الجمعة، 24 أغسطس 2012

في صحبة رجل طيب..لا يتورع عن الركل في أماكن حساسة!


في صحبة رجل طيب..لا يتورع عن الركل في أماكن حساسة!




أي صديق طيب هذا!يصحبك في رحلة عجيبة داخل النفس البشرية؛بكل ما فيها من آلام وأحلام عرفناها جيدا,ولم تتوفر لنا الفرصة لفهمها.

سأقول الحقيقة الآن:الواحد منا قبل رجاء النقاش ليس كما هو بعد رجاء النقاش.
  الجميل في هذا الرجل أنه ليس عالماً؛ليتعالي عليك ويرهبك في كل مرة في صيغة"ليس لهذا الموضوع مجال الآن,وربما نعود له في فصلٍ لاحق"
بل هو صديق حقيقي,يمارس صداقته مع القارئ بدون أن يعرفه,يتصادق عليه بكل بساطة وبدون مقدمات...غريب كيف يحدث هذا فعلاً.


قليل جداً من البشر يفهمون الإنسانية بمعناها الواسع،التي إحدي تجلياتها:نحن الاثنان من مخلوقات الله...لذلك سنتفاهم سوياً بسهولة لو أحببنا بعضنا.
وكان هذا هو منهج رجاء النقاش في كتابة(تأملات في الإنسان)بوعي أو بدون وعي.عن طريق حب الإنسان كما هو بعيوبه الشنعاء,وأخطاءه الفظيعة وخطاياه المدمرة,في النهاية يتمكن النقاش من نبشّ مشاعر الأشخاص الذين تحدث عنهم,لا يحكم علي أحد؛بل يُبدي رأيه بوضوح,فلا يضطرنا أن نكره أحداً.

علي الرغم من معرفته أن الكراهية؛لا يمكن انتزاعها من بعض النفوس الوضيعة,الحاقدة علي الناجحين في أي مجال,فهم في رأيه هواة تحطيم وتخريب لهؤلاء الممتازين من البشر,الذين يشعرون إزاءهم بالضآلة والحقارة؛لذلك يودون رؤيتهم مهشمين كتماثيل مكسورة!!
بالمشاعر الصادقة والخبرة الحياتية العريضة والثقافة الواسعة ,يشكل رجاء النقاش حالة فريدة في تاريخ الأدب العربي الحديث.

ومن تلك الخبرة يحذرنا من مصيدة ندخلها بأقدامنا,ونحن سعداء مرتاحون!تلك التي يدعوها"اللذة الخطرة"وكم عرفت من أناس عاشوا حياتهم كلها وهم يستمتعون بتلك الذة القاتلة,وقد جربتها مراراً-قبل أن ينتشلني منها هذا الفصل-وكنت بالفعل أشعر بمتعتها وتأثيرها المسكّر علي النفس,وكنت أردد لنفسي في نشوة من ألقي علي عاتقه كل المسئولية:وماذا أفعل..هم السبب..هم من يقفون في طريقي؛ولذلك لن أعمل حتي تنصلح الأمور...يا لي من شخص مسكين يتآمر ضدي الجميع.
وماذا تكون تلك اللذة؟
يسميها النقاش(لذة الفشل) أي كم أنا رائع وجميل ولكن من حولي لا يقدرونني,الظروف لا تلائمني,الحياة لا تعجبني...الشيشة لا تُكيفُني!!!وما إلي تلك الأعذار الرائعة الجميلة بالفعل...كم أحنّ إلي تلك الأيام عندما كنت أتصور أني رائع وجميل,قبل أن يركلني النقاش في مكان حساس-نفسياً!-؛لينقذني من ذلك المخدر الملعون.

لا يمكن اختصار الكتاب أو شرحه,فأهم ما فيه تلك العلاقة المباشرة بين الكاتب الصادق والقارئ المحب...كنت أتمني أن أتحدث عن كل فصل,لكن إذا ماشيت تلك الرغبة فلن أنتهي من الحديث؛فكل فكرة رغم بساطتها,إلا إننا حين نتأملها ونغوص فيها نندهش,ولابد أن نتساءل:"تري لو كان رجاء النقاش كاتباً أوروبياً أو أمريكياً..هل كنا سنسأم من كثرة تكريم ذكراه من قبل دولته الاجنبية,والاحتفالات التي ستقيمها ونشره في العالم عبر الترجمة؟!"
أسئلة كثيرة لابد أن تدور....لو كان في مصر تعليماً ومدارس وجامعات,لتمنيت أن يُدّرس أحد مؤلفاته لكن للأسف في مصر نفتقد تلك الأشياء الجميلة...والمصيرية!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق