الخميس، 26 يوليو 2012

شاعر يكتبه شعره!



شاعر يكتبه شعره!


   

فلسفة خاصة عاش بها صلاح جاهين,ومارس بها كافة  أنواع الفنون,تظهر تلك الفلسفة واضحة بلا رتوش,ودون التدخل من وسائط أخري في الرباعيات,التي تجعل كل قارئ لها-وخاصة إذا قرأها صغيراً-يتوقف مع نفسه متسائلاً,الأسئلة الكونية المعروفة:متي لماذا كيف من أين هل...وتكمُن المأساة في الفترة التي يتوقفها,قد تكون عابرة سطحية,كمعظم قراء الرباعيات,وقد تستغرق العمر كله,كما حدث مع جاهين نفسه,وفي الواقع جاهين لم يكتب الرباعيات..أقصد بالمعني المعروف والصورة المعروفة عن الشاعر:يجلس ساهماً شارداً في ملكوته الخاص,ثم يهُمّ بكتابة شيئاً ما فيتراجع,يعاود المحاولة ولكنه يشطُب بعصبيةو........و....

كلا لم يكتبها.هي التي كتبته وصنعته شخصاًوإنساناً,قبل أن تحوله إلي أشهر شعراء مصر,ليس الشاعر الجاف الممتلئ بذاته,النصف موهوب,ولكنه فاهم للحياة بصورة تجعله يحتقر نفسه أحياناً,بل الجنس البشري كله كما يقول:إنسان.. أيا إنسان ما أجهلك
ما أتفهك في الكون وما أضألك
شمس وقمر وسدوم وملايين نجوم
و فاكرها ياموهوم مخلوقه لك
عجبي
بمثل ذلك الرأي والرؤية تعامل جاهين مع الحياة ككل..وربما ذلك ما جعله مكتئباً,بصورة لا تجدها إلا لدي فيلسوف..حزن عميق صامت مكتوم,يجعل المصاب به يئن وحده في الظلام دون أن يشاركه أحد,أو يسأله:مالك؟
قد يكون الحرمان العاطفي الذي عاني منه هو السبب,فهو لا يطلب الكثير من الحياة ليسعد,بل يكفيه قرب الحبيبة..مجرد قربها سيغير الصورة القاتمة للحياة في عينيه,سيَسعد قلبه إذا وجدها بجانبه وسط الزحام الخانق,والناس سيئة الخُلُق في هذا الزحام الكوني القاتل...
زحام و أبواق سيارات مزعجـــــة
اللي يطول له رصيف.. يبقي نجـــا
لو كنت جنبي يا حبيبي أنــــــــــــا
مش كنت أشوف إن الحياة مبهجة
عجبي
تلك العاطفة التي تلِح عليه دوماً حتي في أشد ساعات دنياه,وتجعله يذهل عن نفسه,ويعبر عنها بدون شعور
غمست سنك في السواد يا قلـــــــــــــــم
عشان ما تكتب شعر يقطر ألــــــــــــــــم
مالك جرالك إيه يا مجنون ... و ليــــــــه
رسمت وردة وبيت و قلب و علـــــــــــم
عجبي

هناك تعليق واحد: