الأربعاء، 2 يونيو 2021

الخيط الرفيع

 تنويعة علي أسطورة بيجماليون لكنها تدور في مصر زمن الخمسينيات،هذه المرة المرأة هي التي خلقت الرجل من حبها وحنانها وجعلت منه علما في المجتمع،وهكذا أصبحت يولند والأستاذ النابه عشيقان بعدما عاني الأستاذ من العذاب والتسهيد كي ينال يولند ،ونالها بفعل الرحمة التي اجتاحتها شفقة علي هذا القزم، الذي لم يذق لذة الحياة ولا يوجد سواها من يمنحه حبل النجاة من سقم العاشقين. مع الوقت ولأن العلاقة مريضة في أساسها غير قائمة علي الندية،تلاشت الشفقة والرحمة من قلب يولند،وانقطع"الخيط الرفيع"الفاصل بين حد الحب والتملك،وبعدما كان الحب نعمة أضحي مصيبة مزقت الإثنين حطمت المرأة وحولتها لزائرة ليلية لمضاجع الرجال،وشقت للرجل مصير شبيه من الناحية النفسية فأصبح أداة للعمل وجمع المال كي ينسي جرحه القاتل...ومن تلك الحبكة يعرض إحسان عبد القدوس واحدة من قصصه التي اتخذت من العلاقة الأبدية الجدلية بين الرجل والمرأة مادة للسرد والتأمل في الحياة. إن العلاقات كلها يحكمها الخيط الرفيع بين كل المتناقضات،حب الأم لابنها يحكمه الخيط الرفيع بين الرأفة والتدليل المفسد،علاقة الأصدقاء خيط رفيع بين التعاون والتشاحن،وأيضا للعشاق خيطهم الرفيع يين الحب والتملك،فعندما زال بين بطلي الرواية تغيرت النفوس وبدأت حرب تكسير القلوب والعظام من جهة يولند،بعدما كانت ملاك الأستاذ الحارس في مرضه،وحب التملك يقضي علي كل ما عداه من شعور آخر،الرغبة في التسلط من جهة يولند والأنانية من جهة الأستاذ يمثلان السوس الناخر في العلاقات العاطفية،غريزتان لم يفلحا في قمعهما فاستفحلتا وتولد عنهما وحش اسمه الفراق،لقد حلل إحسان في قصصه العديد من العقد والغرائز التي تتحكم في الرجل والمرأة علي السواء،فكان كاتب الحب والحرية كما وصفوه،وفي تلك الرواية يضع قلمه علي نقطة انهيار الحب وسبب الفراق،إنها"الأنا"الملعونة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق