الاثنين، 24 يوليو 2017

بين حياتين

الفن هو الوسيلة الأمثل لاستعادة المفقود,وتعويض الغياب"يا موت هزمتك الفنون جميعها"وبذلك الذي أعلنه درويش منتصراً علي الموت,تستدعي"ماهي" صديقتها المتوفاة عايدة,عن طريق إعادة كتابة يومياتها بصياغة مختلفة,لتصبح بطلة"أكابيلا".
في رواية مي التلمساني تنقسم الذات ووتتغير الهويات,لا تتقبل ماهي نفسها كامرأة حياتها عادية ليس بها إثارة ولا تحرر حياة عايدة,بينما عايدة تعاني من اضطراب حياتها المتمثل في الشيزوفرينيا,وصراع شخصيتها الفنية ورغبتها في الاستقرار مع حسام مع ما أدركته صديقتها جيداً"أدركت أن ماهي مهما أحبت فلن تتورع عن الكذب ولا عن سرقة من تحب وأن رغبتها الصادقة في الامتلاء كانت تشدها رغماً عنها إل ثقب هائل من الفراغ المرعب".حاولت تعويض ذلك بالفن والجنس حيث يتشبع الروح والجسد ويكتمل الناقص بالخيال والاتحاد الجسدي,فيصبح الإنسان ملكاً علي ذاته يري الدنيا من علِ كأنها حلم هو الحقيقة الوحيدة فيها.
في منتصف الرواية تسلم ماهي لعادل كاتب القصة الهاوي مسرحية"لعبة الحب والمصادفة"لمارييفو,وهي تعالج بصورة كوميدية تبادل الهويات والحيوات حيث تصبح الخادمة سيدة والخادم سيداً والعكس,حتي يتمكن كلاهما من الحكم علي بعضهما بصورة غير متحيزة,كأن الحقيقة لا تتبدي إلا بخوض تجربة تنافي مانحن عليه بالضبط,وحينها يتكشف لنا ما نخبئه تحت القناع الاجتماعي المفروض علينا,أو الذي نرتديه للنال رضي الناس ونختلط بالمجتمع من خلاله بصورة طبيعية.
مع اليوميات تتماهي ماهي مع عايدة وتؤثر عليها,وتجبرها علي أن تعيد حساباتها فتشتري شقتها وتصادق كريم أحد أفراد شلة عايدة الروائي العابد لكل النساء اللواتي يعجبنه,بدون وعي-أو بوعي-تتحول ماهي من خلال فعل الكتابة لعايدة جديدة,كاتمة كافة الأصوات المتداخلة في حياتها والتي تشوش علي جوهرها؛لتغني أغنيتها الخاصة"أكابيلا صوت منفرد بلا موسيقي تصاحبه,وحيد ومنفلت ورائق"وتنتهي الرواية بشبح عايدة يحوم في شقتها ويؤثر علي حياة ماهي...دورها في التشظي جاء بين حياتين,واحدة تجد نفسها فيها وواحدة مفروضة عليها....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق