الثلاثاء، 31 مارس 2015

ثروة الأمم

 ثروة الأمم

يحمل كتاب الاقتصادي آدم سميث-المعادل الرأسمالي لماركس عند الشيوعيين-عنوان"بحث في طبيعة وأسباب ثروة الأمم"ويعرف اختصاراً بـ"ثروة الأمم",لكن ثروة الأمم اسم يليق أكثر علي مدي النمو المعرفي الذي تحرزه الأمم علي مدار تاريخها,لا يليق علي الأوراق المالية بقدر ما يليق علي الاختراعات والاكتشافات العلمية,الثروة المالية في مناطق الغرب الغنية وأماكن الرفاهية في أمريكا,هي الناتج الطبيعي للتفوق العلمي والتكنولوجي,وليس العكس.
الغني ليس غني المال,بل الغني في المقدرة العلمية علي صناعة المال,بالتصنيع والتحديث الصادران من عقول متعلمة قامت عليها حياة الإنسان وصاغت رؤيته للعالم.
نفتقر في الحاضر للعلم والمعرفة,فلا نجد سلوي غير تذكر تراث العرب العلمي في العصر الزاهر,وتعيير الغرب بوضاعة حياته في الماضي,تماماً كمكاري جاهل أمي قذر,كلما مر علي قصر المدينة العظيم لم يجد ما يفرج به عن غيظه إلا الصياح الفارغ كأن يقول:"يا أولاد كذا,كان جدي يمتلك هذا القصر وكنتم تعيشون في كوخ وتقضون حاجتكم في دلو!!"
تلك هي النبرة المسيطرة علي الخطاب العادي بين العوام وأشباه المثقفين عند مقارنة حال الغرب بحال الشرق,وبالطبع تلك النبرة من المفهوم أن يرددها مجموعة,لكن أن ترددها كل الجماعة فهذا عمل غبي لا طائل من ورائه,بل ويزيد افتتاننا بالماضي المجيد علي حساب إهمال خيبة وسقوطنا في الحاضر التعيس..."وتلك الأيام نداولها بين الناس"
من الأعمدة العلمية التي صنعت للعرب مجدهم العلمي ابن الهيثم والرازي,ويجب فهم المجد العربي الإسلامي علي أنه علم وانفتاح وثقافة وحرية,وليس بتصويره علي هيئة سلسلة من المعارك والفتوحات ضمنت لهم عيشة رغدة تملأها الجواري الحسناء في قصر الرشيد...سيتمسك الكثيرون بهذا التصور الساذج عن الماضي الإسلامي ولن يتخلوا عنه بسهولة,فعلي الأقل عليهم إدراك أن قوتهم الحضارية وتماسكهم الاجتماعي الناتج عن وجود معارف يتم التحكم فيها في كافة مجالات الحياة,كانت هي سبب عيشتهم في بين البساتين,ونومهم في أحضان الجواري,وليس السبب"صليل الصوارم"!!!وهذا الهراء المحشو في عقول المسلمين اليوم!
كل مظاهر البذخ التي تثير الغثيان في زمن الأمويين والعباسيين,اندثرت وأصبحت ذكري,راح من سعي خلف بطنه مع من سعي خلف فرجه إلي قبرهما مشيعين بالنسيان,وبقي أمثال ابن الهيثم والرازي...
حين الكلام عن علماء المسلمين,يحتار المرء بفعل نزعتهم الموسوعية أين يكون خيط البداية,لكن ابن الهيثم يزيد الأمر تعقيداً,لما تثار حوله أنه كان هناك شخصين حملوا نفس الاسم وعاشا في نفس العصر واشتغلا بالعلوم!وهو رأي يزيد أخبار التاريخ العربي بلبلبة أكثر مما هي!!عموماً المسألة هنا ليست تتعلق بشخص ابن الهيثم أو الرازي بقدر ما تتعلق بنقطة واحدة من أعمالهما العلمية,وهي تشكيكهما في "براديجم"-كما يسمي توماس كون النماذج العلمية في التطور التاريخي للنمو المعرفي- علمي يوناني,وصناعتهما لبراديجم عربي جديد,مستخدمين نظرية كارل بوبر في مبدأ التكذيب والدحض لإثبات ما هو علمي مما هو مغطي بقشرة العلم,محدثين بذلك نموذج مبكر جداً من الحداثة العلمية لم تعرفه أوروبا إلا مع أزمة الرياضيات بجهود ريمان وغيره من العلماء في تكوين الهندسة اللاإقليدية بعد أن تربعت هندسة إقليدس كهندسة وحيدة فقط نتعامل بها مع الكون لقرون مديدة!فانعدم اليقين العلمي في الغرب وبدأت موجة الحداثة,وكان من الممكن جداً أن تحدث قبل القرن التاسع عشر لولا خوف جاوس من صخب الأغبياء الذين قد يثيرونه لو خرج عليهم بهندسته الرياضية الجديدة!
للأسف يبدأ تاريخ العلوم ممن دونوها,وهم اليونان,وفي الأغلب يسقط ذكر الأجداد العظام في وادي النيل,الذين تحالف عليهم الزمن والحمقي المخربين,مع تدريسهم السري الكهنوتي للعلوم,فضاع الكثير من حقهم في التاريخ العلمي,لحساب تأكيد نظرية المعجزة اليونانية,ومع ذلك كل اكتشاف أثري جديد يضئ علي البداية الحقيقية لما يعرف اليوم باسم"الحضارة"في كل نواحيها,حيث وادي النيل!
ابن الهيثم في منهجه العلمي الذي ذكره في مقدمة"الشكوك علي بطليموس"نجده حداثي من الدرجة الأولي,استقرائي تجريبي,يتميز بالشجاعة العلمية لينقد براديجم ظل مسيطراً علي عقول الناس حتي تقادم عليه العهد فظنوه مقدساً"الحــق مطلوب لذاته , و كل مطلوب لذاته فليس يعنى طالبه غير موجود , و وجود الحق صعب , و الطريق إليه وعر , و الحقائق منغمسة فى الشبهات , و حسن الظن بالعلماء فى طباع جميع الناس , فالناظر فى كتب العلماء إذا استرسل فى طبعه , و جعل غرضه فهم ما ذكروه , و غاية ما أوردوه , حصلت الحقائق عنده هى المعانى التى قصدوا لها , و الغايات التى أشاروا إليها . و ما عصم الله العلماء من الزلل , ولا حمى علمهم من التقصير و الخلل , و لو كان ذلك كذلك لما اختلف العلماء فى شىء من العلوم , ولا تفرقت آراؤهم فى شىء من حقائق الأمور , و الوجود بخلاف ذلك , فطالب الحق ليس هو الناظر فى كتب المتقدمين , المسترسل مع طبعه فى حسن الظن بهم , بل طالب الحق هو المتهم لظنه فيهم , المتوقف فيما يفهمه عنهم , المتبع الحجة و البرهان , لا قولَ القائل الذى هو إنسان , المخصوص فى جبلُّته بضروب الخلل و النقصان , و الواجب على الناظر فى كتب العلوم , إذا كان غرضه معرفة الحقائق , أن يجعل نفسه خصماً لكل ما ينظر فيه , و يجيل فكره فى متنه و فى جميع حواشيه , و يخصمه من جميع جهاته و نواحيه , و يتهم أيضاً نفسه عند خصامه فلا يتحامل عليه و لا يتسمح فيه . فإنه إذا سلك هذه الطريقة انكشفت له الحقائق , و ظهر ما عساه وقع فى كلام من تقدمه من التقصير و الشبه"
هنا نجد مبدأ القابلية للتكذيب كما صاغه بوبر يتجلي في هذا الفقرة,التي تتخذ من التفكير الانتقادي مدخلاً لتطور العلوم,الحديث عن مواصفات "طالب الحق",ليس هو عابد النصوص متبع التعليمات,إنما هو سئ الظن كثير التشكيك في كتب المتقدمين؛لإدراكه الخلل والنقصان الكامنان في الطبيعة البشرية,شخص يتبع الدلائل العلمية,لا قول فلان ولا علان,شخص ذكي ,غرضه معرفة الحقائق بأن يجعل لنفسه خصومة مع كل ما ينظر فيه,ويجيل فكره في أصوله وفروعه,ويدرسه من كل نواحيه,وليس هذا معناه الغرور والصلف في مواجه الأمور المنطقية,فعلي الطالب أيضاً أن يتشكك في نفسه,فلا يتحامل علي العلم ولا يعتقد في نفسه قدرة ليست فيه,فهذا من مفاتيح كشف الحقائق,وطلب الحق مسلكه وعر والحقائق تتوه في الشبهات,والناس طُبعت علي حسن الظن في العلماء وتنزيههم,والله ما عصمهم من الخطأ!ولو كان فعل ما اختلفت اتجاهاتهم وآلياتهم البحثية ونتائجهم العلمية,وهنا نتذكر قول ابن النفيس" ربما أوجب استقصاؤنا النظر عدولاً عن المشهور والمتعارف، فمن قَرَعَ سمعه خلافُ ما عهده فلا يبادرنا بالإنكار، فذلك طيشٌ. فرُبَّ شَنِعٍ حَقٌّ، ومألُوفٍ محمودٍ كاذبٌ. والحقُّ حقٌّ فى نفسه، لا لقول الناس له"
يستكمل ابن الهيثم كلامه:"  لما نظرنا فى كتب الرجل المشهور بالفضيلة , المتفنن فى المعانى الرياضية , المشار إليه فى العلوم الحقيقية , أعنى بطليموس القلوذى , وجدنا فيها علوماً كثيرة , و معانى غزيرة , كثيرة الفوائد , عظيمة المنافع . و لما خصمناها و ميزناها , و تحرينا إنصافه و إنصاف الحق منه , وجدنا فيها مواضع مشبهة , و ألفاظاً بشعة , و معانى متناقضة , إلا أنها يسيرة فى جنب ما أصاب فيه من المعانى الصحيحة . فرأينا أن الإمساك عنها هضماً للحق , و تعدياً عليه , و ظلماً لمن بنظر بعدنا فى كتبه فى سترنا ذلك عنه . و وجدنا أولى الأمور ذكر هذه المواضع , و إظهارها لمن يجتهد من بعد ذلك فى سد خللها , و تصحيح معانيها , بكل وجه يمكن أن يؤدى إلى حقائقها"وهنا أيضاً لا نجد إلا قول ابن النفيس كتكملة لمنهج ابن الهيثم"و أما نصرة الحقّ و إعلاء مناره ، و مخالفة الباطل و طمس آثاره ، فهو أمرٌ قد التزمناه فى كل فن ."
من الانتقادات التي وجهها لنظرية بطليموس البصرية,القول بوجود شعاع في العين يصدر منها لرؤية الأشياء,فتساءل ابن الهيثم بعقليته العلمية,عن سبب رؤية الإنسان للنجوم السماوية وهل شعاع العين المزعوم يستطيع الوصول لتلك المسافة,أخذ يدرس ويفكر حتي توصل إلي أن مصدر الضوء يسقط علي الشئ ثم ينعكس علي شبكية العين,لينتقل الأثر للدماغ فيري الإنسان.

شجاعة علمية لا تعترف بسلطة أو مهابة في العلوم,وتلك الشجاعة هي ما مكنت العرب في حضارتهم الماضية وحتي بعد انهيارها من سيادة العالم,ليس باحتلالهم أراضي وقطع رءوس وسبي نساء,باحتلالهم العقول وسيطرتهم علي الأفكار وسبي الاكتشافات,يطلق مثلاً علي كل ثورة في تاريخ العلم اسم"ثورة كوبرنيكية"نسبة إلي كوبرنيكوس,ولولا نصر الدين الطوسي ما كان كوبرنيكوس,بل أن الطوسي هو الأحق لحد كبير بمجد كوبرنيكوس الفلكي!!!
منهج علمي استقرائي يقوم علي الملاحظة والدحض لإثبات ما يتوصل إليه ابن الهيثم,وهو المنهج الظاهر في "ماهية الأثر الذي يبدو علي وجه القمر",بعد أربعة قرون من تفسير ابن الهيثم للأثر علي وجه القمر بعد أن يورد الأفكار الخاطئة ويفندها ويثبت تهافتها,وبعد سلسلة طويلة من الدلائل يصل إلي فكرة أن القمر ليس مستوياً وكثافته ليست واحدة في أجزائه,تمر أربعة قرون علي ابن الهيثم,ويظهر عصر الغيبيات والتغييب والفكر السطحي البسيط,يريح الكاتب والقارئ معاً ولا داع لمنهج ولا تفكير ولا تحليل بل حكاية أسطورية وينتهي الأمر بالاندهاش,يفعل الأفقهسي هذا:" إن قيل ما هذا السواد الذى فى القمر ؟ فقد سأل ابن الكوا علياًّ بن أبى طالب عن ذلك ، فقال : إنه أثر مسح جناح جبريل عليه السلام ، وذلك ان الله تعالى خلق نور القمر سبعين جزءاً، وكذلك نور الشمس ، ثم إن جبريل مسحه بجناحه ، فبقى من القمر تسعة وستون جزءاً ، فجعلها للشمس ، فأذهب عنه الضوء وأبقى فى الشمس النور، فذلك معنى قوله تعالى : { فَمحَوْناَ آيةَ اللَّيْلِ وجَعَلْنا آيةَ النَّهارِ مُبْصِرةً} . 
   
يستكمل : 
   
فأنت إذا تأمَّلت السوادَ الذى فى القمر ، وجدته حروفاً ، أولها الجيم وثانيها الميم وثالثها الياء واللام والألف آخرها ، فهو مكتوبٌ عليه "جميلا" وقد شاهدت ذلك فرأيتُه مرات ، فسبحان من خلقه جميلاً..."
انقلاب معرفي خطير ورثناه كحل سريع وسهل لأي مشكلة يقوم علي التغييب والغيبيات ومريح للدماغ من عذاب التفكير وألم المعرفة,وتركنا عقلية ابن الهيثم حلالاً للغرب عارف قدره ومكرم اسمه,"ابن الهيثم" علماً علي فوهة علي القمر مع بطليموس!!واسم لكويكب,تقدير يستحقه اسمه,العام الحالي هو عام الضوء بمناسبة مرور ألف عام علي تأليف ابن الهيثم لكتاب المناظر مائة عام وعشر سنوات علي قول آينشتاين بظاهرة الكهروضوئية,ومائة عام علي إدخال نظريته النسبية في تفسير فهمنا للكون ومائتي عام علي قيام العالم الفرنسي أوجست فرينل بوضع نظرية الموجات الضوئية...ولو ذُكر في بدايات النهضة الأوروبية لقب "الفيزيائي",فالناطق لا يقصد إلا الحسن ابن الهيثم,والسامع يعرف ذلك.

المطلع علي آراء الرازي في الطب وطرق العلاج,يجده نموذجاً مثالياً لسبب إطلاق الناس علي الطبيب المعالج لقب "حكيم",وخاصة في رسالة "أخلاق الطبيب" وأساليبه في استخدام العلاج النفسي والعصبي بالصدمة,هو الآخر تشكك في جالينوس,وقد وُصف هو نفسه بجالينوس العرب,كما وُصف ابن الهيثم ببطليموس الثاني!
يتصل الرازي بابن الهيثم,بقدرته علي تكذيب براديجم وتكوين براديجم جديد,بنفس منهج الشك الذي اتبعه بن الهيثم. يقول:" إني لا أعلم أن كثيرا من الناس- يستجهلونني في تأليف هذا الكتاب، وكثيرا منهم يلومونني ويعنفونني أو كان يجزي إلى تحليتي تحلية من يقصد باستغنام واستلذاذ منه كذلك، إلى مناقضة رجل مثل جالينوس ، في جلالته ومعرفته وتقدمه في جميع أجزاء الفلسفة، ومكانه منها؟ وأجد أنا لذلك- يعلم الله مضضا في نفسي. إذ كنت قد بليت بمقابلة من هو أعظم الخلق على منة، وأكثرهم لي منفعة، وبه اهتديت، وأثره اقتفيت، ومن بحره استقيت. "
تلك الفقرة توضح فكرة العدل عند علماء المسلمين في إعطاء كل ذي حق حقه,فقبل كل شئ هو يعترف بفضل جالينوس وطبه,وتلمذته علي يديه,هذا ما حرم منه علماء العرب في أوروبا,حتي يقول أحد المستشرقين الفرنسيين ما معناه أنه من كثرة ما أخذ الغرب عن العرب,أنكروا فضلهم عليهم؛لأن ما أخذوه ليس شيئاً يسيراً!!!لكن نجد منصفين في الغرب كزيجرد هونكه بكتابها الجميل الشهير بعنوانه الدال"شمس العرب تشرق علي الغرب"!
الرازي سابق علي ابن الهيثم في الميلاد بعقود,ما يتعاصران فيه هو حبهما للعلم وعدم تفضيلهما قول كائن من كان علي قول الحقيقة.
نجد ذات أفكار الرازي تعود مجدداً في شكوك ابن الهيثم,حيث يقول-الرازي- في شكوكه علي جالينوس: لكن صناعة الطب كالفلسفة لا تحتمل التسليم للرؤساء والقبول منهم، ولا مساهمتهم وترك الاستقصاء عليهم. ولا الفيلسوف يحب ذلك من تلاميذه والمتعلمين منه.. وأما من لامني وجهلني في استخراج هذه الشكوك والكلام فيها، فإني لا أرتفع به، ولا أعده فيلسوفا. إذ كان قد نبذ سنة الفلاسفة وراء ظهره وتمسك بسنة الرعاع من تقليد الرؤساء وترك الاعتراض عليهم"
ويستشهد بقول أرسطو"اختلف الحق وأفلاطون وكلاهما لنا صديق,لكن الحق أصدق لنا من أفلاطون"
يختصر فلسفة نمو المعرفة في إشارة:" الصناعات لا تزال تزداد وتقرب من الكمال على الايام، وتجعل ما استخرجه الرجل القديم في الزمان ، الطويل (في متناول) الذي جاء من بعده في الزمان القصير حتى يحكمه، ويصير سببا يسهل له استخراج غيره به فيكون ، مثل القدماء في هذا الموضع مثل المكتسبين، ومثل من يجيء من بعد مثل المورثين المسهل لهم ما ورثوا اكتسابا أكثر وأكثر ."
هذا ما آمن به فما وقف عند حد اسم طبي عظيم كجالينوس,بل أخذ ينقده ويبين ما فيه من عيوب,كمسألة اتساع العين وضيقها في النور,حيث كان يعتقد جالينوس أن العين تتسع في الظلمة حتي تتمكن من الرؤية وتنقبض في النور,نقد الرازي تلك الفرضية,واشترك مع ابن الهيثم في إنكاره نظرية الشعاع الصادر من العين...الحق أن العلم ليس كما يفهمه معظم الناس,كاختراعات وإنجازات واكتشافات,هذه هي اللمسة الأخيرة في سيرة طويلة جداً ومعقدة وصعبة وعويصة,العلم في صلبه هو المنهج المتبع والعقلية العلمية المنظمة المجتهدة التي من شأنها صياغة هذا الاختراع أو الاكتشاف والمنهج في حد ذاته له علم الميتودولوجي ليدرسه!!تاريخ العلم يخبرنا عن كثيرون وضعوا اللمسة الأخيرة فقط فكانت لهم شهرة فاقت من سبقوهم من المؤسسين المجتهدين.ويفاجئنا باكتشافات لها أثر حاسم في تاريخ البشرية,ظهرت عن طريق المصادفة!للرازي وابن الهيثم عقلية تشكيكية منظمة استخدمت بذكاء منهج تجريبي استقرائي,وصلت لنتائج مخالفة للنسق اليوناني,وشاركت في دفع عجلة العلم الإنساني للأمام.




إذن,كل ابن الهيثم والرازي خطآ جالينوس وبطليموس,وهناك بالتأكيد من في إمكانه تخطئتهما,وهذا بالطبع سيسعدهما جداً في قبريهما,لو عرفا أن منهجهما العلمي وشجاعتهما العلمية ما زالت مستمرة لا تعترف إلا بالحق ولا تسعي إلا للحقيقة,لا تسير بقول فلان وتجربة علان.
عرف أفلاطون العلم تعريفاً بسيطاً جميلاً"العلم كل ماهو صادق ومبرر",ما فعله ابن الهيثم والرازي هو دحض الكاذب لتبيان الصادق وإبطال القول المبني علي تجربة خطأ لتبرير تجربتهما العلمية.
هذا العصر يقال له"عصر الصورة"والصورة لولا الكاميرا لا وجود لها,التي كانت فكرة ابن الهيثم الشهيرة في تجربتها التي يقال أنه فعلها أثناء سجنه بعد ادعائه الجنون ليهرب من الحاكم بأمر الله,وقد أخذت كلمة cameraمن "قمرة"العربية!
هذا العصر الرفاهية فيه تقاس-من ضمن قياساتها- بمدي العناية الطبية بالإنسان,في جامعة باريس هناك تمثال للرازي أبو الطب العربي جالينوس العرب.
الغرب...!!!أدام الله علي الغرب نعمته لأنه يستحقها فعلا عن جدارة,يكفي احترامه للعلم والعلماء.
 أدركا أن اليقين في العلم يعني الجمود والإيمان ليس إلا شهادة وفاة للعقل يكتبها المؤمن لنفسه,فاتخذا من الشك نافذة علي الحقيقة يطلان منها لاستكشاف العالم,مع فهم كامل أن العلم هو سلاح الإنسان الوحيد في مواجهة الحياة والطبيعة من حوله,هو درعه الذي يحميه وسيفه الذي يشق به طريقه نحو نوعاً من الأمان في الحياة,وينطبق الأمر نفسه علي الأمم....العلم هو ثروة الأمم!




هناك تعليق واحد: