السبت، 25 نوفمبر 2023

محاولة فنان

 

 

محاولة فنان

وقف الفنان فوق حطام أحد بيوت غزة ونادي" تعالوا يا أطفال... تعالوا لنمسح دموعنا بالبسمات" تحلق حوله سلمي: ضاعت عينها اليمني، نائل: أصبح بلا ذراع، وخالد: احتبس صوته في جوف الصمت بعدما فقد عائلته، تواري الفنان خلف سور انتصب متحدياً جبروت آلات القتل، دفن وجه بين كفيه وتبللت أصابعه بدموع الألم والمرار، نظر للسور مستلهماً صلابته، وابتلع حزنه قبل أن يبتلعه هو، وخرج من جديد بالقبعة والشارب والعصا، يتمايل كغصن الزيتون، ويهتز كشجرة البرتقال، لمعت ابتسامة في عين سلمي الوحيدة، وبقيت الثانية في ظلامها الأبدي غائبة عن العالم وعنها العالم غائب، ونائل حرك ذراعه وهو يقلد الفنان، وتمني لو استطاع تحريك الآخر، أما خالد-أكبرهم سناً- تذكر مشهداً رآه في أحد الأفلام لرجل يرتدي مثل هذا اللباس يهرب من شرطي قاس، وخرج صوته أخيراً بعد شهر من السكوت"شارلي" وسرق الأربعة ثوان نجت من قصف الأرض والسماء، كأن سياط الجحيم لم تجلد غزة، ولا زارها إبليس علي ظهر دبابة ولا هبطت شياطين جهنم علي شكل صواريخ، وحين رفع قبعته محيياً، انطلقت رصاصة اخترقت دماغه وتفرق الأطفال مذعورين يطاردهم الرصاص وثيابهم مصبوغة بدماء الفنان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق