدت نفسي إني أكون الجندي الأول فيها. 

زين: وده حصل فعلاً الظباط الإنجليز والطليان والسويسريين اللي بيديروا البوليس بيعملوا لك حساب خاص أكتر من أي ظابط مصري.

مراد: وهاييجي اليوم اللي يعملوا فيه حساب لكل ظابط مصري

قطع







م/٢٢                                               منزل مراد(حجرة نوم ابنته)                                    ل/د


يدخل مراد حجرة ابنته ليلي(١٥) ليطمئن عليها فيجدها مازالت مستيقظة. 

مراد: انتي لسه صاحية يا ليلي؟

ليلي: مابيجليش نوم غير لما بتيجي يا بابا بخاف اغمض عيني وانا لوحدي( بحزن) الله يرحمها ماما معرفتش الخوف غير بعد ما ماتت. 

مراد(بصوت يقطر حنيناً) : الله يرحمها

يجلس مراد بجوارها علي السرير، ويحيطها بيدها.

مراد: ليلي... حبيبتي الخوف ده سجن لو سيطر عليكي مش هاتخرجي منه ومش هاتقدري تعيشي لحظة واحدة في حياتك بسعادة، أو قلبك يدق من غير ما تحسي بوجع.

ليلي(مداعبة): بتقول كده طبعاً عشان ظابط ومابتخفش.

مراد: مين قالك إني مبخافش؟ أوقات كتير مش بخاف لا بترعب! بس في اللحظة المناسبة بسيطر علي نفسي عشان اقدر اتصرف، لأن الخوف بيعمي ويغير الحقايق وبيخلي العقل مشلول، وساعتها الاوهام تخلي الواحد مش في وعيه ويتصرف أسوء التصرفات و.... 

ينتبه أن ليلي نامت في حضنه. 

يبتسم ويطفئ المصباح ويخرج من الحجرة. 

قطع

















م/٢٣                                                  شارع                                               ل/د


لقطة لخمارة مكتوب عليها واجهتها "خمارة دنيا"، ونسمع صيحات طرب وغناء وضحكات من الداخل، والمارة في الخارج يتجنبون المرور من أمامها، وفي الدور العلوي عدة مشربيات. 

قطع


























م٢٤                                           الخمارة                                                        ل/د


الخمارة صالة واسعة للرقص والطاولات والبار، يعلوها دور آخر به عدة غرف للبنات العاملات، تستخدم في المبيت وأعمال الهوي. 

رجل يشرب البوظة تجاوره فتاة مبالغة في المكياج. 

عدة مساطيل يهللون وعدة فتيات متناثرات بين احضان الزبائن.

الحركة تهدأ عند ظهور قمر بملابس الرقص) ٢٧) سمراء الملامح ريانة الجسد مثيرة لها جمال أخاذ ملامحها مصرية قد تكون خارجة من أحد النقوش الفرعونية، والكل ينظر ناحيتها.

مسطول1:ياما ضيعت جدعان، بس تستاهل عمري كله وأدوق. 

مسطول2:لم لسانك يا جدع إنت مش عارف بقت ملك مين؟!

مسطول 1: مين يعني يا أخويا المارشال ولسلي؟!

مسطول2:لا وانت الصادق، بقت بتاعت الفتوة الطرابيلي اللي لو سمعك هايعلقك من لسانك.

مسطول ١(مرعوب): يا نهار اسود!

يدفن رأسه في البوظة هارباً ويشرب بنهم.

قمر ترقص علي أنغام شرقية. 

في منتصف الرقصة يظهر الطرابيلي ومعه أعوانه(٤٠)مفتول العضلات، يحمل نبوتاً غليظاً. 

يجلس وهو ينظر إلي قمر باشتهاء، بينما قمر تمنحه ابتسامة. 

تدير وجهها فتنقلب سحنتها للبؤس، الرقصة أقرب للباليه منها للرقص الشرقي، حركاتها تعبير عن محاولة انفلات من سجن ما، سجن الموت عند آدم والخوف عند ليلي والطرابيلي عند قمر.،تختتم الرقصة باستلقائها بانهزام وانكسار.

دنيا صاحبة الخمارة والمعلمة الكبيرة(٥٥) تنظر إلي قمر بحزن وتعاطف وقد فهمت معني رقصتها. 

تخفض بصرها إلي الأرض مكسورة منهزمة وتعود بالذاكرة.

فلاش باك










م/٢٥                                    نفس الخمارة(الصالة+حجرة فوقية)                                       ل/د


قبل ٢٧عاماً، دنيا ترقص في نفس المكان، لكن رقصها سوقي يعتمد هز الجسد، فترتفع أصوات الرجال استحساناً. 

يمضي الوقت...تخفت الأضواء وينصرف الزبائن. 

تجري احد البنات إلي دنيا.

البنت: إلحقي يا ست دنيا دلال بتولد.

تجري دنيا معها إلي الأعلي.

تدخل الحجرة فتجد دلال أم قمر تعاني من آلام الوضع. 

تساعد دنيا مع النساء الموجودات في توليدها. 

حين تخرج قمر للحياة ، تحملها لذراعي دلال. 

دلال(هامسة بوهن شديد) : قمر... سموها قمر.

دنيا: انتي اللي هاتسميها وتربيها.

دلال لم تسمعها وقد دخلت في عالم آخر.

دلال: يا عيني يابنتي هاتعيشي في الدنيا أم ناب ينغرز في اللحم مايطلعش غير ومعاه الروح من غير لا أم ولا أب... أبوكي الندل نكرك بعد ما عرف إني حامل، خلي بالكوا منها... خلوا بالكم من قمر.


تدرك دنيا أن دلال تحتضر، فتحمل عنها الطفلة، تموت دلال وسط بكاء النساء اللواتي اصطبغت مساحيقهن بدموعهن. 

دنيا: نصيبك يا قمر...ومفيش في النصيب يا ريت. 


نهاية الفلاش باك









م/٢٦                                    الخمارة                                                                      ل/د

يصفق الطرابيلي وتقلده حاشيته.

الطرابيلي(ضاحكاً(: مرا تحل من علي حل المشنقة، بس  بتعمل حركات غريبة مش فاهمها، مفيش هزة كده ولا نطة كده، ولا ترقيصة بطن كده، بترقص زي الخواجات. 

تضحك حاشيته مجاملة له.

تشير دنيا إلي قمر بالذهاب إلي الطرابيلي. 

تذهب إليه قمر وعلي شفتيها ابتسامة مصطنعة.

قمر:مساء الخير يا معلم طرابيلي

الطرابيلي (يقلدها): مساء الخير يا معلم طرابيلي(للحاشية) مش باقولكم شبه الخواجات يا جدعان، مكانش ليها حق دنيا لما وديتها لهم  يعلموها... والنبي عسل تعالي علي حجري.

يجذبها الطرابيلي لتجلس علي حجره يضغط علي جسدها، ويغير لهجته لتصبح جافة وقاسية  القسوة و إهانة الغير تثيره جنسياً

الطرابيلي: هي مكانتش عارفة إنك هاتطلعي عالمة تربية مواخير وخمارات زي المرحومة أمك(ساخراً) لسه برضه ماتعرفيش اسم ابوكي عشان نتشرف بمعرفته. 

يضحك فتجاريه حاشيته.

يدفع قمر امامه فتسير مقهورة تعرف نهاية كل هذا، وليس بجديد عليها، تصعد إلي حجرتها ويسير خلفها الطرابيلي وسط تصفيق الحاشية.

الحاشية: ليلتك شمعدان يا معلمة

يدخل الطرابيلي الحجرة مختالاً ويصفق الباب خلفه بعنف.

قطع














م/٢٧                                         شارع شعيي                                                ن/خ

يتجمهر عدد كبير من الفقراء حول عربة آدم الذي يوزع بمساعدة عبد الوهاب المال علي المحتاجين.

عبد الوهاب(لأحدهم) :إنت يا راجل إنت تالت مرة تاخد، اختشي بقي علي دمك وامشي كفاية اللي لهفته. 

آدم: سيب كل واحد ياخد اللي عايزه، الخير كتير كنت نادر يوم ما أرجع مخليش حد محتاج(للجميع بصوت عالٍ) عايز كله يروح مجبور الخاطر. 

الجميع يدعو له.

قطع
























م/٢٨                                         الخمارة(حجرة قمر)                                                 ن/خ


تفتح دنيا الباب فتجد قمر تبكي بقهر ومذلة، وحين تدخل تنفجر قمر. 

قمر: تعبت من البغل ابن الكلب ده اللي ممرر عيشتي كل يوم، زهقت منه ومن طلباته الوسخة زيه، يا تشوفي حل فيه يا إما هاحرق نفسي بجاز واريح نفسي منه ومن الدنيا كلها. 

تربت عليها دنيا مواسية.

دنيا: الصبر. 

قمر: الصبر علي إيه ولاإيه، أنا خلاص فاض بيا من الهم اللي رضيت بيه وهو مش راضي بيا. 

دنيا: بكرة تفرج يا قمر. 

قمر:امتي؟! امتي؟! 

قطع





















م/٢٩                                                        شارع                                                   ن/خ


يري آدم وهو في عربته التي تتهادي في الطريق قمر ساقطة علي الأرض تتلوي من ألم في ساقها اليمني. 

يحيط بها بعض الناس منهم من لا بهتم سوي بالفرجة علي ساقيها. 

يوقف العربة ويهبط منها ويشق طريقه نحوها يتبعه عبد الوهاب. 

بمجرد أن يقترب منها تشتعل في نفسه جذوة إعجاب وشهوة مكتومة... امرأة جميلة بعد انغماس في العمل ١٠سنين.


آدم(لمن حوله) :حصل إيه؟

رجل: السوارس خبطتها.

السائق: وحياة ولادي يا بيه ماليا ذنب هي اللي ماشية تايهة مش داريا بسما ولا بأرض.

قمر(شاعرة بالذنب): عنده حق أنا اللي غلطانة. 

العربجي:الله أكبر فوتكوا بعافية. 

يجري نحو عربته وينطلق. 

يحمل آدم قمر ويتجه بها إلي عربته.

آدم: ساكنة فين؟ 

قمر(بخجل وصوت خافت):خمارة دنيا. 

رد فعل ممتعض علي وجه عبد الوهاب. 

يصعد آدم عربته ويضع قمر داخلها بحرص. 

قطع














م/٣٠                                                       أمام الخمارة                                             ن/خ


تقف العربة ويهبط آدم حاملاً قمر. 

ويتجه بها نحو الخمارة، فيرتاع عبد الوهاب. 

عبد الوهاب: يا آدم بيه انت عارف رايح فين؟ 

 (بحسم) :رايح أعالج مريضة. 

يدخل آدم إلي الخمارة. 

عبد الوهاب: الله يرحمك يا باشا، لو  شوفت ابنك داخل خمارة دنيا اللي اسمها مترطرط في البر كله كنت رجعت القبر تاني هربان من العار. 


قطع





















م/٣١                                                      الخمارة                                                   ن/خ


الخمارة خالية من الرواد فلم تبدأ عملها بعد.

يظهر آدم حاملاً قمر، وعندما يراهما البنات ودنيا يتجمعون حولهما في لهفة وقلق. 

دنيا: إيه اللي حصل يا سيدنا الأفندي، مالها قمر. 

آدم: بسيطة ما تقلقيش،هي فين أوضتها؟

تجري شوق(١٧) ساذجة المظهر والتفكير برعب ولهفة نحو قمر وهي تولول. 

شوق: يالهوي ياست قمر، يا حنينة عليا ايه اللي صابك يا اختي، يا زينة الستات يا صغيرة. 

دنيا(لشوق):بت اكتمي خالص ولو سمعت حسك هاديكي علي بوزك اخلي شفايفك تشلب دم(لآدم) اتفضل يابيه. 

تقوده للأعلي. 

آدم مستمتع بوجود قمر في أحضانه. 

قطع




















م/٣٢                                  حجرة قمر                                                         ن/د


ينتهي آدم من دهان ساق قمر التي سكنت آلامها، ومازالت نظرات آدم تشي بشهوة مكبوتة تجاه قمر. 

تلحظ ذلك دنيا بخبث خبيرة في هذه الأمور. 

آدم: كدمات بسيطة علي بكرة تكوني بقيتي احسن.

شوق:حسدوكي يا ست الستات إلهي عينهم تندب فيها رصاصة من بتاع بنادق الإنحليز عشان ده مابيخيبش!

تنظر لها دنيا أن لا فائدة ويضحك آدم من طريقتها

آدم(لقمر) : ياريت المرة الجاية تخلي بالك وانتي ماشية. 

يسرح في وجهها للحظات كي يشبع منه. 

يفيق لنفسه ويتشاغل بإخراج ساعته والنظر فيها. 

تقع عين قمر علي الساعة، أنيقة ومزخرفة وتحمل حرف A. 

آدم: عن إذنكوا. 

قمر: استني يا حكيم... اسمك إيه؟ 

آدم: آدم... آدم بركات. 

يخرج آدم مسرعاً هارباً من تأثيرها. 

قطع
















م/٣٣                                                القصر(المطبخ)                                     غ /د


طباخين مستأجرين وحليمة وسنية يعملون استعداداً للحفل. 

القدور فوق الموائد تغلي. 

حليمة تقطع الخضروات وسنية تساعدها

سنية: ألا هو يا امه آدم بيه من ساعة ما رجع من برة مش باين في القصر ليه؟ 

تنظر حليمة لسنية كأنها تنظر لأعماقها وتكشف خباياها الدفينة. 

حليمة: في المعمل بتاعه اللي في البدروم، ومالكيش دعوة بيه يا سنية وخليكي في حالك. 

سنية: مالك يا امه هو السؤال حرم! 

حليمة: لا يا بت حليمة ماحرمش بس اللي في دماغك ده هو اللي حرم. 

تضطرب سنية. 

سنية: هو إيه ده اللي في دماغي؟ 

حليمة: يا بت ده امك اللي ولداكي وعجناكي وخبزاكي وحاسة بكل نفس بتطلعيه، وافهمك من نظرة، لا افهمك وانا مغمضة، وباعيدلك للمرة الألف انا وابوكي كنا عبيد عند بركات باشا ابو آدم، ولما جناب الخديوي أفندينا إسماعيل الله يرحمه ويبشبش الطوبة اللي تحته راسه لغي العبودية، ناس ياما في القصر هنا اتحررت وراحت لحال سبيلها، مفضلش غير أنا وابوكي مكانش لينا حد، وابوكي ماكنش له حيلة، فضلنا هنا خدامين، ماتخليش المعاملة الطيبة تنسيكي وضعنا احنا خدامين وهم اسيادنا، انتي لسه صغيرة بكرة تفهمي إن الدنيا دي عبارة عن خدامين وأسياد والاتنين مستحيل يتقابلوا وهاتفضل كده ليوم الحشر، قبل كده محدش هيتساوي باللي فوقه. 

تستمر سنية في تقشير الخضروات بغيظ. 

قطع








م/٣٤                                         معمل آدم                                                    غ/د


المعمل كبير جداً يحتل مساحة البدروم كاملة، مجهز بمكان للنوم ومكتب وطاولة واسعة عليها أحدث الأجهزة العلمية التي وجدت في نهاية القرن العشرين

آدم وسط الأدخنة والأبخرة يرتدي سترة ونظارة للحماية، يدق الباب. 

آدم: ادخل. 

يدخل عبد الوهاب. 

عبد الوهاب: حكمت هانم بعتتني عشان انبهك لميعاد الحفلة. 

آدم: يااه ده انا نسيتها خالص، حضر لي البدلة وانا جاي حالاً. 

عبد الوهاب: أوامرك يا بيه. 

قطع

















م/٣٥                                                  القصر(البهو)                                                 ل/د


يزدحم البهو بصفوة المجتمع المصري، نري اناقة البشاوات والهوانم، والبذخ الذي يعيشون فيه. 

البعض يرقص. 

وبعضهم جالس. 

وآخرين وقوف يتحدثون ويضحكون. 

الفرقة الموسيقية تعزف أحد ألحان الرقص الهادئ.

تظهر يسر (٢٠)فتاة رقيقة وحالمة، بيضاء اليشرة  ولها شعر أشقر ناعم، مع والدتها هناء هانم وأبيها يونس باشا.

من بعيد نري حكمت هانم تشير لآدم بعينيها ليسر.

حكمت: خد بالك، دي يسر بنت في منتهي الذوق والرقة، ومن عيلة واخلاقها فوق الممتازة، تعالي نسلم عليهم.

تتجه حكمت ناحيتهم يتبعها آدم. 

تصل لهم تعرف آدم بهم.

حكمت: يونس باشا ناظر الحقانية.

آدم: تشرفنا يا باشا

يمد يده بالسلام.

حكمت: هناء هانم، حرمه.

ينحني ويقبل يدها.

آدم: أهلا يا هانم.

حكمت: والجميلة ده بقي يسر، بنتهم الوحيدة.

تنظر حكمت لهناء نظرات معبرة تقول أن الزيجة وتلك المقابلة بترتيبات مسبقة منهما.

حكمت: نروح احنا بقي نقعد ونسيب الشباب يرقصوا مع بعض.

تنسحب مع حكمت ويونس.

آدم يرقص بصمت لا يجد ما يقوله، الصمت محرج لكليهما، تنقذ يسر الموقف.

يسر:سمعت إنك قعدت عشر سنين في أوروبا... مش فترة كبيرة شوية؟

آدم: بالعكس دي فترة قصيرة جداً بالنسبة لي.

يسر: بس كتير سافروا ودرسوا الطب ومقعدوش حتي نص المدة دي، ورجعوا وأسسوا حياتهم.

آدم: ده لو كنت عايز اكتب وصفات تتشري من الاجزخانة، او اولد الحوامل... دي حاجات مهمة بدون شك، وخصوصاً إن الطب بمفهومه الحديث جديد في مصر بس انا كان طموحي أكبر من كده وماستخسرتش فيه سنين عمري.

يسر: وإيه هو؟

يتحدث آدم باريحية ونشعر إنه ارتاح ليسر.

آدم: إن الحياة قبلي تبقي غير الحياة بعدي.

يسر:ده غرور

آدم:ده حلم مشروع.

يسر: طب إزاي؟

آدم: ماهو عشان أعرف ازاي قعدت عشر سنين في أوروبا.

يسر: وعرفت؟

يغير آدم الموضوع ويحوله لدعابة.

آدم: يظهر إني لسه عايز عشر سنين كمان!

تبتسم يسر برقة، فيبادلها آدم الابتسام.

نلمح هناء وحكمت وهما ينظران إلي آدم ويسر ثم إلي بعضهما برضا.

بجوارهما يونس مندمجاً في حديث جانبي.


يونس: خدنا ايه من هوجة عرابي غير الخراب والاحتلال، وده نموذج لما الفلاح المصري تدي له سلطة مايجيش منه خير أبداً.

باشا ١(مؤكداً) :وآديه قاعد في سيلان مع اصحابه لا طالوا بلد حرة ولا طالوا بلد من اصله.

شاب:عرابي رغم اخطاؤه كان وطني عظيم، وكان هدفه الدفاع عن مصر وكرامتها، وهو وزمايله قدموا ارواحهم بشجاعة.

باشا2:الشئون الخطيرة محدش بيتعامل معاها بالنوايا يا ابني، وآدي مصر وكرامتها تحت رحمة العساكر الآنجليز وغيرهم من الأجانب اللي مايساويش بارة في بلده ييجي هنا يدوس عالرقاب.

آدم ويسر مايزالا يرقصان بانسجام، ولثوان يتخيل آدم أنه يرقص مع قمر، تستكمل يسر حديثها فينتبه آدم.

يسر:بابا كل سنة يعشمني اننا نزور اوروبا، بس كل مرة تطلع له حاجة تمنعه.

آدم: وعايزة تشوفي ايه في أوروبا؟

يسر(حالمة): كل حاجة قريت وسمعت عنها، فرنسا زي ما صورها هوجو في رواياته، ولندن اللي حكي ديكنز عنها، وعشاق المانيا زي فيرتر.

تخجل من ذكرها سيرة العشق فيتأمل آدم خجلها الجميل.

آدم: بس فيرتر انتحر.

يسر: مش بيقولوا ومن الحب ما قتل.


حكمت واقفة تتحدث مع إحدي الهوانم. 

فجأة تصاب بالدوار. 

تسقط علي الارض. 

يحدث هرج في الحفل ويهرع آدم نحوهها تتبعه يسر. 

قطع




























 

م/٣٦                                القصر(حجرة حكمت)                         ل/د


حكمت راقدة علي السرير. 

يفحصها الطبيب، في حضور هناء ويسر وحليمة، وآدم مهتاج.

الطبيب: الحالة ماتطمنش يظهر إنها كانت تعبانة ومقالتش لحد.

حليمة(باكية):كنت حاسة بيها وحذرتها، كانت تقولي لما ابني يرجع هو اللي هايداويني. 

آدم:عندها ايه؟

الطبيب: قلبها تعبان.....

يتحدث الطبيب وآدم غائب الذهن  يسترجع صورة شارلوت المحتضرة، ويراها علي السرير مكان أمه... لقد ظهر عدوه من جديد... الموت، ويستعيد انتباهه مع العبارة الأخيرة. 

الطبيب: ومع العناية اللازمة الأمل في ربنا كبير.

يسر تنظر لآدم في حزن وتعاطف. 

يخرج آدم من الحجرة صامتاً.



قطع













م/٣٧                                          القصر (المعمل+الحديقة الخلفية)                                    ل/د

يجلس آدم علي مقعد في مواجهة زجاجة الإكسير الموضوعة علي الطاولة، بجوارها ساعته تقترب عقاربها من الحادية عشر ينظر لها بتمعن.

يقوم.

يدور حولها.

يشاور عقله.

 يمد يده بتردد. 

تنتابه لحظة شجاعة متهورة، يقبض علي الزجاجة، يفتحها.


آدم (للزجاجة) : لحظة واحدة... قرار واحد... يا إما تخليني أعيش ويعيش معايا الناس، يا إما..... 

يبتلع جرعة. 

بعد لحظات يتغير وجهه بالتدريج، تنقلب سحنته وهو يصرخ من الألم وتتمزق ملابسه، ونري الغريب وهو يولد وسط صيحات وآلام آدم. 

رجل في غاية الوسامة والقوة، علامات الصحة والنضارة تكسوه يبدو قادراً علي كل شئ، في عينيه نظرة خبيثة شيطانبة، عيناه مؤثرتان للغاية متألقتان ببريق خلاب. 

يتحسس جسده القوي الفارع غير مصدق بوجوده، يضحك بسعادة نري انعكاس صورته مشوهاً علي الزجاجة. 

يتجه ناحية الباب الخلفي للمعمل. 

يفتحه ويخرج. 

يخرج الغريب من الباب المخفي من الخارج، بفعل أغصان الشجر الملتفة امامه، والنباتات التي نمت حوله. 

ويقفز علي السور قفزة مرتفعة يعجز الإنسان العادي عن فعلها. 

ويصبح في الشارع. 



قطع










م/٣٨                                     شارع                                                ل/د


في طريقه للخمارة يري رجلا في نفس طوله، يرتدي عباءة  جميلة ولاسة فخمة، فينظر لملابسه الممزقة. 

يتجه ناحية الرجل، ويسد عليه الطريق وهو يحدق فيه بعينيه المحملتين بالكراهية والحقد، تسري قشعريرة في بدن الرجل فيتجمد خوفاً. 

الغريب: اقلع. 

الرجل( يتهته رعباً) : بس... يعني.... 

ينقض الغريب بيده علي ذراعه ويعتصرها. 

الرجل (صارخاً) :آه... حاضر. 

يخلع العباءة باستسلام وخضوع ويعطيها للغريب. 

الغريب: واللاسة. 

يخلع اللاسة، ياخذها الغريب ويفلت قبضته. 

يفر الرجل بحياته. 

ينزوي الغريب في ركن مظلم. 

يستبدل الغريب ملابسه الممزقة بالعباءة ويربط اللاسة. 

يسير علي ضوء أحد المشاعل المنيرة فنراه في يتوهج من النار. 


قطع












م/٣٩                        خمارة دنيا (الصالة + حجرة قمر)                                         ل/د

الطرابيلي ورجاله في صخبهم المعتاد بضحكون علي النكت التي يقولها شلبي. 

شلبي: بيقولك مرة واحد غبي قوي، أبوه قاله قوم اعمل لي كوباية شاي تقيلة، قاله تعالي شيلها معايا.

يضحكون. 

شلبي: مرة واحد بخيل قوي، دخل علي مراته لقيته مكشر وزعلان زي اللي ميت له ميت، مراته قالت ليه مالك يا راجل كفي الله الشر حصل ايه؟ قالها سيبيني دلوقت انا مش طايق هدومي، قالت ايه قول سيبت ركبي، راح قايلها الأجزاخانجي اللي تحت هايوزع إسبوع بحاله دوا ببلاش ولا انا ولا انتي عيانين.

يضحكون أثناء دخول الغريب، الذي يجلس علي مقربة منهم ويصله صوتهم.


شلبي: اسمعوا دي آخر حاجة وصلتتي (يتحمس الجميع وينصتون له بتركيز) بيقولك مرة واحد اتنين تلاتة (ينغم العدد ويتراقص) اربعة خمسة ستة.

يقومون يريدون الفتك به بينما هو يهرب منهم. 

يمر أمام السلم الذي تنزل منه في نفس اللحظة قمر وهي تتحامل علي ساقها، بجوارها دنيا. 

دنيا: الضحك مايجيش بعديه غير الهم... هم لما يزيحهم، قاعدين واكلين شاربين نايمين بلوشي ومخوفين الناس من الخمارة لما قربوا يخربوها ويشردونا.

يلقي الطرابيلي نظرة علي قمر، فيجدها تجر ساقها. 

الطرابيلي: يا سلام... هاترقصي لنا الليلة رقصة العرجة. 

يضحك مع رجاله. 

تجلس قمر علي احد المقاعد. 

قمر: تعبانة يا معلم، رجلي متصابة. 

الطرابيلي ( مستاءً): يعني مفيش رقص؟! (يقوم) طب يلا اطلعي علي فوق؟! 

قمر (خائفة منه اكثر من كونها مصابة فعلاً) : إزاي بس يا معلم، ما أنت شايف؟! 

الطرابيلي (غاضباً يرفع يده عليها) بتعصيني.

يكاد يصفعها، لكن الغريب يعاجله بضربة علي الرأس يسقطه أرضاً. 

تلتحم عصابة الطرابيلي مع الغريب في معركة هائلة. 

تهرب قمر ودنيا لركن بعيد. 

دنيا تلطم وهي تري مالها يضيع وممتلكاتها تنكسر. 

يقوم الطرابيلي ويمسك نبوته ويهوي به علي الغريب الذي بتفاداه بسرعة مذهلة يستغرب لها الحاضربن. 

شاعراً بقوته يهجم الغريب علي الطرابيلي وعصابته. 

يجتمعون عليه كرجل واحد لكنه يتخلص منهم وتسفط لاسته

يمسك الطرابيلي من رقبته ويخنقه يريد قتله، لكن شئ ما يمنعه... آدم يقاوم داخل الغريب. 

يرخي قبضته فيسقط الطرابيلي فاقداً للوعي، ويهرب رجاله. 

تلتقط قمر اللاسة الساقطة علي الأرض و قد نسيت آلام ساقها وإن كانت ماتزال تجرجرها. 

وتضعها علي كتفي الغريب معجبة بوسامته الشديدة، وقوته. 

والزبائن التي تبقت في الخمارة تتهامس وتشير للغريب. 

قمر: تسلم يا.... 

الغريب (مفكراً في اسم) :الغريب. 


قمر:تسلم يا سيد الناس (لمن حولها وهي تنظر للطرابيلي الملقي علي الأرض) أما صحيح يا خلق، الواحد من دول يمشي عامل عشر رجالة في بعض واسمه يهز أجدعها شنب، إنما ساعة ماتيجي اليد اللي تمسح لمعته العيرة يبان مصدي. 

رجل١: كان واخد الفتونة بالغدر لما قتل معلمه فوق الجبل في الخفا، ودلوقت كل العيون كاشفة خيبته. 

رجل٢: جبان... يستاهل يا اما ظلم وافتري علي الأهالي، محدش سلم منه. 

دنيا: خلاص كلكوا بقيتوا رجالة ومش خايفين، من ساعة واحدة بس، مكانش حد فيكم يقدر يبص في عينه. (للعاملين) شيلوه من هنا. 

يتقدم اثنان من السقاة، يحملون الطرابيلي ويلقون به خارجاً، في بركة من الوحل. 


حجرة قمر... قمر ممددة علي السرير شهية متفجرة الأنوثة، فوقها الغريب، هي من تحتضنه في حب، وتشعر بقوته العجيبة التي تتبدي علي قسمات وجهها الذي يتجلي فيه شعوري الآلم كأن روحها تزهق والمتعة كأنها تعود من جديد. 













م/٤٠                                      القصر( حجرة حكمت)                                      ص/د


تفتح حكمت عيناها علي صوت نقرات المطر بضرب زجاج نافذتها. 

تبدو أفضل حالاً من الليلة السابقة، تنظر لقوارير الدواء الموجودة بجوارها وتتنهد ناظرة للسقف. 

تقوم وتتجه للنافذة وتنظر للخارج

 السحب كثيفة والأمطار غزيرة والسماء سوداء وغاضبة. 


قطع






















م/٤١                                              مكتب الصاغ مراد                                             ص/د


مراد امام النافذة يشاهد الناس وهم يجرون هرباً من الأمطار والرياح، ويبدون من فوق صغار جداً، يعبرون عن ضآلة الجنس البشري في مواجهة غضب الطبيعة. 

تتزايد الرياح. 

فيتأكد مراد من إحكام النافذة.

 يتراجع للداخل.



قطع






















م/٤٢                                   خمارة دنيا (الصالة +حجرة نوم قمر)                                   ص/د

العاملون في الخمارة ينظفون آثار معركة الليلة السابقة والأجواء بهيجة لخلاصهم من الطرابيلي وعصابته. 

  دماء وزجاجات خمر مكسورة تجمع. 

بضعة نبابيت تمسك تلتقط فتاتان اثنتين منهم، ويمثلان أنهما يتعاركان

 تضرب واحدة منهما الأخري علي وسطها مداعبة فتتأوه الفتاة ضاحكة. 

تدخل دنيا بوجه متفائل، وتخاطب البنات بود.

دنيا: يلا يا بنات، يلا يا حباببي  شهلوا كلكم، عايزة الصالة تبرق والحيطان تزغرط، إحنا داخلين علي أيام جديدة، عهد جديد علي رأي الأفنديات (تحمل النبوت من إحدي الفتيات وتنظر له في سعادة) خلاص اللي كان علينا بقي في إيدينا.

حجرة قمر... الغريب مستلق علي السرير، يغط في النوم.. 

 وقمر بجواره منتعشة بالليلة الماضية تراقبه ورأسها يموج بالأحلام. 

يفتح  عينيه فيجدها تنظر له، يبتسم فتبادله الابتسام. 

الغريب مختلف مع قمر تختفي من عينيه النظرة الخبيثة وتحل نظرة مختلفة. 

قمر: صباح الخير عاللي مخلي قلبي مرفرف زي الطير. 

الغريب: كل ده عشان ريحتك من الطرابيلي. 

ينقبض وجه قمر. 

قمر: وحياتك  ما تجيب سيرته تاني، ده كان غمة وانزاحت ومش عايزة افتكره تاني لحد ما اموت (تتحسس صدره) مفيش غيرك إنت اللي ينفع فتوة ياخد الفتونة. 

 يقبلها، وينهض كي يرتدي ملابسه. 

الغريب: صبرك عليا... بكرة المحروسة كلها تبقي في إيدك (مداعباً) ونسميكي السلطانة قمر خاتون. 

تحتضنه قمر في سعادة شاعرة ربما لأول مرة في حياتها بكرامتها. 

بمجرد انتهاؤه من ارتداء ملابسه، يشعر بنوبة التحول تطرأ علي جسده. 

يقفز مسرعاً من النافذة.

تنظر له قمر وهو يركض في الشارع كالممسوس حتي يختفي. 

تجلس علي الأريكة، وقد انقبض قلبها من جديد. 



قطع





م/٤٣                                    القصر( الحديقة الخلفية + المعمل)                                       ن/خ


يقفز الغريب علي السور وهو في آخر لحظات التحول. 

وقبل أن يسقط علي الأرض داخل السور، يتحول إلي آدم، فيتأوه من السقطة وتؤلمه بشدة. 

ويسير ممسكاً بضلوعه متألماً، والعباءة واسعة ومضحكة عليه ويجري مهرولاً متعثراً نحو الباب الخلفي للمعمل بشكل يثير الرثاء. 

يدخل إلي المعمل وينظر لساعته التي تشير للعاشرة. 

آدم( مهمهماً) :اتناشر ساعة... اتناشر ساعة.... المفعول اتناشر ساعة. 

يتهاوي من الإنهاك علي الأرض. 


قطع





















م/٤٤                                      غرفة مشعوذ                                                           ل/د


غرفة إضاءتها مخيفة، ممتلئة بصور دمي بشعة المنظر تثير الرهبة والفزع، دمي ضاحكة، باكية، صارخة

 في أحد الأركان تجلس سنية أمام مشعوذ قصير القامة، طويل اللحية. 


المشعوذ: قولي يا صبية عاللي شاغل بالك، ومخلي ليلك نهار ونهارك ليل. 

سنية (خائفة ومحرجة لا تدري ما تقول) : واحد... واحد... قصدي يعني... 

المشعوذ (يشهق) :آه... واحد...يعني راجل... يبقي المراد مفهوم... اسمه واسم أمه؟ 

سنية (مضطربة مما أوقعت نفسها فيه) : بس مش عايزة أذي... يسيب بس خطيبته... عايزاه يحبني ويتجوزني. 

يبرق لها بعينيه صامتاً فتطيعه بخوف. 

سنية: اسمه آدم وأمه اسمها حكمت. 

يسلمها حجاب. 

المشعوذ: تحطي ده تحت مخدته، تصبحي حرمته وقلبك يبقي سكته. 

تمسك سنية الحجاب وتضمه إلبها بأمل وقد غزتها الأحلام. 


قطع














م/٤٥                                                 الخمارة (حجرة دنيا)                                          ل/د

دنيا علي سريرها تلعب بأوراق الكوتشينة. 

قمر بجوارها، تخيط لاسة جديدة لونها أزرق. 

تشعر بالعبث فتدفع اللاسة بعيداً. 

قمر: إسبوعين، لا حس ولا خبر. 

دنيا: مهما غاب هايرجع، زي ما ظهر فجأة هايرجع تاني فجأة. 

قمر (تفكر في عبارة دنيا) :صحيح... ده لا حد يعرفه ولا عمره شافه، بس هو عارف الكل... مش غريبة دي؟ 

دنيا (ضاحكة) :لا يا اختي مش غريبة ده غريب! عشان بس واحشك دماغك عمالة وتجيب....لما ييجي اتجدعني انتي معاه الرجالة بتملك الدنيا، والستات بتملك الرجالة.

تجاريها قمر بابتسامة لا تفلح في إخفاء قلقها. 


قطع




















م/٤٦                                               قصر يسر (صالون )                                           ل/د


يسر جالسة علي الأريكة واضعة يدها علي خدها. 

تدخل عليها أمها، فتجفل يسر

هناء: هانبتدي بقي سرحان وهيام يا ست هانم من دلوقت؟ 

يسر: سرحان عن سرحان يفرق يا ماما. 

هناء (وهي تجلس) :لا يا حبيبتي اللي أعرفه إن البنت المخطوبة مابتسرحش غير في خطيبها، وتقعد كده تحلم وتتخيل حياتها معاه. 

يسر (تصارحها) : مش عارفة يا ماما... آدم ده غريب قوي، حاسة إن فيه جواه حاجة بتعذبه وخايفة تكون الحاجة دي أنا، حاجة بتنهش فيه وهو ياعيني مش قادر حتي يقول آه، كأن حد محبوس جواه أو هو محبوس جوا حد. 

هناء: إنتي بتقولي ايه يا بنتي أنا مش فاهمة حاجة؟!... هو يا حبيبتي صدر منه حاجة؟ قالك حاجة زعلتك؟ 

يسر: أبداً، دايماً الإبتسامة علي وشه، عايز يقولي إنه سعيد وإن الحياة وردي، بس عينيه مطفية. 

هناء: ياما الواحدة مننا في بداية حياتها بتتوهم حاجات، لحد ما تتعودوا علي بعض. 

يسر(بين الأمل واليأس) : ياريت يا ماما... ياريت. 

قطع
















م/٤٧                                            منزل زين (الصالة)                                                غ/د


يجتمع علي مائدة الطعام زين وزوجته الحامل دلال، مع مراد وابنته ليلي، يتناولون العشاء

ينتهي مراد من الأكل. 

مراد (وهو يقوم ليغسل يديه) : الحمد لله. 

زين: هو انت لحقت تاكل يا افندم؟

دلال: يظهر إن أكلي المرة دي مش علي هواه. 

مراد: أبداً يا ست دلال، بس الواحد يقوم من عالأكل خفيف أحسن. 

تنهض ليلي، ويتجهان نحو الإبريق وتصب علي يديهما الماء تباعاً..

أثناء ذلك تقوم دلال بتثاقل الحامل  لجمع الأطباق بينما ليلي تنتتهي من صب الماء.

 تهرع لها ليلي، في الوقت الذي يذهب فيه مراد وزين لمكان آخر يدخنان. 

ليلي: خليكي انتي مرتاحة يا ابلة، أنا هاقوم أشيلهم. 

دلال: بس ما يصحش. 

ليلي (تضحك وهي تحمل طبقين) : هو إحنا بقينا غرب، ده أنا بقيت باقعد معاكي هنا، أكتر ما بقعد في بيتنا. 

تتجه ليلي نحو النملية. 

دلال: والنبي يا ليلي إنتي مونساني وواخدة بحسي، إحنا كان لازم نعمل كده من زمان وتيجي تقعدي معايا، بس عمك زين هو اللي خد باله من الحكاية دي، وقال لسي مراد. 

تعود ليلي وتحمل بقية الأطباق ثم تتجه للنملية مجدداً، تتبعها دلال، وينشغلان بالتنظيف والترتيب وإعداد الشاي. 

مراد: الجدع اللي ضرب الطرابيلي ده لسه برضه ماظهرش، محدش يعرف له مكان؟ 

زين: أبداً يا فندم زي ما يكون اتبخر في الهوا، والطرابيلي من ساعتها هايج وبقي يا قاتل يا مقتول، من ساعة ما اتدغدغ هو ورجالته مش قادر يدخل الحتة كلها... علي الله يموتوا بعض ونخلص منهم. 

مراد (يضرب بقبضته علي الطاولة) :الخلاص مش هايتحقق غير لما يخضع الكل لقوة القانون، وميزان العدالة يبقي الحكم، مش النبوت والزقلة والكرباج... الفتوات حوالينا في كل مكان، بس تحت أسماء تانية، وكلها بتأدي لمعني واحد القوي يدوس الضعيف. 

زين: بس برضه فيه فتوات جدعان. 

مراد: نقطة في بحر. 

ليلي( وهي تضع الشاي) :كفاية كلام في الشغل يا بابا. 

دلال :قولي لهم يا اختي، وهو ده أي شغل، ده هم ما يتلم ده أنا ساعات ركبي بتسيب لما بسمعهم. 

زين (محاولاً إرضائها) :خلاص يا أم ياسين، بس خلي بالك من نفسك. 

يبتسم مراد لخوف زين من وعلي زوجته. 

ويشرب من الفنجان. 

قطع


  م/٤٨                                             القصر( المعمل)                                                 ل/د

الإضاءة مظلمة وكئيبة، شمعة وحيدة تجعل كل الاشياء تبدو كانها خيالات وهمية لا وجود لها. 

يجلس آدم علي أرضية المعمل محاط بشعور الغربة والضياع.

يسمع اصواتاً تهمس من حوله.

ويري ظلالاً تتحرك وينظر حوله برعب. 

ص. الغريب: ماوحشكش شعور القوة والسيطرة، الوسامة اللي تغري الستات، والسلطة اللي تخلي الكل يخاف من ضلك... ماوحشتكش قمر ولمستها وحضنها؟

آدم لا يرد

ص. الغريب(تتغير لهجته للقسوة والتهديد) :لو إنت مش عايزهم أنا عايزهم، ومش هفارقك لحظة واحدة، وهاوريك الجحيم، لحد ما تخضع. 

آدم: مش هاكون أداة لشهواتك. 

ص. الغريب: وأنا إيه وإنت إيه؟! ما إحنا واحد. 

يظهر الغريب لآدم علي سطح المرآة فينتفض آدم خوفاً. 

الغريب: أنا صنيعتك. 

آدم: بالغلط. 

الغريب: وهي الحياة إيه غير سلسلة غلطات بنعيش ندفع تمنها، وكل ما نصلح غلطة نغلط التانية، نقع من ذنب لذنب، ونجري من شر لشر، من أول اللي بيجبب في سيرة الناس وبيحركه الحقد وبيتمني لهم الأذي والفضيحة، ويفرح لما يشوفها، لحد اللي بيطلع روحهم في إيده ويمشي في جنازتهم.... حياة البني آدمين علي اختلافها واحد، شر خالص، ممكن تلاقي فيه شوية خير. 

آدم: كان هدفي الخير مش الشر. 

الغريب: هدفك مستحيل... اتمتع بالممكن. 

آدم: ماقدرش. 

الغريب: هاتقدر وهاتشرب وترجعني للحياة، لأني جزء منك، والجزء ده هو الأقوي وهو اللي هايسيطير وينتصر في النهاية رغم أي مقاومة تعملها، لأنه هايقدم اللي سعت ليه البشرية طول عمرها...السلطة.... القوة..... السيطرة.... المتعة (بإغراء) ومين عارف يمكن يتحقق خلودك في وجودي أنا مش في وجود آدم. 

يقترب آدم من الزجاجة....

قطع







  

م/٤9                               مسجد علي الطراز الفاطمي الفخم                                   ل/د

ساعة صلاة الفجر... 

يقرأ أحد المصلين في المصحف الموضوع أمامه، في الوقت الذي نري فيه الغريب يمر أمام باب المسجد بغروره وصلفه. 

الرجل: " ونفس وما سواها فألهمها*فجورها وتقواها *قد أفلح من زكاها * وقد خاب من دساها". 



قطع

























م/٥٠                                                  شارع                                               ل/د


الطرابيلي ورجاله كامنون في أحد الخرابات. 

يجري نحوهم ناضورحي. 

الناضورجي( في حماس شديد) :ظهر يا معلم... اللي مستنيه ظهر. 

الطرابيلي(متحفزاً) كله ياخد مطرحه، ولما يجي نهجم عليه هجمة راجل واحد، المرة دي مش هايفلت مني. 

يظهر الغريب، ويسمع صوت صافرة بالفم فيتلفت حوله في ترقب. 

بتسقط عليه عشرات الأحجار. 

يتعثر ويحاول حماية وجهه بيديه فيباغته الطرابيلي. 

ويلتحم الرجال كلهم مع الغريب في معركة شرسة للغاية تفوق قسوتها المعركة السابقة (ويستحسن أن يبدو الغريب كانه بطل خارق في القوة والمهارات، ويقوم مصمم المعارك بتقديم معركة حامية طويلة مسموح فيها بكل شئ) 

... يتركهم الغريب وهم غارقين في الدماء يتأوهون من الجروح والكسور. 

ملابسه ممتلئة بالدماء ويعاني العديد من الجروح.

والطرابيلي مفقوء العين.


قطع













  م/٥١                                                   خمارة دنيا                                                 ل/د 

يدخل الغريب إلي الخمارة وهو مغطي بالدماء.

يتوقف الرقص والغناء بمجرد ظهوره في تلك الحال. 

تندفع نحوه قمر. 

تلقي بنفسها عليه وتحتضنه، تنبعث فيه حرارة الحب، فترق ملامحه وهو يحتضنها كأنها ملاذه الأخير. 

قمر(تتحسس جروحه) :إيه اللي حصل؟! 

الغريب :ولا حاجة، دي حلاوة روح من الطرابيلي. 

قمر: يقطعه وبقطع سيرته. 

يجلسان علي أحد الموائد. 

قمر: غيبة طويلة... ١٤ ليلة ويوم من ساعة ما شوفتك آخر مرة. 

الغريب: ياه عداهم. دي كانت أول مرة.

قمر: ماهي دي المرة اللي ابتدا فيها عمري... كنت فين؟ 

الغريب: مشاغلي كتير.....فوق ما تتخيلي. 

قمر: طب جرب يمكن خيالي يجيب. 

الغريب( يضحك بشدة) :يستحيل....مهما تحاولي مش هاتتصوري، ولو قولت لك مش هاتصدقي...نهايته... كنت في دمنهور. 

تدخل دنيا الكادر. 

دنيا: وبتعمل إيه في دمنهور؟

الغريب: أهلاً بناظرة الأنس في المحروسة، وضواحيها. 

دنيا: أهلاً بسيدنا كلنا. 

ينتفخ الغريب زهواً. 

دنيا:ما قولتليش  كنت بتعمل إيه في دمنهور؟ 

الغريب: كنت بقضي مصلحة هناك... حاكم أنا كده، كل فترة تلاقيني لامؤاخذة في بلد، شوية في الشرق شوية في الغرب، ماليش مواعيد اختفي واظهر. 

دنيا(تقصد قمر) :طب ومصلحتك هنا. 

الغريب( وقد فهم قصدها) :مصلحتي هنا أحلي وأهم مصلحة. 


بعد انقضاء ١٢ساعة.

الغريب جالس علي نفس الطاولة، تظهر قمر تحمل في يدها اللاسة التي كانت تخيطها وقد اكتملت وانتهت منها، تقترب من خلفه وتضعها علي كتفيه.

 يقبل يدها شاكراً. 

قمر: اوعدني إن اللاسة دي تفضل دايماً علي كتافك عشان أحس دايماً إني حواليك. 

الغريب: أوعدك عمرها ما هتفارقني طول ما أنا عايش. 

قمر(مترددة) :عايزة اسألك سؤال. 

الغريب اسألي؟ 

قمر: إيه اللي خلاك تفزع وتنط من الشباك وتجري. 

يلتفت الغريب مأخوذاً من السؤال. 

ينهض لا يجد ما يقوله، في مواجهته نظرة استغراب وقلق وشك، تنطلق من عيون قمر. 

الغريب: اتعودي علي كده، هاجي من غير ميعاد وهامشي من غير تمهيد ولا سبب. 

ص. آدم: قولها الحقيقة... مش كنت عايز تظهر للدنيا وتقابلها... قولها. 

الغريب(يلتفت حوله في رعب) :آدم؟! 

تندهش قمر لسماع اسم آدم. 

ص. آدم: كان عندك حق إحنا الاتنين واحد، إنت عفريتي وأنا عفريتك، غرقان في الخمرا والأحضان والمتعة ومش حاسس... خلاص يا غريب وقتك انتهي. 

يخرج ساعة آدم من جيبه وينظر فيها. 

تراها قمر وتتعرف عليها متذكرة رؤيتها لها مع آدم بركات. 

تنقل بصرها بين الساعة والغريب في ذهول وحيرة. 

ينظر لها الغريب نظرة استخذاء لم تتوقع أن تراها في عين الغربب، ويرحل مبتعداً. 

قمر ينهشها الحيرة والشك. 


قطع













م/٥٢                                                      فوتومونتاج                                   



أحد الشوارع الفقيرة.....

الغريب شكل لنفسه عصابة قوية من الأتباع، يسير بها في الشارع، ويرهب الجميع. 

 يراه الطرابيلي فيداري نفسه مختبئاً من الخوف، وهو يسير علي عكاز ويتحسس عينيه في قهر. 

القصر... تتسلل سنية للمعمل، حاملة الحجاب لكنها تري امها تمر. 

تخفيه في جيبها وتعود. 

الناس يتدافعون لدفع الإتاوة والرعب يسيطر عليهم، ورجال الغريب يجمعون الأكياس في سعادة. 

آدم يوزع علي نفس الناس وغيرهم أموالاً، ويدعون له

الغريب  يحطم احد محلات النحاس، وسط بكاء صاحب المحل وأسرته. 

الغريب: كله تحت رجلي.... كلكوا تحت رجلي.

يعوض آدم صاحب المحل بالمال، صنايعية يجددون له دكانه، والفرحة تكسو وجه زوجته وابنه، ينطلق آدم بالعربة وهو راض. 

سنية تحاول فتح باب المعمل، لكنها تجده مغلقاً. 

تدب بقدميها علي الأرض غاضبة. 

حكمت في فراشها تتناول الدواء، وتسلم نفسها للنوم. 

يسر تسير مع آدم وهي تحتضن ذراعه، وتتكلم معه بسعادة، وبهجة، وآدم يحاول التجاوب معها، بإيماءات وحركات من يديه ورأسه، لكن بدون حرارة. 

الخمارة.... الأموال تتكدس أمام قدمي الغريب. 

دنيا تطير من السعادة وهي تعدهم وتخنصر منهم بضعة مشغولات ذهبية واموال في صدرها. 

قمر عيناها معلقة بالغريب في توتر وفضول، تدرك أن ورائه سراً رهيباً. 


قطع












م/٥٣                                            القصر( السفرة)                                                 ن/د


صباح ربيعي جميل، انقضي الشتاء، وامتدت أشعة الشمس. 

آدم وحكمت علي مائدة الإفطار. 

آدم اصبح هزيلاً شاحب الوجه، فاقدا للشهية، يبتلع لقمة بصعوبة، استنزف الغريب قوته ونشاطه وذكاؤه، يبدو كشخص خامل نظراته تائهة وأعصابه ضعيفة، وليس آدم كما شاهدناه في البداية، تنظر له حكمت في رثاء. 

حكمت: إنت يا آدم يوم بعد يوم بتدبل يا ابني، وشك بقي اصفر زي الليمونة، وصحتك في النازل، كفاية بقي شغل المعمل ده اللي بتحبس نفسك عشانه أيام، وشوف حياتك إنت مش هاتغير الدنيا.

آدم: حاضر. 

حكمت: وخطيبتك قابلتها إمبارح، وشكلها مش مبسوطة، وبتلمح لي بكسوف إنها ماشفتكش من فترة، روح لها النهارده. 

آدم; حاضر. 

حكمت: واصحي لنفسك شوية، أنا مش عارفة جري لك إيه؟

ينظر لها آدم في حزن.


قطع
















م/٥٤                                              قصر يسر (الحديقة)                                             ن/خ


يسر علي ظهر أحد الخيول ترتدي ثياب الفروسية، تجري فوق ظهره بحيوية، ونشاط. 

تري آدم مقبلاً نحوها. 

تبطئ سيرها حتي يتوقف الحصان. 

تقفز للأرض، متوجهة نحوه. 


يسر (بسعادة لا تستطيع كبحها) : إيه المفاجأة الجميلة دي؟! 

يقفان في موضع آخر من الحديقة. 

يسر: آدم... إنت بتنهك نفسك في الشغل، لازم ترتاح. 

آدم (يبتسم بصعوبة) :انتي متفقة مع حكمت هانم ولا إيه؟! 

يسر: الحكاية مش محتاجة اتفاق إنت فعلاً... يا إما الموضوع مش موضوع المعمل. 

آدم( مضطرباً) :أومال موضوع إيه؟

يسر (مترددة وخجولة) :إنت راضي عن خطوبتنا؟ سعيد إننا هانتجوز؟ 

آدم: صدقيني يا يسر المشكلة في أنا... مالكيش ذنب. 

ص. الغريب (ساخراً) : كويس إنك عارف إن المشكلة فيك مش فيا. 

يرتبك آدم  لسماع صوت الغريب ويلتفت حوله خائفاً. 

يسر: إنت أكيد بتتعرض لأبخرة ومواد كيميائية وإنت شغال أثرت عليك وعلي أعصابك الفترة الأخبرة(تحتضن يديه بحب صادق)  إنت ممكن تتسمم مش عشان عايز تفيد غيرك بعملك تضيع نفسك. 

يشد آدم علي يدها وملامحه تعبر عن الحب والألم... لقد لخصت ما جري معه. 


قطع










م/٥٥                                      القصر (حجرة سنية+ الممر المؤدي للمعمل)                          ل/د


سنية مستلقية علي سرير مجاور لأبيها وأمها المستغرقين في النوم. 

تسمع صوت خطوات آدم تمر أمام حجرتها في جوف الليل. 

تخرج من الحجرة علي أطراف أصابعها وهي مرتدية ثياب النوم الصيفية الخفيفة. 

تسير خلفه مندهشة من ظهوره في ساعة متأخرة كتلك. 

تراه يدخل للمعمل كأنه مساق لحجرة الإعدام ويبدو كأن هناك يد خفية تدفعه،جزء يقاوم وجزء مستسلم، وتسمعه وهو يخاطب نفسه. 


آدم: الجرعات دي هاتقتلني ولو مت هاتموت معايا! 

يزيد استغرابها من كلامه. 

يدخل آدم للمعمل. 

تتجسس عليه سنية من مكان المفتاح في الباب، تراه وهو يشرب الجرعة. 

يتحول للغريب. 

تتجمد من الرعب. 

تتبول علي نفسها لا إرادياً وتبلل ملابسها والأرضية. 

تحدق في الفراغ وهي تتراجع. 

تسقط علي الأرض فاقدة الوعي بعد بضعة خطوات. 


قطع







 

م/٥٦                                          الخمارة ( الصالة)                                                 ل/د


يدخل الغريب فيستقبله أفراد العصابة بالترحاب. 

قمر متوترة وتهمس لدنيا.،التي تشاركها القلق. 

يقترب منهما الغريب، ويهم بالكلام، لكن يدخل أحد السكاري، فيسد عليه الطريق أحد رجاله


الرجل: اطلع يا جدع انت برة الساعة دي. 

السكران: مش دي خمارة برضه يا ابن عمي. 

الرجل: خلاص مابقتش خمارة. 

السكران: أومال بقت إيه مكتب تلغراف؟ 

الرجل(يدفعه) : حاجة ماتخصكش. 

السكران: طب بالراحة يا ابويا خارج... حتي الخمارات بابها اتقفل في وشنا... نروح فين بس؟! 

يخرج الرجل. 

الغريب: مالكم بتتوشوشوا علي إيه؟ 

دنيا(متلجلجلة) :أبداً يا معلم... أصل.... 

قمر (بحسم) :أنا حامل. 

 رد فعل الغريب غامضة.

بطأطئ رأسه وينظر للأرض، ثم يديم النظر لوهلة.

الكل مترقب. 

الغريب: العيل ده لازم ينزل... يا إما إنتوا الاتنين هاتموتوا. 

يمتزج صوت آدم بصوت الغريب والوحيدة التي تميزهما قمر، فتتراجع مذعورة. 

الغريب وآدم: ده مش ابني....مش ابني. 

يخرج من الخمارة في غاية الغضب. 

دنيا: ياما حذرك من الحمل. 

قمر لا تسمعها.

تحسم امرها وتخرج ورائه. 

قطع



م/٥٧                                          شارع                                                      ل/خ


الغريب يسير غاضباً. 

 قمر تراقبه في الخفاء. 

فتاة تنظر من النافذة للشارع الهادئ والقمر يزين السماء، والنسيم يداعب شعرها. 

تفف وقفة شاعرية... تفكر في حبيب أو تتخيل حبيب. 

تعترض طريقه عربة احد الباشاوات. 

السائق النوبي: حاسب يا فلاح يا ابن الكلب. 

يهجم الغريب علي السائق. 

يلكمه بغيظ شديد. 

يضربه الباشا بالكرباج. 

يزداد الغريب غضباً

يفتك بهما... لكماُ وطعناً بالسكين. 

تتنبه الفتاة من سرحانها لأصوات الطعن والحشرجة القريبة نسبياً منها

تري الغريب وهو يتراجع عنهما، وقد تركهما جثتين. 

 تصرخ الفتاة صرخة مخيفة، تهز سكون الليل يسمعها الغريب فيهرب. 



قطع














م/٥٨                                                 أمام قصر آدم                                                 ل/خ


قمر ماتزال تراقبه من بعيد. 

يقفز الغريب فوق السور. 

تتسلق قمر شجرة قريبة من السور وتختبئ بين اغصانها. 

يظهر آدم من نافذة حجرته، ما يزال مرتدياً ملابس الغريب وعلي كتفيه اللاسة التي تعرفها قمر جيداً. 

تدور الدنيا بها وهي بالكاد تتماسك. 

ينظر آدم للدم علي يديه بفزع وخوف، يبكي بكاء مراُ. 

يقذف بالزجاجة علي فتتشظي علي الحائط، وينساب للسائل. 

الغريب يظهر له علي كل الاسطح العاكسة، المرايا الكئوس، النظارة، الزجاجات. 

الغريب: مش هاسيبك يا آدم... انا قدرك مش هاسيبك. 



قطع

















م/٥٩                                                           شارع الجريمة                                      ن/خ


الصاغ مراد وزين يعاينان العربة جيداً. 

زين: المرة دي التهمة ثابتة علي الغريب يا افندم، مش هايقدر يفلت بالزور والتهديد... جثتين، وأوصافه متطابقة مع الأوصاف اللي قالتها البنت، دلوقتي باتهام رسمي نقدر نقبض عليه ونعاقبه علي كل جرايمه اللي توجها بالقتل في النهاية. 

مراد(مفكراً) :المهم دلوقتي إننا نقدر عليه( ينظر للدماء علي العربة والأشلاء الممزقة) ده مش ممكن يكون بني آدم. 


قطع






















م/٦٠                         القصر (حجرة آدم+حجرة سنية)                                       ص/د


يستيقظ آدم علي صوت نداء حليمة الباكي، وكفوفها التي تدق بإلحاح علي الباب.

يخرج من حجرته فيجد حليمة تبكي وحكمت هانم تربت عليها لتهدئها. 

حليمة: إلحقني يا آدم بيه، بنتي لقيتها واقعة قدام المعمل(رد فعل آدم إنه يشك أنها اكتشفت شيئاً) لا بتنطق ولا هي حاسة بحاجة. 

يركض آدم ناحية حجرة سنية. 

يدخل الحجرة فيجد سنية ماتزال تحدق في الفراغ. 

 تراه فتثب كأنها رأت عفريتاً، تصرخ وتهتاج. 

تحاول امها احتضانها، لكنها تقاومها. 

يخرج آدم ويغلق الباب وعلي وجهه إحساس عميق بالذنب. 


قطع



















م/٦١                                            تياترو حديقة الأزبكية                                              ل/د

ضحكات الجمهور ترج أركان المسرح.

يسر وآدم من بين الجمهور يشاهدان عرض مسرحي كوميدي. 

الزوج: يا ابتهال هانم بقالنا يجي عشر سنين متجوزين ولسه متعرفيش إني مابحبش الكوسة؟! 

الزوجة (بلهاء نوعاً) :هو انت مش بتحبني يا نسيم؟ 

الزوج(نافد الصبر) :طبعاً يا حياتي. 

الزوجة :وانا بحب الكوسة. 

الزوج(علي آخره) :مش فاهم. 

الزوجة: مادام بتحبني وانا بحب الكوسة، يبقي انت برضه لازم تكون بتحب الكوسة. 

الزوج يمسك دماغه وينظر للجمهور بتعبير ألم مبالغ فيه. 

الكاميرا تتعلق بوجهي يسر وآدم ونراهما في الكادر، نقيضين... شعورين متباينين... عالمين مختلفين.

يسر تضحك ببراءة وانشراح. 

 وآدم ينظر لها بأسي. 

تنظر له فيمثل أنه يضحك. 


قطع















م/٦٢                                                      أمام التياترو                                              ل/خ

ليلة صيفية مقمرة، البدر في السماء يطل علي المحروسة ويكسوها بلمعة فضية تبدو معها كمدينة من مدن ألف ليلة وليلة، في فخامة البناء والمآذن المرتفعة.

يخرج آدم في صحبة يسر، يسر تضحك وآدم يتضاحك.

يسر: شوفت الست المجنونة دي، جننت جوزها إزاي....ياه مضحكتش كده من زمان... المسرح ده حاجة كده عاملة زي حلم جميل الواحد يتمني مايصحاش منه.

آدم: شكسبير اعتبر إن الدنيا مسرح كبير، والناس مجرد ممثلين بيأدوا أدوارهم، احنا خرجنا من مسرح صادق(يشير للعالم من حوله) لمسرح تاني كداب. 

يلمحهما عالم الآثار سميث، في حوالي الخمسين. 

مايزال يسر وآدم يسيران ويتحدثان، متشابكي الايدي، حوار لا نسمعه، لكنه يبدو تكملة لإعجاب يسر بالمسرح

يتجه نحوهما سميث.

يمد يده بالسلام.

سميث: مش معقول... آدم بك صحيح الدنيا صغيرة زي ما بتقولوا.

آدم(مرحباً(: سميث، رجعت مصر امتي؟

سميث: بعد انت ما سافرت بشهر واحد.

يقدم آدم سميث ليسر.

آدم; جون سميث، عالم آثار، ومن أصدقائي اللي تعرفت في إنجلترا، واتعلمت منه كلمات وأمثلة مصرية أنا نفسي مكنتش أعرفها.

سميث ويسر يبتسمان.

يقدم يسر لسميث.

آدم: يسر هانم خطيبتي.

ينحني سميث ويقبل يدها.

سميث: آدم دايماً ذوقه لا يعلي عليه..

يسر: شكراً مستر سميث.

آدم: بدأت التنقيب ولا لسه؟

سميث: في خلال أسبوع واحد هانستعد للسفر لطيبة(حالماً) عاصمة ملوك مصر القديمة… طيبة ذات المائة الباب، شايفهم بعين خيالي، وأنا بدخلهم باب باب(ينادي) ... مينا... رمسيس... أحمس. 

أثناء كلامه تنظر يسر لآدم باستفهام مبتسم. 

آدم( هامسا) : هو كده مهووس بالتاريخ المصري. 

سميث: حتشبسوت... نفرتيتي.... 

آدم(يقاطعه) :خلاص يا سميث كلها كام يوم وهاتروح لهم. 

سميث يتنبه محرجاً. 

سميث: أعذريني يا هانم... ده حب حياتي... عن إذنكم. 

ينصرف سميث. 

تطرأ فكرة علي ذهن آدم. 

آدم(منادياً) سميث. 

يتوقف سميث، ويلتفت. 

آدم: محتاجين حكيم معاكم؟ 


قطع























م/٦٣                                                   الآقصر(صحراء وأطلال)                                 ن/خ


الشمس تلتمع علي الرمال الصفراء بلون الذهب.

أطلال معابد وتماثيل مهيبة، عليها نقوش وصور من مصر القديمة. 

أشعة الشمس حارقة.

سميث وبعثته يركبون علي الجمال، ويرتدون برانيط واقية من للشمس.

يقترب سميث بجمله من آدم.

سميث: لما سألتك ليه عايز تيجي معانا، قولت لي باهرب من حاجة وبدور علي حاجة... آديك هربت(ساخراً بمودة) أتمني إنك تكون لقيت اللي بتدور عليه بين الأطلال والرمال. 

آدم: اللي بدور عليه مدفون ومستخبي، أبعد من كنوز مصر القديمة. 

سميث: لو عرفت مكانه تقدر توصله. 

يخرج آدم مرآة صغيرة. 

نري انعكاسه في المرآة يواجهه، إنه يبحث عن نفسه ويهرب منها. 


قطع

















م/٦٤                                        خيام المبيت                                                            ل/خ


آدم نائماً علي الارض داخل الخيمة. 

فجأة يسمع صوت طلق ناري يفزع هدوء الصحراء.

يستيقظ، ويتجه خارج الخيمة.

يري أعراباً يهربون علي ظهور الخيل، خلف أحدهم صندوق الآثار المسروق. 

سميث: (يصرخ ملتاعاً) :لصوص.... لصوص!

عدة رجال من البعثة، يظهرون علي خيولهم، يحملون المشاعل.

يطاردون اللصوص.

يتبعهم آدم بحصانه، وفي يده مشعلاً. 

يتهاوي سميث علي أحد الصخور منهاراً.

ويضع يديه علي رأسه.

سميث(يخاطب أشباح الماضي ): سامحوني... الأمانة ضاعت. 

تمر في عينيه نظرة عزيمة. 


قطع
















م/٦٥                                              الصحراء                                                         ل/خ                               


النجوم البعيدة تتوهج في عتمة السماء. 

آدم يلمح شبح أحد اللصوص،  وخلفه صندوق الآثار. 

يزيد من سرعته ليطارده. 

يرتطم به عن قصد، فيقع الاثنان من فوق جواديهما. 

ينهض اللص، بينما آدم يئن من السقطة.

يبرز نصل حاد في يد اللص.

يهجم علي آدم.

ويطعنه في كتفه. 

يصرخ آدم من الألم.

من بعيد يسمعه رجال البعثة، فيغيرون طريقهم ناحية الصوت.

يحاول اللص خطف الصندوق، فيتشبث به آدم بقوة.

يهم بتسديد طعنة أخري له، لكننا نسمع صوت طلق ناري، ويسقط اللص فوق الصندوق.

نري مطلق النار... جون سميث.















م/٦٦                                     خيمة آدم                                                                   ل/د


آدم راقد علي فراشه مصاب بالحمي.  

بجوار فراشه يقف سميث واحد رجاله. 

سميث: لولا شجاعته مكناش رجعنا الآثار اللي شقينا فيها، وسط نار النهار، وتلج الليل في الصحرا... ياريت الشجاعة دي تستمر في مواجهة الطعنة والحمي. 

يهذي آدم ويتمتم بكلمات غير مفهومة نميز منها اسم قمر. 


قطع























م/٦٧                                         الكراكون(مكتب المأمور)                                             ل/د      

مراد يقف أمام المأمور شاعراً بالحرج.

المأمور (غاضباً) :يعني مالهوش أثر يا(لائماً تحت ستار من التفخيم في نطق اسمه وألقابه) حضرة الصاغ مراد أفندي، المحروسة مقلوبة عالمجرم اللي قتل الباشا، والخديوي ذات نفسه منزعج.

مراد: يا افندم... الغريب ده وراه حاجة مش طبيعية... القوة الغير معقولة، والاختفاء التام المتكرر كأنه ما اتوجدش بين الخلق من الأساس.

المأمور(غضبه في ازدياد) :إيه التخاريف دي، هايكون مخاوي يعني... الكلام ده ماينفعنيش، المجرم ده تجيبه لي في حديد....انصراف.

يؤدي مراد التحية العسكرية وينصرف.


قطع





















م/٦٨                                             فوتومونتاج                                               


يخرج آدم من خيمته وقد قارب علي الشفاء وسط تهليل العمال.

سميث سعيد.

آدم يسير في الصحراء في عزلة تامة، وقد نمت لحيته. 

يتأمل في السماء التي تناثر فيها ملايين النجوم البعيدة

يضحك مع أحد العمال وقد استعاد بعضاً من طمأنينته. 

آدم وقت الظهيرة يكتب في دفتر. 

نري العنوان علي رأس الصفحة(أيام آدم)، ونقرأ الكلمات الأولي"أكتب تلك المذكرات في الأيام التي سرقتها من الغريب،... أيام آدم، ولكن من هو الغريب، ولماذا نتصارع علي الأيام ؟ 

بدأ كل شئ حينما رأيت حبيبتي شارلوت يحتضنها جوف الأرض المظلم، بدلاً من ذراعي الحنونتين....." 


قطع


















م/٦٩                                               الخمارة (حجرة دنيا)                                    ن/خ               


الحجرة فارغة.

تفتح دنيا الباب وتدخل يتبعها  شاب في الثامنة عشر، ملامحه تنطق باللؤم والخبث.


دنيا(بلهفة) :تعالي يا شلبي... تعالي خش.

تنحني أسفل السرير، وتخرج لفة بها ذهب وأموال.

تنطق عين شلبي بالطمع وهو يلتهم اللفة بعينيه.

دنيا(تزداد لهفتها، بينما شلبي شارد في الذهب والمال) :صدقتني بقي... دول اللي قولت لك عليهم، هناخدهم ونبيع الخمارة ونعيش ونتمتع ونعوض كل اللي راح.

تلكز شلبي ليستفيق.

دنيا: هانطلع علي اسكندرية مش كده؟

يكافح لينزع عينه من اللفافة، وينظر لدنيا.

شلبي(لمجرد إرضائها وإسماعها ما ترغب) :مفيش كلام يا روح شلبي، اسكندرية والقهوة اللي هانفتحها عالبحر، وهانتجوز.

تحتضنه دنيا وتدفن رأسها في صدره، كأنها تجبر نفسها علي تصديق الحلم.


قطع














م/٧٠                                           قصر يسر(الحديقة)                                                   ن/خ


أجواء خريفية... يسر وأبيها يونس وأمها هناء علي الطاولة يشربون الشاي، تحت أشعة الشمس الواهنة.

يرون آدم قادماً من بعيد. 

يلحظون أنه تحسن نوعاً ما. 

يونس: يظهر إن خطيبك صحته جات عالصحرا. 

هناء: لو نعرف كده كنا سفرناه من زمان. 

يقترب آدم منهم، ويسلم عليهم. 

يجلس. 

يونس: دي الصحرا خلاتك عال العال. 

آدم: العزلة عن الناس علاج لأمراض كتير، بس الأهم منها العزلة عن النفس. 

هناء: علي فكرة انت لابق علي يسر جداً، انتوا الاتنين بتتكلموا كلام مابفهمهوش.

يضحكون.

يونس: لا بجد يا آدم... الانعزال عن الناس دي مفهومة، كلنا بنحتاج لها، لكن إزاي الإنسان يقدر ينعزل عن نفسه؟! 

آدم: أكتر حمل ممكن الإنسان يتعذب بيه طول عمره هو نفسه، مشاعر مكبوتة ومؤلمة ومخجلة، ماسكة طول الوقت كرباج وبتتحكم في مزاج الإنسان وسلوكه، عبرت عنها  ألف ليلة وليلة، بالراجل العجوز اللي نط علي كتف السندباد وخلاه خدام ليه وشاف العذاب معاه، هو ده اللي النفس اللي هي أصلاً عدوة لصاحبها بتعمله طول الوقت... لازم كل فترة الواحد يتخلص منها بأي شكل، رحلة، وقت ترفيهي، انغماس في أي عمل يحميه من أفكاره الخبيثة ونفسه الشريرة... لأنه لو فضل علي طول معاها هاتوريه الويل. 

أثناء كلامه، تتعلق عين يسر بآدم في إعجاب ووله.


قطع









م/٧١                                        قصر يسر(مكان آخر من الحديقة   (                     بعد وقت قصير


آدم ويسر يركضان سوياً بالأحصنة.

يعيشان لحظات من السعادة والإنسجام.

يقفزان.من فوق جواديهما، في خفة.

آدم في يده سوط

يسر: ماكنتش أعرف إنك خيال كده.

آدم: قبل ما أسافر أوروبا، كانت كل حياتي بين الخيل.

يسر: ساعات باقول يا ريتك ما سافرت، كان زمانك بقيت واحد تاني.

آدم: بس يمكن ماكنتش عرفتي التاني أبداً.

يقترب منها، يحاول تقبيلها.

يسر تنفلت منه بنعومة. 


يسر(تفتعل إنها تذكرت شيئاً(: ياااااه أنا رايحة لماما أقولها علي حاجة قبل ما تخرج.

تخرج من الكادر.

يبتسم آدم في إثرها.

يبقي وحيداً.

نري انعكاسه في ماء النافورة.

الإنعكاس يتغير تدريجياً وآدم لا يلاحظ.... ويتحول إلي....

الغريب.....

يمسك آدم رأسه شاعراً بآلام شديدة.

يسمع صوت الغريب.

ص. الغريب: مش بالسهولة دي هاتخلص مني يا آدم.

يقترب من النافورة ويكلم الغريب. 

آدم(متألماً) :إزاي من غير جرعة.... مستحيل! 

يسقط منه السوط في النافورة. 

الغريب: الجرعة خلقتني في الحياة، وانت اللي هاتغذي وجودي، وجودي مرتبط بيك... ليه مش مقتنع إني جزء منك. 

تبدأ علامات التحول في الظهور علي آدم. 


آدم(يصرخ وهو يركض هارباً) :أنا مش الغريب.... أنا آدم.

تعود يسر بعد وهلة.

تتلفت حولها بحثاً عن آدم.

تلمح السوط الساقط في مياه النافورة.

مايزال الغريب موجوداً في الماء ينظر نحو يسر بسخرية واستهانة.

تقترب من الماء....

يختفي الغريب.

تلتقط السوط وتنظر له في أسي. 



قطع





















م/٧٢                                                  الخمارة(الصالة)                                              ل/د


يدخل الغريب.

تتعلق به كل عيون الحاضرين بين الدهشة والخوف والترقب.

من بينهم مخبر ينسل مسرعاً دون أن يشعر به أحد.

دنيا ترتجف.

دنيا(متملقة) :سيد المعلمين ظهر أخيراً، وأنا أقول…….

الغريب(مقاطعاً بحدة) :فين قمر؟

دنيا(كأنما لدغها ثعبان) :قمر؟!

يشعر الغريب بحدوث شئ ما.

يقبض علي ذراعها ويهزها بعنف، فترتج في يده كأنها لعبة.

الغريب: فين قمر؟

دنيا(تقر بكل ما تعرفه بدافع الرعب) :من يوم ما كنت هنا آخر مرة، مشيت وراك، ومن ساعتها لا هي ولا البت شوق عرفنا لهم طريق جرة.

الغريب:مشيت ورايا؟


قطع















م/٧٣                                                    أمام الكراكون                                            ل/خ

مراد يركض، وهو يغلق أزرار الجاكت، ويعدل من طربوشه، فقد فوجئ بالخبر.

من خلفه زين وقوة مسلحة من بينهم المخبر وقد ارتدي ثيابه الميري، يركضون.

يقفز علي جواده.

يصهل الجواد كأنه يعرف ما يحدث.

ينطلق.

يتبعه زين علي جواده ثم الجنود.

وينطلق الجميع حتي يختفوا عن الأنظار.


قطع





















م/٧٤                                                       الخمارة(الصالة)                                        ل/د


الصالة خلت ما عدا العاملين فيها.

كلهم جالسين علي الكراسي او الأرض رهن إرادة الغريب.

الغريب: بت حامل والتانية عبيطة.... يهربوا من غير ما حد يحس إزاي؟!

دنيا(خائفة ومنهارة) :ورحمة ابني علي اللي عمري ما حلفت بيها ولا هاحلف بيها تاني... ماحد يعرف قمر فين، اللي نعرفه إن إحنا صحينا، لقينا قمر وشوق لموا حاجاتهم واختفوا.

يندفع أحد رجال الغريب لاهثاً.

الرجل:عساكر الكراكون جايين ورايا يا معلم.

يجري الغريب للخارج.

يتنفس الجميع براحة.


قطع



















م/٧٥                                                  أمام الخمارة                                                  ن/خ


يخرج الغريب من الباب متلفتاً.

في نفس اللحظة تظهر القوة.

يهرب الغريب فيطلقون عليه النار.

يحاول الجنود إطلاق الكلاب البوليسية ورائه.

الكلاب ترفض أن تنصاع.

وتئن في خوف شديد.

وسط نظرات مندهشة بين زين ومراد.



قطع



















م/٧٦                                                  شوارع وحارات(مطاردة)                     بعد وقت طويل

يركض الغريب كالسهم.

ورائه الخيول لا تستطيع اللحاق به.

يقفز فوق سطح أحد البيوت.

يطلق عليه مراد طلقاً نارياً.

يتوالي إطلاق النار من الجنود. 

القوة منهكة من المطاردة. 

عدة قوراب علي ضفاف النيل.

ياخذ الغريب واحداً ويندفع مع مجري النهر.

يصل مراد وزين خلفه في غاية التعب. 

يستقلان قاربين في إثر الغريب.

يطلقان عليه النار.

يصاب الغريب بطلقة في ذراعه.

ينزف، وتتساقط دمائه وتختلط بالمياه فتتحول للون الأسود.

يتجه الغريب للضفة، وينطلق علي قدميه وقد أصبح ضعيفاً إلي حد ما. 

يمر مراد علي الدماء السوداء ويراها. 

يتبعه مراد وزين.

المطارة ما تزال مستمرة. 

مراد: دخل في شارع له اتجاه واحد لف له من التانية. 

يذهب زين، ويدخل مراد للشارع. 

يصل زين ليجد الغريب في مواجهته، يخرج زين مسدسه، لكن الغريب يعاجله بلكمة هائلة تفقده الوعي. 

يسقط زين أرضاً، وبكل حقد الدنيا يخبط الغريب دماغه علي الأرض حتي يهشمها، ويهرب. 

يصل مراد، يري زين برأس مهشمة، ينهار علي جثته للحظات... 

يتماسك. 

يكمل مطاردة الغريب بصورة أقوي. 


قطع







م/٧٧                                       قصر آدم(البوابة+البهو+حجرة آدم+حجرة سنية)                     غ/د


القصر يبدو من علي بعد. 

يصل مراد وقد فقد كل أثر للغريب، يلمح علي الأرض قطرات الدماء السوداء. 

يتتبعها حتي تنتهي عند سور القصر. 

يقف أمام القصر... ينظر لفخامته. 

يقف عاجزاً عن القفز. 

يتجه للبوابة، ويدق عليها. 

يفنح له مرجان  يتعرف عليه بعد لحظات، عشرة قديمة. 

مرجان: مراد ابن أنور أفندي... أهلاً بجيران زمان وحبايب زمان.

مراد يشعر أن الدخول في وجود مرجان أسهل. 


بجوارهما عبد الوهاب يحدث الفرسة سكر غير منتبه لما حوله... ويستمر صوت عبد الوهاب معلقاً حتي نهاية المشهد. 

 عبد الوهاب: البت راحت يا سكر، وبعدين في الدنيا الغريبة دي....عمرك سألت وآخرتها إيه؟ 

يدق مراد علي باب القصر،تفتح لع حليمة متهدمة، يكلمها مراد بحديث لا نسمعه ولكن يفهم من حركاته، انه يحكي لها عن مجرم يهدد القصر، تشير له حليمة بالدخول في استسلام. 

يدخل مراد، ويقف بجوار صورة بركات باشا. 

ص. عبد الوهاب: ولا هاتسأل نفسك ليه؟ هو إنت عايز من إيه الدنيا غير إنك تاكل وتشرب.

آدم في حجرته يربط ذراعه، مكان الطلقة. 

تدخل عليه حليمة، وتخاطبه بكلام لا نسمعه تخبره بوجود صاغ يطلبه. 

يرتبك آدم. 

ص. عبد الوهاب:الدور والباقي عالبني آدمين، اللي لا عارفين أولها إيه ولا آخرتها إيه، ولا عارفين حاجة نهائي، عمالين بس يئذوا بعض ويبهدلوا ويعضوا في بعض. 

سنية في حجرتها أمها تطعمها، وهي تنظر في الفراغ بعيون ميتة

ص. عبد الوهاب:ليه بنت لسه بتتفتح للدنيا، يحصل لها كده مين السبب

يهبط آدم من السلم.

يصدم عندما يري الصاغ الذي كان يطارده. 

يجد مراد يفتش المكان بعين مدربة. 

ينتبه مراد لنزول آدم مربوط الذراع. 

آدم:اتفضل ارتاح. 

يجلس آدم ثم مراد 

مراد: آسف لإزعاجك يا سعادة البك، الحقيقة إحنا كنا بنطارد مجرم في غاية الخطورة وفقدنا آثاره قدام قصر سعادتك. 

آدم: المجرمين زادوا. 

مراد: وعشان كده إحنا شغالين ليل نهار، لحماية الأمن. 

تنز دماء سوداء من جرح آدم يحاول آدم إخفائها، يراها مراد فيزداد الشك في قلبه. 

يقف آدم منهياً للقاء. 

آدم: ماتقلقش يا حضرة الصاغ، إحنا هنا نقدر نحمي نفسنا....شرفتنا.

ينهض مراد، ويخرج من الباب. 

يسقط آدم من التعب علي الأريكة. 

قطع























م/٧٨                                    بجوار البوابة(حجرة مرجان)                                     ل/د

مرجان يصب كوب شاي لمراد. 

مراد:هو آدم بيه ده شغال إيه بالظبط يا عم مرجان. 

مرجان:والله يا مراد يا ابني ما تعرف بالظبظ، المفروض إنه راجع من بلاد الإنجليز حكيم، بس عمره ما راح اسبتالية ولا حد قصده يكشف عليه، لكنه قاعد طول النهار في معمله. 

مراد:معمل؟ 

مرجان: بيني وبينك المعمل ده هو اللي جايبله الكافية، ده كان شاب ولا كل الشباب، وآديك شايفه بقي عامل إزاي، والله أنا باقول ربي له الخفيف، ساعات اسمعه يكلم نفسه، ويقعد يشوح ولما يشوف حد جاي عليه يتخض، ويقعد ساكت. 

مراد: هو متصاب في دراعه من إمتي؟ 

مرجان: متصاب؟! ده ماشي قدامي الصبح  مافيهوش حاجة. 

رد فعل حيرة علي مراد


قطع


















م/٧٩                             منزل زين(حجرة النوم+الصالون)                                            ن/د

 

دلال في ثياب الحداد، حامل في الشهور الأخيرة، تبكي وبجوارها ليلي تشاركها البكاء والعويل. 

في الصالون يجلس مراد مع المعزين. 

تتوالي علي ذهنه أحداث الساعات الأخيرة. 

المطاردة، النهر، الدم الأسود.

جرح آدم الذي ينز دماء سوداء. 

عبارة مرجان: ده ماشي قدامي الصبح مافيهوش حاجة. 

كلمة مرجان: المعمل ده هو اللي جايب له الكافية.

كلمته أمام المأمور: الغريب ده وراه حاجة مش طبيعية. 

تختلط في ذهنه ملامح الغريب بملامح آدم. 

يفتح عينيه علي اتساعهما. 


قطع

















م/٨٠                                شارع                                                                          ل/خ

الشارع خال والبرد شديد. 

دنيا تحمل في يدها منديلاً به المال والذهب، باليد الأخري تتشبث بذراع شلبي. 


دنيا(قلقة) : بتاع الحنطور اتأخر قوي، إنت متأكد إنه قالك هايقابلك هنا. 

شلبي: زمانه جاي السكة ماتقلقيش كده جمدي قلبك أومال. 

دنيا: الجو برد. 

شلبي: خدي يا روحي الجاكتة بتاعتي. 

يخلع جاكتته. 

يقف وراء دنيا. 

دنيا في اجمل لحظات حياتها. 

تشعر بالحب والأمان، مستسلمة لذلك الشعور. 

ينقض عليها شلبي من الخلف بآلة حادة. 

يطعنها في ظهرها. 

تسقط غارقة في دمائها. 

ينزع المنديل من بين أصابعها المتشبثة به. 

يتركها جثة هامدة ويهرب. 


قطع












م/٨١                                قصر آدم( السور+الحديقة+المعمل)                                        ن/خ                     


مراد يراقب القصر. 

من بعيد يري شبح الغريب يقفز. 

كان ينتظر ذلك، يخرج من جوال موضوع علي الرصيف حبلاً في آخره خطاف. 

يتجه ناحية السور. 

يرمي الحبل علي السور ويتسلقه. 

يقفز إلي داخل القصر.... لا أحد هناك. 

يري علي الأرض الموحلة من ماء المطر آثار أقدام. 

يتبعها... 

تؤدي به للباب المخفي خلف النباتات، لكنه لا يراه، يهم بالرجوع فيلمح مقبض الباب بارز من بين الأغصان. 

يزيح الأغصان جانباً ويفتح الباب، وسلاحه في يده. 

يري الغريب وهو يتحول لآدم. 

يقف مذهولاً والمسدس يرتجف في يده. 

يقع آدم علي الأرض في ثياب الغريب، مدركاً لوجود مراد خلفه. 

يحدثه دون أن يلتفت إليه. 

آدم: السلاح في الحالات دي مالهوش لازمة....هاتضرب علي مين أنا دلوقتي آدم مش الغريب... ومفيش حد غيرك يعرف إني آدم والغريب.


قطع












م/٨٢                                              كوخ                                                        ل/د


قمر تلد وهي تصرخ في ألم شديد. 

تحاول شوق مساعدتها لكن كل تصرفاتها خرقاء. 



قطع
























م/٨٣                                                      القصر(المعمل)                        تكملة مشهد ٨١


آدم ما يزال علي الأرض وخلفه مراد. 

آدم:الطلقة هاتصيب برئ.... مش أنا برضه برئ.... أنا آدم.... اللي محدش شاف منه حاجة وحشة. 

مراد: والغريب. 

آدم: الغريب مفروض عليا... غلطة مقدرتش أصلحها. 

يقف ويتجه ناحية رف السموم. 

آدم: تفتكر العدالة تتحقق إزاي في قضية زي دي؟ هاتعاقب برئ بذنب مجرم... مين القاضي اللي ممكن يحاكمني؟

مراد لا يجيب.

آدم: أنا الوحيد اللي ممكن أحاكم نفسي.

يلتقط آدم زجاجة سم. 

ص. الغريب(مفزوعاً مرتعداً) :لأ يا آدم.... لا أنا عايز أعيش.

آدم(يكلم نفسه وسط دهشة مراد) : خلاص يا غريب الحكاية انتهت.

ص. الغريب: طب شوف لنا علاج.... أكيد فيه علاج.

آدم: العلاج في إيدي.

يشرب آدم السم، تبدو عليه آلام رهيبة، يسقط بجوار دفتره" أيام آدم".



قطع












م/٨٤                                              شارع                                       ن/خ


نعش آدم يحمله رجلان، لهما هيئة مقززة. 

يبتعد عنه الناس في الطرقات وهم يشيرون له. 

يهمسون في خوف.


قطع
























م/٨٥                                        المقابر                                   ن/خ


الرجلان يحفران له قبراً.

رجل١:مش الجدع ده برضه بيه... ليه ماندفنش وسط عيلته.

رجل٢:محدش رضي يخليه يندفن هناك... ولا حد مشي في جنازته.

رجل1:ليه هو عمل إيه؟

رجل2:وأنا إيش عرفني... أهي الدنيا كلها بلاوي.

يتسع الكادر، فنري أن المشيع الوحيد هو الصاغ مراد.

في يده دفتر"أيام آدم".

وينظر إلي دفن آدم تتصارعه عاطفتان... الكراهية والعطف.

قطع




















م/٨٦                                    علي ظهر باخرة                                    ف/خ

يسر ساهمة حزينة.

السفينة تقترب من شواطئ  أوروبا.

تفتح قلادة بداخلها صورة آدم وتنهمر في بكاء مر.


قطع
























   

م/٨٧                                           أمام القصر                                     ص/خ


من النافذة نري حكمت جالسة علي كرسي متهدمة وحزينة، تضغط علي قلبها في ألم.

من الباب يخرج عبد الوهاب وحليمة وسنية بحملون حاجياتهم

حليمة تبكي لفراق القصر.

سنية في عالمها الخاص.

يستقلون عربة.

ترحل العربة بمن فيها.

في نفس اللحظة تظهر قمر حاملة ولدها الرضيع.

تقف أمام القصر.

تنظر لابنها بأسي وتخاطبه. 

قمر:ده قصرك وبيتك... بس انكتب عليك تفضل مطرود ومحروم منه للأبد. 


تتجه نحوهما شوق، حاملة عود قصب كبير تلتهمه، وعلي شفتيها ابتسامة بلهاء لا تحمل للدنيا هماً.

تداعب الصغير الذي تشرق ضحكته من وجهه.

تبتسم قمر.

يرحلون.

ومن البوابة المفتوحة، تخرج الفرس سكر.

وتنطلق في اتجاه شروق الشمس إلي بعيد... دون رجعة.



النهاية