الاثنين، 8 ديسمبر 2025

السبع دوخات

 





السبع دوخات

عن قصة زعبلاوي لنجيب محفوظ

سيناريو وحوار: محمود قدري























م/١               عيادة طبيب نفسي               ن/د


ضياء رجل في الأربعين يجلس علي مقعد أمام طبيب نفسي، يناوله الطبيب روشتة دواء

ضياء يسخط ولا يأخذها منه

ضياء: مش عايز دوا! علاجي مش برشامة أزحلقها بشوية ميه في زوري. 

الطبيب(مهدئاً): الدكتور النفسي مش ساحر، والاكتئاب وحش بيكبر كل دقيقة، لازم نواجهه بكل الأسباب الممكنة... وجع الفقدان مش سهل. 

يقبض ضياء بأصابعه علي الروشتة ويضعها في جيبه، ويخرج متضايق من الباب. 

ينظر له الطبيب في أسي وعجز. 


قطع























م/٢               شقة ضياء(الصالون)                ل/د


الإضاءة كابية... نور باهت وحيد منبعث من أباجورة صغيرة موضوعة علي طاولة مستديرة. 

ضياء ممدد علي الأريكة، يقلب في صور هاتفه، فنري صورة زفافه مع زوجته الراحلة، ينظر لها بتأثر شديد ويتكلم معها. 

ضياء: سنة يا سلمي من غيرك... سنة مرت عليا كأنها قطر هرس جوايا كل حاجة. 

يرن هاتفه، يرد ولا نسمع ما يقوله الطرف الآخر لكن ندركه من كلام ضياء. 

ضياء(ساخراً بمرارة) ماتقلقش لسه عايش، الانتحار عايز شجاعة مش عندي

ثوان يستمع فيها لمحدثه. 

ضياء: حاول تمد لي الأجازة أكتر معلش، مش قادر آجي الشركة

يغلق الخط، ويستمر في تقليب الصور، نري صورة له مع والده وهما في غاية السعادة، ويسرح فجأة متذكراً شئ ما. 

ص. ضياء في صغره: هو مين بابا زعبلاوي ده اللي كل ماترجع من عنده، تبقي فرحان قوي كده وتشتري لي كل الحلويات اللي بحبها. 

ص. الأب: الزعبلاوي ده يا ابني راجل زي الملايكة كده، تقعد معاه تحكي له همومك ترتاح كأنه شالها عنك، حلال المشاكل والعقد، حاكم فيه ناس كده يا ضياء يا حبيبي، ربنا يخلقها عشان الدنيا تتوزن بين الوحش والحلو. 

ص. ضياء في صغره: طب ليه الناس بيغنوا له(يغني) الدنيا مالها يا زعبلاوي    شقلبوا حالها وخلوها ماوي؟ 

ص. الأب: بيشكوا له حالهم واللي جرالهم. 

ص. ضياء في صغره: بابا...يعني إيه ماوي؟ 

ص. الأب: يعني اللي كان فوق بقي تحت، واللي بات الضحكة علي وشه صبح دموعه علي خده(يتنهد) دنيا! 


قطع









م/٣               إشارة شارع مزدحم          ن/خ


ضياء يقود سيارته في زحام خانق. 

يري امرأة شوهاء تحمل علي كتفيها طفل رضيع تتسول به. 

زوجان في السيارة التي بجواره يتشاجران. 

فتاة تبكي وبحوارها أخري تربت عليها. 

تفتح الإشارة وينطلق بطيئاً وسط زحام البشر والسيارات. 


قطع

















م/٤               مكتب الأستاذ قمر(صالة الاستقبال)    ن/د


يجلس ضياء في مكتب بالغ الفخامة، وسط مجموعة كبيرة من الناس الذين يحملون أوراقاً عديدة، وملفات كثيرة ينتظرون دورهم في الدخول. 

ينظر للوحة شكر كبيرة معلقة علي الجدار تقديراً للأستاذ قمر المحامي في حل مشكلات الموكلين. 

تخرج من حجرة قمر امرأة فاتنة الجمال ترتدي ملابس مثيرة، تضحك وتقف عند الباب تودعه بتلويحة رقيقة من يدها. 

من فرجة الباب نري قمر متهلل الوجه يحيها برفع يده

تشير السكرتيرة لضياء بالدخول. 

السكرتيرة: اتفضل دور حضرتك


قطع




















م/٥               حجرة قمر               ن/د


يدخل ضياء يتعثر في خجله، فيقابله قمر مبتسماً بترحيب حار، مشيراً له بالجلوس وبين أصابعه سيجاراً فاخراً،وعلي المكتب الانيق لوحة باسم"الأستاذ قمر بهجت المحامي". 

قمر:شرفت مكتبنا

يجلس ضياء أمامه يمسح وجهه بمنديل، تمر لحظات صمت يقطعها قمر ليدفعه للكلام. 

قمر: خير إن شاء الله؟ قولي مشكلتك وماتقلقش ولا تحب تشرب حاجة الأول. 

ضياء: لا مالهوش لزوم، أنا ابن علي التطاوي زميلك في الأزهر

تتلاشي ابتسامة قمر لحد ما

قمر: الله يرحمه

يتغلب ضياء علي خجله، فلم يعد هناك مجالاً للصمت. 

ضياء: الحقيقة أنا جاي اسأل عن الزعبلاوي، أبويا كان قايل إنك اللي عرفتهم علي بعض. 

يرجع قمر بظهره للمكتب وقد تلاشت ابتسامته تماماً

قمر:ده كان زمان، أنا بقالي ٣٠سنة ماشوفتهوش. 

ضياء: كان فعلاً زي مابيقولوا عليه؟ 

قمر: وأكتر.

يتشاغل قمر ببضعة أوراق علي مكتبه. 

يقوم ضياء ويخاطبه بينما يتراجع للخلف نحو الباب. 

ضياء: ماتعرفش ممكن ألاقيه فين؟ 

قمر(بصرامة من ينهي حديثاً لا يعجبه) : بقولك بقالي ٣٠سنة ماشوفتهوش. 

يخرج ضياء شاعراً بالإحراج الشديد. 

يسهم قمر للحظات وكأنه يتذكر شيئاً ما يسيطر علي كيانه. 

يدخل  رجل يبدو عليه الثراء الشديد، فيفيق لنفسه ويرحب به بحرارة. 


قطع





م/٦               معرض سيارات               ل/د

يقف ضياء مع الحاج علي، وهو رجل وقور يرتدي عباءة، ويخاطب عامل عنده يمسح واجهة المعرض الزجاجية. 

الحاج علي:اتكي شوية عالإزاز يا مسعود الله يكرمك، ولما تخلص خد حسين وطوقوا العربيات تطويقة حلوة كده. 

العامل: أوامرك يا حج علي. 

الحاج علي(لضياء) :متآخذتيش يا أستاذ معلش، قطعت كلامنا، بس لازم تبقي عيني علي كل حاجة، انت سيد العارفين، حاكم محدش بيشتغل بضمير إلا لما يحس إن العين عليه. 

ضياء: الله يكون في عونك يا حاج

الحاج علي: زي ما كنت بقولك كده الزعبلاوي مالهوش مطرح معين، صحيح أنا أقدم واحد في المنطقة، أقدر أدلك علي الكبير والصغير، اللي حاضر واللي غايب، بس الزعبلاوي مش معني إنه بيته هنا يبقي عايش هنا. 

ضياء: يعني إيه؟

الحاج علي: يعني ده راجل سواح هايم في أرض الله، ممكن يقعد شهور في بيته مايعتبش براه، ويقعد سنين مايهوبش ناحيته. 


يحني ضياء رأسه بيأس. 

ينظر له الحاج علي بعطف

الحاج علي: ياه ده انت باين عليك حالتك صعبة قوي... طب اسمع. 

ينتبه له ضياء بكل حواسه. 

الحاج علي: أنا سامع كده، مجرد سماع يعني والعلم عند الله إنه بقاله فترة بيروح عند حسين الخطاط

ضياء: عنوانه اعمل معروف. 



قطع









م/٧               دكان حسين الخطاط               ن/خ


يقترب ضياء فنري حسين من ظهره.

يكتب حسين بالخط العربي الآية الكريمة "فإنها لا تعمي الأبصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور"،ثم يلتفت خلفه فيجد ضياء.

ضياء(في حزن) :زعبلاوي! 

ينظر له حسين في دهشة


قطع





















م/٨               حارة قديمة               ل/د


حارة شعبية تختلط فيها أصوات الباعة مع النداء مع شجار النساء.....القمامة في كل مكان


قطع


























م/٩               بيت الملحن جاد (صالة)             ل/د


المنزل في فوضي، خمسة أطفال منهم من يبكي ويركض ويتشاجر، يرن الجرس تظهر فتفتح زوجة جاد وهي امرأة بدينة يبدو عليها سمات التفاني الذي تخلفه الأمومة في نفس المرأة، فتجد ضياء عند الباب. 


ضياء:الأستاذ جاد موجود؟ 

المرأة(مرحبة) :اتفضل موجود

يهدأ الأطفال وينظرون له في فضول. 

تقوده المرأة إلي حجرة مغلقة وتفتح الباب، تغيب لحظة وتعود. 

المرأة: اتفضل بيتك ومطرحك


قطع

















م/١٠                 بيت الملحن جاد(حجرة الجلوس)                   ل/د


يدخل ضياء الحجرة فيجد جاد هو رجل خفيف الدم يتسم بالبساطة، يدندن علي العود لحن"مدام تحب بتنكر ليه"، يشعر به جاد فيقف محيياً

جاد:أهلاً وسهلاً، اقعد ياراجل واقف ليه!

يجلس ضياء علي إحدي الشلت.

جاد: شاي ولا قهوة؟ ولا تحب الست أم إبراهيم تعمل لك شوية رز بلبن؟

يبتسم ضياء لبساطة الرجل.

ضياء: لا ولا أي حاجة.

جاد( ينادي) :يا أم أبراهيم اتنين شاي. 

جاد يلعب بأوتار العود وكأنه نسي وجود ضياء.

ضياء: اسمي ضياء وجاي لك من طرف حسين الخطاط، قالي إن الزعبلاوي عندك.

جاد:الزعبلاوي ياالله... ده لسه كان عندي الشهر اللي فات.

ضياء(بأمل) :وهو بيجي هنا كل شهر؟

جاد:مالهوش مواعيد، ممكن يخش علينا دلوقت، وممكن ماشوفهوش لحد ما ربنا يفتكرني.

ضياء: يا خسارة المشوار!

جاد: الله يسامحك بقي تقول كده علي زيارة عرفتنا ببعض؟!

ضياء:آسف قصدي....

جاد: ولا يهمك الله يعينك، محدش بيحتاج الزعبلاوي غير اللي شايل هموم طابقة علي صدره وكاتمة علي نفسه، ممكن تلاقيه عند رجل الأعمال المشهور ونس الدمنهوري، بيقعدوا لا مؤاخذة في بار النجمة.... حاكم الزعبلاوي كده تلاقيه في أماكن ماتخطرش علي بال، ولو حد عاتبه يقول: كلهم عباد الله وياعالم مين فيهم اقرب له. 

هذه المرة لا يبدو ضياء متحمساً للخبر، لقد تسلل إليه اليأس

يدندن من جديد

جاد: تحب تسمع حاجة موسيقية.

ضياء: طبعاً

جاد: هاسمعك لحن ألفته والزعبلاوي قاعد عندي، يلاعب الإولاد كأنه عيل زيهم، وكل ما أتعب يخش عليا بنغمة ولا بمقام ألاقي ربنا فتح عليا، لحد ما خلصت اللحن في ليلة واحدة. 

ضياء(مندهشاً) :ليه في الطرب كمان زي ماطلع ليه في الخط؟ 

جاد: ده أبو الطرب نفسه... ياسلام علي صوته كده لما يغني ويلعلع، تقولش ربنا خلق فيه عبد الوهاب وعبد الحليم مع بعض. 

يغني جاد مطلع قصيدة ابن الفارض

جاد:أدر ذكر من أهوي ولو بلام

فإن أحاديث الحبيب مدامي

ليشهد سمعي من أحب وأن نأي

بطيف ملام لا بطيف منام


قطع
























م/١١              حانة النجمة               ل/د


الحانة راقية وروادها غير مبتذلين، ونس الدمنهوري له يرتدي بذلة فاخرة، ويجلس وحيداً علي إحدي الطاولات، يشرب وهو بستمع لمغنية تغني أغنيةmalade je suis. 

يدخل ضياء، ويقترب منه. 

ضياء: لو سمحت يا ونس باشا ممكن دقيقة؟

ينظر له بلا مبالاة

ونس(بصوت سكران) :اقعد واشرب.

ضياء: مابشربش.

ونس: مابتكلمش مع حد غير وهو بيشرب، غير كده مع السلامة.

يضطر ضياء للجلوس، يصب له ونس كأساً يشربه ضياء باشمئزاز، وحين تهدأ حرارة الكأس يهم بالكلام.

ضياء: أنا.... 

ونس (مقاطعاً): مابكلمش حد فايق! 

يشرب ضياء عدة كئوس ثم... يغيب في حلم. 



قطع












م/١٢               حديقة(حلم)               ن/خ


حديقة في غاية الجمال. 

ضياء وزوجته يقفان علي حافة بحيرة، يضحكان في سعادة، يقطف ضياء الزهور وينثرها علي قدميها. 

فجأة ينزلق في البحيرة ويختفي داخلها. 


قطع























م/١٣               عودة إلي الحانة               ل/د


يفيق ضياء مفزوعاً، ويتلفت حوله فيجد البار فارغاً ولا يوجد سوي عدة زبائن. 

يضع يده علي رأسه متوجعاً فيجدها مبللة بالماء. 

ضياء:إيه الميه دي؟ 

ونس:واحد حبيبي حاول يفوقك كتير وفي الآخر طبطب عليك وقام. 

ضياء:حد شافني عالحال ده؟ 

ونس(ضاحكاً) :ما تقلقش ده مش أي ده الزعبلاوي! ماسمعتش عنه؟

ينتفض ضياء واقفاً. 

ضياء:الزعبلاوي؟ 

ونس: آه مالك؟ 

ضياء: ده أنا دايخ عليه السبع دوخات. 

يركض للخارج محاولاً اللحاق به. 


قطع















م/١٤               شوارع               ل/خ

يركض ضياء متلفتاً حوله في كل ركن. 

يتوقف فجأة يبتسم بمرارة وقد طرأ علي ذهنه شئ ما. 

ضياء(لنفسه) :حتي لو شوفته مش هاعرفه



قطع





















م/١٥              البار               ل/د



يعود ليجلس بجوار ونس متهالكاً. 

ونس علي وجه أسف حقيقي. 

ونس: سامحني ماكنتش عارف إنك محتاجه. 

ضياء: هو انت خليتني أقول حاجة! 

ونس: أنا غلطان حقك عليا... لو مشكلتك فلوس ولا يهمك أنا سداد

ضياء: مشكلتي نفسي... معاك تمنها؟ 

ينظر له ونس بإشفاق

ونس: تعالي بكرة أكيد هاييجي تاني. 



قطع

















م/١٥               فوتومونتاج              ل/د



١-ورقة خريف صفراء تقع علي أرضية شارع موحل بماء المطر، وتدوس عليها قدم قاسية.

2-ونس وضيلء يسيران مع بعضهما يتحدثان، وقد نمت بينهما صداقة.

٣-ونس وضياء يشربان وكل منهما سارح في أحواله.


قطع

























م/١٦               أمام الحانة               ل/خ

يخرج ضياء من الحانة، ينظر للسماء.

ضياء(منادياً) :يازعبلاوي!

تنظر له امرأة تمر به في سخرية.

يسير في الشارع حتي يبتلعه الظلام كأنه يدخل للمجهول.


النهاية


الخميس، 9 أكتوبر 2025

فيلم umbrella... البناء النموذجي والمعني المؤثر

 فيلم umbrella... البناء النموذجي والمعني المؤثر



ولد فن السينما صامتاً وقصيراً جداً، وكانت الأفلام الاولي يتراوح منها بين أقل من دقيقة وأزيد من عشر دقائق، وفتحت تلك الدقائق القليلة للمشاهدين الاوائل لهذا الاختراع الجديد، عالماً سحرياً مذهلاً، اختلط فيه الخيال بالواقع، ومن خلال الكاميرا التي حلم بها العلماء وأصبحت واقعاً ملموساً، حتي توج الفكرة الاخوين لوميير باختراع السينما أواخر القرن التاسع عشر، صنع السينمائي الفرنسي جورج ميليس رائد الخدع السينمائية مجده التاريخي بأفلام كـ A trip to the Moonو The House of the Devil  ، وعرف العالم لأول مرة شارلي شابلن أو آدم السينما عندما ظهر لأول مرة في فيلمMaking Living عام ١٩١٤،ورأت العين شخصيات أدبية سكنت عالم الورق كفاوست وشارلوك هولمز، ومايزال الفيلم الصامت يحتفظ بسحره الفني، ويعيدنا للمنبع الصافي لفن السينما، حيث الصورة هي سيدة العمل السينمائي، فإذا كان تعريف السيناريو هو قصة تروي بالصور، فالفيلم الصامت مدرسة لتعلم تقنيات البناء الفني، ولو كان بالإمكان تعريف الفن السردي بكلمات قليلة-تجاوزاً-فهو بناء قصصي محكم يجيد السارد فهم مفاتيحه، سواء عن طريق الموهبة والسليقة أو الدراسة والتجربة.

صحيح أن الفيلم الطويل هو المسيطر علي الذائقة الجماهيرية منذ عرض الفيلم الإيطالي Quo Vadis ١٩١٣، للمخرج إنريكو جوازوني، حيث كان له تأثيراً محورياً علي صناع السينما في ذلك الوقت، وخاصة المخرج الأمريكي ديفيد جريفيث، أحد أبرز رواد السينما علي مر التاريخ، الذي تأثر بهذا الفيلم وغيره من الملاحم الإيطالية الطويلة ذات الميزانية الهائلة، والديكورات الفخمة، وكانت مصدر إلهام له.

الفيلم القصير يحكي قصة، والطويل أيضاً يحكي قصة، كلاهما قائم علي أسس الدراما المعروفة، شخصية تسعي لتحقيق هدف ما، تواجهها عوائق تصنع صراعاً، مما يؤدي إلي ذروة يتبعها حل، ومع ذلك يفصل بينهما مساحة شاسعة، تجعل للفيلم القصير طابعها ولونه المميز عن الطويل، إنه يشبه كلمة همسة نابعة من قلب الفنان لتستقر في قلب شخص آخر، أما الطويل فخطاب مشحون بالتفاصيل، ولكل منهما جماله الخاص، يعبر عن الفرق بينهما الكاتب والسيناريست البريطاني إليوت جروف عندما يعتبر الأفلام القصيرة بمثابة قصائد هايكو(أحد أنواع الشعر الياباني، يتميز بقصره الشديد فيكتب في ثلاثة أسطر، ويحمل شحنة شعورية وتأملية عميقة للغاية)، أما الأفلام الطويلة تشبه الروايات.

فيلم الانيميشن القصير جداً umbrella عام 2019من إخراج المخرجة والكاتبة البرازيلية هيلينا هيلاريو وزوجها ماريو بيس، أحد القصائد المرئية المؤثرة التي نبتت في حديقة الفيلم القصير، ٨دقائق وعدد قليل من الشخصيات يحملون رسائل إنسانية راقية، تشيد من جديد حصن إنسانيتنا الذي هتكته الحياة من حولنا، وسيحعلوننا نفكر كثيراً قبل أن نصدر الأحكام السريعة البلهاء ضد أي شخص، فلا يوجد أسهل ولا أرضي للغرور البشري من إطلاق الأحكام علي الآخرين، الصعب حقاً فهمهم واكتشافهم والتعاطف معهم، حينها سيولد التسامح بين جميع أبناء آدم، وسيتغير وجه العالم القبيح الممتلئ بالكراهية والمقت والحروب. 

كل ما في العالم مائدة حافلة بالإلهام للكاتب السيناريو، تجربة مر بها، خبر قرأه في جريدة، قصيدة اطلع عليها، عمل أدبي لمس فيه وتراً شعورياً، بل تجارب الآخرين كثيراً ما تكون حافزاً للعمل، وقد استلهمت المخرجة فكرة الفيلم من موقف حدث لشقيقتها، في مدينة بالماس بالبرازيل، عندما كانت في زيارة تطوعية لإحدي دور الأيتام في ديسمبر ٢٠١١ قبيل حلول عيد الميلاد المجيد، دخلت حاملة صندوقاً مليئاً بالألعاب مما أثار البهجة والسعادة في نفوس الأطفال اليتامي، عدا طفل واحد لم يهتم بالألعاب الكثيرة، ولم وبدأ يبحث عن شئ ما، ولما خاب أمله في إيجاده ذهب ليجلس وحيداً بجوار النافذة، اقتربت منه شقيقة المخرجة واستفسرت منه عما به، فأخبرها قصة ستتحول لفيلمنا الذي سيحصد الجوائز والإعجاب. 

يدور الفيلم حول ولد صغير تعيس، يجلس أمام النافذة فيري امرأة وابنتها، يدخلان لدار الأيتام الذي يقيم فيه، وعندما يلمح مظلة صفراء في يد البنت يبتهج، ويهبط للأسفل غير عابئ بالألعاب التي حملاها معهما للأطفال، كل تفكيره ينحصر في المظلة الصفراء، كأن كيانه تجمع فيها، يأخذ المظلة ويخبئها في أحد الدواليب، وسرعان ماتكتشف البنت الأمر وتغضب منه المشرفة والأم، لكن الثلاثة ترق قلوبهم حين يكتشفون قصته المحزنة، فتلك المظلة توأم لمظلة والده التي كان يحملها معه، وكان يتجول معه في الشوارع يعانيان البؤس والتشرد والحرمان، وفي النهاية يستحيل علي والده العناية به، مشفقاً عليه من العذاب يودعه دار الأيتام، كي يجد الطفل لنفسه لقمة تشبعه وسقفاً يؤويه ويقيه الحر والبرد، إنها تذكره والده الذي حرم منه، فتمنح البنت المظلة للولد، وتمر السنوات ونري الولد أضحي عجوزاً  متعلقاً بالمظلات  حتي أنه يمتلك محل لبيعها، ومايزال شبح أبيه بالمظلة الصفراء يخايله ويتراءي له، يشاهده من داخل المحل بهيئته كما رآه آخر مرة، فيهرع نحوه كطفل ويتعثر ثم يقع علي الأرض، ويتلاشي شبح الأب العائش في وجدان الطفل، وتساعده علي النهوض زوجته المحبة ونعرف فيها نفس البنت التي زارته يوماً مع والدتها في دار الأيتام، ومنحته عن طيب خاطر مظلتها. 

اختار صناع العمل سرد القصة بدون حوار، لأنها بذلك ستكون أكثر عالمية وانتشاراً وسيفهمها الناس في كل مكان، خاصة أن الإنتاج برازيلي، وبالتالي سيحتاج إلي ترجمة بلغة مختلفة كلما عرض في دولة ما، وتلك النقطة هي سحر السينما الصامتة، فإذا كانت بلبلة الألسن تقوم كعائق كبير بين الشعوب، فالصورة وما تحمله من مشاعر فياضة، وهي تروي حكايات تمس القلوب أينما كانت، ومهما كانت اختلفت الثقافات والتجارب، توحد أبناء آدم من شتي الأصقاع والاتجاهات والأيدولوجيات، كلهم يتأثرون بتفس المعاني ويحملون نفس الآلام والآمال التي يرونها بأرواحهم قبل عيونهم، وبالاستعانة بموسيقي غابرييل ديب تتعمق المشاعر التي يثيرها الفيلم، وتبدو الأنغام لها شخصيتها المستقلة المشاركة في الأحداث، فلا يمكن تخيل فيلماً صامتاً أو ناطقاً بلا موسيقي، وقد صاحبت النغمة الصورة منذ العهد الأول للسينما، فعلي جناح الموسيقي عشنا مشاهد الرومانسية والخوف والأمل والحزن، وتسللت لنفوسنا حكايات موازية نسجتها الآلات الموسيقية وهي تتحاور فيما بينها. 

المظلة انتقلت من الحكاية الأصلية للطفل البرازيلي إلي رمز إنساني، عندما عرضت في فيلم قصير جداً... رمز للفقدان الذي يعذب كل واحد منا، ويحيا ويتحرك وجزء من وجدانه غائب، ربما حياتنا كلنا عبارة عن محاولات لملء الفراغ الذي خلفه الفقدان، لكن لا شئ يستطيع ولو ظل محاطاً طوال الوقت بأشباه الشئ الذي فقده! والفيلم يعرض بدقة ردود الفعل تجاه الفقدان، فعلي المستوي العاطفي نري الطفل غارقاً في الحزن الشديد والشعور بالوحدة، وعلي المستوي السلوكي يتجنب فهو منعزل يتجنب الأنشطة الاجتماعية، كما أشار الفيلم أيضاً لما يفعله الفقر والحاجة في الأفراد، يباعد بين الابن وأبيه، ويهجر الأب مسئولياته تجاه ابنه لعدم قدرته علي توليها، ويظل الأب هو الغائب الحاضر طوال حياة الابن، يحتل خياله حتي وهو بعد أن يطعن في السن، الأب المفقود هو السعي لما لا يدرك، ورغم أن العجوز يري أباه في هيئة الشباب إلا أنه يركض محاولاً اللحاق به، لأن العاطفة نحو ما فقده هي التي تسيره، ففي داخله يقبع الطفل الصغير المحروم من عطف والده وحمايته، وكم سيكون تأثير ذلك المشهد مضاعفاً لو نطق العجوز بكلمة" papai" أي بابا في اللغة البرازيلية، هنا سيتجلي سلطان الكلمة علي النفوس، لفظة بسيطة ستحدث تأثيراً كبيراً عندما تسمع في لحظة مشحونة كتلك، مع التصميم الرائع للشخصيات بإحساس المصمم  فيكتور هوجو المعروف بأعماله مع شركات كبري في عالم السينما كديزني ومارفل.

عبقرية الفيلم القصير جداً تكمن في قدرته علي معالجة موقفاً سريعاً أو حياة بأكلمها، عن طريق التكثيف الشديد الذي يتميز به، مما يعطينا وجهة نظر تأملية، فقلما نشاهد فيلماً قصيراً جداً ولا نفكر بعده في أبعاد طرحه للموضوع، فهو بارقة فكرية وعاطفية تجعلنا نعيد النظر في الأشياء العادية والمستهلكة في الحياة اليومية، لأنه يكشف عن جوهر أمور كثيرة تمر بنا ولا نتوقف عندها بينما يجب أو نتوقف عندها كثيراً، لأنها حياتنا التي غامت معانيها في خضم الاعتياد و المادية... الفن بصفة عامة يشبه القبعة السحرية في مسرحية"الطائر الأزرق لموريس ماترلينك، التي منحتها الجنية بريليون، للطفلين تيلتيل وميتيل لتفتح عيونهما علي حقيقة الأشياء التي تشكل ماهية العالم الذي يعيشان فيه.

التأثير القوي لفن الفيلم القصير جداً يستدعي بناء خاصاً، والبناء الفني لفيلم umbrella نموذجاً لفهم ماهية هذا الفن المراوغ. الإطار الزمني المحدود يحتم الاقتصاد في العناصر الدرامية الشخصيات، التفاصيل الزائدة كلها يجب بترها، والفكرة لابد أن تكون جلية ومركزة، فالأفلام القصيرة جداً لها قاعدة أساسية" الأقل هو الأكثر"، وقد عمل المعماري الألماني الشهير لودفيغ ميس فان وفق تلك القاعدة، والسيناريو السينمائي يشبه فن العمارة لحد كبير أو هو "فن معماري أكثر منه أدبي" علي حد تعبير المخرج إيليا كازان، هذه السمات نجدها حاضرة في الفيلم الذي لا عدد الشخصيات القليلة التي لا تتجاوز الطفل والطفلة والأم والمشرفة والأب وبضعة اطفال، وعبر فوتومونتاج سريع يكشف لنا ما يقتضي لفهم مدي بؤس حياة الطفل وأبيه، وحرمانهما من أبسط الملذات التي تتمتع بها الأسر العادية، والفكرة في مجملها تكمن في التعاطف مع الآخرين، وقدرة أي واحد منا أن يكون فارقاً بتفهمه وحنانه في مستقبل الآخرين، وعدم التسرع في الحكم علي الأفعال لأننا لا ندرك أبداً الدوافع الحقيقية وما يعانيه الآخرون ويؤثر في سلوكياتهم، كما أن الآخرين لا يعرفون دوافعنا الحقيقية، بل إننا أنفسنا في أحيان كثيرة لا نفهم ذواتنا وأسباب تصرفاتنا!

أما علي مستوي الحبكة فالحدث المحفز يحدث في الفيلم القصير جداً، بدء من اللقطات الأولي، وربما قبل بداية أحداث الفيلم، لأن الوقت المحدود لا يسمح بالإسهاب، ولقد ظهر الحدث المحفز المتمثل في المظلة منذ الثواني الأولي للفيلم، هذا الإيجاز السردي أهم ملمح علي الإطلاق، فهو عندما يثير في نفس المتلقي مشاعر صادقة بأقل الإمكانيات السردية وفي وقت قصير للغاية، فيجب علينا تقدير هذا الفن والاهتمام بصناعه، فالفيلم القصير جداً يتتبع شخصية واحدة، يتوحد معها المتفرج، فلا مفر من بنائها بتركيز شديد ليتعلق بها المشاهد في وقت محدود.

استخدم فيلم umbrella  تلك السمات المميزة للفيلم القصير جداً بحرفية مذهلة، وبني بها قصة مؤثرة وإنسانية لأبعد مدي، تعلق المشاهدون بها في كل مكان، فتمكن أن يبرز كأحد الأفلام الناجحة...كل موقف نمر به وكل شخصية نقابلها تصلح لتكون فيلماً قصيراً جداً يحمل بصمة فنية وإنسانية، إذا تمت معالجة فكرته مهما بدت بسيطة-بل كلما كانت بسيطة غدت أجمل- بصورة فنية صادقة ورؤية عميقة للنفس البشرية ومكان الفرد وسط عالم ممتلئ بالأحداث والشخصيات والمشاعر، تنتظر من يكشف عن عن جوهرها الخفي.




السبت، 13 سبتمبر 2025

دماء علي الوردة الصغيرة


دماء علي الوردة الصغيرة
مست أشعة الشمس الحانية وجه الجنرال ويكوب، في صباح يوم الثلاثاء ٣١مارس ١٨٠٧،لقد بدأت بشائر الربيع تهل وصفا الجو وسري النسيم محملاً بروائح الزهور، ركب جواده بصحبة العميد ميد ليلقي نظرة أخيرة من فوق تل أبو مندور علي مدينة رشيد النائمة في حضن النيل المتدفق في نعومة، تأملها وملأ صدره بالهواء وتنهد قائلاً لميد:
-يا لها من مدينة جميلة إنها حقاً روزيتا...وردة صغيرة.
ابتسم ميد:
-بعد ساعات قليلة ستكون تلك الوردة في عروة سترتك سيدي القائد، تزين بها تاريخك العسكري المجيد.
أعجبت كلمات المديح تلك ويكوب، فضحك ليداري قلقاً اعتمل في نفسه وهو علي التل ينظر للمدينة:
-لكن ألا تري إنها هادئة... هادئة أكثر من اللازم؟
بعد دقائق تقدم الجنرال صوب البوابة الغربية للمدينة، مرتدياً سترته العسكرية الحمراء وسرواله الرمادي، وجواده يصهل بتحد كأنه يعرف من هو فارسه، يحيط بع قواده وجنوده وعلي يساره النقيب بروس ينتفش غروراً، ففي سن صغيره تطأ أقدامه أرض مصر، وربما يعين قائداً للقوات الإنجليزية في يوم ما ومن يدري ليس بعيداً أن يدرس التلامذة في لندن سيرته الحربية في كتبهم المدرسية، ويتقدم الجميع جندياً أشقر الشعر قوي البنية يحمل بين يديه علم بريطانيا، وسار الموكب يقطع شارع دهليز الملك، وكلما تقدم في سيره يزداد الجنرال ويكوب قلقاً، وهو ينظر للقصور العملاقة والمنازل الضخمة ترتفع عالياً في شموخ، هنا يسكن علي بك السلانكلي حاكم المدينة وعثمان أغا قائد الحامية التركية مع أهالي المدينة، لم يكن ويكوب ببصيرته العسكرية يراها منازل سكنية، بل قلاع حربية ترتفع نحو السماء منذرة ومتوعدة، أبوابها مصنوعة من خشب سميك قوي، صهرت بداخله قطع من الحديد الصلب يزيدها مناعة واستحكام، ونوافذ الطوابق الأرضية مسيجة بأسياخ حديدية، أما النوافذ العليا فضيقة يستحيل اقتحامها من الخارج، وتلك المشربيات الجميلة المزينة بقطع الأرابيسك متقنة الصنع، في أسفلها فتحات تكشف من تحتها وتجعله هدفاً سهلاً... ومن جديد يلتفت فيري وجه بروس المغرور، وملامح بتروتشي القنصل الإنجليزي المتعالية، فوقف وأمر باستبقاء ٢٠٠جندي في عند مدخل المدينة، ولم يتحرك إلا عندما تأكد أنهم أخذوا مواقعهم، ورفع الجندي جون رأسه للنوافذ لعله يري امرأة حسناء تطل منها.
كلما توغل في المدينة نشر عدداً من الجنود، وكاد يسأل عن موعد استيقاظ أهل المدينة القنصل اللاهي بحديث ضاحك مع أحد الضباط سمعه يقول فيه:
-ألا يشبه ذلك نزهه علي ظهور الخيال في يوم ربيعي دافئ، داخل مزارعنا في إنحلترا؟!
لكن سرعان ما جاءه الجواب وهو يري عدداً من السقائين يملأون قربهم من مياه النيل، كي يبدأوا بتوزيعها علي المنازل، رجال نحيفة أحسادهم تنوء كواهلهم بالقرب الثقيلة، لكن في وجوههم السمراء صلابة غريبة، صلابة من صهرته الدنيا في نارها الموقدة فخرج يحمل في ضلوعه لهباً محرقاً مكبوتاً بين جوانحه، يحملون أثقالهم ويتغنون بصوت أجش منهوك من التعب، فأعاد له ذلك الصوت الممتزج بزقزقة العصافير بعضاً من الطمأنينة، وقال:
-إنها ليست إلا بلدة وادعة... أليس كذلك أيها الجنرال ميد؟
ضحك ميد وأجاب:
-أجل يا سيدي القائد، ولابد أن حاميتها قد فرت، إنني من الآن أتخيل احتفالات المساء الصاخبة.
كان الموكب العسكري قد مر علي جامع زغلول وكنيسة مار مرقص ووضع عندهما جنوداً للمراقبة والحماية، لم يستثن ركناً من المدينة الصغيرة فداست الأقدام علي كل شبر، فانتشر الجنود المدججين بالسلاح في دور العبادة والبوابة والبساتين ومبني الشرطة وقصر الحاكم والذروب الضيقة والشوارع المتعرجة، وسرح ويكوب في تلك المدينة الجميلة، التي تزوج منها الجنرال مينو أحد قواد حملة نابليون الذي سبقه في احتلال مصر، واختار زبيدة البواب لتكون قرينته، فهل يمكن أن يتزوج مصرية، ولاحت علي شفتيه ابتسامة حين مر به ذلك الخاطر.
قضت أوامر الجنرال ماكينزي فريزر باحتلال رشيد لتدعيم مركزه في الأسكندرية، ولضمان موارد الغذاء لسد أفواه الجند المفتوحة، ففصل ١٤٠٠جندياً عن قوة الحملة الكلية التي تفوق ٦٠٠٠آلاف احتلوا الأسكندرية دون قتال، بعد مفاوضات صورية مع حاكمها أمين أغا، بينما محمد علي والي مصر مشغول في الصعيد بمطاردة المماليك.
مع مرور الوقت وارتفاع الشمس في السماء، استنام الجند للراحة وتلهي البعض في الاستمتاع بجمال البساتين، ودون إنذار شق الصمت صوت قادم من مسجد زغلول ينادي" الله أكبر" فجفل الجنود وتأهبوا وارتجف بتروتشي، فهو يعرف أن ذلك ليس وقت صلاة، ولا يخرج النداء من المسجد ألا لأمر خطير، وبعد لحظات بدأت طلقات النيران تنهمر من النوافذ والأسطح، وانفتحت أبواب المنازل الصامتة فخرج منها الأهالي علي رأسهم حاكم المدينة علي السلانكلي المشهور بشجاعته يدافعون عن أرضهم بأي سلاح متاح لهم، فثخنت أجساد الإنجليز بالسيوف والحجارة والشوم، وبدأت معركة الشوارع، ركض إسماعيل الجزار حاملاً ساطوره وانقض به علي ملازم فقطع رأسه، وظهر من خلفه الفلاح القراري عبد الصمد يقبض علي منجله باحترافية يمزق جندياً يصرخ من الألم، والسلانكلي وبجواره عثمان أغا يصوبون نيران بنادقهم علي الجنود المنتشرة في المدينة، ورأي الجنرال ويكوب المدهوش العجوز جرجس خادم الكنيسة يخرج منها ويهجم علي النقيب بروس الذي قطع خده وينزف بغزارة، فعاجله بطلقة من مسدسه ارتمي جرجس علي إثرها جثة لا حياة فيها، وعرفت طلقة طريقها نحو الجنرال ويكوب، فسقط علي فرسه وهو يهمس"روزيتا... وردتي الصغيرة"، وطارت خوذة العميد ميد، ورفع مسدسه صوب امرأة تصب الزيت المغلي علي الجنود فأصابها وسقط من سطح المنزل فتكسرت عظامها، ثم أصيب بطلقة فكانت آخر كلماته قبل أن يسلم روحه صراخه في الجنود:
-أسكتوا صوت الطلقات... اقتلوهم جميعاً!
وحصدت حامية رشيد عساكر الإنجليز، لم يعد أمامها إلا القتال بعد أن أبعد صاحب خطة الهجوم وقائدها علي بك السلانكلي المراكب من علي الضفة، كي لا يجدوا منفذاً للهروب، وظل السلانكلي لساعات يقاتل ويدافع عن المدينة يؤجج الحماسة ويوقد النفوس حماسة وغيرة علي الأرض والمال والعرض حتي تقهقرت الحملة عائدة للإسكندرية عن طريق أبي قير وقد خسرت ١٧٠قتيلاً و٢٥٠جريحاً وأسر منها ١٢٠.
عند الظهيرة لم يبق من أثر المعركة إلا أنات الجرحي وبكاء النسوة والصغار من الفزع والخوف، والدماء تجري في الدروب وعلي أعتاب الدور، وبجوار البوابة وقف السلانكلي تومض في ذاكرته أحداث الليلة السابقة... التجهيز للمعركة... الاتفاق مع السقائيين علي التمويه... التحصن في البيوت... مراقبة معسكر الإنجليز... عرس أبو اليزيد الذي تأجل وقبل دقائق شاهد جثة العريس الشاب غارقة في الدم تبكي عليها عروسه العذراء... الطفل محمود هرست جثته سنابك الخيول الإنجليزية، وفي الأمس تردد غناؤه البهيج" ياعمي علي يا حاكمنا، بكرة تخرج الإنجليز من حتتنا" غمره التأثر وكادت دمعة تفر من عينه، فكبحها وتوجه نحو البوابة فأغلقها من الجديد، مرة أخري وللأبد.

الخميس، 11 سبتمبر 2025

الباقي من الحساب

 الباقي من الحساب

لم يمض عليه في العمل إلا أسبوعاً واحداً، وأصبح يشك أن في إمكانه الاحتمال إسبوعاً آخر، تعلم كريم من خبرته الضئيلة في الحياة كشاب لم يتخط العشرين، أن الأماكن في حد ذاتها متساوية... جدران وأركان وأسقف لا يتمايز مكان عن غيره، أما ما يجعلها مريحة أو قاسية فهم ساكنوها، ابتسامة دافئة تذيب الأوجاع في كوخ حقير تجعلك سعيداً كملك، ونظرة حقد في قصر فخم تكسر قلبك كعبد تلهبه السياط، وأخدت رأسه تدور بعشرات الأفكار المضطربة، لم يشوش عليها الضجيج المتواصل طوال النهار، في الشارع الذي يقع فيه محل عمله كبائع في أحد الحوانيت المكتظة بكل ما يخص الاحتفال بسبوع المواليد، لكنه تنبه أخيراً علي صوت صاحب المحل الخشن صائحاً:

ـكريم... لأ... اصح لحالك أناديك وأنت في عالم آخر، هل جئت لتسرح في الملكوت أم لتجري علي أكل عيشك؟!

مد خطاه ناحيته وقال بلهجة اعتذار مبطنة بخضوع، أتقنها من كثرة تنقله بين الأعمال المختلفة، ورغبته في التشبث بها:

-سامحني يا أستاذ علي... أوامرك.

-هات لي علبة حمص مقشر من الرف الأعلي.

ـحاضر.

أدرك منذ زمن أن الجميع يحبون من يخضع لسلطتهم، وبما أنه ليس له سلطان علي أحد فعليه أداء دور الخاضع.

سحب السلم الخشبي الثقيل، وصعد بجسده النحيل، وناوله ما أراد، ثم قفز علي الأرض، وانشغلا بوزن الحمص علي الميزان، حتي مرت بهما امرأة مسنة يغطي العرق وجهها، وطلبت بصوت متهدج ولسان ثقيل السماح بجلوسها علي الرصيف أمامهما لإرهاقها من مشوار طويل، مست كلماتها قلب كريم، إنها خاضعة مثله تعتمد حياتها علي ما يجود به من حولها من عطف، تجاهلها علي ولم يرد عليها، لكن كريم تاملها فوجدها متعبة حقاً، تنتظر كلمة وبعدها ستستريح وتتأوه من آلام جسدها المتعددة، ووعي أن عليه أن يفعل شيئاً سيسير علي منواله في حياته للأبد، نظر لعي فوجده استدار بجسده كله وتشاغل في شئ ما، ووجد المرأة مازالت عينيها الغائرة من بين التجاعيد معلقة به، قال وهو يعلم جيداً ما ستترتب عليه كلماته:

-اجلسي يا حاجة فالرصيف ملكاً للجميع... حمداً لله لم يشتره أحد.

استطار الغضب من عين علي وبدت عينيه الخصراءـ التي يفتخر بهاـ مخيفة وقبل أن يتكلم، خلع كريم قميص المحل الأخضر، وارتدي قميصه، بينما المرأة تجلس كما تخيلها تماماً، هبطت بثقلها علي الرصيف وللحظة استرد أنفاسها المسروقة من صهد الحرارة واللهاث من أجل بضعة مئات من الجنيهات، ولسانها لا يتوقف عن الدعاء له، اقترب كريم منه في ثبات وقال بصوت واثق:

-حقي أجرة أسبوع.

مد علي يده في الدرج وأخرج له ٥٠٠جنيه، وزعق بشراسة:

-لن تفلح في أي مكان، ولو عدت مرة أخري هنا معتذراً، لن تدخل هذا المحل حتي ولو قبلت قدمي.

أولاه كريم ظهره وهو ينظر له بجرأة أخرسته عن الاسترسال، واتجه ناحية الباب، شاعراً أنه تخلص من عبء ثقيل تآكل تحته قلبه قبل كتفيه، وخرج للشارع المزدحم بعشرات المتعبين والمتعبات الساعين علي رزقهم بكل السبل المقبولة والمنفرة، وهو عازم أن يبدأ مشروعه الخاص وألا يعمل عند أياً كان بعد اليوم، وسرعان ما غاب عند أول معطف.


الخميس، 4 سبتمبر 2025

كتاب حتشبسوت المرأة الفرعون... التاريخ والأسطورة

 


كتاب حتشبسوت المرأة الفرعون... التاريخ والأسطورة



عنوان الكتاب: حتشبسوت المرأة الفرعون

اسم المؤلفة: فوزية أسعد

اسم المترجم: ماهر جويجاتي

سنة النشر: ٢٠٠٣

عدد الصفحات: ٢٥٧

فوزية أسعد إحدي الكاتبات اللواتي سبحن في عوالم لغات أخري ليكتبوا بمدادها، ومع ذلك لم يتخلين عن جذورهن الممتدة في أرض وادي النيل، فجاءت كتاباتهن مزيج من دقة المنهجية العلمية الغربية، والقضايا المصرية حول الذات والهوية، صديقتها الكاتبة هالة البدري تحدثنا عنها في مقالة بعنوان" عن فوزية أسعد أكتب؛ رحلة صداقة وحوار وفكر وقراءة" منشورة في مجلة"أفكار" الصادرة عن وزارة الثقافة الأردنية، عدد ٤٢٠،فتعطينا خلفية وافية عن تلك مؤلفة هذا الكتاب، فنعرف منها أن فوزية أسعد مصرية تفكر بالعربية وتكتب بالفرنسية، ولدت بمدينة القاهرة في شهر يوليو عام ١٩٢٩،لأسرة إقطاعية مسيحية وشغل جدها منصب رئيس الوزراء، درست الفلسفة في جامعة القاهرة، ثم سافرت عقب الحرب العالمية الثانية لتحصل علي الماجستير والدكتوراة من جامعة السوربون الفرنسية في الفلسفة الغربية، نشرت بالعربية كتاباً واحداً عن فيلسوف الوجودية كيرجارد، ترجمته هي بنفسها بعد ذلك إلي الفرنسية، واشتغلت علي أعمال نيتشه بعد ملاحظة ذكية، إذ رأت أن من يكتب عن ذلك الفيلسوف الألماني الكبير يفسر فلسفته بحسب مرجعياته الثقافية، فقرت أن تقيس فلسفة نيتشه بنفس الميزان، فماذا وجدت وجعلها تنتقل إلي دراسة علم المصريات؟ وجدت نيتشه الذي تأثر به فلاسفة القرن العشرين متأثر بفلسفة مصر القديمة.

وكتابنا الذي نحن بصدده نتاج لتجربة أدبية خاضتها المؤلفة، في رواية"بيت الأقصر الكبير" التي نشرها المركز القومي للترجمة عام ٢٠٠٤،فبطلتها سوسن"اسم عربي جميل سشن بلغة قدماء المصريين هذا اللوتس الذي يتفتح عند طلوع النهار، كما لو كان يشارك في ولادة الشمس" هي نسخة معاصرة لحتشبسوت، فأثناء بحثها الروائي عن شخصية الملكة حتشبسوت تراكمت المادة العلمية، إلي درجة دفعتها لاستغلالها في عمل كتاب عن تلك المرأة الشهيرة في تاريخ مصر.

الكتاب من ترجمة ماهر جويجاتي أحد المترجمين الذين نقلوا للسان العربية أعمالاً ممتعة ومفيدة عن تاريخ الحضارة المصرية القديمة، قدم له أديبان رائعان أحدهما مصري والآخر فرنسي، أما المصري هو بهاء طاهر، وقلمه ليس غريباً عن عالم مصر القديمة، فقصة "محاكمة الكاهن كاي" في مجموعة "أنا الملك جئت، تستعرض مرحلة إخناتون الملتبسة، وفي تلك المقدمة التي افتتح بها الكتاب وعداً ضمنياً بقراءة عملاً ممتعاً، وتحفيزاً للقارئ علي الاطلاع عليه، فيقدم لنا الكاتبة علي أنها روائية ذات موهبة، وأستاذة فلسفة لها باع في مجالها، ويصف الكتاب بأنه عصي علي التصنيف، ويطلق طاهر اسئلته الخاصة التي أثارها الكتاب، رابطاً بين حتشبسوت ونفرتيتي لاشتراكهما في نهاية غامضة، إذ يسقطان من قمة المجد للاختفاء المريب، ولا جواب علي كل التساؤلات سوي بالظن والتخمين، فلا يوجد إجابة قاطعة تقدمها أوراق البردي أو نقوش الجدران، تهمس لأسماع التاريخ عن حقيقة ما جري للملكة التي حكمت مصر لأكثر من ٢٠عاماً، ويتمني أن تقوم الدكتورة فوزية باستخدام منهجها في الكشف عن دراما نفرتيتي التي حدثت بعد حتشبسوت، وستنفذ ذلك فعلاً في كتابها"الفراعنة المارقون" وسينشره المركز القومي للترجمة علي يد ماهر جويجاتي مترجمنا الذي يثني عليه بهاء طاهر، في ختام مقدمته.

النص الاصلية بالفرنسية قدمه الأديل ميشيل بوتور، بعين علي الدقة التاريخية وأخري علي الروح الفنية، عندما يستعير لسان حتتشبسوت من العالم الآخر من خلال تماثيلها المكتشفة بعد رحلة طويلة، لمعرفة الشخص الغامض علي نقوش الجدران المشار إليه بأفعال وأسماء مؤنثة.

الكتاب مقسم لتسعة عشر فصلاً، تتعدد فيه مستويات الكتابة-وذلك سبب استعصائه علي التصنيف في خانة محددة-فأحياناً نقرأ عن الأساطير المصرية المؤسسة لوعي المصري القديم، وتبحث الكاتبة عن السيرة الأسطورية لحتشبسوت، كما سجلتها في معبد الدير البحري أو جسر جسرو(قدس الأقداس) وارتباط تلك السيرة الأسطورية التي رسمتها حتشبسوت لشعبها وللأجيال القادمة، بطبيعة العقيدة الدينية للمصريين القدماء، الذين آمنوا بقيم حاكمة وأحداث تفسر طبيعة العالم وسلوكيات الحكم، سعت حتشبسوت للاندماج فيها، فهي ابنة الإله آمون ذاته كما تسرد قصة ولادتها الإلهية بعد تتويجها، واضعة نصب عينيها الرموز التي تشكل رؤية المصري القديم للعالم، وصاغت لنفسها حياة أخري علوية تتآلف فيها مع عالم الآلهة، وخاصة الأسطورة المصرية الكبري بأبطالها إيزيس وأوزوريس وحورس، التي تمثلها كل حكام مصر، فهو يمثل حورس المنتصر علي ست الشرير ليتربع علي عرش البلاد، وبذكاء شديد استغلت حتشبسوت ذلك لتصيغ لنفسها صورة الحاكم الفرعون، بعيدة عن كونها امرأة.

وعلي مستوي آخر نجد أنفسنا نتابع حتشبسوت الإنسانة، المنتمية لأسرة الملك أحمس العظيم، محرر البلاد من الهكسوس، جدتها الكبري تيتي شيري والدة سقنن رع تاعا الثاني الملقب بالشجاع الجسور، وقد حكمت البلاد بعد وفاة سقنن رع وكاموس أثناء كفاحهما ضد الهكسوس الغاصبين، ثم جاءت اعح حوتب اللاولي والدة أحمس، مارست سلطة الحكم وكان لها تقديرها الكبير في قلب ابنها والشعب المصري، تدلنا لوحة من عصر أحمس دون عليها قصيدة يلقيها أحمس البطل القومي العظيم، لتمجيد تلك الملكة المبجلة ويستحث الشعب لتمجيدها، لذلك ليس من المستغرب أن تكون نتيجة تلك السلالة ملكة حكمت البلاد بكفاءة لأكثر من عقدين كحتشبسوت:

"ارفعوا من شأن سيدة البلاد. سلطانة شطآن الـ"حاو نبوت".

التي ارتفع اسمها فوق جميع البلدان الجبلية(أو الأجنبية) 

التي تتخذ القرارات من أجل الشعب

زوجة الملك، أخت الملك، له الحياة والصحة والقوة

ابنة الملك، والدة الملك المبجلة

التي علي دراية بكل شئون البلد، التي توحد مصر.

لقد جمعت الوجهاء والأعيان وكفلت تماسكهم وترابطهم

لقد أعادت الهاربين وجمعت المنشقين.

لقد أشاعت السلام في الوجه القبلي ودحرت المتمردين

زوجة الملك،"إعح حوتب" لها الحياة".

طبيعة تلك الفترة تدفع النساء إلي مجابهة صعاب الحكم، فالرجال في معمعة القتال ضد الهكسوس الغاصبين، فعلي النساء أن يتولين مقاليد السلطة، ثم جدتها المباشرة أحمس نفرتاري التي تزوجت أحمس محرر مصر، وشاركته في الحكم لربع قرن، وشغلت أيضاً منصب الكاهنة الثانية لآمون ثم والدة حتشبسوت أحمس-اسم أحمس أطلق علي الرجال والنساء ومعناه"ولد القمر".... وكان ينبغي علي المؤلفة ذكر أخريات حكمن مصر في سلام ولم يكن هدفاً لمطاردة ذكراهن، هن الملكة نيت إيفرت في نهاية الأسرة السادسة، والملكة سوبك نفرو آخر حكام الأسرة الثانية عشر، وملكة أخري حكايتها تكاد تتطابق مع حتشبسوت هي الملكة سات رع في نهاية الأسرة التاسعة عشر، والتي طوردت ذكراها علي يد ست نخت مؤسس الأسرة العشرين المولود من زوجة غير شرعية كتحتمس الثالث. 

إنها الملكة التي ذكرها مانيتون (٤٨٤-٤٢٤ق.م) في سجلاته التاريخية عن مصر القديمة بطلب من بطليموس الثاني فيلادلفيوس، ورغم أن مدونانه لم يبق منها سوي شذرات متفرقة، إلا أنها مصدراً أساسياً لتاريخ مصر، وندين له بتحديد تتابع زمني وزع علي ٣١أسرة بشرية حكمت مصر، جاءت بعد حكم الآلهة للأرض، أشار لها مانيتون باسم" أمسيسيس" التي حكمت البلاد ٢١سنة وتسعة أشهر مع بداية الأسرة الثامنة عشر أولي أسرات الدولة الحديثة، حكمت مع أخيها تحتمس الثاني البلاد وكان ضعيفاً ومريضاً، مات وتركها وصية علي تحتمس الثالث الابن غير الشرعي للملك المتوفي، والذي سيصير أحد أعظم الملوك المحاربين في تاريخ العالم.

يقدر مانيتون حكم تحتمس الثاني بثلاثة عشر عاماً، وعلماء آخرون يراوحون بين سنتين أو ثلاثة، تولي الحكم وهو "صقر في العش" ذلك التعبير أطلقه المصريون علي الفرعون الذي يتولي مقاليد السلطة في سن صغيرة، وقام بثلاث حملات عسكرية الأولي في بلاد كوش(النوبة) عندما بلغه نبأ تمردهم، والثانية ضد بدو آسيا، والثالثة في سوريا. 

الفصل الثاني من حياتها بطله بلا منازع هو سنن موت الذي كان قبل تتويج حتشبسوت رجلاً صاحب كفاءة رفيعة، انخرط في الجيش قبل توليها الحكم بفترة طويلة ومن ألقابه قبل حتشبسوت:أمير، نبيل، خازن ملك الوجه القبلي وسميره، مدير القصر والبيت الكبير وأهراء آمون، والمشرف علي كافة الشعائر الإلهية، منحدر من أسرة متواضعة تننمي لمدينة أرمنت القريبة من طيبة تقدس الإله مونتو وربما كان له زوجتين ولم يرزق بولد، لأننا نري أخويه يتصدران النقوش، أحدهما مين حوتب يقوم بدور الابن علي مقبرته الأولي والثاني إمن إم حات يؤدي الشعائر الجنائزية. 

التصق سنن موت بحتشبسوت فكان بمثابة الرجل الثاني في المملكة ولم يتركان بعضهما حتي النهاية، بل وفي الحياة الأخري ظلا مع بعضهما، فقد ارتبط بحتشبسوت ومعبدها عن طريق مقبرته الثانية في الحرم المقدس لمعبد الدير البحري، حيث كان تخطيط مقبرتها ومقبرته واحد، يربطهما سرداب خفي تتقاطع حجرات ذات أربع زوايا، واسم حتشبسوت مذكور علي جميع جداران مقبرته، كما يظهر اسمه بحوار حتشبسوت أمام الإله، كل ذلك أشعل خيال الأجيال حول علاقة حتشبسوت بذلك الرجل العصامي الفريد، وللأسف لم تستفيض تلك المؤلفة في تحليل تلك العلاقة ولو فعلت لكان للكتاب وزن أكبر ذلك، إن تلك العلاقة هي المدخل لحكم وزمن حتشبسوت.

يعطينا الكتاب أيضاً لمحة عن دور حتشبسوت في إعلاء كهنة آمون، الذين ستتضخم ثروتهم وسلطتهم حتي زمن إخناتون الفرعون المارق، حين يحاربهم بكل أسلحته ويمحو كل ذكر لآمون لحساب إلهه الجديد آتون الذي جعله منفرداً بالعبادة، وعند وفاته سيعودون من جديد ويسترد الإله آمون مكانته والكهنة سلطتهم، فقد منحت الثروات والأراضي لكهنة آمون، ليساعدونها في الاستقرار علي العرش، ويرجع العلماء صعود كبير كهنة آمون لمكانته العالية في الحياة السياسية إلي عهد حتشبسوت فهي تصرح علانية" إنها تحب أباها آمون أكثر من سائر الآلهة إنها ابنته المولودة من صلبه، إن آمون يمنحها سنوات  حكم مديدة".

وتتساءل المؤلفة سؤالاً هاماً، هل كان عهد حتشبسوت حقاً عهد مسالم لم تنجر فيه لمعركة؟ وتتبين وجود معارك وردت في تقوش ومخربشات( المخربشات مدونات محفورة أو مرسومة علي صخور الجبال أو شقف الفخار)، وربما أزال تحتمس الثالث تلك المعارك من الذاكرة حتي لا تنافسه  الملكة المرأة في شهرته العسكرية الطاغية.

تستشف الكاتبة نهاية حتشبسوت الغامضة، فتؤكد أن الجيش قد فضل تحتمس الثالث عليها كما أن كهنة آمون لم يعودوا يساندونها، وبدأوا سياسة التقرب من تحتمس في الخفاء، والكاهن الثاني لآمون  بو إم رع يمثل ذلك الاتجاه السري، والآراء المتناقضة حول ما إذا كان لتحتمس الثالث يداً في وفاتها أم لا، والشائعات الدائرة حول تدبيره لثورة في القصر ضدها أة دفعها للانتحار، لكن هناك حقيقة واحدة في علاقتها بتحتمس الثالث، رغبته المحمومة لمحو اسمها من ذاكرة البشر وسجلات الأحياء، وتقول" يمكن صياغة أسبابها السيكولوجية أو السياسية بأسلوب روائي. ولكن النصوص لا توفرها لنا" وهكذا يحرمنا تدمير الآثار بالسلب أو السرقة أو التدمير المتعمد أو بأي طريقة كانت من المعرفة والبناء الجديد علي تلك المعرفة،  وتشير إلي حقيقة أن سلطان الكلمة في مصر القديمة كان عظيماً، ومن بين كل الكلمات يبقي للاسم قدرة البعث والإحياء، ولقد تضافرت كل الظروف لمحو اسم حتشبسوت وضياعه وبالتالي ضياع شخصيتها في تلك الحياة والحياة الآخرة، فما سلم من هجمة تحتمس الثاني علي تماثيلها، استخدمه الفلاحون كحجارة للرحي! وكان ذلك أيضاً نصيب سنن موت حيث لم ترحمه ضربات المطارق، والأيادي الممتدة للتشويه، وفي نفس تلك الرحلة التدميرية نصل إلي مخطة إخناتون المارق، عندما شن هجمته التاريخية علي معابد آتون بالمحو والتدمير، فاعتدي لي ذكري حتشبسوت معها كراعية للديانة وكهنتها.

وأحياناً نرتحل إلي الماضي القريب، نتتبع الأيادي  التي ساهمت في بعث اسم حتشبسوت من جديد، رغم كل ما حدث ليتوه اسمها في الضياع الأبدي، بدءً من عام ١٨٢٨لما اكتشف العالم الفرنسي شامبليون، اسم حتشبسوت خلف آثار تم تهشيمها، وحيرته وبلبته الكبيرة أمام ذلك الاسم المشار له بالضمائر المؤنثة، وحكاية أسرة عبد الرسول الشهيرة الذين اكتشفوا خبيئة الدير البحري، علي عمق ١١متراً حيث تراصت توابيت لأشهر فراعنة الأسرة الثامنة عشر والتاسعة عشر، بالإضافة لتوابيت أحمس والتحامسة من الأول إلي الثالث، وسيتي الأول وإعح حوتب نفرتاري وملكتنا التي ندور حولها حتشبسوت، وأشادت المؤلفة بفيلم المومياء للفنان شادي عبد السلام، ولها الحق في ذكره والإشادة به فلا يمكن فصل هذه التحفة السينمائية عن الحادثة الأصلية لاكتشاف خبيئة الدير البحري، التي تعتبر فتحاً في علم الآثار، وتوالت إسهامات علماء الآثار، فمارييت باشا أزاح الركام من علي معبد الدير البحري، ثم واصل نافيل عمل مارييت بإعادة تشكيل أحد جدران المعبد، وفي الكرنك اكتشفت بعثة أثرية مسلتين تختبئان عن العيون خلف أحد الجدران عليهما اسم حتشبسوت، ومع بداية القرن الماضي ظهرت أحجار مقصورة استراحة المركب المقدس التي بنتها حتشبسوت لأجل مركب الإله آمون رع، وعندما حل شتاء ١٩٢٢-١٩٢٣أزال ويلتوك النفايات في منخفض طبيعي إلي الجنوب الصاعد للمعبد، وناحية الشمال من نفس الطريق وجد المقبرة الثانية لسنن موت، وفي شتاء آخر ١٩٣٦-١٩٣٧عثر ويلتوك علي تماثيل متنوعة الأحجام بدت فيها حتشبسوت بابتسامة دافئة"تبعث الحياة في البدن".

تتمثل لنا حتشبسوت من خلال تلك الأبعاد الثلاثة، فنراها بصورة بانورامية، ونكتشف مع فوزية أسعد جزء من التاريخ المصري القديم، تاريخنا الحي والنابض في الوجدان رغم آلاف السنين التي تفصلنا عنه، وأحد الأدلة ذلك الكتاب المدون باحترافية علمية ومشاعر فياضة، من امرأة مصرية معاصرة تجاه جدتها الملكة الفرعونية.... لقد استطاعت فوزية أسعد أن تقطع تذكرة في قارب التاريخ، وتصحبنا معها لنتجول بين المعابد المحطمة والتماثيل المهشمة، والنصوص القليلة الباقية، ومع ذلك شاهدنا الكثير في كتابها هذا، وتعلمنا الكثير عن الحضارة المصرية القديمة، وكنا شهوداً  علي حكاية من أشهر وأخطر حكايات مصر التاريخية، حكاية ملكة اسمها حتشبسوت آمنت بنفسها وبقدرتها علي تولي حكم للإمراطورية المصرية في عالم يسوده الرجال، ومع ذلك استطاعت المكوث في الحكم لفترة طويلة، وحين أراد تحتمس محو ذكراها، انبعث  من جديد أقوي وأظهر مما كان، واقترن اسماهما للأبد! بل أصبحت الذاكرة الشعبية المعاصرة تحفظ اسمها  أكثر مما تحفظ اسمه، لقد سمعناها في أغنية شهيرة علي شاشة السينما المصرية، ويضرب بها المثل في القدم والعراقة...إنه كتاب ضروري لكل من يريد الاقتراب من الحضارة المصرية وهواة القصص التاريخية وكل من تهفو نفسه للعيش بعض الوقت مع أجدادنا القدماء.... يتأمل ويتعلم.











الأحد، 31 أغسطس 2025

آخر حاجة لبعض

 










آخر حاجة لبعض

سيناريو وحوار: محمود قدري



























الملخص: في خضم مشكلات وباء كورونا يستعيد زوجان شابان عاطفتيهما المفقودة رغم الضغوط المادية والنفسية


م/١          شقة أحمد  (الصالون)        ن/د


ـ شقة بسيطة صغيرة الحجم، ولكنها نظيفة ومرتبة تنم عن ذوق في الألوان والاثاث، جهاز مفتوح علي نشرة أخبار تتلو أخبار وتحذيرات مرض كورونا، علي خلفية الصورة الشهيرة لعداد الضحايا والمصابين المتزايد... أحد أيام الصيف الحارة. 

-أحمد(٣٠عاماً)يجلس علي أريكة يتكلم في الموبايل. 


أحمد( ملهوفاً) :آلو... أيوة ياحسين، عملت إيه؟ 

ص. حسين :كلمتلك المدير وقالي الدنيا مزنوقة معاه(معتذراً) معلش يا أحمد الشغل واقع والله أنا خايف يمشوني أنا كمان. 

أحمد(مايزال متعلقاً بالأمل) :والنبي يا حسين تشوف لي أي شغل معاك، أنا بقالي اسبوع قاعد من ساعة المحل اللي كنت فيه ماصفي وصاحبه قفله. 

ص. حسين: أنا مش عايز وصاية يا أحمد...هاتفرج بعون الله وتتعدل.

أحمد: كله علي الله... روح انت بقي مش عايز اعطلك، سلام. 

-يفتح علبة السجائر فيجدها خالية، يسحقها بقبضته ويلقيها علي الأرض في غيظ. 

ـ تخرج منة(٢٥عاماً) من ناحية المطبخ، وتتوجه لحجرة أخري، وهو يرمقها بنظرة جامدة، يكتم صوت التلفاز. 


قطع












م/٢          المطبخ         ن/د


ـالطعام المكون من أرز وخضار بدون لحم  يشيط. 





قطع























م/٣          الصالة          ن/د


-أحمد يتمدد علي الأريكة في إحباط يمسح جبينه المتعرق من الحر، يتشمم الهواء ويقوم مفزوعاً ناحية المطبخ. 






قطع




















م/٤          حجرة النوم          ن/د



     ـ طفل رضيع ممدد علي السرير، وعلي الحائط صورة زفاف أحمد ومنة وهي تشع بنظرات الحب الصادق، منة بجوار الطفل نعد عدد الحفاضات القليلة المتبقية، ثم تفتح حقيبتها فلا تجد فيها سوي ٥٠جنيهاً،تمسكها بين أصابعها في هم وقلق، ثم تسمع صوت أحمد يصرخ في غضب.


ص. أحمد:منة! حرقتي الأكل!







قطع














م/٥          الصالة          ن/د


ـأحمد يقف متحفزاً وسط الصالة، في غاية العصبية الغضب، لقد قرر أن يخرج غضبه من نفسه ومن الدنيا في منة.

أحمد:سيبتي الاكل عالنار وروحتي فين؟

منة:كنت بغير لآدم وسهيت جوه في الاوضة.

أحمد: يا سلام سهيتي؟! سهيتي يبقي يتحرق البيت، عايزة تولعي فينا؟!

منة: إيه الكلام ده يا أحمد!وإيه الطريقة دي!

أحمد: مش ده اللي حصل؟! مش شامة ريحة الشياط؟ (بغرور الضعيف) لولايا كان زمانا ضعنا.

منة(تنهار باكية) :وأنا اللي هاتضيعك مش كده! شايلة البيت كله علي دماغي، وبغزل برجل حمار عشان نعيش، حتي حزني علي أمي اللي لسه ميتة بقي لها تلات شهور كاتماه عشان مازودتش المواجع، تعبت، مابقاش عندي طاقة والله العظيم.

أحمد(ثائراً) :قصدك أني خلاص بقيت عبء عليكي!

منة: أناني... مش بتشوف غير نفسك وبس، أنا اشيلك فوق دماغي العمر كله، وماقولش الآه حتي بيني وبين نفسي، وانت عارف كده.

احمد يبدو عليه التأثر، ويحاول قول شئ ما لكن لا يجد ما يقوله. 

منة(تضع وجهها بين كفيها) :كابوس... أنا حاسة أني في كابوس، مش عارفة هاصحي منه امتي؟

-نسمع صراخ الطفل الرضيع آدم، تقوم منة متحاملة علي نفسها، ينظر احمد لها نظرة حانية. 

أحمد : رايحة فين؟ 

منة: هارضع الولد. 

تذهب منة وتترك أحمد يقف وحيداً. 



قطع







م/٦          المطبخ          ن/د


-يزيح أحمد الطعام المحترق، ويبدأ في إعداد وجبة أخري، بحركات خرقاء لرجل لم يتعود التواجد في المطبخ كثيراً، يبحث عن الطعام في الأدراج، ويمسك الادوات بطريقة خاطئة، تدخل منة فتفاجأ بقيامه بإعداد الغداء، تبتسم ابتسامة خفيفة تغير من ملامح وجهها، يراها أحمد فيبتسم هو الآخر، ويكاد يوقع حلة بيده وهو يضعها علي الرف. 

أحمد: قولت أخف أنانية شوية

منة: مكانش قصدي أنا

ـيقاطعها وقد عاد ألي رشده. 

أحمد: منة أنا عارف أن الدنيا مهدودة كأننا بقينا عايشين في عالم تاني مختلف، ظروفنا متلغبطة وأيامنا بايظة، مفيش فلوس ولا شغل ولا طمأنينة، ولا عارفين بكرة هانصحي علي ايه....بس احنا آخر حاجة باقية ومش هاسمح إني أخسرك أو إنك تخسريني. 

ـتحتضنه منة ويحيطها بذراعيه بحنان.... يرن جرس موبايل أحمد. 



















م/٧         الصالة          ن/د


-أحمد يرد علي الموبايل. 

أحمد: أيوة يا ابراهيم... بجد؟ 

-يشرق وجه أحمد. 

أحمد(مناديا) :منة


ـتظهر منة وفي يدها كبشة غرف الطعام. 


أحمد: لقيت شغل، إبراهيم جارنا لسه مكلمني. 

منة(منة غير مصدقة من فرط الابتهاج) :بجد يا أحمد؟! 

أحمد: أيوة ونازل له دلوقت قبل الحظر ما يبدأ. 

-يتجه أحمد للباب ويفتحه، بلتفت لها باسماً. 

أحمد(مازحا) : اوعي الاكل يتحرق! 

منة: متخافش مش هاسهي عليه تاني

-يلوحان لبعضهما ويتبادلان الابتسام، يخرج أحمد ويغلق الباب خلفه، وتتجه منة للمطبخ في سرور وحماس، وتنتقل الكاميرا للتلفزيون ذو الصوت المكتوم لنراه يعرض مشاهد أنور وجدي وفيروز وهما يتجولان في الشوارع في استعراض معانا ريال. 



النهاية




السبت، 10 مايو 2025

آدم حنين سؤال وجواب

 1-ما هو الحي الذي نشأ فيه آدم حنين؟

حي باب الشعرية. 

2-ما الذي تعلمه آدم حنين من زيارة المتحف المصري؟

تعلم النظر إلي الأشياء، ووجدت عينه طريق الرؤية. 

٣- كم عام عاش آدم حنين في قرية القرنة بالأقصر؟

عامين. 

4- ما الذي ألهم آدم حنين لوحة البشارة؟

منزل ريفي بسيط رآه في قرية القرنة بالأقصر، علي واجهته غزالة معلقة.

٥-ماذا قالته الرسامة غابرييل مونتر، لآدم حنين، أثناء زيارتها للمعرض الذي أقامه في ميونيخ؟

إنه لن يجد في بيئة الغرب مايغني تجربته، وأنه من الأفضل ألا يتأثر بأعمال الأوروبيين.

٦- اذكر واحداً من الأعمال التي أنجزها آدم حنين أثناء تواجده في جزيرة "الفنتين"؟

رجل يشرب من القلة.

٧- ما هي أهم أعمال آدم حنين مع الشاعر صلاح جاهين؟

رسومات لمرافقة "رباعيات صلاح جاهين" في مجلة" صباح الخير".

8-من هو المهندس المعماري الذي صمم منزل آدم حنين بالحرانية؟

رمسيس ويصا واصف.

٩-في أي عام أقام آدم حنين معرضه في بيت السناري؟

عام ١٩٦٦.

١٠- ما هي أسباب سفر آدم حنين إلي باريس؟ 

نكسة ١٩٦٧،حينها كانت الأجواء مشحونة والناس كانت معبأة باليأس والهزيمة، فلم يستطع الاستمرار في هذا المناخ. 

١١- كم عام مكث آدم حنين بفرنسا؟ 

٢٥عاماً. 

١٢-في عام أنشئ سمبوزيوم أسوان الدولي للنحت؟ 

١٩٩٦.

١٣- متي بدأ ترميم تمثال أبو الهول؟ 

١٩٨٩.

١٤-متي بدأ تأسيس سمبزيوم أسوان الدولي لفن النحت؟ 

١٩٩٦.

١٥-متي بدأ آدم حنين في إنجاز مشروعه الشهير"السفينة"؟ 

٢٠٠٠.

١٦-متي بدأ إطلاق الدورة الأولي من جائزة آدم حنين لفن النحت؟

٢٠١٦

١٧- أي خامة يفضل آدم حنين استخدامها؟ 

الفحم والنسيج

١٨- هل يختار آدم حنين موضوعات أعماله بناء علي تأثير الفن المصري أم أن هذا التأثير يظهر بشكل غير مقصود؟ 

حضور الفن المصري في أعماله يأتي دون قصد، وبغير افتعال، لأن هذا الفن صار جزءً من تركيبته النفسية والشخصية. 

١٩-كيف تؤثر الثقافة والخبرة الحياتية في رؤية الأشكال والتفاعل معها وفقاً لآدم حنين؟ 

يري آدم حنين أن الأشكال ترتبط في أذهاننا بكثير من الانفعالات الني نحس بها وتذكرنا بلحظة الرؤية، فكل إنسان يتذكر شيئاً مختلفاً عن الآخر، وكل شخص لديه تصوراته ورؤيته حسب ثقافته وخبرته. 

٢٠- ما هو العمل الفني الناجح من وجهة نظر آدم حنين؟ 

العمل الذي يشبه لقاء جديداً بالجمال والإدراك الذي يثير الدهشة والرغبة في التأمل العميق. 

٢١- ما هي الخصائص التي تجعل البومة كائناً منفرداً في نظر آدم حنين؟ 

يري آدم حنين البومة كائناً غريباً ومثيراً جداً، فرغم ما تثيره في نفس البعض من شعور بالتشاؤم إلا أنها شديدة التفرد، تظهر ليلاً وتختفي نهاراً ومعبرة عن العزلة بشكل ما. 

٢٢- ما هما القطبان المتناقضان في جوهر الفن المصري؟ 

هما الكتلة والخفة، إن جوهر النحت المصري القديم هو المهابة والرقي وصلابة وخفة التمثال أو المنحوتة، وهاتان الصفتان هما اللتان أعطتا الفن المصري شكله الذي يبدو بسيطاً إنما سحيق وعميق الأغوار. 

٢٣-ماذا كان دور صلاح مرعي في سمبوزيوم أسوان؟ 

كان مسئولاً عن ترتيب المنحوتات الجرانيتية المعاصرة المعروضة بالمتحف المفتوح بأسوان، وحافظ علي الطبيعة الجبلية للأماكن، مفضلاً جمال المناظر الطبيعية. 

٢٤-ما الذي يجعل تجربة آدم مع البردي مثمرة؟ 

ورق البردي مادة مدهشة، مادة تجمع بين الحجر والخشب، فيها نوع من الدفء جعله مرتبطاً بها ارتباطاً عضوياً، كانت علاقته بمادة البردي مثمرة للغاية، لأنها كشفت عنده مخزون ثقافي وروابط ماض مازال يتحرك في داخله. 

٢٥-في أي عام افتتح متحف آدم حنين؟

٢٠١٤ 

٢٦- في أي مجلة كانت تنشر رباعيات جاهين ولوحات حنين؟

مجلة روز اليوسف. 

٢٧- من الذي نظم عرض أعمال آدم حنين بقاعة العرض الدائمة بمكتبة الأسكندرية؟ 

 صلاح مرعي. 

٢٨- ما الذي دفع آدم حنين لإطلاق مسابقة" آدم حنين لمراحل التعليم ما قبل الجامعي"؟ 

إيماناً منه بأهمية دعم وتشجيع النشء علي ممارسة الفن التشكيلي كوسيلة للتعبير عن النفس. 

٢٩- في أي عام أطلقت مؤسسة آدم حنين مسابقة قريتي؟ 

٢٠٢٢


٣٠ – ما الذي يميز فن النحت من وجهة نظر آدم حنين؟ 

يري أن فن النحت أكثر ارتباطاً بالطبيعة، كما أن له علاقة مباشرة مع المتلقي، عكس الرسم أو التصوير، لكنه فن يحتاج إلي الصبر والتأني، فهو يجلس أمام العمل لساعات طويلة