الثلاثاء، 1 أبريل 2014

مش بالكلام...فيلم قصير



مش بالكلام
 فيلم قصير
القصة السينمائية:
رنا  فتاة في العشرين ابتُليَت منذ منذ ولادتها بالصمم والبكم,مما عزلها طوال عمرها في عالم صامت أبرز ما فيه شعور دائم بالحسرة ممزوج بألم الفقد مع سوء تفاهم متواصل بسبب عدم قدرتها علي سماع الآخرين والحديث معهم,تتفاقم أزمتها للذروة بسبب ابتعاد الجميع عنها لعجزهم عن التواصل معها,مما يوقعها في مصيدة الاكتئاب المزمن,ولم يكن لها سلوي في الحياة غير القراءة والجلوس أمام البحر السكندري البديع تتأمل الأمواج و وجوه الناس.
طارق طالب جامعي,فرق السن بينها واضح لصالح طارق من ناحية العمر المتقدم,بسبب رسوبه الدائم لم يُنهِ تعليمه حتي سن متأخرة نسبياً لاقتناعه أن ما يُقدم له ليس إلا هراء يخجل منه ويحتقر ذاته كلما فكر أنه مجرم وضحية في نفس الوقت لأكبر جريمة تُرتكب في حق كل الأجيال,هو ما يجعله هو أيضاً معزولاً كعزلتها وتفاصيلها:القراءة بنهم,وتأمل وجوه البشر.
يراها كل يوم عند العصر علي شاطئ البحر.
يظنها طبيعية,تعاني من مزاج سئ كمزاجه,يحاول التقرب منها بانجذاب حسي,وجهها الجميل الهادئ,بياضها الحليبي,قدها المُلفت,شعرها المنسدل علي كتفيها متموجاً سارحاً حتي نهاية الدنيا.وعاطفي,الحزن البادي علي كليهما,الانعزال الجليدي الغارقان فيه عما حولهما,و رؤيته لأغلفة كتب تحملها معها دوماً(الحرافيش,ثلاثية غرناطة,دواوين درويش ودنقل,أجزاء من موسوعة قصة الحضارة,كتب سلامة موسي وزكي نجيب محمود,وروايات فتحي غانم وبهاء طاهر......,......,......"
كل هذا كان يدفعه للتقرب منها لا إرادياً,ضبط نفسه مهرولاً خلفها وهي تهم بالمضي وقلبه يكاد ينفجر من فرط الانفعال:
-لو سمحتِ يا آنسة هو الكتاب ده.....
لم تشعر به وواصلت طريقها بهدوء, توقف محرجاً,عاد وهو يغلي من الموقف.
دافعه للاقتراب منها لا يهدأ ويُسكره بخمر النشوة والأحلام الرومانسية.
ظن أن عيناهما التقت فابتسم,سقط قناع التجهم السابق في لحظة مصالحة مع الحياة...الواقع أنها لم تكن تنظر له.
بدأ يكتفي بمشاهدتها مُجبراً نفسه علي التزام حد البعد حتي لا يُحرم مما رضت به الحياة منحه...رؤيتها بخلفية من موج وسحب وشمس تموت لتبعث من جديد,برؤية جديدة!
تحولت مراقبتها لعادة يجتاحه أثنائها الشجن والألم,مما يجعل عينيه في ذلك الوقت ممتلئة بدمع محبوس.
تأتي مع العصر,بكتاب و علبة عصير,مُداعبة بأصابعها ميدالية علي شكل راقص صوفي علي الطريقة المولوية يداه مرفوعتان للسماء ,مُفرغة في الوسط فراغات تُشكل عبارة الشيخ الأكبرابن عربي:"كل مُحب مشتاق ولو كان موصولاً",تقفز علي السور الحجري بنشاط بعد شعورها ببهجة البحر كأنه كان في انتظارها ويحييها بأمواجه,وتحضنهانسمات رقيقة تعبث بحنان في شعرها الُمتراقص حول وجهها فتبدو أمامه كحلم يتمني ألا تمتد يد الزمان لتوقظه مفزوعاً.
حتي يوم جاء بعد موعدها بدقائق,عبر الشارع وهو ينظر إليها قبل أن يتسمر في المنتصف عند الرصيف الذي يقسم الاتجاهين,كانت تمسك الموبايل موجهة عدسته الأمامية لوجهها,وبيدها تشير بحركات التعبير عند الصم والبكم,ركز علي شفتيها فوجدهما لا تتحركان أصابع يدها فقط هي ما تتكلم به.
تقلص وجهه من الألم تعاطفاً معها,وكزّ أسنانه غيظاً من فهمه وحدسه اللذان تخليا عنه.
توقف لأسبوع عن المجئ......ولاحظت رنا غيابه!
في هذا الأسبوع كان سجيناً لرغبته في تعلم لغة الإشارة بأسرع وقت,لجأ للإنترنت للكتب الإليكترونية والمرئيات البصرية,حفظ كل إشارة,وقرأ في علم النفس حتي يتفهم مشاعر الشخص العاجز وحالاته المختلفة,وكيف يتطور الأمر منذ الطفولة حتي البلوغ الفكري,وكيف تكون عقدة النقص عند ذوي العاهات الدائمة وكيف تبلور سلوكهم ورؤيتهم لأنفسهم وللآخرين وللحياة...وللحب.لم يرحم نفسه طوال الأسبوع ولم ينم إلا آخر يوم حتي يبدو أمامها بصورة مناسبة.
لم يصدق نفسه للحظات لما رآها تلك المرة تبتسم له هو,تلفت ورائه مرتين ثم عاد ونظر لها كانت ما زالت تبتسم له بحنو حُرم منه طوال العمر,تلك المرة أكيد! ولم تصدق نفسها لما أشار لها بما يعني"كيف حالك اليوم",كأنها تراه لأول مرة.
(ملحوظة في السيناريو سيكون حوارتهما مسجلة صوتياً,نابعة من دواخلهما كل واحد يسمع الآخر بلا كلام منطوق!)
-الحمد لله.
ثم اقتربت منه حتي جاورته واحتك جسدها به بعفوية وهي تجلس.
- هو إنت كمان أصم؟
-لأ
-أومال بتتكلم لغة الإشارة إزاي؟
-عشان إنتِ بتتكلميها!
مالت باسمة بجانب رأسها في خفة ودلال,وتابع مغالباً اضطرابه لمباغتتها المفاجئة-السعيدة-:
-بس فيه لغة تانية بتجمعنا إحنا الاتنين.
قلبت كفها ليبدو باطنه ظاهراً في حركة استفهامية.
-لغة القلوب!اسمك إيه بقي؟
-رنا
لما تضحك يتوقف الزمان السرمدي ويسمع صوت الانفجار الكبير الذي نشأت عنه الأرض,ويتساءل:هل نظرية التطور حقيقة يا داروين؟!لو كنت رأيت لخجلت من نفسك لما تعتبرها هي وأنثي الشامبانزي من أصل واحد!هذا انفجاره الصغير ومنه سينشأ.
هامساً لنفسه بلا أي إشارة:
-صوت واحد بس كان نفسي نسمعه سوا...أم كلثوم!








م/1                                                         ل/د

حجرة طارق
-اضاءة خافتة توحي بجو من الهموم والقلق.
-يظهر طارق متقلباً علي سريره مؤرقاً,مستعيداً في نفسه صوت والده يوبخه في غلظة.
صوت الأب:
هاتفضل كده طول عمرك فاشل,وهاتضيع حياتك بإيدك وهاتبقي مسخة في في بق الناس ومش بعيد يضربوا بيك المثل في الخيبة,جاتك خيبة فيك وفي اللي جابتك في يوم واحد!اتفوه علي دي
خلفة!

مزج

م/2                                                   ل/د
حجرة رنا
-نفس الإضاءة تقريباً علي شرط أن تبرز صورة منظر طبيعي للبحر السكندري.
-تظهر رنا أمام المرآة في ثوب منزلي تتأمل وجهها في المرآة وتستعيد في مخيلتها (صور)من أحداث طفولتها وابتعاد الأطفال عنها ورفضهم انضمامها لهم في اللعب.
قطع

م/3                                                ن/خ
شارع الكورنيش
-الصخب والحركة لا تهدآن مما يزيد من توترها الحساس,وتبدو في عينيها نظرة الخوف وهي تعبر الشارع المزدحم بسيارت تسير بسرعة كأنها أمام ماراثون جنوني للتسابق علي شئ تجهله
-تضطرب أثناء العبور تتقدم وتتأخر في وجل,حتي تكاد سيارة أن تصدمها.
السائق:
ما تحاسبي يا غبية يا بنت......
قطع
م/4                                           ن/خ
أمام مجمع الكليات  النظرية
-يقف طارق وسط مجموعة شباب يبدو بوضوح أنه يكبرهم في السن لحد كبير,يبدو بينهم غريباً بملابسه البعيدة عن البهرجة وذقنه النابتة في إهمال.
شاب1(يمط حروفه ويرقق صوته ليتحدث بطريقة أقرب للفتيات,علي اعتبار أنها الطريقة الشبابية للكلام):
ده الواد حسن بتاع مظاهرات الثورة هربت منه خالص يا مان,ده أنا شايفه امبارح ماشي سرحان كده,سألته بتعمل إيه يا بوب,لقيته بيعد بلاط الممر 22 23 24
شاب2(ضاحكاً):
هم السابقون ونحن اللاحقون,بس خلي بالك العبط يليق عليه.
شاب3(ساخراً بمرارة بالغة) :
-يا راجل انت عشت الدور ولا إيه؟إنت مفكر نفسك في كلية حقوق بجد؟! إنت في مصر يا عم الحاج,يعني لا تعليم ولا حقوق! خلص أيامك السودا دي وبعد كده تطلع علي أي حتة برة عشان تعيش بني آدم,ولو ماعرفتش-وغالباً ده اللي هايحصل-وفضلت هنا ماتجيبش عيال عشان هايشيلوك ذنب اللي هايشوفوه في البلد دي زي ما بنشيل دلوقتي أهالينا,الله يرحمك يا معري يا اخويا فعلا:
"هذا جناه علي أبي     وما جنيت علي أحد"
في نفس القصيدة يقولك إيه بقي:
"فلا ذنب يا رب السماء علي امرئ     رأي منك ما لا يشتهي فتزندقا" الناس كفرانة من زمان يا أبا
ما سمعتش موال البرنس أحمد شيبة وهو بيقول(يغني بصوت عال):"الله يسامحك يا أبي جنيت عليا وأنا صبي,يا أبا يا أبا يا أبا مانصحتنيش يا أبا"
-يدوس علي سيجارته بحذاءه في غيظ من كل شئ,يبصق علي الأرض.
طارق لنفس الشاب:
-ولاعة والله يا كابتن لو سمحت.
-أحاديث كثيرة متداخلة يبدو خلالها طارق  محاط ببالونة كبيرة تعزله عن كل ما يحدث أو يقال حوله.
قطع
م/5                                                    ن/خ
أمام البحر
-تظهر علي الشاشة رواية( ميرامار)في يد رنا,تفتحها بعد أن تخرجها من حقيبة يد عليها صورة مايلي سايرس في شخصية هانامونتانا فتنتقل معها الكاميرا لبداية الصفحة الأولي-يُراعي أن تكون طبعة دار الشروق حيث الغلاف الأمامي اسم العنوان والخلفي صورةالكاتب العظيم نجيب محفوظ:"الأسكندرية أخيراً.الأسكندرية قطر الندي,نفثة السحابة البيضاء,مهبط الشعاع المغسول بماء السماء,وقلب الذكريات المبللة بالشهد والدموع"
-نري طارق متمشياً علي الشاطئ واضعاً سماعات الموبايل في أذنيه فنسمع صوت محمد منير قادماً من مكان بعيد"سيبوني أتوه وحدي عطشان أنا عطشان,الدنيا توب قدي وما أطيقش أنا الغطيان مركب تاخدني لبلاد بعاد,ولُقي يصادفني من غير ميعاد,زمان ياخدني لمكان وعطشان أنا عطشان,صادفني كتير وشوش قلوب زي البيوت طريق ما بعرفهوش يوماتي عليه بفوت"تلفت انتباهه من علي بعد جلستها الملائكية وتبدو لعينيه مُحاطة بهالة كهالة القديسين في الأيقونات الدينية المسيحية.
يتخطاها وهو لا يحيد ببصرها عنها بينما هي لا تراه,يجلس في قرب نسبي منها,حتي تسقط الشمس حمراء مذبوحة في البحر,ولما تهم بالقيام يحاول اللحاق بها:
طارق(في خجل):
لو سمحت يا آنسة هو الكتاب ده........
-تسير بلا أدني اهتمام كأنه طيف يسير خلفها,يعود لمجلسه ووجهه متضرج بحمرة الإحراج.

-فوتومونتاج لجلسات مختلفة بنفس الهيئة,ومن بينها نلمح رنا تنظر له خفية في خجل أنثوي يأخذ القلوب.
قطع

م/6                                                  ن/خ
أمام البحر
-كالمشهد السابق,لكن رنا تبدو سارحة وعلي ركبتيها الظاهرتين من تحت جيب وردي, كتاب فوائح الجمال وفواتح الجلال لنجم الدين كبري تحقيق أستاذنا يوسف زيدان مقلوباً علي وجهه,وبين يديها ميدالية تلفها بين أصابعها في حركة آلية علي شكل راقص صوفي علي الطريقة المولوية بها فراغات في الوسط مُشكلة عبارة الشيخ الأكبر ابن عربي:"كل محب مشتاق ولو كان موصولاً",مكان طارق فارغاً ونشعر أن هذا هو ما يُحزنها تنظر للساعة وتمضي.
قطع
م/7                                             ل/د
 حجرة طارق
-مُنكباً علي جهاز اللاب توب في تعب بادٍ وتظهر عناوين كتب إليكترونية كلها عن علم النفس كـ:معني الحياة لألفريد أدلر,مهارات الناس لروبرت بولتون,علم نفس تقدير الذات  لناثانيل براند,موسوعة علم النفس لعبد المنعم الحفني,المخ الأنثوي لوان بريزنداين أبعاد الشخصية هانز إيزنك.
قطع
فلاش باك
م/8                                        ن/خ
-طارق يعبر الشارع لمجلسه اليومي بجوار رنا وفجأة ويتسمر في منتصفه,وعلي وجهه علامات الصدمة والألم.
-تنتقل الكاميرا لوجه رنا وهي تضع الكاميرا الأمامية للموبايل في واجهتها بيد وبالأخري تتكلم مع المتصل بلغة الإشارة.
-يعود طارق متثاقلاً.
قطع
م/9                                          ل/د
عودة لحجرة طارق
-نراه وهو يقلد حركات الإشارة عند الصم,وتقترب الكاميرا علي يديه المقبوضتين في وضع متقابل رافعاً وخافضاً الإبهامين في نفس الوقت,وهي حركة تعني "المُحب".
قطع
م/10                                          ن/خ
البحر
-يظهر طارق حليق اللحية,ناظراً لكفيه مُنشطاً إياهما علي الحركة,يجلس علي مقربة من رنا,التي تفاجئه بابتسامة لم يتوقعها,فيشير لها بأصابعه بما يعني"كيف حالك اليوم"تبدو الصدمة في عينيها,وما تلبث أن تقترب منه وتجلس بجواره,و يبدآن في الحديث بالإشارة مع الأخذ في الاعتبار أن الصوتين سيسجلان ويُسمعان في الفيلم صادران من دواخل نفسهما:
رنا:
-هو إنت كمان أصم؟
طارق:
لأ!
رنا:
أومال بتتكلم لغة الإشارة إزاي؟
طارق:عشان إنتي بتتكلميها!
-مالت بجانب رأسها الأيمن فانسدل شعرها بجانبها حاملاً نفحة عطر اصطدمت به
طارق:
بس فيه لغة تانية بتجمعنا!
قلبت يدها متسائلة
طارق:
لغة القلوب!اسمك إيه بقي؟
رنا(باسمة هيام واضح):
رنا
قطع
م/11                                          ل/خ

شرفة منزل رنا
-تتحدث بلغة الإشارة لطارق الذي يظهر علي شاشة هاتفها,ويضحكان في بهجة وتنتقل الكاميرا للداخل تدريجياً حتي تثبت علي صورة البحر الذي رسمت عليه رنا خطوط ساذجة لشخصين يجلسان علي سوره الحجري,وكتب علي صورة الفتي طارق وعلي صورة البنت رنا
-النهاية-