الأحد، 27 مايو 2018

أمل صلاح


لا أذكر أني  تحمست لنادِ أو شاركت في نقد أو تحليل أي مباراة,ولولا لعبي للبلايستيشن  في صباي مع الرفاق –وقت أن كان لي رفاق-ما أدركت بديهيات هذه  اللعبة.
منذ تفوق محمد صلاح الباهر بدأت تجذب انتباهي,ولم أعد أنظر لتكدس الناس أمام المقاهي علي أنه علامة علي الفراغ أو محاولة لقتل اليأس بانتصارات وهمية؛فالآن هؤلاء الناس يشجعون أنفسهم في صورة محمد صلاح,سليل الفراعنة العظام,هذا  الوجه قد أكون تخيلته كواحد من بين تلامذة إيمحوتب أو بتاح حتب,أو شاهدته في قادش وسط جيش رمسيس الثاني يذود عن شرف البلاد والجيش ,أو ربما قابلته صدفة في دمنهور مدينتي شاهداً علي ميلاد حورس,أو مصلياً في جامع المرادني أو كنيسة السبع بنات التاريخيان,أو واقفاً هناك يرقب جيش نابليون يدخل المدينة أو عند مدينة رشيد يلقي بالحجارة علي حملة فريزر...أجل أعرفه من زمن...واليوم أراه يبكي قهراً بسبب "اعتداء"تعرض له في الملعب؛فشعرت بالألم يغزوني كأني أنا من انطرح أرضاً يئن!
كلما برز نجم صلاح أكثر كلما ارتفعت معنوياتي للعلا,رغم أنه وسط الكاميرات والفلاشات وتهليل المشجعين,وأنا غارق في أوحال الحياة,ومع ذلك أرفع  رأسي سعيداً وأنا أري ندي في العمر يسبق الجميع بسنوات ضوئية نحو المجد بعزيمته وصبره وبدايته المتواضعة ومواقفه النبيلة كأحد أبطال السير الشعبية,يرفع اسم مصر في الدنيا,الاسم الذي انطفأ كثيراً في السنوات الماضية مع اختفاء أمثال صلاح في كل المجالات,فحدث ولا حرج عن قوتنا الناعمة التي غدت خيبتنا وعارنا,وسط الأدب المبتذل والغناء الهابط والسينما الأونطة,وتواري الرموز وموت الرواد,يظهر  اسم محمد صلاح باعثاً علي الأمل,فإن كان محمد صلاح فعلها فأنت وأنا نقدر أيضاً,هذا الأمل يدفعنا للاستمرار وسط كل المعوقات.
كل لحظة يثبت فيها صلاح أنه ليس بالأمل الكاذب,فمن يملك التربع علي عرش قلوب الأطفال في أنحاء العالم قبل الكبار,وهي قلوب لا تسكن إلا بالمحبة والإخلاص,ويجمع الفرقاء علي الإعجاب به,ويذكرنا بتاريخنا السامي  ومانستحقه حقاً...والليلة تتنكر الدنيا فجأة,فتنقلب الابتسامة الواثقة لبكاء ودموع عجبت لك يا زمن وعجبت أكثر لبعض الناس الذين يأكلون الناس,وتحول الانتشاء الذي أشعر به إلي ألم حاد يعتريني ويعتصر دمعي من قلبي,أهكذا يا دنياي من الثري إلي الثريا,ألم تشفقي علي من يمثل لهم هذا الفتي الفرحة الوحيدة في دنياهم وأنا منهم؟
تذكرني سقطته بالدرما اليونانية وسطوة القدر علي البشر,وكان هذا اللاعب المتسبب في ذلك يد القدر لينطر البطل أرضاً,وسأظل مع الكثيرين نفوسنا مطروحة أرضاً إلي أن يعود صلاح ساكناً في رصانة ومبتسماً في ثقة كأبي الهول,قد تكون هذه بداية سلسلة جديدة من رموز وطنية مشرفة جديدة من العلماء رغم انحطاط وقذارة نظام التعليم,والفنانين رغم الغث الرخيص المنتشر كالجراد,والأدباء رغم الهراء المنشور,وتكون فاتحة لتأسيس جديد للثقافة المصرية,ثقافة لا تعرف سوي الموهبة والعمل والإرادة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق