الجمعة، 6 يونيو 2014

ما هكذا تكلم ابن عربي!



ما هكذا تكلم ابن عربي!

كلما عدت للحياة من جديد بعد موتتي الصغري,وقبل أن أفتح عيني أسأل الله أن يجعل الهرمنيوطيقا في عيني اليمني,والسميوطيقا في اليسري وفي قلبي العرفان وفي عقلي البرهان,لعلني أستخلص أي معني أو أتأكد من أي شئ في هذه الدنيا التي وجدت نفسي بلا رغبة مني جزءً منها,ومطالب أن أشارك فيها وأتفاعل معها,رغم أني أصلاً لا أفهمها ولا أدرك اللازمة من هذا الكوكب الصغير في العالم اللامنتاهي الذي يقطنه هذا الكائن المرعب المعقد المدعو الإنسان,مع إخوته من باقي الأحياء,أريد أن أفك أي شفرة أو علامة أو نص قبل أن أموت,أود أن أتأكد من أي شئ قبل أن تنتهي رحلتي,كم أحسد الدوجماطقيين والمتطرفين-باستثناء الحمقي العدوانيين-لأنهم صنعوا لأتفسهم أرضاً صلبة,وأيضاً أحسد السذج من الناس,من تملأهم كلمة واحدة أو فعل واحد أو فكرة واحدة فتسد في وجدانهم أي فجوة قد يتسرب لهم منها القلق والتفكير!
في متاهات القول سبحت-علي قدري اللاشيئي!-حتي غرقت,وفي دنيا الأحداث تأملت حتي أصابني الدوار,أعتقد أن كل شئ في العالم يمكن تأويله علي قدر كل عقل,كل إنسان يري ما لا يراه الآخر,كل قلب يحمل للأمر الواحد ما لا تجده في سواه,كل عين تري في الشئ الواحد ما تعجز عنه العين الأخري,كل ما في الكون تأويله لامتناهي؛لأنه ببساطة الكون لا متناهي,كل شئ يحمل ما لا يحصي من الأوجه وفيه ما لايمكن عده من الرموز والشفرات,أنا مثلاً قد أكون غيري في كون موازي,ربما أنا في هذه اللحظة-لو كان للزمان أي معني!!!-أقوم بأي شئ سوي أني أكتب هذا الكلام الآن,وتكون هويتي مختلفة وحياتي مختلفة,إذن فـ"أنا "لست لي" كما يقول درويش,فمن هو الآخر؟! الذي هو أنا؟! يبقي أنا من؟! وتلك نقطة لا تذكر من محيط لا حد له!!
 يعاودني في لحظات هيامي الكوني,وشعوري أني في حلم طويل ممتدد متداخل عبثي لا يحمل أي معني أو قيمة حديث"الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا",إذن الانتباه واليقظة والمعرفة مرهونة بشئ واحد فقط...الموت,يعني نحن في تلك المرحلة نيام ونحلم,والحلم يحتاج إلي تأويل,وأزمة المجتمع العربي أنه يحلم لما يغمض عينه فقط ويذهب لشيوخ الأساطير باعة الأوهام ليعمقوا أحلامه بينما العالم المتقدم يحلم وهو مفتوح العينين وتكون أحلامه معبرة عن ما يجيش في عقله وباطنه فيخترع ويكتشف ويبتكر,ونحن نغمض أعيننا ونستهلك ما يلقيه لنا من فضلات معرفية وعلمية.
الناس نيام وكل ما حولنا ليس إلا حلم,والفكرة قديمة قدم النفس البشرية,لكن التعبير عنها بتلك العبارة"الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا"يثير الأسي,ثم تأتي الآية القرآنية"لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عند غطاءك فبصرك اليوم حديد"يستيقظ الواحد منا لما تنحجب عن عينيه هذه الدنيا الخادعة ويستبدل حواسه المخدوعة بالروح-ربما الروح-,فينكشف غطاؤه ويستقيظ فيري ما لا يراه الذي لم يأت أجله.
وفي هذا الحلم تبرز اللغة كأهم أداة لتلقي الرموز والشفرات,اللغة فخ وكمين لمن لا يري ما ورائها من معان,اللغة قد تنير الدرب وقد تهدمه كله,اللغة عاجزة وقاصرة لو لم يكن للقارئ عقل وقلب يسدان الفراغان ويتلقيان الإشراقات في كل شئ,وستظل عاجزة إلي الأبد ومع ذلك فهي عظيمة إلي الأبد,لكن كيف مثلاً تعبر ذات الأصوات التي خرجت من الإنسان البدائي ليتفق مع زملاؤه الآخرين علي أشياء بسيطة,كأن يحذرهم مثلاً:"احذروا نمر ورائكم"أو يخبر حبيبته"كم أنت جميلة اليوم,وكم أشتيهك اللحظة....",عن الحقائق-لو كانت في الدنيا حقائق- التي أفني عمره في سبيل استكشافها,واللغة العربية تتجلي رمزيتها الشديدة عن كبار المتصوفة من أمثال ابن عربي....
أكون وأنا أقرأ ما دوّن من مشاهداته وتجلياته,كأني أتلقي شفرة لابد من حلها,ويكون حالي كحال قائد عسكري أمريكي يحاول فك شفرات يابانية قبيل الهجوم علي ميناء بيرل هاربر,يشك أن تلك الشفرات تعني الهجوم بعد ساعات لكنه يعجز عن التأكد,فيحتار ويدور حول نفسه ويخشي من فضح ما يدور داخله كي لا يتعرض للسخرية أو الازدراء من رؤسائه,طبعاً هذا في لحظات قليلة جداً,أما باقي الوقت فأنا لا أفهم ما يريد قوله,ولا أستطيع أن أتصور أي معني لأي عبارة,رغم أني لم أقرأ الكثير أصلاً لابن عربي!!
ابن عربي الذي تكسرت فيه الأقلام علي الأقلام,ما استطاع أحد أن يجزم أن هذا ما قصده,لكني متأكد أن هذا ماقصده ابن عربي! هو يريد أن يظل سراً كأسراره التي حاول أن يودعها فتوحاته كـ"سر الهرب من الحرب" الذي وردت فيه تلك العبارة.
عجيب أمر الكلمة في هذا العالم,منها بدأ كل شئ كما ورد في المتون الدينية وأسس الحضارات القديمة العجيبة,والقرآن الذي يعتبره الصوفيون ومن ضمنهم ابن عربي كتابهم الأول,وصفه علي ابن ابي طالب بأنه"حمال أوجه"القرآن الذي وصف نفسه صراحة بـ"بيان للناس"يعتبره الإمام علي حمال أوجه ومنطقه يكون علي ألسنة الرجال فهو لا ينطق بذاته...التأويل! التأويل! التأويل!....لو كان التأويل رجلاً لاتبعته لأقصي الأرض!
يقول كعب ابن زهير في البردة مُلخصاً الأمر الوحيد الذي يجتمع عليه سائر البشر:
"كل ابن أنثي وإن طالت سلامته    يوماً علي آلة حدباء محمول"

لما مات الفيلسوف ابن رشد رأي ابن عربي مؤلفاته تعادله علي الدابة المحمول عليها جثمانه من الجانب الآخر,فتأمل الموقف مآل كل حي,ومؤلفات الميت الفكرية تعادله وهو جثة فجري علي لسانه:
"هذا الإمام وهذه أعماله           ياليت شعري هل أتت آماله"
كان هذا آخر لقاء له بابن الرشد الذي قابله أكثر من مرة,أول لقاء سأله الفيلسوف:"كيف وجدتم الأمر في الكشف والفيض الإلهي؟هل هو ما أعطاه النظر؟قلت :نعم,لا, وبين نعم ولا تطير الأرواح من مواردها والأعناق من أجسادها"
ربما هذا مفتاح العلاقة بين ابن عربي المفكر وابن عربي الروحاني,طبعاً العبارة شديدة الاستغلاق,الفيض كالنظر وليس الفيض كالنظر في آن,وبين إثباته ونفيه تطير الأرواح والأعناق,فهل نأخذ نصوص ابن عربي بالعقل أم بالقلب؟ما تأويل كلامه الرمزي الشاحب,كأنه لا يريد أن يبين عن ذاته إلا لمن يستحق؟
ونلحظ أن ابن عربي يعتبره"إمام"فهل كان له إماماً حقاً؟!يعني هل يمكن أن نفسر ابن عربي تفسيراً عقلياً كابن رشد؟طبعاً لا يمكن؟! فما هو الإمام عند ابن عربي؟ربما لو عرفنا إمامه لعرفنا مقصده بالضبط.
مكان هذا آخر عهد ابن رشد وابن عربي بالأندلس الأول بالموت والثاني بالرحيل,وبعدهما راحت الأندلس حيث راحت!العقل والروح هما ضمان استمرار الحضارات وبدونهما يحدث الحادث حالياً في بلادنا الملعونة بلعنة لن يحاربها إلا سحرة العلم والمعرفة والثقافة,السحرة الحقيقيون في هذا العالم....لكن أين هؤلاء يا حسرة؟! والأماكن المنوط بها صناعتهم لا تصدر للمجتمعات إلا الجهل والتخلف من يد كهنة الجهل وعبدة التخلف في المدارس والجامعات.
هل أثرت محنة ابن رشد في تفكير ابن عربي وجعلته يلجأ للرمز الغامض زيادة علي طبيعة اللغة الصوفية؟
نعي ابن عربي للفيلسوف نعي حزين وحائر,سؤال لم يجد إجابته,أطلقه ورحل!
اللغة وما أدراك ما اللغة وما يمكن أن تحدثه في تشكيل رؤية الكون كله,وإبراز علاماته,اللغة هي العالم كله,بلا لغة لا أي شئ.
أزعم أني أتفهم واحد علي مليون من التجربة الصوفية؛لذلك أدرك أن لغتها الرمزية المستغلقة علي أفهام العوام من أمثالي ضرورة لا غني عنها لطبيعة تلك التجربة الروحية المتفردة,فالتجربة الصوفية والفنية وجهان للروح,زيادة علي ذلك أن فلاسفة الصوفية منذ ظهورها كانوا بين مقتول ومصلوب ومطرود,فكانت اللغة- تقية لو صح التعبير هنا- هرباً من السلاطين وفقهائهم,اللغة الصوفية عند ابن عربي ليست لغة بقدر ما هي إشارات لا توضح المعني وإن كانت تؤدي إليه عند العارفين الآخرين,الذين يضنوا علي من سواهم بالشرح والتوضيح حتي يبقي السر محفوظاً عند من يعرف قدره,وتلك سمة ظاهرة بقوة عند الكبار في زمنهم فالغزالي يقول:
فكان ما كان مما لست أذكره         فظن خيراً ولا تسأل عن الخبر
وقال الإمام علي ضارباً علي صدره:إن هاهنا علوم جمة,لو وجدت لها حملة"وينسب للرضا حفيد علي:
"يا رب جوهر علم لو أبوح به         لقيل لي أنت ممن يعبد الوثنا
ولاستحل رجال مسلمون دمي          يرون أقبح ما يأتونه حسناً

وينسب لأبي هريرة:حفظت عن رسول الله وعاءين من علم,أما أحدهما فقد بثثته فيكم وأما الآخر فلو بثثته لقطع مني هذا الحلقوم",ويروي عن ابن عباس أنه لما سُئل عن تفسير:"الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن"لو ذكرت تفسيره لرجمتموني أو لقلتم أني كافر"عندي شعور جارف أن عباس أدرك نظرية الأكوان المتوازية وربما رجح أنها سبعة!!ولم يشأ أن يعبر عنها ومع ذلك فقد صرح: الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن سبع أرضين في كل أرض نبي كنبيكم وآدم كآدم ونوح كنوح وإبراهيم كإبراهيم وعيسى كعيسى وابن عباس كابن عباسكم"!!!

المخبوء في الصدور أعظم مما هو مكتوب في السطور!

لم يكن ابن عربي بعيداً عنهم فقد قال:فأنا الآن أبدي وأعرض تارة وإياك أعني واسمعي يا جارة,وكيف أبوح بسر,وأبدي مكنون أمره,وأنا الموصي به غيري في غير موضع من نظمي ونثري انبه علي السر لا تفشه ,فالبوح بالسر له مقت علي الذي بيديه"

ولا نعرف ما هو حديث الأنثي الذي قاله عيسي لمحمد وعلي يترجم بينهما!!!

الغموض هو سر ابن عربي الأكبر,هذا الغموض رسم هالة علي كلماته حيرت كل الباحثين فيه وعنه!وجعلنا نتساءل عن معني عباراته حتي اليوم,بعد أن أفني الكثيرون مداد أقلامهم في محاولة فهم هذا الرجل.وبالتالي نحن مدفوعون لتقرير أمر حتمي أنه مهما كانت الاجتهادات والشروح حول نصوص ابن عربي,فيمكن لأي عابر سبيل لا له في الطور ولا في الطحين واقف في الزحمة لا به ولا عليه-أنا يعني-أن يقول في مواجهة الجميع بضمير مستريح"ما هكذا تكلم ابن عربي!"

الحق أننا سنظلم الحقيقة لو أنكرنا وجودها كلياً!المشكلة أن وجود الحقيقة أصعب من غيابها أغلب الوقت,لكل إنسان في الدنيا حقيقته الخاصة,الحقيقة هي ما يشعر بها تلتهب في باطنه وتستريح لها أعصابه,ويمكنه الرؤية من خلالها العالم ونفسه بصورة تجعله متوازناً,وتغطي له مساحة كافية من الاستقرار الفكري والنفسي والاجتماعي,أنا أتصور أن الحب والحزن هما جوهر الحقيقة في الكون,الثاني يظنها القوة,الثالث المال,الرابع السلطة,وهكذا,وكلها حقائق عند أصحابها .... الأمر لا يختلف كثيراً في تأليف النصوص وتأويلها,فالمؤلف يعتمد علي ما رآه وتجلي له,وصاحب التأويل يُجلي التجلي في نص المؤلف!

مَن مال متحيّزاً إلى فئةٍ أو متحرّفاً لقتال ، فما مال." "

لأول وهلة استدعيت في ذهني تلك الأبيات التي تدخل في باب الطرف اللغوية,وتحديداً الأبيات المنسوبة للشافعي:

رأيت الناس قد مالوا                 إلي من عنده مال          ومن لا عنده مال                    فعنه الناس قد مالوا

رأيت الناس ثد ذهبوا              إلي من عنده ذهب

ومن لا عنده ذهب              فعنه الناس قد ذهبوا

رأيت الناس منفضة             إلي من عنده الفضة

ومن لا  عنده فضة              فعنه الناس منفضة

وبيت إسماعيل صبري:

طرقت الباب حتي كل متني      فلما كل متني كلمتني

قالت يا إسماعيل صبرا       قلت أسما  عيل صبري

اللغة الخادعة المتوارية في تلافيف المقاصد والغايات!

الظاهر والباطن جدليتنا الأبدية في الحياة,بل ربما هي الحياة ذاتها,فالإنسان لا يري ذاته إلا بعين الخيال والوهم,لو وقف أمام المرآة لا يري أي شئ,حتي أنه لا يمكنه رؤية جسده,سيري فقط جلده الظاهر من جسده,نحن لما ننظر لأي مادة لا يمكننا اعتبار ظاهرها هو معناها,كذلك اللغة عند المتمكنين منها وخاصة لو كان عندهم نزوع فلسفي,لابد من الكشف عما وراء الظاهر لنصل للباطن,وربما الباطن يفاجئنا أننا حتي لم نتسطع الكشف عن الظاهر الماثل أمامنا في تحد أغلب الوقت!

هل استمعت لسيدة الغناء وملكته وهي تغني"أقولك إيه عن الشوق يا حبيبي"؟ هل تعتبرها أغنية عاطفية لعشيقة؟

يُخيل إلي أن عبد الفتاح مصطفي وهو شاعر له حس صوفي واضح,كان يناجي في الله,فهي قصيدة صوفية ظاهرها لا يكشف عن باطنها؛لأنه علم الظاهر والباطن استطاع اللعب علي الحبلين!لكن من للغلبان منا ليكشف له الظاهر من الباطن؟!!

الظاهر خيبتنا الباطن خيمتنا,محظوظ هو من ينفد لعمق الأشياء-علي قدر طاقة البشر بالتأكيد-ويستخرج منها المعني.

الفتوحات كُتبت كما يقول صاحبها بوحي إلهي,والوحي غير التنزيل,لكن ابن عربي متأثر طبعاً بالتنزيل ويدرج آياته ومعانيه,كـ:من مال متحيزاً إلي فئة أو متحرفاً لقتال,فما مال."وهي تحيلنا لآية في سورة الأنفال:" وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَىٰ فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ"

وعبارة ابن عربي السالفة أول فقرة في"سر الهرب من الحرب",والعجيب في تلك الفقرة أنها  يمكن قراءتها من الآخر إلي الأول ويؤدي نفس المعني من الأول إلي الآخر!!ويمكن تقسيم عباراتها لتعطي معني حتي لو كانت بعيدة عن النص الأصلي.

يمكن شرحها أن من ابتعد عن ميدان القتال ليلتحق برفاقه ليعاود الحرب مرة أخري بعد أن تبينت له أن هزيمته وقتله لا مهرب منهما,أو ليخادع العدو فيبين له أن سيهرب بينما هو يستعد للكر عليه مرة أخري فما خسر ولا سقط من المعركة.

لكن أي حرب تلك التي يقصدها ابن عربي,الآية احتكرها المفسرون علي غزوة بدر فقط وقال بذلك عمر بن الخطاب,سورة الأنفال تدور حول القتال وعلاقة النبي بالمقاتلين معه,وعن غزوة بدر وما جري فيها,وتؤكد أن الله ناصر النبي وتبين أن المعركة كانت بيد الله:" فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاء حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ"

أي حرب يا شيخ؟بداية معارك الأندلس أم الصليبيين والتي عاصرتهما...أم حرب صوفية علي تقلبات النفس السافلة,وأحوال الزمان الدنيئة, تحتاج إلي ابتعاد(ميل/خلوة)تتحيز فيها لأهل الله(فئة) ثم جلوة(متحرفاً)لأهل الدنيا؟!

أي حرب تلك في هذا النص الذي يقرأ من كل النواحي وبمعان عدة,كأنه نص دائري ينتهي حيث بدأ ويبدأ حيث ينتهي.

وفي سورة العنكبوت"والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا"الله يضمن لمن جاهدوا فيه أن يهديهم إليه لكن ما هو سبيل الجهاد لله في البداية؟...في ذات الفقرة "سر الهرب من الحرب"يوصي ابن عربي"كن قاراً ولا تتبع فاراً",ويخبر أن"من فتح له باب السماء استظل بسدرة الانتهاء"!!

نعم أم لا؟....بينهما تطير الأرواح!!

ظاهر أم باطن؟ ما الخط الفاصل بينهما...الجمال في العين التي تري,فهل الرؤية تعتمد علي النظر أم الكشف القلبي؟

نص أم تأويل؟ التأويل نفسه يتحول إلي نص يحتاج للتأويل!!

ما هو مفتاح السبيل لابن عربي المغلق المستغلق علي أفهام العامة أمثالي,لابد من قراءة أعماله الكاملة مرة واحدة علي الأقل بتمعن كأول خطوة,فابن عربي لا يمكن اجتزاؤه,وإلا نكون كمن يقرأ بيتاً من معلقة طويلة جداً ثم يريد أن يشرح المعلقة كلها....وللأسف هذا هو الحاصل معي!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق