الجمعة، 25 يوليو 2014

كلام بين قلبين



كلام بين قلبين
1
عمر:pm8:00

حبيبتي...
الكلام عن الحب ومشتقاته في اللغة والعواطف,أضحي في زمننا البائس المتعفن مبتذلاً,جعله أنصاف البشر أنصاف الخنازير مادة للسخرية والازدراء,صنع منه الأهل والمجتمع تابوه لا يمكن كسره...طبعاً الجنس بكل عظمته وقيمته في الحياة في تلك الحالة,خارج أصلاً عن دائرة الوجود!! ولو تم ذكره عرضاً فسيلحقون به الدنس والقذارة!! وهو كما تعلمين يا حلوة سر من الأسرار لا يعرفها إلا من تفاهما بجسديهما,وتكلما بأعضائهما والتحما في حميمية وعطف...مثلنا! سر من المستحيل إفشاؤه...سر لا تعبر عنه الكلمات,مع أنه هو نفسه لغة من لغات الحب.
حتي كلمة حبيبتي فقدت رونقها الآسر من كثرة ترددادها علي الألسن الكاذبة المتلاعبة بالقلوب,وحال لونها الذهبي السحري لصدأ أسود مقبض,لكن مادام في الدنيا قلبين حلا في بعضيهما,مازال الحب له مكان بين البشر.
دعينا يا قلبي نزيل الصدأ عن كلام الحب ونجلوه,ونخبر الدنيا أن الحب هو أصل الأصول وعلة كل أمر معقول,فبالحب ظهر العالم وتلاحمت أجزاؤه,كما تفلسف اليونانيون وما زالت أجزاؤه ملتحمة,فلا يزال هناك الحب,وبالكراهية تتفتت الذرات وتتباعد وينحل العالم,وهو ما في طريقه للحدوث,وصدقيني حدث من قبل علي هذه الأرض هذا,الحضارات العجيبة القديمة تشهد بوجود دورات حياتية أخري قبلنا...وقبل أن ينهار العالم بهروب الحب من بين ذراته لتحل الكراهية ويتداعي أمل الإنسان المثير للشفقة,دعينا بحق حبنا نتحدث عن الحب,حتي ولو كانت الدماء والكراهية حولنا كطوق يخنقنا,حتي ولو كانت الحروب والنيران مشتعلة,دعينا نصير نبيان للحب في زمن الهيستيريا الدموية.
الشئ الحزين انتهاء زمن الخطابات المعطرة والخطوط اليدوية الحميمية,يعوضنا عن ذلك الانترنت بتدمير حواجز الزمان والمكان,دعينا نكتب رسالتنا للمحبين...دعينا نصرخ أنا هنا يا كل الدنيا الصاخبة المجنونة,أيها الماديون الأوغاد,أيها القتلة المجرمون,نحن هنا نحب ونكتب عن حبنا ولن تمنعنا أي قوة من الحب والكتابة,مع أن الحب لا يمكن التعبير عنه فهو في العمق,ومن ينزل للعمق يغرق,ونحن غرقنا من زمن,ولكننا سنحاول,لعلنا نفلح.
حدثيني يا امرأة قلبي وبهجة روحي عما يسمو بنا للسماء وما بعدها,اكتبي لي يا ذات الشعر الناعم المنسدل علي كتفيها حتي لانهائية الكون عن ما صنعنا منه مركبنا الصغير لنسافر لما وراء الذات,لنكتشف إنا لسنا هذا الهيولي الطيني المشترك مع القردة العليا في أصل واحد,وإنا لسنا من المملكة الحيوانية ولا من الأرض,بل من بعيد حيث لا زمان ولا مكان,حيث ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر علي قلب بشر,حيث النور السرمدي...المنبعث من قلوبنا.
أخبريهم أنكِ أنتِ الأصل,أنتِ ابنة"إسِت" أم الكون بادئة العالم سيدة العناصر,الأفعي العصي عن الأفهام,وحتحور الحانية الحنون ربة الجمال والموسيقي والخصوبة,و ماعت ميزان الدنيا وخط سيرها ,حين كان الناس يعرفون ماعت ومطمح آمالهم أن يُكتب علي قبورهم"عاش في ماعت"أخبري الحمقي عن الأنثي وسرها الذي منه ظهرت الدنيا,ليتحسروا علي خسارتهم بخسارتهم تاء التأنيث,نوري طريقهم بحكايات جداتك الفرعونيات العظيمات,اللواتي حملنك أمانة العالم,اكتبي عن "إِست"وإنانا وعشتار وفينوس والأم المقدسة ننخرساج,عن هيباتيا أستاذة كل الأزمان وكل ماهو مؤنث أسس للمذكر المغرور فسعي في الدنيا تدميراً وتخريباً,افهميهم أن كلمة"الحياة",وهي كلمة مؤنثة إنما جاءت من "الحيا" من رحمك الذي انسلت منه الدنيا وظهر الأحياء,يا حبيبتي يا كل النساء...أخبريهم عن ملاحظتك عن العلاقة بين كلمتي love الانجليزية وتعني الحب,وla vieوlifeوتعنيان الحياة,وكأن اللغات تؤكد ما قالته أم كلثوم"ده العمر هو الحب وبس".
اشرحي لضعاف العقل فن الحب وحب الفن,افهميهم معني الأيروتك,ذكريهم بمجد الأنثي,وقبل كل ذلك افيضي عليهم من أمومتك الخالدة,فأنت العقل الأرقي والنفس الأطهر مهما وصفك أولاد الأفاعي بصفات أقلها النجاسة والنقصان تكلمي يا ابنة"إيست" وماعت وحتحور,نوري دنيانا المظلمة بنورك المنبعث من حكمتك التي لا يعرفها إلا الراسخون في العلم.
تكلمي عن الحب يا محبوبة,فالحب جزيرة نجاتنا الوحيدة وسط هذا العالم الفاسد فاقد العقل والدين والحكمة السابح علي جماجم الضحايا,السائر نحو حتفه الأكيد,أنقذي الكون بالحب...وبالحب وحده....اكتبي...اكتبي فالكتابة أنثي!
يا سيدة قلبي اغسلي قلبي بكلماتك مهما كانت,يكفيني فقط أن أكون أنا المقصود بها,ولتكن رسائلنا أجنحتنا للتطهر من دنيا الشيطان التي نحيا فيها,لنرحل بها بعيداً بعيداً بعيداً حاملين نقاءنا الأول...لتسجد لنا الملائكة كما سجدت لآدم من قبل.
"
حبيبتى على ضفة النيل الأخري، وبينى وبينها النهر والتماسيح
 ولكنى سأخوض الماء وأتحدى التماسيح، فحبك يمنحنى القوة والشجاعة

أنتظرك يا معبودتى فى شوق عارم
 وعندما أسمع خطواتك، يقفز قلبى بين الضلوع
 عندما يضمنى ذراعك وتحتضنيني، يصيبنى الخدر، وأهيم فى عالم آخر، فى حديقة فواحة بالزهور، بعيدا، فى بلاد «ونت

أتمنى لو كنت مجرد خاتم لإصبعك الصغير، حتى يتسنى لى ملامسة أناملك فى خلسة من الآخرين"
من قصيدة حب فرعونية
حبيبك...

2
أميرة:8:10
حبيبي...
رسالتك وصلتني للتو,وفي الجو رائحة الحب.
جالسة مع صديقاتي في مقهانا المفضل عند البحر,نحكي ونتكلم...ونتحمل سخافات ومعاكسات المارين من السفلة ذوي الألسن الزفرة.
أنت تعرف ميريهان السمراء الخجولة ذات الشعر الطويل الناعم,وأنا في سطورها الأولي,وصلت لصديقة لنا مكالمة من خطيبها,وكان صديق له بجواره فسألها إن كانت نورهان معهن لأن صديقه هذا يريد إيصال السلام لها,فأجابت بالإيجاب وأعطت لها الهاتف,فما سمعنا إلا همهمة منها,مع تورد وجهها وارتخاء أطرافها كأنها محقونة بمخدر...الدوبامين هرمون الحب!
ففاحت رائحة الحب المكتومة في قلبها حتي غطت علي رائحة البحر!
ذكرتني بأول يوم قضيناه كله سوياً في صيف حرارته جحيمية صادف شهر رمضان,كنت عندها راسبة في مادة من موادنا الغبية عديمة القيمة,وكنت أنت كذلك وشاء الحب أن نتفق بلا اتفاق علي أن نحضرها في الصيف ونكون في مجموعة واحدة كأن القدر يرسم لنا الطريق مسبقاً,وليس علينا إلا أن نسير,كان أهلي حينها في القاهرة كلهم واضطررت للبقاء وحدي هنا في الأسكندرية حتي أنهي تلك المادة لينتهي العام,أول يوم لما تقابنا أذكر دهشتك لما وجدتني معك,كنت حزينة لوحدتي وابتعادي عن أهلي وأصدقائي,أحسست أنت بي وظللت تداعبني طوال الوقت رغم صمتك الشهير ,وصممت أن تنجز لي كل الأوراق والمصاريف رغم الصهد والعطش مع إلحاحي أن كفي ما فعلته حتي أني سألتك مداعبة:
-عمر...إنت متأكد أنك صائم؟
لففنا المباني كلها لنجمع توقيعات وأوراق لمشاكل البيروقراطية المصرية المعقدة,وقلت أنت حينها:"البيروقراطية أول إله عبده المصريون في زمن السحيق,وهو الوحيد الباقي من مجد الأهرام التي لابد تكون بنيت بجهاز إداري متين"
لم أكن أعرف أنك تمتلك كل هذا الظرف والقدرة علي الإضحاك لكونك متجهماً دائماً,لقد أضحكتني من القلب وما زلت كلما استعدت فكاهاتك وطريقتك في سردها أضحك,حتي رجل الأمن بجوارنا كان هو الآخر يضحك حينها علي ضحكنا!
ساعتها شعرت بما شعرت به نورهان من دقائق...وما زلت أشعر به....وقلت في نفسي"هو...أجل هو"
لم تتركني حينها إلا بعد أن أوقف لي تاكسياً,ورفضت بصلابة أن تركب معي لتوصلني حتي باب المنزل,الحق أني حينها شعرت بالخوف منك,كأن هناك روح عجيبة تلبستك فجأة وتأبي فراقي,لكني ندمت علي رفضي الحازم بقسوة حينها وأنا أتمدد في الفراش ليلتها مؤرقة...مهتاجة جنسياً أريد أن تسيل علي يديك أنهار جسدي المكبوتة المحرومة من التدفق.
وأخذت أتخيل الحياة صحراء متوحشة لا نقطة ماء فيها ولا ثمرة,وأنا أتعذب فيها وحدي منذ بلا حبيب أو أنيس يشاركني نفسي وأشاركه نفسه,معظم الناس للأسف يحيون في زماننا هكذا,في صحراء رمالها شفرات حادة تدميهم,يركضون خلف سرابها الخادع غير مبالين,حتي يموتون وهم حزاني علي عدم إدراكهم السراب ولما وجدت رفيق يحمل الزاد والماء والراحلة يريد إزالة متاعبي ووحشتي,خفت...آه كم كنت غبية!

ما طمأنني وأنزل النعاس علي عيني ساكناً مريحاً,ابتسامتك وأنت تلوح لي بعد أن عزل زجاج السيارة صوتك بينما شفتاك تقول:
-مع السلامة يا أميرة!
ثم تقول لي أن الكلام في الحب أضحي مبتذلاً!!
الحب هو القوة المحركة للإنسان ومبتغي كل قلب واع,حتي لو كان هذا القلب في زمن داعش,يسمع أخبار الجرائم والقتل والذبح والتشريد كل يوم لدرجة أنها جعلت من يومه معركة حربية,يشاهد الأفلام اللاسينمائية والمسلسلات اللادرامية التي تسبب تبلد المشاعر وتوقف عمل الدماغ تتكلم عن الحب,يتعرض لأصوات قبيحة تنهق بكلام سوقي تتكلم عن الحب,يشاهد أفلاماً إباحية تفسد الجنس لغة الحب,وتجعل منه أداء ميكانيكي ممل ومقرف ومثير للغثيان,حتي ولو كان يتكدس في مواصلة أو وسط زحام تُسحق روحه قبل جسده ويتعرض جسده للاعتداء,ولو كان بنتاً فسيتم مسك و لمس وقرص وضرب كل سنتيمتر في جسدها-لو كانت محظوظة!!!!-أوسيغتصبونها بسادية يشمئز ويخجل منها المركيز دوساد نفسه!
الحب الحقيقة الوحيدة في الحياة...لو كانت الحياة حقيقية أصلاً!!ما أجمل وأرقي وأسعد من قلبين أحبا بعضهما وتشاركا آلامهما وأحزانهما  قبل أن يتشاركا أفراحهما و سعادتهما.هنا نضع أيدينا علي أصل الحياة الضائع في حيرة العلماء والفلاسفة,قبل حبي لك كنت أعتقد أن الحياة عبءً ثقيلاً,وكياناً شريراً يمزقني ويريد تعذيبي من أجل هدف خفي لا أدريه,بعد وصالنا تغيرت الحياة لجنة لا حزن فيها إلا دقات الساعة التي تؤذن بانتهائها بنهاية كل حي!
الحب سيبقي سر الخلق والخالق,رغم طبع الإنسان الدنئ وشهوانيته الشريرة,ورغباته المفزعة وسلوكه الجبار.
الكلام عن الحب هو فقط ما يستحق منا تحريك اللسان لنقول,وتحريك الأنامل لنكتب,مع أنه يستحيل أن نعبر عن دقات قلوبنا بأصواتنا أو حروفنا...
"الحب في الأرض بعضاً من تخيلنا
 لو لم نجده عليها لا خترعناه"
نزار قباني
حبيبتك....

عمر 8:20
حبيبتي...
أصدقائي الأوغاد لا يعرفون الدوبامين,ينتشون ويشعرون بالاسترخاء بمخدرات أخري ليس من ضمنها طبعاً هرمون الحب,مما أثر علي أحدهم فدفعه لإغلاق محل سنترال يملكه وترك كليته وأهله ؛ليذهب للعمل"كاشير" في بور سعيد!!! أعرف الواحد منهم بمجرد رؤيته,أبادره:
-كيف الدماغ الليلة؟
-رافع كيميا يا زميلي.
وبلغة عامية بذيئة:
-أخيراً مسكت ثدي الحياة بين يدي وفهمت الدنيا علي حقيقتها , أنا لو مسكت ثدي الموضوع فالموضوع انتهي.الواحد يا أخي......
ثم يبدأ موال الهلوسة الليلي!
والباقي لا يختلفون عنه.
جلست مع واحد منهم وصادف أنه لم يتخدر بعد,انعطف الحديث نحو الحب,كنت متحمساً ملتهباً لأنك في قلبي,أؤمن إيماناً أعمي بحتمية انتصار الحب مهما حدث,صديقي هذا كالقبر ليس في قلبه امرأة ولم يعرف الحب يوماً,دأب طوال جلستنا علي تشويه الحب ومهاجمة المحبين بدعوي الظروف والأيام الصعبة والنقود الشحيحة والمجتمع المتدني-هو محق طبعاً-لكنه لم ير إلا الظاهر,نظره القاصر قضي علي بصيرته,لا أنكر أنه كان يتحدث بتأثر من يتمني الحب ويخافه علي اعتبار أنه مصيبة لمن لا يملك,ثم في النهاية بعد أن أفرغ كل ما قلبه من صديد,عبث في فحم الشيشة المنطفئ وقال بحرقة:
-كل ما أريد قوله تعبر عنه أغنية محمد منير التي يقول فيها"وخايف أوعدك ما أوفيش,أقولك فيه تلاقي مفيش,وأخاف لو قلتي بردانة أغطيكي بإحساسي ما تدفيش"
لا أنكر أني شعرت للحظات أني أدافع عن قضية خاسرة,حتي تذكرتك يا ذات البياض الحليبي في ليلة شتوية,ونحن نتحلق حول صديقتنا إلهام وهي تغني لوردة مغمضة عينيها موجهة مشاعرها كلها لحبيبها الجالس معنا...بكي حينها لو تذكري,كما بكينا,مازلت أذكر أدائها التلقائي الملائكي الصادق"آه لو قابلتك من زمان,كانت حياتي نورت ولا كان جري كل اللي كان لكن دي قسمة اتقدرت,مقسوم لنا مكتوب لنا نرجع نقابل بعضنا,لما بقي آن الأوان,لو كنت جنبي من زمان كانت حياتي اتنورت,ولا كان نسي يوم الزمان يبعت بفرحة اتنورت ليل جرحنا لو فرحنا داوي الجراح من قلبنا,لما بقي آن الأوان,لو كنت شوفتك من زمان كانت عينيا اتعلمت,معني الحنان معني الأمان ولا من دموعها اتألمت,وآدي بختنا شوفنا الهنا يوم ما قابلنا بعضنا,لما بقي آن الأوان"وكيف التصقت بك ممسكاً يديك في مواجهة الحياة,شعرت أن الله جعلني نبياً للحب,فلأتحمل سخافات الناس وسخريتهم وازدرائهم للحب,من وصايا الحياة في المجتمع ألا نعبر عن آمالنا أو أحلامنا لأي شخص غير الحبيب,سيسفهها ويسخر منها ويزدريها,أو سيسرقها وينسبها إلي نفسه....عموماً يجب أن نتسلح كعشاق بعشقنا في مجتمع تقتل فيه الأم ابنها لأنه طلب رغيف زيادة علي الغداء حتي يشبع,فطعنته ليموت علي يد أمه جائعاً,أو تقتله لأنه تبول علي نفسه وتقتله لترضي عشيقها أو أب يلقي بابنه من الشرفة لأنه يصرخ ويزعجه!!!فماذا يبقي لقلبين فهما سر الكون في الحب,فعشقا بعضيهما إلا التحمل ليزرعا وردة وسط بركة تفيض بقذارة المراحيض!!مجتمع اللاشئ يعادي ويحتقر كل قيمة ومعني في الحياة,يشبه بالضبط مشاهد العذاب المُتخيلة في الجحيم في الفن الغربي,التصويري والسينمائي,أشباح قبيحة المنظر تتلوي بالألم بينما يدها تمتد نحو الإنسان الناجي مما هم فيه ليأخذوه معهم للجحيم,وفي مشاهد كثيرة يبرز الفنان عذاب عجزهم الإمساك بالناجي لإدخاله معهم,يفوق عذاب الجحيم نفسه!
الحياة قاسية وموحشة لحد الأسي الداعي للانتحار,ذات مرة مرضت فرح ولم أرها فترة طويلة,ولم يكن أحد يعلم بمرضها فهي لطبعها الانطوائي لا علاقة لها بأحد ولا لأحد علاقة بها,كلمتها ذات مساء لأطمئن عليها"ربما تكون ماتت دون أن نعلم"هكذا أخبرني شيطاني اللطيف,في الصباح التالي قابلتها بعد في طريقها للحمام فتهللت وجرت عليّ فقط لتخبرني بامتنان هزني :"ميرسي جداً يا عمر إنك سألت عليّ"كأني آخر وأول واحد يطمئن عليها في الكون....أميرة يا أم الضفائر,حبنا فرصتنا الوحيدة.
آمل أن يخرج رغم كل هذا,جيل جديد يمجد الحب وينتصر له في الحياة والفن.
الحب خط دفاعنا الأخير,لو انهار فعلي الدنيا اللعنة!!
أهرب من أولاد الأفاعي الملاعين الداعين لنبذ العاطفة بدعاوي مثيرة للشفقة وللغثيان,وأستعيد الشعر الرومانسي بكل تجلياته,أول ما أعود أعود للـ"مؤنسة"قصيدة مجنون ليلي الباكية المُبكية,أجل تبكيني علي حاله كما أبكت أهل القرون السابقة,شاعر شعر فعلاً وعبر عن شعوره بقصيدة إنما قصدت القلوب,سماها ابن الملوح"المؤنسة" لأنسه بها لما ينزوي بعيداً يذكر ليلي وجمال ليلي,بعد أن فرقتهم العادة العربية الشاذة الجبارة-ولولاها لحرمنا من الشعير العظيم-القاضية بمنع الشاعر عن محبوبته لو تغزل فيها منعاً للقيل والقال وحتي لا يقال إنما تزوجا منعاً لفضيحتهما بعد أن كان من وصالهما ما كان,كل بيت فيها معني رومانسي لا يموت ولا يتغير بتغير الأزمان والأماكن والأشخاص,أتخيل المسكين قيس وقد أهزله الحب وشفه الغرام كأنه ورقة يطوحها النسيم حيثما سار,صعبان عليّ هذا الفتي العذري كما يصعب علي أقرانه المحرومين من الحب,هؤلاء هم المحبون حقاً لم ينسوا حبهم تحت أي ضغط,فلم ينسه التاريخ..... حتي يحط بي تاريخ الشعر الرومانسي,لمحطة محمود درويش والبندقية بين ريتا وعيونه.
لابد هنا أن أعترف أني يوم رأيتك كتبت سيناريو فيلم قصير من وحيك,وترددت في إطلاعك عليه,لكن مادام الكلام يلد الكلام والحكاية تصب في الحكاية فقد جاء   أوان ظهوره:
مش بالكلام
 فيلم قصير
القصة السينمائية:
رنا  فتاة في العشرين ابتُليَت منذ منذ ولادتها بالصمم والبكم,مما عزلها طوال عمرها في عالم صامت أبرز ما فيه شعور دائم بالحسرة ممزوج بألم الفقد مع سوء تفاهم متواصل بسبب عدم قدرتها علي سماع الآخرين والحديث معهم,تتفاقم أزمتها للذروة بسبب ابتعاد الجميع عنها لعجزهم عن التواصل معها,مما يوقعها في مصيدة الاكتئاب المزمن,ولم يكن لها سلوي في الحياة غير القراءة والجلوس أمام البحر السكندري البديع تتأمل الأمواج و وجوه الناس.
طارق طالب جامعي,فرق السن بينها واضح لصالح طارق من ناحية العمر المتقدم,بسبب رسوبه الدائم لم يُنهِ تعليمه حتي سن متأخرة نسبياً لاقتناعه أن ما يُقدم له ليس إلا هراء يخجل منه ويحتقر ذاته كلما فكر أنه مجرم وضحية في نفس الوقت لأكبر جريمة تُرتكب في حق كل الأجيال,هو ما يجعله هو أيضاً معزولاً كعزلتها وتفاصيلها:القراءة بنهم,وتأمل وجوه البشر.
يراها كل يوم عند العصر علي شاطئ البحر.
يظنها طبيعية,تعاني من مزاج سئ كمزاجه,يحاول التقرب منها بانجذاب حسي,وجهها الجميل الهادئ,بياضها الحليبي,قدها المُلفت,شعرها المنسدل علي كتفيها متموجاً سارحاً حتي نهاية الدنيا.وعاطفي,الحزن البادي علي كليهما,الانعزال الجليدي الغارقان فيه عما حولهما,و رؤيته لأغلفة كتب تحملها معها دوماً(الحرافيش,ثلاثية غرناطة,دواوين درويش ودنقل,أجزاء من موسوعة قصة الحضارة,كتب سلامة موسي وزكي نجيب محمود,وروايات فتحي غانم وبهاء طاهر......,......,......"
كل هذا كان يدفعه للتقرب منها لا إرادياً,ضبط نفسه مهرولاً خلفها وهي تهم بالمضي وقلبه يكاد ينفجر من فرط الانفعال:
-لو سمحتِ يا آنسة هو الكتاب ده.....
لم تشعر به وواصلت طريقها بهدوء, توقف محرجاً,عاد وهو يغلي من الموقف.
دافعه للاقتراب منها لا يهدأ ويُسكره بخمر النشوة والأحلام الرومانسية.
ظن أن عيناهما التقت فابتسم,سقط قناع التجهم السابق في لحظة مصالحة مع الحياة...الواقع أنها لم تكن تنظر له.
بدأ يكتفي بمشاهدتها مُجبراً نفسه علي التزام حد البعد حتي لا يُحرم مما رضت به الحياة منحه...رؤيتها بخلفية من موج وسحب وشمس تموت لتبعث من جديد,برؤية جديدة!
تحولت مراقبتها لعادة يجتاحه أثنائها الشجن والألم,مما يجعل عينيه في ذلك الوقت ممتلئة بدمع محبوس.
تأتي مع العصر,بكتاب و علبة عصير,مُداعبة بأصابعها ميدالية علي شكل راقص صوفي علي الطريقة المولوية يداه مرفوعتان للسماء ,مُفرغة في الوسط فراغات تُشكل عبارة الشيخ الأكبرابن عربي:"كل مُحب مشتاق ولو كان موصولاً",تقفز علي السور الحجري بنشاط بعد شعورها ببهجة البحر كأنه كان في انتظارها ويحييها بأمواجه,وتحضنهانسمات رقيقة تعبث بحنان في شعرها الُمتراقص حول وجهها فتبدو أمامه كحلم يتمني ألا تمتد يد الزمان لتوقظه مفزوعاً.
حتي يوم جاء بعد موعدها بدقائق,عبر الشارع وهو ينظر إليها قبل أن يتسمر في المنتصف عند الرصيف الذي يقسم الاتجاهين,كانت تمسك الموبايل موجهة عدسته الأمامية لوجهها,وبيدها تشير بحركات التعبير عند الصم والبكم,ركز علي شفتيها فوجدهما لا تتحركان أصابع يدها فقط هي ما تتكلم به.
تقلص وجهه من الألم تعاطفاً معها,وكزّ أسنانه غيظاً من فهمه وحدسه اللذان تخليا عنه.
توقف لأسبوع عن المجئ......ولاحظت رنا غيابه!
في هذا الأسبوع كان سجيناً لرغبته في تعلم لغة الإشارة بأسرع وقت,لجأ للإنترنت للكتب الإليكترونية والمرئيات البصرية,حفظ كل إشارة,وقرأ في علم النفس حتي يتفهم مشاعر الشخص العاجز وحالاته المختلفة,وكيف يتطور الأمر منذ الطفولة حتي البلوغ الفكري,وكيف تكون عقدة النقص عند ذوي العاهات الدائمة وكيف تبلور سلوكهم ورؤيتهم لأنفسهم وللآخرين وللحياة...وللحب.لم يرحم نفسه طوال الأسبوع ولم ينم إلا آخر يوم حتي يبدو أمامها بصورة مناسبة.
لم يصدق نفسه للحظات لما رآها تلك المرة تبتسم له هو,تلفت ورائه مرتين ثم عاد ونظر لها كانت ما زالت تبتسم له بحنو حُرم منه طوال العمر,تلك المرة أكيد! ولم تصدق نفسها لما أشار لها بما يعني"كيف حالك اليوم",كأنها تراه لأول مرة.
(ملحوظة في السيناريو سيكون حوارتهما مسجلة صوتياً,نابعة من دواخلهما كل واحد يسمع الآخر بلا كلام منطوق!)
-الحمد لله.
ثم اقتربت منه حتي جاورته واحتك جسدها به بعفوية وهي تجلس.
- هو إنت كمان أصم؟
-لأ
-أومال بتتكلم لغة الإشارة إزاي؟
-عشان إنتِ بتتكلميها!
مالت باسمة بجانب رأسها في خفة ودلال,وتابع مغالباً اضطرابه لمباغتتها المفاجئة-السعيدة-:
-بس فيه لغة تانية بتجمعنا إحنا الاتنين.
قلبت كفها ليبدو باطنه ظاهراً في حركة استفهامية.
-لغة القلوب!اسمك إيه بقي؟
-رنا
لما تضحك يتوقف الزمان السرمدي ويسمع صوت الانفجار الكبير الذي نشأت عنه الأرض,ويتساءل:هل نظرية التطور حقيقة يا داروين؟!لو كنت رأيت لخجلت من نفسك لما تعتبرها هي وأنثي الشامبانزي من أصل واحد!هذا انفجاره الصغير ومنه سينشأ.
هامساً لنفسه بلا أي إشارة:
-صوت واحد بس كان نفسي نسمعه سوا...أم كلثوم!








م/1                                                         ل/د

حجرة طارق
-اضاءة خافتة توحي بجو من الهموم والقلق.
-يظهر طارق متقلباً علي سريره مؤرقاً,مستعيداً في نفسه صوت والده يوبخه في غلظة.
صوت الأب:
هاتفضل كده طول عمرك فاشل,وهاتضيع حياتك بإيدك وهاتبقي مسخة في في بق الناس ومش بعيد يضربوا بيك المثل في الخيبة,جاتك خيبة فيك وفي اللي جابتك في يوم واحد!اتفوه علي دي
خلفة!

مزج

م/2                                                   ل/د
حجرة رنا
-نفس الإضاءة تقريباً علي شرط أن تبرز صورة منظر طبيعي للبحر السكندري.
-تظهر رنا أمام المرآة في ثوب منزلي تتأمل وجهها في المرآة وتستعيد في مخيلتها (صور)من أحداث طفولتها وابتعاد الأطفال عنها ورفضهم انضمامها لهم في اللعب.
قطع

م/3                                                ن/خ
شارع الكورنيش
-الصخب والحركة لا تهدآن مما يزيد من توترها الحساس,وتبدو في عينيها نظرة الخوف وهي تعبر الشارع المزدحم بسيارت تسير بسرعة كأنها أمام ماراثون جنوني للتسابق علي شئ تجهله
-تضطرب أثناء العبور تتقدم وتتأخر في وجل,حتي تكاد سيارة أن تصدمها.
السائق:
ما تحاسبي يا غبية يا بنت......
قطع
م/4                                           ن/خ
أمام مجمع الكليات  النظرية
-يقف طارق وسط مجموعة شباب يبدو بوضوح أنه يكبرهم في السن لحد كبير,يبدو بينهم غريباً بملابسه البعيدة عن البهرجة وذقنه النابتة في إهمال.
شاب1(يمط حروفه ويرقق صوته ليتحدث بطريقة أقرب للفتيات,علي اعتبار أنها الطريقة الشبابية للكلام):
ده الواد حسن بتاع مظاهرات الثورة هربت منه خالص يا مان,ده أنا شايفه امبارح ماشي سرحان كده,سألته بتعمل إيه يا بوب,لقيته بيعد بلاط الممر 22 23 24
شاب2(ضاحكاً):
هم السابقون ونحن اللاحقون,بس خلي بالك العبط يليق عليه.
شاب3(ساخراً بمرارة بالغة) :
-يا راجل انت عشت الدور ولا إيه؟إنت مفكر نفسك في كلية حقوق بجد؟! إنت في مصر يا عم الحاج,يعني لا تعليم ولا حقوق! خلص أيامك السودا دي وبعد كده تطلع علي أي حتة برة عشان تعيش بني آدم,ولو ماعرفتش-وغالباً ده اللي هايحصل-وفضلت هنا ماتجيبش عيال عشان هايشيلوك ذنب اللي هايشوفوه في البلد دي زي ما بنشيل دلوقتي أهالينا,الله يرحمك يا معري يا اخويا فعلا:
"هذا جناه علي أبي     وما جنيت علي أحد"
في نفس القصيدة يقولك إيه بقي:
"فلا ذنب يا رب السماء علي امرئ     رأي منك ما لا يشتهي فتزندقا" الناس كفرانة من زمان يا أبا
ما سمعتش موال البرنس أحمد شيبة وهو بيقول(يغني بصوت عال):"الله يسامحك يا أبي جنيت عليا وأنا صبي,يا أبا يا أبا يا أبا مانصحتنيش يا أبا"
-يدوس علي سيجارته بحذاءه في غيظ من كل شئ,يبصق علي الأرض.
طارق لنفس الشاب:
-ولاعة والله يا كابتن لو سمحت.
-أحاديث كثيرة متداخلة يبدو خلالها طارق  محاط ببالونة كبيرة تعزله عن كل ما يحدث أو يقال حوله.
قطع
م/5                                                    ن/خ
أمام البحر
-تظهر علي الشاشة رواية( ميرامار)في يد رنا,تفتحها بعد أن تخرجها من حقيبة يد عليها صورة مايلي سايرس في شخصية هانامونتانا فتنتقل معها الكاميرا لبداية الصفحة الأولي-يُراعي أن تكون طبعة دار الشروق حيث الغلاف الأمامي اسم العنوان والخلفي صورةالكاتب العظيم نجيب محفوظ:"الأسكندرية أخيراً.الأسكندرية قطر الندي,نفثة السحابة البيضاء,مهبط الشعاع المغسول بماء السماء,وقلب الذكريات المبللة بالشهد والدموع"
-نري طارق متمشياً علي الشاطئ واضعاً سماعات الموبايل في أذنيه فنسمع صوت محمد منير قادماً من مكان بعيد"سيبوني أتوه وحدي عطشان أنا عطشان,الدنيا توب قدي وما أطيقش أنا الغطيان مركب تاخدني لبلاد بعاد,ولُقي يصادفني من غير ميعاد,زمان ياخدني لمكان وعطشان أنا عطشان,صادفني كتير وشوش قلوب زي البيوت طريق ما بعرفهوش يوماتي عليه بفوت"تلفت انتباهه من علي بعد جلستها الملائكية وتبدو لعينيه مُحاطة بهالة كهالة القديسين في الأيقونات الدينية المسيحية.
يتخطاها وهو لا يحيد ببصرها عنها بينما هي لا تراه,يجلس في قرب نسبي منها,حتي تسقط الشمس حمراء مذبوحة في البحر,ولما تهم بالقيام يحاول اللحاق بها:
طارق(في خجل):
لو سمحت يا آنسة هو الكتاب ده........
-تسير بلا أدني اهتمام كأنه طيف يسير خلفها,يعود لمجلسه ووجهه متضرج بحمرة الإحراج.

-فوتومونتاج لجلسات مختلفة بنفس الهيئة,ومن بينها نلمح رنا تنظر له خفية في خجل أنثوي يأخذ القلوب.
قطع

م/6                                                  ن/خ
أمام البحر
-كالمشهد السابق,لكن رنا تبدو سارحة وعلي ركبتيها الظاهرتين من تحت جيب وردي, كتاب فوائح الجمال وفواتح الجلال لنجم الدين كبري تحقيق أستاذنا يوسف زيدان مقلوباً علي وجهه,وبين يديها ميدالية تلفها بين أصابعها في حركة آلية علي شكل راقص صوفي علي الطريقة المولوية بها فراغات في الوسط مُشكلة عبارة الشيخ الأكبر ابن عربي:"كل محب مشتاق ولو كان موصولاً",مكان طارق فارغاً ونشعر أن هذا هو ما يُحزنها تنظر للساعة وتمضي.
قطع
م/7                                             ل/د
 حجرة طارق
-مُنكباً علي جهاز اللاب توب في تعب بادٍ وتظهر عناوين كتب إليكترونية كلها عن علم النفس كـ:معني الحياة لألفريد أدلر,مهارات الناس لروبرت بولتون,علم نفس تقدير الذات  لناثانيل براند,موسوعة علم النفس لعبد المنعم الحفني,المخ الأنثوي لوان بريزنداين أبعاد الشخصية هانز إيزنك.
قطع
فلاش باك
م/8                                        ن/خ
-طارق يعبر الشارع لمجلسه اليومي بجوار رنا وفجأة ويتسمر في منتصفه,وعلي وجهه علامات الصدمة والألم.
-تنتقل الكاميرا لوجه رنا وهي تضع الكاميرا الأمامية للموبايل في واجهتها بيد وبالأخري تتكلم مع المتصل بلغة الإشارة.
-يعود طارق متثاقلاً.
قطع
م/9                                          ل/د
عودة لحجرة طارق
-نراه وهو يقلد حركات الإشارة عند الصم,وتقترب الكاميرا علي يديه المقبوضتين في وضع متقابل رافعاً وخافضاً الإبهامين في نفس الوقت,وهي حركة تعني "المُحب".
قطع
م/10                                          ن/خ
البحر
-يظهر طارق حليق اللحية,ناظراً لكفيه مُنشطاً إياهما علي الحركة,يجلس علي مقربة من رنا,التي تفاجئه بابتسامة لم يتوقعها,فيشير لها بأصابعه بما يعني"كيف حالك اليوم"تبدو الصدمة في عينيها,وما تلبث أن تقترب منه وتجلس بجواره,و يبدآن في الحديث بالإشارة مع الأخذ في الاعتبار أن الصوتين سيسجلان ويُسمعان في الفيلم صادران من دواخل نفسهما:
رنا:
-هو إنت كمان أصم؟
طارق:
لأ!
رنا:
أومال بتتكلم لغة الإشارة إزاي؟
طارق:عشان إنتي بتتكلميها!
-مالت بجانب رأسها الأيمن فانسدل شعرها بجانبها حاملاً نفحة عطر اصطدمت به
طارق:
بس فيه لغة تانية بتجمعنا!
قلبت يدها متسائلة
طارق:
لغة القلوب!اسمك إيه بقي؟
رنا(باسمة هيام واضح):
رنا
قطع
م/11                                          ل/خ

شرفة منزل رنا
-تتحدث بلغة الإشارة لطارق الذي يظهر علي شاشة هاتفها,ويضحكان في بهجة وتنتقل الكاميرا للداخل تدريجياً حتي تثبت علي صورة البحر الذي رسمت عليه رنا خطوط ساذجة لشخصين يجلسان علي سوره الحجري,وكتب علي صورة الفتي طارق وعلي صورة البنت رنا
-النهاية-


ثم عقدت مقارنة بين حالي وحال صاحبي فلم أجد إلا صوت صلاح جاهين مغنياً مع إيمان يونس:"الشوارع حواديت حوداية الحب فيها وحوداية عفاريت"كنت يا حلوتي الصغيرة مرشدتي لشارع الحب,نعمة الله الكبري عليّ,لم تتركيني تائهاً ولم تتخلي عني لأضيع وسط العفاريت,صاحبي دخل شارع العفاريت بقلب مظلم خال لم يدق يوماً ولم يتحسس شعر أجمل بنت المنسدل علي كتفيها حتي إلي ما بعد اللانهائية!!...أما أنا ففعلت؛فلن يهزمني أحد.
مع ذلك الحزن يعتصرني في لحظات ندماً علي فوات سنوات طويلة لم أكن في قلبك ولا كنتِ في قلبي.
"علي مثل ليلي يقتل المرء نفسه    وإن كنت من ليلي علي اليأس طاوياً
خليليّ إن ضنوا بليلي فقربا     لي الأكفان والنعش واستغفرا ليا
المجنون
حبيبك....
أنأأ
أميرة 8:30

حبيبي...
وحدي جالسة علي شاطئ البحر,تركت صحبتي واكتفيت بك عن العالمين,حتي لو كان لقائنا عن بعد عبر وسيط...
تسيطر علي ذاكرتي امرأتان عاشقتان,هلويز عشيقة أبيلار وليوني حبيبة غامبيتا,بينما صوت فيروز في الخلفية يعبر عن مأساتهما:"صباح ومسا شي ما بيتنسي,تركت الحب وأخذت الأسي"
الاثنتان ضحتا بلا حدود كي يحميا حبيبهما,رضيتا بأقل القليل مقابل عظمة ومجد الحبيب,يقولون أن "خلف كل عظيم امرأة",أنا لا أصدق هذا الكلام الفارغ,كل عظيم أمامه امرأة,هذا ما أعرفه وما أؤمن به,لماذا يحل عليّ في تلك الساعة ونحن نتكلم عن الحب ذكري هاتين المسكينتين البائسة؟! هل هو فأل سئ يا حبي؟! لننهي الحديث عنهما قبل أن نبدؤه!....فليرحمهما الله في السماء بقدر ما عذبهما في الأرض.
ولنتذكر سوياً كلمات عذبة للأديبة جورج صاند:"السعادة الوحيدة في الحياة أن تكون مُحباً ومحبوباً","أني أود أن تشعر معي بهذا الشعور-شعور الفرح بالحياة وعنفوانها-التي أشعر بها في عروقي...الحياة.أجل الحياة,ما أحلاها وما أجملها,علي الرغم ما فيها من مصاعب,أزواج,ديون,أقارب,أقوال جارحة,,آلام وعذابات...لكنها جميلة كالسكر بالحب,أن أُحب,و أن أُحَب,هذه هي السعادة...هذه هي الجنة السماوية"
عمر...تعال بسرعة,أنا في أنتظارك حتي أكتمل كالبدر وأري الحياة من عل يليق بإلهة تقف علي جبل الأوليمب,تعال كي نقف سوياً أمام البحر ليقف الزمان الردئ ويلقي علينا نظرة فيغتاظ لعله يتعظ...عمر تعال حتي أشعر أني موجودة وأني هنا ولست في اللامكان,تعال لنهزم أنفسنا قبل أن نهزم الدنيا,تعال بوجودك الحسي المُغري الغائب حالياً,مع أن وجودك العاطفي الحاني يغطيني ويلفني في في غلالة رومانسية تمنع عني صخب الدنيا فاقدة الرشد كثيرة الكلام,تعال لتتحقق نبوءة حبيبتنا أم كلثوم بالغد المرتقب حيث نعود لأصلنا الأصيل في عالم آخر عاقل متزن منطقي:"
وغداً تأتلق الجنة أنهاراً وظلاً
وغداً ننسي فلا نأسي علي ماض تولي
وغداً نسمو فلا نعرف للغيب محلاً
وغداً للحاضر الزاهر نحيا ليس إلا
قد يكون الغيب حلواً إنما الحاضر أحلي"
"تبدلت صورة الدنيا في خيالي,منذ سمعت فيه خطو روحك لأول مرة"
إليزابيث براوننج

حبيبتك....