الخميس، 4 أبريل 2013

حتي لا يعود"أبوفيس"



من حسنات سيد قطب في مجال نقد الأدبي,انتباهه المبكر لنجيب محفوظ,وتنبؤه له بالعالمية,التي سيصل إليها في وقت لاحق,وقد كتب عنه سلسلة من المقالات,منها مقال عن رواية كفاح طيبة,يشيد بالرواية والكاتب,وإن كانت له تحفظات لا تنقص من قيمة الرواية.

كنت دوماً أتساءل في عجب,قبل أن أقرأ الرواية عن السر الذي أراد من أجله سيد قطب أن يجعلها في يد كل فتي وفتاة وينشرها ويوزعها بالمجان,ويقيم لصاحبها حفلة تكريم رغم عدم معرفته المسبقة به؛لأنها مصر التي ينبغي أن نعرف,مصر التي لابد من عودتها مرة أخري مهما طال الزمان,مصر المصرية,ليست تلك المتأخونة القبيحة,المتنقبة خلف مائة ساتر,بدعوي تطبيق الشريعة.تنبض في تلك الرواية صورة صادقة للروح المصرية المكافحة التي لا تعرف سوي شئ واحد"الوطن"وتدوس لأجله علي القلب والأهل والنفس,لاهم لكل مصري في كفاح طيبة لنجيب محفوظ سوي تحرير وطنه من الغزو,من الهكسوس,المتعالين المغرورين,الذين احتلوا المصريين,واحتقروهم وأقاموا ديانة أخري لست إله الشر غير عبادة آمون ,متصورين أنهم من جنس أرقي عن أولئك الفلاحين...لا أريد أن أكون متجنياً,لكن هل تري ملامح تشابه مع متأسلمي زمننا؟!
وربما نذكر مقولة أحد المتأسلمين في أحد البرنامج,أن الشعب المصري قليل الأدب وبيحشش,وآخر يقول طز في مصر,وآخر يحلم أن مرسي يصلي إماماً بالنبي!!!

ولكن وطنية المصريين وحبهم للموت بدلاً من حياة ذليلة,تجعلهم ينتصرون علي عدو جبار,فعل بهم كل ما يفعله سيد مستبد طاغ بعبد ضعيف,يتمكن البطل أحكس من طرد أبوفيس,بشجاعة وإيمان جيشه الذي آمن بالوطن,ولنر ذلك الحوار الذي يهيج جينات الوطنية المصرية بين الملك أحمس,وقائد جيشه أحمس أبانا:"....هل يجوز أن نكف عن الكفاح في سبيل طيبة ومصر إشفاقاً من أن تؤذي نبالنا بعض النساء والأطفال من قومنا!...

فقال الملك أحمس بمرارة:
-أتري أن آمر بتمزيق أجساد هؤلاء النسوة البائسات و أطفالهن؟...
فقال القائد بحماسة وثقة:
-نعم يا مولاي,إنهن قربان الكفاح,مثلهن مثل جنودنا البواسل الذين يتساقطون في كل حين,بل مثلهن مثل مليكنا الشهيد سيكننرع,وفقيدنا الباسل كاموس.فلماذا نشفق من ذهابهن هذا الإشفاق المعطل لكفاحنا؟...
مولاي...إن قلبي يحدثني بأن أمي أبانا بين هؤلاء الأسيرات البائسات.فإذا صدق شعوري فلا أشك في أنها تدعو الرب أن يجعل حبك طيبة فوق رحمتك بها وبأخوتها البائسات.ولست الجريح وحدي في جنودنا.فليضع كل منا حول قلبه درعاً من إيمانه وعزيمته ولنهجم...
ونظر الملك إلي قائد أسطوله طويلاً,ثم قلّب وجهه في حاشيته وقواده,فقال الحاجب حور بهدوء وكان متجهماً ممتقعاً:
صدق أحمس أبانا العظيم
وتنفس الرجال الصعداء وقالوا جميعاً في نفس واحد:
-نعم..نعم...صدق قائد الأسطول ولنهجم...
فالتفت الملك إلي القواد وقال بعزم:
-أيها القواد,اذهبوا إلي جنودكم وقولوا لهم أن مليكهم الذي فقد في سبيل مصر جده وأباه,ومن لا يتردد عن الجود بنفسه في سبيلها,يأمرهم بالهجوم علي يور طيبة المدرّع بأكبادنا والاستيلاء عليه مهما كلفنا ذلك من بذل..."

فماذ كان من المصريات العظيمات كما يصورهن محفوظ:"وانطلقت نبالهم تشق صدور نسائهم وتمزق قلوب أطفالهم وتسيل الدماء غزيرة.ولوحت النسوة برءوسهن للجنود وصحن بأصوات رفيعة مبحوحة:
-اضربونا ينصركم الرب وانتقموا لنا......"
أجل أصابتني نفس القشعريرة التي تشعر بها الآن,وذلك الإحساس الذي يداهم المرء,حين يتذكر وطنه ويحن إليه حنين الغريب وهو فيه!!!
بتلك الروح استطاعت مصر أن تهزم الهكسوس,بإعلاء روح الوطنية لا روح الأهل والعشيرة,بتمليك مصر للمصريين,لا للإخوان,ليعبثوا بها,ويجعلوها صفر علي الشمال,بالصدق مع النفس والعمل لعشر سنوات متواصلة في النوبة؛لصنع جيش قادر علي هزيمة أبوفيس وعجلاته الحربية,وإجلائهم عن طيبة,لا بتمكين الإخوان لمفاصل الدولة,بتخلي أحمس عن قلبه وحبه,في سبيل تحرير ثلاثين ألف مواطن مصري,ولم يقل:" أنا رئيس جمهورية بعد ثورة يعني انا أقدر أضحي بناس,كمرسي!!!تخلي عن حبه في سبيل مصر,بينما مرسي لم يتخل عن جماعته في سبيل مصر.

أبو فيس ملك الهكسوس هرب بعد كفاح أحمس,هل سيعود بعد كفاح مرسي في سبيل جماعته؟؟؟

وكما كان يهتف الجيش في الرواية:"حياة أمنمحيت أو ميتة سكننرع" يهتف الشباب اليوم:"يا نجيب حقهم يا نموت زيهم"...هل لا زلت تتساءل عن ملامح التشابه؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق