السبت، 16 مارس 2013

إسلام بلا ضفاف



إسلام بلا ضفاف

سأخبرك أنك ستندهش من هذا الكتاب,حتي لا تندهش حين تقرؤه.
ستشك وتنظر للغلاف...يوسف إدريس,ألم يمت هذا الرجل من زمن طويل,أم كانت خدعة وهو لا يزال في مصر يري ويفكر,ثم يكتب؟!
 
الحياة في مصر راكدة منذ سنوات طويلة,نفس المشكلات تقريباً,يقولون أنك إذا أحضرت صحيفة منذ السبعينيات مثلاً,لن تجد هناك فارقاً يذكر,عما يقال علي طنيطر وفوصبوك-كما يقول الرجل العبثي الذي ينتسب للقضاء-نفس المشكلات التي لم تجد الحلول,وإن كان الحل معروف...الديمقراطية التي يدعو إليها العقلاء.
عن تقديس الشيوخ يتحدث إدريس,ويخص بالذكر الشعراوي,الذي وصفه إدريس بأنه يشبه راسبوتين"يتمتع بكل خصال راسبوتين المسلم من قدرة علي إقناع الجماهير البسيطة,وقدرة علي التمثيل والحديث بالذراعين وتعبيرات الوجه",وإن كان تنصل منها بعد ذلك وقال أنها خطأ مطبعي!!
هو الخوف يا يوسف,كما شكوت من مبارك إليه!!
كاد يجن من كثرة السؤال حول هذا الموضوع,حتي وهو في الحرم يطوف بالبيت,ولكن حين يصف الشعرواي توفيق الحكيم وزكي نجيب محمود ويوسف إدريس بالكفر والضلال والتضليل,لا يتراجع ولا يستسلم,لأنه في الخانة الصحيحة,مستمداً الحماية من الله ذاته!!
ما أريد قوله أنا هنا ببساطة,لكل إنسان الحق في قول رأيه ولنناقشه فيه بهدوووووووووء كنا يفعل عماد الدين أديب,وليس بالصراخ والعنف كهاتولي راجل,هكذا ببساطة نعرف أن الاختلاف والخلاف,شئ طبيعي جداً,هكذا خلقنا الله,وأنا أحب الإثنين الشعرواي وإدريس,ولو كانا اتحدا للدفاع عن الإسلام والدعوة للعقل لما احتجت لكتابة هذا الكلام من الأساس.

ثم يتحدث عن العلم الإسلامي والعلم الغربي,والموضوع غير ذي موضوع العلم هو العلم,كما الملك هو الملك,هل هناك مثلاً,ماء إسلامي وآخر غربي...تلك هي المشكلة!

ثم يناقش أفكار روجيه جارودي,فيتفق معه ويختلف!!وهذا لو تعلمون عظيم!!يختلف ويتفق...الاتنين!!!!!
حاول أن تتجاهل رأي يوسف إدريس,في الإخوان,فالرجل معذور لم يشهد العجل وهو يقع منتظراً الذبح بالسكين,لم ير مرسي وهو يداعب عضوه,ولم يعرف ما فعلوه بعد أن وصلوا لكرسي تافه,ظنوه مكاناً يصلح لحكم مصر.
يتحدث عن الإسلام بعقل المفكر المهموم والمهتم,وليس بلسان الحافظ الببغاء,ويكشف عن أخطاء عدة وعيوب خطيرة في رؤيتنا للإسلام,تسبب فيها رجال متطرفون,يتكسبون من بيع الفتاوي,والإتجار في الدين.يلاحظ بذكاء أن أعداء الإسلام استخدموا الإسلام سلاحاً ضد المسلمين وضد الإسلام نفسه,خذها منه أفضل,فهو يتحدث بأمثلة من حوادث عصره,يدلل بها علي صحة كلامه,وأن الطوائف الإسلامية المختلفة المخالفة لبعضها,قد تسببت في انشقاق المسلمين وإضعاف الدين ذاته,علي عكس القومية العربية,التي من شأنها أن توحد العرب والمسلمين,وهي نظرية و إن اختلفت معها إلا أن بها وجاهة.


لم يفهم طارق البشري عن يوسف إدريس مقالته,أتمني هذ صادقاً؛لأنه لو كان قد فهم وتسبب عمداً في كارثة الدستور,فسيكون أمراً موسفاً,يُضاف إلي الأمور المؤسفة الأخري,لكن في الحالتين العار كبير علي البشري!
يخاطبه إدريس قائلاً:"إن السر المستتر وراء هذه الدعوة إلي تطبيق الشريعة,في الحكم,هو أن يتولي رجال الدين أمر الحكم,كما تولي من قبلهم في أوروبا رجال الكنيسة الحكم,ولعلك تعرف جيداً البشاعات التي ارتكبها حكم الكنيسة في أوروبا في القرون الوسطي وأمامنا الآن مثل واضح صريح,الحكم"الإسلامي" الخوميني  القائم في إيران,هل يملك أحد محاسبته علي إهلاك أرواح باسم الإسلام وباسم محاربة الكفرة.
إنها دعوة كشوفة لاجتثاث الحكومات المدنية الحديثة وركوب الدعاة كراسي الحكم وتطبيق الحدود بحق أو بغير حق وهذا وحده كفيل بأن يفكك أيجامعة إسلامية أو عربية أو حتي قومية ضيقة."

يسخر البعض من فكرة المؤامرة,ويتندرون علي العرب,بصراحة الاسم نفسه قديم ومستهلك,وتم انتهاكه,ويثير الضحك فعلاً...لكنه حقيقي لحد كبير,ويسميه إدريس"خطة علمية مدروسة جيداً"وهو اسم آخر للمؤامرة,فمؤامرات الدول الاستعمارية,ليست حكراً علينا فقط,بل تلك المؤامرات قد تقوم بها تلك الدول ضد ذاتها,هدفها الوحيد مصلحتها وليذهب كل العالم للجحيم,وينادي بوجود خطة مقابلة للخروج من هذه المأساة التي نحياها.في نفس المقال"لا تلطموا الخدود",يورد فقرة قد قال بمثلها الشعرواي في أحد أحاديثه:"أما علي المستوي العقائدي,فقد كان لابد من اختلاق دعاوي إسلامية تبعد الإسلام عن رسالته الحقيقية في محاربة الكفر والأعداء"واسمهم الحديث هو الاستعمار والصهيونية"وتحويله إلي طقوس ميكانيكية تبعده عن مضمونه الحقيقي,ورسالته ويشرذم المسلمين إلي نحل وملل شيعية وسنية وعلوية ودرزية وخومينية وإخوان مسلمين وجماعات إسلامية,وتكفير وهجرة,وتنظيمات جهاد,وكل منها تعارض الآخر وتسن الحراب والسكاكين"إنه ما يحدث بالضبط يا قوم.أمريكا صنعت إسلاماً تم تصديره لنا,ونحن الآن نتدين به,بعد أن ارتددنا عن الإسلام الحقيقي,احتفظنا بالمظاهر وقدسناها,بينما الجوهر تم استبداله بشئ آخر غريب,وربما تلك هي نبوءة النبي بعودة الإسلام غريباً مرة أخري.
وسيد قطب ذاته يتحدث عن الإسلام الأمريكاني:" «.. والإسلام الذي يريده الأمريكان, وحلفاؤهم في الشرق الأوسط, ليس هو الإسلام الذي يقاوم الاستعمار, وليس هو الإسلام الذي يقاوم الطغيان, ولكنه فقط الإسلام الذي يقاوم الشيوعية, إنهم لا يريدون للإسلام أن يحكم, ولا يطيقون من الإسلام أن يحكم, لأن الإسلام حين يحكم سينشّئ الشعوب نشأة أخري, وسيعلم الشعوب أن إعداد القوة فريضة, وأن طرد المستعمر فريضة, وأن الشيوعية كالاستعمار وباء, فكلاهما عدو, وكلاهما اعتداء..
الأمريكان وحلفاؤهم إذن يريدون للشرق الأوسط «إسلاما أمريكانيا».. يجوز أن يستفتي في منع الحمل, ويجوز أن يستفتي في دخول المرأة البرلمان, ويجوز أن يستفتي في نواقض الوضوء, ولكنه لا يستفتي أبدا في أوضاعنا الاجتماعية أو الاقتصادية أو نظامنا المالي, ولا يستفتي أبدا في أوضاعنا السياسية والقومية, وفيما يربطنا بالاستعمار من صلات.. فالحكم بالإسلام, والتشريع بالإسلام, والانتصار للإسلام لا يجوز أن يمسها قلم, ولا حديث, ولا استفتاء...»
فماذ بعد حبيبهم وأستاذ مرشدهم...؟!


يقول مأمون الشناوي:"يا تبلشفونا...ترسملونا...يا تموتونا وترحونا
ملعون أبوكم علي أبونا
ينهي إدريس بتلك العبارة مقالته التي أسماها"موتونا وريحونا,التي يسرد فيها رد فعل العالم علي العدون الأمريكي علي ليبيا,ويبكي علي الأمة العربية وما إلي ذلك من حديث معاد,لكنه يورد بيت شعر لإسماعيل الحبروك,اعتبره شعاراً لي في تلك المرحلة السوداء من تاريخ مصر:"سأنام حتي لا أري
بلدي تباع وتشتري"
وهذا هو ما أفعله بسبب الإخوان.

ويحكي عن ماركيز ولأني للأسف ليست لي تجربة وافية معه-ماركيز-إلي الآن فلن أخوض في مسألة اصطحاب يوسف إدريس لماركيز معه علي الشاطئ,وجلوسهما سوياً بجوار الأسرة التي تأكل المحشي!
يوسف إدريس هذا يتحدث عن دول الخليج,كأنه يتحدث الآن,ربما ما يقوله علاء الأسواني اليوم لو كان إجريس حياً لقاله هو,رغم ما يتعرض له من سفالات كثيرة,فيتحدث عن شيوخ الخليج والعاملين في الخليج,وإسلام الخليج-لمن لا يعرف أقول أن الخليج لها إسلامها الخاص بها إسلام الملك الجلاد الزين الذي شعاره نخلة وسيفين كما تقول الأغنية مجهولة الصناع-,فحين تجول في عقول القراء عبر الخطابات التي وصلت له,عرف أن دول الخليج ودعاتها المبثوثين في وسائل الاعلام قاموا بعملية هتك للعقل المصري الراقي المتحضر,و وضعوا بدلاً من عقلاً آخر عقل يفكر في ملابس المرأة وتغطيتها,وقطع يد السارق وتحريم الفنون,هو لم يفصل إلا أنه يعترف بعملية غسل مخ خطيرة تحدث للعقل المصري.
الشريعة.......عنوان أربعون عاما مضت,ولا تزال هي كلمة السر لكل طاغية ليسود شعبه,ويحكم بيد من حديد,اجعلوني ملكاً عليكم في الدنيا,والجنة لكم عند الله,وتبدأ الديكاتورية العبث بمصائر الناس وتخريب الدولة,تماماً كما يفعل مرسي اليوم,يتحدث إدريس عن نميري السودان,قطَّاع الأيادي,المستبد باسم الله,وتعالي الله عما يقولون جميعاً له وحده العبادة...تلك المفاهيم البسيطة للأسف لايفهمها دعاة تطبيق الشريعة,بل يعتنقون إسلام الخليج,إسلام النخلة والسيفين.

في محكمة باب الخلق وقف فتحي رضوان مدافعاً,عن كرامة الصحافة ممثلة في شخص يوسف إدريس,بعد أن تهجم عليه أحد الوزراء,هل يهتم أحد بمعرفة ذلك الوزير؟! لا يهم بالطبع...بعد كل تلك السنون نقول اليوم حكمت المحكمة لصالح الصحافة وغرمت الوزارة,الصحافة التي وجدت في مصر قبل إنشاء الوزارات.
ويكيل المديح لأنيس منصور هو مديح يستحقه علي عمله الشامخ,المؤثر في أجيال القراء(في صالون العقاد كانت لنا أيام),الكتاب الذي رسم صورة لعصر كامل من الفكر والثقافة والسياسة,لأنيس وجيله.
لم يكن نجيب محفوظ في نظر يوسف إدريس يستحق نوبل,ولا كل ذلك المجد المحاط به,وكان يعتبر نفسه إبناً ليحيي حقي وتوفيق الحكيم,وبعد حصول محفوظ علي نوبل,وتشرف المدعو نوبل بالاقتران بنجيب محفوظ,هاج إدريس شاتماً غاضباً لمحفوظ,لم تكن علاقتهما جيدة,وحين يتساءل محفوظ في برنامج إذاعي عن سر تحوله من الهجوم علي القطاع في المسرح,إلي الكتابة له,يجيب عن ذلك في مقال القطاع الخاص الجديد.

يتبع.........

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق