الخميس، 29 أبريل 2021

محمد أبو سليمان ويحيي سينماتك...في محبة النقد بعين القلب

 

محمد أبو سليمان ويحيي سينماتك...في محبة النقد بعين القلب

الثقافة المصرية المعاصرة تئن من العطش والجفاف,فكلما رحل أحد الكبار عن دنيانا عز من يخلفه في مجاله,تاركاً فراغاً هائلاً,والمسئول عن ذلك بصورة رئيسية نظام تعليمي عقيم لا ينجب كفاءات أو ينمي مواهب,لا ينتج عقولاً بل يطبع شهادات ممهورة بأختام الدنيا والمحصلة صفر.

النقد السينمائي الجاد لم ينج من تلك المذبحة الكبيرة,لأن الأفلام العظيمة التي زينت الشاشة المصرية في عصرها الذهبي غابت,فنتج عن ذلك صحراء قاحلة لا فيلم فيها يخفف من هجير الحياة وبالتالي لن تكن هناك دراسات ومقالات متعمقة تدور في فلك الفن السينمائي أجل هناك تجارب جميلة في السنوات الأخيرة لكنها شحيحة جداً لا تزرع شجرة في صحراء السينما المصرية بل هي شتلات صغيرة ننقب عنها بصعوبة بالغة.

ولضعف ثقافة الناقد وقلة إمكانياته,يندر من يهتم بالأفلام غير الناطقة بالإنجليزية,فالعالم قواه تتغير ومدارس سينمائية جديدة تظهر وتيارات بعيدة تجري في مياه نجهلها,قلما نجد ناقداً يكتب عن السينما الصينية واليابانية والروسية والألمانية,وغيرها من بلاد الدنيا الواسعة,الكل يسعي نحو المشهور والمعروف,الأقلام كلها تطوف بهوليوود وحدها,مع أن هوليوود أصابها عطب شديد في قدرتها علي إنتاج أفلام توازي ما أنتجته في الماضي,فمع ظهور مفاهيم الصوابية السياسية وتطفلها علي عالم هوليوود أصبحت الأفلام والجوائز محكومة بمعايير بعيدة كل البعد عن قواعد الفن السابع,وبدأت الاتجاهات الاجتماعية الجديدة في المطالبة بقواعد للأفلام لا دخل لها بصناعة السينما علي الإطلاق.

حتي لو كان الفيلم المصري مصاب بالفقر الفني مما قد ينفر الناقد الجاد من الكتابة عنه,ففي العالم سينما جميلة في قارات أخري وأعمال إنسانية لا تتكلم بالإنجليزية بل بلغات أخري وتعبر عن ثقافات أخري تناسينها في خضم السطوة الأمريكية,إن الناقد الحقيقي هو الشخص القادر علي تحليل العالم والحياة من خلال كتاباته الصادقة عن السينما,الفيلم هو الغشاء الرقيق في الإنجليزية filmيحتاج إلي قلب واع يتذوق وليس مجرد آلة في الرأس ترصف الحروف لتصبح الكلمات مقالاً أو كتاباً,الناقد الجاد الذي يمكنه الخلوص من الأزمة هو الذي يولي وجهه نحو الشرق والغرب والجنوب والشمال,كدأب النقاد السابقين في السينما المصرية كسمير فريد وسامي السلاموني وغيرهم ممن جعلونا نحب السينما حتي أحمد خالد توفيق في كتاباته التي حملت عنوان"أفلام الحافظة الزرقاء",كتابات مشبعة بحب الفن لم تتخذ موقفاً لمصلحة أو وقفت تدافع عن أمر شخصي ولا حفلت بالمديح الأجوف ولا بالذم المغرض,بل كانت أغاني في حب السينما.

سمير فريد يكتب عن الأفلام المقتبسة من مسرحيات شكسبير بدراية ووعي شهدت به الناقدة المسرحية الكبيرة نهاد صليحة,فيفند فيلم هاملت مثلاً بين مدرسة السينما الإنجليزية الرأسمالية كما قدمه لورانس أوليفييه,والمدرسة السوفيتية الشيوعية كما قدمه سيرجي كوزنتسيف,من خلال المقارنة نستشكف القراءة المختلفة للعمل الأدبي,فالديكور المستخدم عند كوزنتسيف يوضح الزمن الفعلي للأحداث في أواخر العصور الوسطي,حيث ذبول عصر وبداية آخر كتأكيد علي الرؤية المادية للتاريخ,بينما أوليفييه يستخدم الديكور التجريدي ليعبر عن هاملت في أي عصر أو مكان متأثراً بالجانب الفرويدي كما شرح عالم النفس فرويد نظريته الشهيرة مستخدماً مسرحية أوديب لسوفوكليس اليوناني.

سامي السلاموني يكتب عن أفلام السينما المصرية بوعي وفطنة وخفة دم شديدة,ويشارك في فيلم الحريف لمحمد خان بدور صغير حباً في الفن ورغبة في المشاركة فيه,ويكتب عن شادي عبد السلام وتحفته المومياء ويحاوره في العمل الفني محاورة مثقف لمثقف آخر يعملان في حقل السينما,أحدهما فنان مبدع والآخر ناقد حساس.

هكذا كان النقد في مصر زمن ازدهار الثقافة وتعمق الإحساس بالجمال والفن,لكن مع ذلك لا يمكن القول بموت النقد السينمائي,الحياة ضد الموت ونحن أحياء ونتنفس,ورغم كل ما يعتري الفنون علي اختلافها من انهيار إلا أن الأمل لا يموت في استعادة رونق الشخصية المصرية وروحها الذي ظهر في احتفال المومياوات الأخير الذي أحدث ضجة عن عرضه,وقدم فنانو مصر عروض مدهشة وسمعنا الترانيم المصرية بعد صمت آلاف السنين تنشد من جديد في حضور السيد عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية ووقفته التاريخية في استقبال ملوك مصر القديمة,وظهرت يسرا كملكة من مصر القديمة ليعاد للفنان المصري احترامه الذي دأب السوقة علي النيل منه واتهامه بتهم حقيرة,ظهرت نجوم ونجمات مصر وغني محمد منير,وبدأت الروح تسأل عن مستقرها ومنشأها,واستعدنا ما حرمنا منه وسط المستنقع الذي تراكمت عليه القاذورات في السنوات الماضية.

النقد السينمائي وحب السينما لا يموتان والدليل علي ذلك شخصيتين مصريتين سكنا عالم الإنترنت,واكتسبا شهرة كبيرة في الوسط الفني وبين الجمهور أولهما محمد أبو سليمان صاحب تجربة سينماتولوجي المذهل في تحليله للأفلام وإخلاصه لها وليس ذلك بغريب عن شخص أحب السينما من فيلم الأب الروحي أحد أيقونات السينما في العالم,فعبر المقاطع التي يعلق عليها بصوته ندخل إلي عالم السينما من الباب الضيق الذي يحتاج لصبر ودأب,فتقديم المعرفة بتلك الصورة السلسة يحتاج إلي تمكن واحترافية,لا يوجد تقعر ولا إرهاب فكري باستخدام المصطلحات المعقدة,بل كلام عامي سهل لكنه حافل بالمعاني والمعلومات,نري من خلاله فيلم كأرض الخوف بصورة جديدة ونتعرف علي عالم يحيي أبو دبورة,وبصورة ما يقع في شعورنا أن كلنا يحيي أبو دبورة كل واحد بطريقته لأنها كما يسميها"رحلة آدم"رحلة في النفس الإنسانية منذ سقوطها علي الأرض وضياعها في الخوف وعدم اليقين وتركها عارية وحيدة تواجه الشر الذي يغويها دوماً رغم أن مهمتها المكلفة بها هي محاربة الشر,ونستكشف من جديد موهبة مني زكي عبر التقاطه لفنيات أدائها في شخصية تحية عبده في مسلسل أفراح القبة,ويضع فيلم عن العشق والهوي في مرتبة جديدة في تاريخ السينما المصرية,رغم أن الفيلم يعرض مراراً لكنه كان يفتقد لناقد كأبوسليمان يري فيه بعين القلب ما يفتقده المشاهد الذي يري بالعين البيولوجية العادية,ويشاهد الزعيم عادل إمام بمنظور جديد يتوحد من خلاله مع قاهرة التسعينيات في أعماله مع شريف عرفة ووحيد حامد,يحكي بدفء وحب ورغبة في نشر الثقافة السينمائية,وعندما يتجه إلي السينما الأجنبية يقدم الحرفية بأسلوب بسيط وبجملة قد ينطقها مخرج كهيتشكوك يرسم خط كبير لتكنيكه الإخراجي,هذه القناة علي اليوتيوب ذاخرة بالمتعة والفائدة تماشي الاختراعات التكنولوجية الحديثة وتعرض السينما بالسينما نفسها لا بالطباعة والحروف,وتجربته شجعت الكثير أن يحذو حذوها,لكن للأسف لم يصل أحدهم بعد لتلك العلاقة الصادقة التي تربط محمد أبو سليمان بالسينما وروعتها.

أما الثاني فهو ناقد شعبي لو جاز التعبير اسمه يحيي حسني لكنه معروف بيحيي سينماتك!مفتون بالسينما وينقل العدوي لكل من يدخل صفحته الممتلئة بتعليقات تلقائية ذكية ونابعة من إحساس المشاهدة والانطباع الغريزي,يذكرني بالفنان التلقائي محمد علي وبالرسامين التلقائيين الذين نبغوا دون دراسة,بل رسموا الروائع كأن أيديهم لها فكر خاص بها,كذلك يحيي سينماتك له نقد خاص به,وحكاياته عن السينما وعادل إمام وأحمد زكي ومحمود عبد العزيز وغيرهم من أحبابه لا تنتهي,يمتلك النوادر ومازل متعلقاً بجهاز الفيديو الذي جرب معه المشاهدات الأولي في زمن بسيط ولي لم تنفجر فيه المعلومات بعد,يحكي عن الرجل الذي ذهب لشراء شئ ما من أحد الباعة فوجده مندمج مع المسلسل طائر الليل الحزين بصورة عجيبة فينسي ما جاء لشراؤه ويجلس ليتابع أداء عادل إمام وهو جائع يريد يطالب بساندوتش,نقد جديد تلقائي,ليته ينتشر بين الناس كلهم,فبأمثال هؤلاء يمكن مكافحة الإرهاب ووأده في مهده وتجنيب أولادنا ويلات شرور الجماعات المتطرفة التي جعرت في أسماعنا ومازالت بحرمانية الفنون جميعاً,كي تخلو لها الساحة لتعبث بعقول المواطنين ومشارعهم,لكن كيف ينجحون وسط شعب به أمثال يحيي سينماتك ليحارب بوعي ثقافة القبح بثقافة الجمال,يشجع الناس علي متابعة الأفلام وتذوقها ويحكي النوادر,ويتمني لابنه وبنته أن يعملا في السينما,وهو نفسه يحلم بالعمل في السينما,إنه ناقد حقيقي وليذهب كل أصحاب الدهون الفكرية المترهلة التي تخفي فراغها الداخلي للجحيم,فليستمتعوا بمناصبهم وألقابهم ومرتباتهم وصحفهم وقنواتهم وليبقي لنا أمثال محمد أبو سليمان ويحيي سينماتك,فهما الدليل علي أن النقد السينمائي لا يموت.

الرمز في كتاب"النبي"لجبران خليل جبران


جبران خليل جبران ,الروحاني الرقيق,العازف علي الحقائق الكونية بمس الحروف الإنجليزية والعربية,المولود في لبنان الجميلة 1883ليلفظ آخر أنفاسه بنيويورك الناهضة 1931,الرجل الذي التهمته ظروف المعيشة المقدرة علي البشر لكنه سما عنهم بروح عظيمة اقتبست جذوتها النورانية من نفس المصدر الي أضاء بتاح حتي وهوميروس وشكسبير ولاوتسو والمعري وفولتير ودانتي,وكل العقول والأرواح المتفردة في عالم البشر,جبران صاحبي اللبناني الذي يفصل بين موته ويومي الحاضر تسعين عاماَ,لكنني أراه أمامي في لحظات كثيرة,في البداية أشتم رائحة شجرة الأرز وتلفحني برودة جبال بشري في ليل كانون, التي كانت ملجأ للموارنة المضطهدين في القرن السابع الميلادي,ثم أسمع قيثارة تنير ظلام قلبي وتجلي آلامي وأتلفت وأنا وحيد ويائس فتطالعني ملامحه المنحوتة كوجه الأنبياء والقديسين,رغم أنه عرف الخطايا وتعثر في الشهوات إلا أن النور المتألق في روحه لم ينخمد,فثابر وكتب ورسم وصار علماً يرفرف علي سماء بيروت ودمشق والقاهرة وبغداد وكل العواصم العربية,يهتف منذراً كأنبياء العهد القديم"ويل لأمة تكثر فيها المذاهب والطوائف وتخلو من الدين,ويل لأمة تلبس مما لا تنسج,وتأكل مما لاتزرع,وتشرب مما لا تعصر,ويل لأمة تحسب المستبد بطلاً,وتري الفاتح المستبد رحيماً,ويل لأمة لا ترفع صوتها إلا إذا مشت بجنازة........".

جبران حبيبي في الفن والأدب والإنسانية,تلك الروح العذبة لم تتكلم إلا بالرمز كعادة أصحاب الرسالات الكبري,هل يمكنني الدنو يا صاحبي لعلك تراني فتمنحني بعضاً من كنوزك المكنونة,إن لك باباً له مكانة خاصة في قلبي,علي أبوابه اسم واحد من أعظم مؤلفاتك"النبي"إنه روضة يا أخا روحي,فهل تأذن لي أن أفر من جحيم الحياة اليومية ومنغصات عظائم الأمور وتوافهها,وأتجول مع المصطفي في أورفليس...كم أنت كريم يا صاحبي!

الرمز أوسع من اللفظ فيه تحار العقول وتقوم الحروب وتتفرق المذاهب والشيع لأجل اختلاف التأويل,الرموز في الحضارات البشرية لا تحصي بدء من النقوش الهيروغليفية والسومرية إلي رموز زمننا في الماركات العالمية للتكنولوجيا والملابس وما إلي ذلك,إننا نحيا في عالم من الرموز كتب عنه بودلير في ديوانه زهور الشر:

معبد الطبيعة أعمدته حية

وتبعث أحياناً برسائل محيرة

غابات من الرموز بيننا وبين المزار المقدس

فلنقرأ طريقنا إليه بعين الألفة

الأصوات,الروائح,الألوان تتطابق

مثل أصداء امتدت طويلاً وقد امتزجت بمكان ما

في انسجام مبهم وعميق

شأنها شأن اللامحدود والظلمة والنهار

اللغة رموز رصت بجوار بعضها البعض لتعطينا المعني في أدمغتنا,وللأشكال والألوان دلالات تشير لموضوعات وأحاسيس وتغيرات,إذا رأيت نجمة داود فقد رأيت اليهودية تجسدت في شكل سداسي الأضلاع,وإذا رأيت الصليب فهي المسيحية تمثلت في زوايا قائمة,وإذا كان المرأي هو الهلال فهو الإسلام رفع نصف دائرة,الخطوط الهندسية لو رسمت علي هيئة معينة أصبحت علامة علي معتقد ديني,كما يمكنها أن تصبح علامة علي حركة سياسية كالصليب المعقوف الذي تستعلن النازية من خلاله,أو فلسفة كالدائرة التي تحتوي داخلها الأسود والأبيض(الين واليانج)كشعار للفلسفة الطاوية,وإذا رأيت المطرقة والمنجل علي خلفية حمراء ستستحضر الشيوعية,حرف الـ Fواللون الأزرق رمز علي زمن الفيسبوك الذي استهله مارك زوكربيرج منذ عام2005,وهكذا كل ما في الحياة يتولد عنه رمز ما,فإذا اختفت الرموز اختفت الأشياء وأصبحت الدنيا كخارطة مبهمة لا يمكن قراءتها.

في عالم الفن يتخذ الرمز معني أدق وأعمق,شفرات دافنشي أقامت العالم عندما نشر دان براون روايته"شفرة دافنشي"ليناقش المسكوت عنه في التاريخ المسيحي مما أزعج الكنيسة...لقد كان دافنشي بحث سيد الرموز والشفرات,وأصدرت السينما الأمريكية أفلام عديدة عن الرموز في الحضارات كسلسلة إنديانا جونز بطولة هاريسون فورد,والكنز الوطني بطولة نيكولاس كيدج.

يصف أرسطو الاستعارة بأنها"آية الموهبة الطبيعية,وإنها علامة الشاعر العظيم"استعار جبران الرموز ليسلط الضوء علي الوقائع فحفل كتاب النبي بالاستعارات والمجازات والتشبيهات,غابة حقيقية من الرموز,كلمة symbolمشتقة من اليونانية sumbolam تعني التوثيق والربط وكان المرموز علامة للتعارف علي أي شئ مقسم إلي قسمين متساويين يسمح بالتقارب لحامليها والتعارف كأخوين,يستقبل كل منهما الآخر بحفاوة بالغة دون أن يكونا التقيا قبل ذلك,وفي القرون الوسطي عرف ايزيدور الصقلي الرمز بكونه علامة تعطي طريقاً للمعرفة,وتختلف الرموز حسب الثقافات,فالحمار نعتبره-بظلم فادح-رمز للغباء والبلاهة أما في اليونان فإن الحمار هو الحيوان الصبور وقد وصف هوميروس في إلياذته البطل أجاكس بالحمار لصبره علي آلام المعارك وقدرته الهائلة علي الاحتمال,أما ابن منظور في معجم لسان العرب فذكر أن الرمز تصويت خفي باللسان.

جبران من ضمن مواهبه فن التصوير,الرسم بالنور والظلال والخطوط والألوان في بداية الكتاب يصور موقف مشحون درامياً بعناصر متعددة وأصوات داخلية وخارجية نظمت بحس شعوري صادق.

ملحوظة:الاقتباسات الواردة من ترجمتي الخاصة حاولت من خلالها الاشتباك مع كلمات جبران

"انتظر المصطفي المختار الحبيب من كان فجراً لزمنه, اثنتي عشر سنة في مدينة أورفليس عودة سفينته لتحمله إلي جزيرته التي ولد فيه,وفي السنة الثانية عشر في السابع من أيلول شهر الحصاد,صعد إلي التل الواقع خلف أسوار المدينة ونظر باتجاه البحر,ورأي سفينته تقترب يحيطها الضباب,فانشرح قلبه,وطافت بهجته علي وجه الماء,وأغمض عينيه وصلت روحه في سكون.

لكن أثناء هبوطه من فوق التل,شعر بالحزن وقال في نفسه:

كيف أغادر هذه المدينة دون أن يعتريني الأسف؟

كلا لن أغادر هذه المدينة بدون أن تتقرح روحي من الجروح

طويلة هي أيامي المؤلمة التي قضيتها بين الجدران,وطويلة هي ليالي وحدتي,من ذا الذي يمكنه الافتراق عن ألمه وعزلته دون ندم؟

كثيرة هي شظايا روحي التي نثرتها في هذي الدروب,وكم هم كثر أطفالي العرايا الذين يروحون ويغدون بين التلال,هؤلاء هم أطفال شوقي وحنيني,ولا أقدر علي مغادرتهم دون الشعور بالأثقال علي عاتقي والأوجاع في قلبي.

ليس ثوبي هو ما أنضوه عني في هذا اليوم,بل جلدي أمزقه بيدي.

ولا هي فكرة أتركها خلفي وأمضي بل قلب رق من الجوع والعطش

لكني لا أستطيع المكوث أكثر من ذلك.

البحر الذي يدعو كل الكائنات إليه يدعوني معهم ولا بد لي من الصعود علي سطح السفينة.

فلو بقيت علي الرغم من الساعات الملتهبة في الليل,سأتجمد وأتحول إلي بلورات في قالب مرسوم.

لكم أرغب في حمل كل ما حولني هنا معي,ولكن كيف السبيل؟

الصوت لا يحمل جناحيه معه لسانه وشفتيه,يجب أن يمضي وحده يسعي من خلال الأثير.

والنسر وحيداً دون أن يحمل معه عشه يعبر عين الشمس

والآن وقد وصل إلي سفح التل,استدار من جديد باتجاه البحر,ورأي السفينة تقترب من الميناء وعلي مقدمها يقف بحارة وطنه.

ونادتهم روحه قائلة:يا أبناء أمي المعتقة في الزمن يا فرسان المد

كثيراً ما رأيتكم في أحلامي تبحرون,والآن أتيتم في يقظتي,أعمق أحلامي.

جاهز أنا للرحيل,وأشرعة لهفتي ترتقب هبة الريح.

لم يبق سوي نفس واحد سأتنفسه من هذا الهواء الساكن,نظرة حب واحدة سألقيها خلف ظهري.

وعندئذ سأكون واقفاً بينكم,بحار بين رفاقه.

وأنت أيها البحر الشاسع,الأم الغافية

أنتِ وحدك من تكفلين للنهر والجدول الطمأنينة والبراح.

استدارة واحدة فحسب هي ما بقي لذلك الجدول,همسة واحدة ستسمع في تلك الغابة,وحينها سأحل بينكم,قطرة لا حرة في محيط لا متناهي.

وبينما هو ماض في سيره لاح له من بعيد رجالاً ونساء يغادرون حقولهم وكرومهم ويسرعون نحو بوابات المدينة.

وسمع أصواتهم تناديه مرددة اسمه,صائحة من حقل إلي حقل تعلن قدوم سفينته.

وقال لنفسه:

هل يكون يو الفراق هو ذاته يوم التلاقي؟

وهل يكون ظلام ليلي هو في الحقيقة انبلاج فجري؟

وماذا عندي لأعطيه لمن ترك محراثة وسط الحقل أو لمن أوقف عجلة معصرته؟

هل لقلبي أن يصبح شجرة مثقلة بالثمر كي أجمعها وأمنحها لهم.

وهل تتدفق أمنياتي كينبوع فأملأ لهم أقداحهم؟

هل أتحول إلي قيثارة تلمسها يد القدير أو إلي ناي تسري أنفاسه من خلالي؟

راغب أنا في الصمت,وأي كنز أجده في الصمت فأوزعه في طمأنينة؟

لو كان ذلك يوم حصادي ففي أي حقل أزرع بذوري,وفي أي فصول منسية؟

إذا كانت تلك فعلاً الساعة التي سأرفع فيها مشكاتي,فإن الشعلة بداخله ليست لي.

أرفع مشكاي فارغة ومظلمة.

ومن يحرسكم في الليل سيملأه زيتاً ويوقده لكم.

هذه الأشياء انطلق بها لسانه,لكن الكثير ظل في قلبه لم ينطق.

حتي هو لا يمكنه سبر أغوار سره والبوح به.

وعنما دخل المدينة جاء الناس من كل صوب ليلتقوا به,ونادوه وقد توحدت أصواتهم فبدت كصوت واحد,ووقف أمامه الشيوخ وقالوا.

لا تذهب بعيداً عنا

فقد كنت الضياء في غبشة الظلمات وأعطانا شبابك أحلاماً تروادنا.

لست غريباً بيننا ولا ضيف,لكن ابناً عزيزاً محبوباً,فلا تجعل أعيننا تعرف مرارة الاشتياق إلي وجهك.

وقال الكهنة والكاهنات:

لا تدع موج البحر يباعد بيننا وتصبح السنوات التي قضيتها بيننا ذكري.

لقد سرت بيننا روحاً وأضاء ظلك وجوهنا.

أحببناك لكن حبنا كان صامتاً واحتجب خلف البراقع,مع ذلك ها هو الآن يهتف أمامك بوضوح,فالحب لا يعرف عمقه سوي حين مجئ موعد الفراق.

وجاءه قوم آخرين يضرعون إليه لكنه لم يجب أيهم,أحني رأسه نحو الأرض,ورأي من يقفون علي مقربة منه قطرات الدمع تتساقط علي صدره,فشق طريقه بين الناس من حوله إلي الساحة الكبري أمام المعبد.

وعندئذ خرج من الهيكل امرأة سمها ألمطرا,وكانت عرافة فنظر لها بحنان هائل,وقد كانت أول سعي إليه وآمنت به,ولم يمض علي وجوده في مدينتهم سوي يوم واحد,فحيته بقولها:

يا نبي الله يا من سعي إلي المطلق السامي,لكم بحثت في الآفاق عن سفينتك.

واليوم عادت,ولا مفر من السفر.

ما أشد حنينك إلي أرض ذكرياتك وموطن آمالك الكبري,وحبنا لك لن يقيدك أو يحبسك عنها.

لكننا سنسألك قبل أن ترحل عنا,فتخبرنا عن الحقائق.

وسوف نورثها إلي أطفالنا وهم بدورهم سيورثونها لأبنائهم وهكذا لن تفني.

في عزلتك كنت ترقب أيامنا وفي يقظتك كنت تستمع إلي دموعنا وضحكاتنا التي نصدرها في أحلام نومنا.

لذا فلتكشف لنا عن مكنوننا.

وخبرنا عن كل ما يعرض لك بين الحياة والموت.

فأجاب:

يا أبناء أورفليس ماذا أقول سوي ذلك الذي يجيش في نفوسكم الآن؟

ثم قالت له ألمطرا حدثنا عن الحب,فرفع رأسه ونظر إلي الناس وحل عليهم السكون والصمت,وبصوته العميق قال:

إذا الحب أشار لكم فاتبعوه رغم أن دروبه شاقة ووعرة,وعندما يطويكم بجناحيه فسلموا له

بالبرغم من السيف المخبأ بين رياشه.

وعندما يخاطبكم صدقوا كلامه,رغم أن صوته قد يذرو أحلامكم,كما تذرو زهور الحديقة رياح الشمال.

الحب كما يتوج هاماتكم فهو أيضاً يمددكم علي الصليب.

وكما يزهركم يشذبكم.

وكما يعتلي هاماتكم ويداعب أغصانكم الرقيقة المتمايلة في الشمس,كذلك يتنزل إلي جذوركم المتشبثة بالأرض ويرجها.

كحزم الحنطة يستخلصكم إلي نفسه.

ويدرسكم كي يعريكم.

ويغربلكم حتي تتحرروا من قشوركم.

ويطحنكم كي تصيروا دقيقاً أبيض.

ثم يعجنكم لتلينوا له.

فيحيلكم وقوداً لناره المقدسة,لتكونوا خبزاً مقدساً علي مائدة الرب العلوية.

كل هذه الأمور يفعلها الحب فيكم لربما تدركون أسرار أرواحكم,وبذلك تصيرون بضعة في جسد الوجود.

لكن إذا ما أصابكم الخوف وأردتم دعة الحب ولذته فحسب.

فالأولي بكم أن تستروا عريكم وتنسحبوا من بيدر الحب إلي عالم لا يعرف تغير الفصول حيث يمكنكم الضحك بحساب معلوم,والبكاء بمقدار محدد.

الحب لا يعطي إلا ذاته,الحب لا يأخذ إلا من ذاته

الحب لا يملك ولا يُمتلك.

الحب يكتفي بالحب.

إذا أحب أحدكم فلا يقول"الله في قلبي"ليقل"أنا في قلب الله"

ولا تظن أنك بقادر علي توجيه سار الحب,فإذا وجدك هو تستحق فسيغير مسارك أنت.

الحب لا يشتهي سوي تحقيق ذاته.

لكن إذا أحببت وكان لا بد من أن تعتريك الرغبات,لتكن تلك رغباتك:

أن تذوب كغدير جار يعزف نغماته لليل.

أن تعرف الألم النابع من الحنان الدافق

أن تكون جريحاً بسبب فهمك لجوهر الحب.

أن تنزف عن طيب خاطر بإرادتك.

أن تستيقظ في الفجر بقلب مجنح شاكراً لنعمة يوم آخر من الحب.

أن ترقد في الظهيرة ساعة متأملاً في نشوة الحب

وتعود آخر الليل يفيض قلبك بالامتنان.

وتنام وأنت تضرع إلي محبوبك في قلبك وأناشيد الثناء علي شفتيك.

ثم قالت ألمطرة ثانية وماذا عن الزواج يا معلم:

فأجاب بقوله:

ولدتما معاً ومعاً ستظلان دائماً.

وستكونان بجوار بعضيكما وأجنحة الموت البيضاء تنثر أيام حياتكم.

نعم ستظلان سوياً في سر الله الخفي.

لكن ليكن في اتحادكما فُرج للبراح.

لتتراقص رياح السماوات بينكما.

أحبا بعضكما لكن لا تجعلا من الحب قيداً.

دعوه يصبح بحراً يمور بالأمواج بين شواطئ روحيكما.

ليملأ كل واحد منكما كأس قرينه لكن لا تشربا من نفس الكأس.

وليمنح كل واحد منكما الخبز للآخر وفي نفس الوقت تجنبا الأكل من نفس الرغيف.

غنيا وارقصا معاً وكونا مبتهجان,وليحترم كل واحد منكما خصوصية الآخر.

فإن أوتار القيثارة تكون متباعدة,حتي وإن اهتزت علي نفس النغمة.

امنحا قلبيكما لبعضكما دون سيطرة.

فيد الحياة وحدها هي القادرة علي احتواء قلبيكما.

قفا سوياً وليس ملتصقين.

فإن أعمدة المعبد تقف متباعدة.

وشجر السنديان والسرو لا ينموان في ظل بعضهما.

 

المصطفي روح جبران ألبسها قالب فني استوحاه من الفيلسوف الألماني نيتشه الذي أحبه جبران وتأثر بأقواله,فإذا كان نيتشه أحيا نبي الفرس زرادشت في عمله العملاق"هكذا تكلم زرادشت",خلق جبران المصطفي وأعطاه لمسة سماوية,كروح قاربت أسرار السموات,لكن شتان بين زرادشت نيتشه الذي شقي بالناس وشقي الناس به واحتقر المرأة,وأشهر في وجه البشرية ازدراؤه,وبين المصطفي حامل الوردة والمصباح للبشرية,بأكثر من تأويل يمكننا قراءة مقدمة"النبي".

تأويل ذاتي:

المصطفي (هو جبران خليل جبران)الصادح بالأنغام العلوية في أورفليس(نيويورك),الجزيرة التي ينتظر العودة إليها هي (لبنان),أما ألمطرة التي آمنت به(ماري هاكسل,راعيته وداعمته طوال حياته).

جبران قبل النبي كان ساخطاً علي الحياة ووصفها بالعهر,ونقم علي الدنيا وعلي نفسه,ومع كتاب النبي وقد وصل إلي الأربعين سن النضوج والنبوة في مفاهيم الأديان الإبراهيمية,رأي الوجود كتلة واحدة لا تنفصم قوامها الحب كعادة الصوفية في كل الثقافات,تسامح مع الحياة ورآها حلوة رغم ما يغلفها من مرار وما يشوب عينها الصافية من قذي,وتأثر بفلسفات عديدة في هذا الكتاب علي رأسها فلسفة الطاو العميقة,لذلك لم يكن مستغرباً أن يكون كتاب النبي والطاو للاوتسو هما أكثر المؤلفات مبيعاً في أمريكا,ورأي ماضيه وتجاربه علي ضوء آخر فنيويورك/أورفليس مدينة جديدة بكر تحتاج إلي صوت صارخ في البرية يمهد لها مستقبلها الروحي,فخاطبها بلغتها الإنجليزية اللغة المبدعة علي لسان جبران,وعلهم الحكمة الشرقية في ثوب من الخيال الجميل,وهي التعاليم التي دأب علي قولها عشرات الأنبياء والفلاسفة,نطقها بكلماته فصفي اللغة وصفي المعاني العليا للمثل المرجوة,قبل يعود إلي جزيرته/لبنان التي دفن فيها,بعد أن هبط من الجبل/عمره وحياته وتأملاته)هنا تظهر المطرة/ماري هاكسل منفتحة الروح لتعاليمه بسؤالها عن الحب,وماري هاكسل وغيرها هن سؤال الحب في حياة جبران,لم يقدر علي إجابته في الحياة الواقعية,وظلت علاقاته العاطفية معقدة يشوبها حس أوديبي للنساء اللواتي كن يكبرنه عادة في السن,فيجد فيهن حنو الأمومة المفتقد بعد رحيل أمه كاملة,وفي الساحة الكبري(عالم الفن والأدب)يقدم المصطفي قوله عن مسائل اجتماعية ونفسية وأخلاقية وقانونية,تقطر بالحكمة والتأملات الطويلة,وفي أي لغة!لغة شعرية متأثرة بالكتاب المقدس,حافلة بالأقنعة والرموز والاستعارات والمجازات.

تأويل فلسفي:

المصطفي/النفس الإنسانية الحكيمة التي تنتظر الرحيل إلي أصلها القديم المنبتة منه,وقد قضت حياتها تنتظر تلك اللحظة,لحظة الموت والفناء المحببة لمن عرف الدنيا فزهدها وأراد التوحد مع الأصل بالانقطاع عن الفرع,والوصول إلي الحقيقة بعد الاستيقاظ من منام طويل(شهر الحصاد)تاركة المحسوسات في العالم/المدينة,وقد عاشت في العزلة/الجبل خلف الأسوار,ومن هناك تظهر له الحقائق المحجوبة عن الساكنين خلف الأسوار المسجونين في جدران المادة وقضبان الرغبة,وعبر البحر/الحد الفاصل بين الحياة والموت,جاءت السفينة تحمل من سبقوه في عالم الأرواح المشتاقة ذاته لهم,لكنه عاش في الدنيا ولا يريد المضي عنها دون الإفضاء للناس بما يمكن أن يخفف عنهم وطأة المعيشة والناس يحبونه ويريدون أن يسمعوا منه وعلي رأسهم المطرة/المرأة,التي بدونها لا تستقيم حياة الرجل وبلا دعمها لا يستطيع السير علي أشواك الحياة,وهو ينظر لها بحنان وشوق لأنها جزء منه انفصل عنه,وفي الساحة أمام المعبد/وسائل الإعلام والنشر التي يتحلق حولها الناس علي اختلاف هيئتها في كل عصر,يمنحهم ركائزءالحياة,ويبدأهاءبالحب كأساس الحياة والدين والعمل وكل شئ.

 

 

الاثنين، 5 أبريل 2021

#تحدي_أنا_خبير_للصين2

 

السؤال الأول

يعتبر الووشو كونغ فو أحد العناصر الثقافية الصينية التقليدية المميزة,وهو رياضة للياقة البدنية والاسترخاء الروحي.وفقاً لإحصائيات اتحاد الووشو المصري,هناك ما يقرب من(150ألف)شخصاً يمارسون رياضة الووشو كونغ فو في مصر.

السؤال الثاني

بروس لي:أشهر الأساطير الرياضية في العام,من منح لأفلام الكونغ فو وزنها في العالم,وكان المدرب والملهم لجاكي شان وجيت لي وغيرهم من رموز تلك الرياضة,ومؤلف كتاب الجيت كون دو ليشرح فيه الفن القتالي الذي أسسه عام 1967,ويعني حرفياً"طريق القبضة المعارضة.أمثال بروس لي لا تقاس أعمارهم بالسنوات بل الإنجازات والعطاء الذين قدموه للبشرية,ورغم أنه توفي في الثالثة والثلاثين بطريقة غامضة,إلا أنه قام منفرداً بجهود عشرات الرياضين لإيمانه بذاته وتدريبه المتواصل,ومن أفلامه:دخول التنين,قبضة الغضب,الرئيس الكبير.

جاكي شان:نجم الأكشن والكوميديا المحبوب في العالم بأسره من جميع الأعمار,تجاوز عدد أفلامه200فيلم,واشتهر بأداؤه للحركات الخطيرة دون الاستعانة بدوبلير,ودفع ثمن ذلك إصابات وجروح في كافة أعضاء جسده,في عام2016حصل علي الأوسكار بعد مسيرة طويلة قطعها في عالم السينما بلغت 56عاماً,من أفلامه:سيف التنين مع أدريان برودي وجون كيززاك,وهو فيلم ملحمي تاريخي محمل بالمشاعر الجميلة ويدفع للإحساس بحتمية التعاون بين الشعوب والثقافات ليندحر الشر وتهزم الكراهية لينبثق نبع الانسانية,وسلسلة الذروة الناجحة والسيد المخمور.

جيت لي:من أبطال الكونغ فو ذوي الشعبية في العالم,أدي عدة أدوار في هوليود ومعروف بحبه للأعمال الخيرية,حيث يعمل سفيراً في الصليب الأحمر وأسس منظمة لي وان معها لتقدم المساعدات والإغاثة للشعب الصيني,ومن أفلامه:حدث ذات مرة في الصين,روميو يجب أن يموت,المملكة المحرمة.

السؤال الثالث

الآداب الصينية بستان زاهر تنبت فيه روائع الأعمال الأدبية والفكرية منذ أن عرف الإنسان نفسه واستطلع العالم من حوله,فكتب ودون ومازالت الحضارات القديمة في الشرق الأدني والأقصي تذهلنا بما تحويه من عبقريات,وللصين أعمال كلاسيكية خلدت في الضمير الإنساني وشكلت الوعي البشري منها:

فن الحرب:لسون أتزو,تعني كلمة أتزو المعلم أو النابغ في العلوم ولد عام551 في مقاطعة لو آن بمملكة تشي وينحدر من سلالة عسكرية عريقة,اشتهر بعبقريته الحربية النظرية والعملية,فلم تكن أفكاره نظريات علي الورق بل استطاع تطبيقها في ميدان المعركة بنجاح,ويوصف كتابه فن الحرب بانه"الكتاب المقدس للدراسات العسكرية"استفاد منه أباطرة الحروب كنابليون وهتلر واستخدمه الولايات المتحدة في عملية عاصفة الصحراء1991,ورأي القائد البريطاني المارشال مونتجمري أنه ن الضروي إدراجه في قائمة المواد الدراسية للكليات العسكرية في كل دول العالم.

والكتاب أيضاً مفيد في الأمور التجارية والحياتية,فما ينطبق علي الحرب في ميدان المركة ينطبق علي التحديات في الحياة اليومية.

"القتال والانتصار في المعارك ليس هو قمة المهارة,التفوق الأعظم هو كسر مقاومة العدو دون قتال".

محاورات كونفشيوس:تعد الكونفوشية جوهر الثقافة الصينية,كونفشيوس هو الرجل الأشهر في مجال الفلسفة الصينية ومن قمم الفكر في العالم,يستحق هذه المكانة عن جدارة,ومحاوراته تذخر بلآلئ الأخلاق والآداب الفذة,لو طبقها الإنسان لتفوق علي ذاته وخرج ن أسر الحيوانية التي لم تفارقه لليوم,كل عبارة تحمل نقاء بصيرة و روح صوفية شفت ورأت فعادت لتخبر عن الخير والشر.

"ليس من فهم العلم كمن أحبه,وليس من أحبه كمن أسعده أن يهب حياته كلها لأجل تحصيله وتعليمه لبني البشر"

قصيدة مولان:قصيدة صينية قصيرة تحكي عن فتاة تحارب مع الرجال في الجيش لسنوات دون اكتشاف أمرها,وعندما يفاجئ رفاقها يعبرون عن دهشتهم بقولهم"لقد سافرنا سوياً لاثنتي عشر سنة,لكننا لم تشك للحظة أن مولان امرأة"فتختم القصيدة بتعليق"معظم الناس يمكنهم تمييز جنس الأرنب,فالذكر يجري بسرعة بينما الأنثي عادة ما تغلق عينيها,لكن عندما يجري أرنبان بجوار بعضهما البعض من الصعب تمييز المذكر من المؤنث".

تدور هذه الأحداث في عهد أسرة وي الشمالية عندما هاجم شعب الهون شمال الصين,وتحولت مولان لحكاية شعبية ذائعة عن الفتاة التي حاربت التقاليد وتغلبت علي التمييز الجنسي,وأثبتت أن جوهر الإنسان واحد بعيداً عن المظاهر الجسدية,أنتجت شركة ديزني فيلماً نال نجاحاً كبيراً مقتبس من قصة مولات,وعرضت فيه عناصر الثقافة الصينية في ثنايا القصة.

وفي الزمن المعاصر قدم أدباء الصين حياة شعبهم وآلامهم وأحلامهم,وكدحهم في سبيل حياة أفضل فنقلوا إلي العالم المجتمع الصيني المعاصر بصدق ومن هذه الروايات:

بلزاك والخياطة الصينية:رغم كونها العمل الأول للروائي وكاتب السيناريو الصيني داي سيجي,فقد حازت شهرة واسعة في الأوساط الثقافية,القصة تنتمي إلي الكوميديا السوداء حول شابين صينيين يتم إعادة تأهيلهما في الثورة الثقافية التي بدأها ماوتسي تونج,تحت إشراف الفلاحين في الريف وهناك تبدأ حكايتهما مع الخياطة الصينية الصغيرة المولعة بقصص الكاتب الفرنسي بلزاك والتي صنفت ككتب محظورة في تلك المرحلة في تاريخ الصين.

علي قيد الحياة:ليو هوا الذي اتسمت أعماله بالواقعية ورصد المهمشين الذين يحييون في الزحام وليس لهم صوت يعبرون به عن ذواتهم,تقص الرواية حياة فوي قوي التي تصلح لتكون حية أي إنسان بسيط يكافح الحياة يغلبها مرة وتقهره مرات,تلك الرواية تقصت عن الآلام والأحزان والحرمان والموت والجوع وفي النهاية الرضا والاستمرار رغم كل شئ فكانت لا تنسي لمن يقرأها وقد اقتبس منها المخرج زانج ييمو فيلمه الجميل المشحون بالعواطف والمعاني"فترة عمر".

السؤال الرابع

في شهر يناير عام(2016)حضر الرئيس الصيني شي جن بينغ,والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حفل افتتاح العام الثقافي المصري الصيني في مدينة(الأقصر),وهذه هي المرة(الأولي)التي يعقد فيها عام ثقافي علي مستوي دولي بالتعاون بين الصين والدول العربية.

السؤال الخامس

يقوم المركز الثقافي الصيني بدور تنويري هام يسلط الضوء علي الثقافة الصينية الغنية بكنوز من المعرفة لا حصر لها تمتد إلي 5000عام من الحضارة والفن والأدب والابداع,وأبرز تلك الأنشطة التي يقوم بها,المسابقة السنوية بعنوان"أنا والصين"التي كانت بمثابة شرارة أشعلت داخلي الولع بالصين,ورغم أن الظروف الحياتية منعتني من المشاركة فيها إلا أن فائدتي كانت جمة,اقتربت فيها من تلك البلاد الجميلة,فقد أشارت إلي كنز اسمه الصين"الدولة الوسطي الزاهرة" لم تتح لي الفرصة من قبل لإدراك روعته,ثم هذه المسابقة التي أنعشت ذاكرتي حول الثقافة الصينية,وإني آمل أن يظل المركز الثقافي الصيني يداوم علي ثل تلك الأنشطة الدافعة للقراءة والتأمل والتعلم من التاريخ الصيني,وأن تكون دورية طوال العام تغطي كافة المجالات لأن الصين حاضرة فعلاً بقوة في كافة المجالات,حتي يقترب المواطن المصري العادي مثلي من بلاد الصين,فيشرب من نهر اليانجستي ويتجول في بكين ويتأمل فوق جبال التبت ويشاهد الفنانين في السينما الصينية,ويتنزه في شانغهاي وهو جالس في بلاد النيل العريقة أم الدنيا وزهرتها,وكعادة أبناء الحضارات العريقة كمصر والصين يصيبهم الشغف ببعضهم البعض ويحبون أن يتعارفوا ويتقاربوا,فليكن المركز الثقافي الصيني هو الراعي لذلك الشغف المعرفي الغير قابل للانطفاء أو الارتواء.