الاثنين، 5 أغسطس 2013

عودة شهيد




عودة شهيد
الثلاثة الذين حدثت لهم تلك الواقعة لم يذكروها أبداً ؛لأنه لو ذكروها ماكان يتسني لأحدهم أن يسجلّها في أوراقه,فممرضي مستشفي الأمراض العقلية لن يسمحوا له أن يدوّن كلمة في ورقة!!لكن هذا لا يمنع أنها حدثت كما كتب نبيل صلاح وهي موجودة هنا في صورة طبق الأصل:
إذا وقعت تلك الأوراق في يد أحد فليعلم أنها ليست قصة خيالية,حدثت تلك الواقعة الغريبة وشهودها أحياء؛وإن كنت أعذر من يظن أنها حادثة خيالية,فمن يصدق أن ميت يعود للحياة مرة أخري!!!!قد نسمع عن الخوارق وندهش لها قليلاً لكنها لا تشغل تفكيرنا أبداً,فهي أمر يحدث للغير كأن يحكي لك أحدهم حلماً تحقق بالضبط ,أو مصادفة قدرية  أنقذت حياته أو ماله,أو شعوره بوجود شبح يعيش معه,ومن الممكن أن تقابل أحد العرّافين؛فيتنبأ لك بمستقبلك وتتحقق تنبوءاته,لكن أن يعود ميت للحياة مرة أخري ويجلس معك يخاطبك,ومن لا يعرفونه يتعاملون معه ويحدثونه!!!في الأفلام الأساطير القديمة وأفلام السينما,لا يري أحد الشبح سوي الشخص المقصود,ويظل شبحاً للنهاية...لكن(عمار عبد العزيز)لم يكن شبحاً أبداً!

لا أريد أن أُ ُطِيل في الحديث,لكنها أوراق قد تقع يوماً في يد أحد فَيَري فيها نماذج لأُناسٍ ضحوا ولم يغنّموا بشئ؛فيتأسف أو يسخر من القصة كلها,أو يُقدّر تضحيات رجال بسطاء أحبوا وطنهم ولم يبخلوا عليه بشئ وقدموا أرواحهم راضيين.سأحكي وأحاول الإختصار.

ليس في الدنيا سوي صديقين,وإذا كنت أكتب تلك الكلمات في يو25يناير2012فيكون قد مر عام علي صداقتنا..أي أنني عرفتهما يوم25يناير2011في ذلك اليوم الغني عن التعريف..قبلهما كنت وحيداً بعد وفاة أبي ليلحق بأمي التي لم أرها,بعد أن تخرجت من كلية التجارة.عشت تلك السنوات لي صديق واحد فقط:أبي الذي أغناني عن كل الناس؛لذلك ليس لي مغامرة واحدة قد أحكيها لأحد,وليس لي تجربة عاطفية ولو قصيرة العمر أداعب بها خطيبتي الحالية...ما أريد قوّله أني رجل لم أوّلد حقيقةً إلا يوم 25...يالها من خطابية جوفاء وحماسة مفتعلة كما تبدو العبارة لأول وهلّة..ولكنها الحقيقة ألمّ أقل مثلاً أني تعرفت علي صَديقيّ هذين يوم25يناير وهما من عرفاني علي خطيبتي هالة وكنت قبل هؤلاء الثلاثة لا أخطو عتبة البيت إلا إلي عملي كمحاسب,أقوم به كآلة صماء حتي نفرّ مني الجميع؛لأني حتي لا أحييهم ولا أنظر إليهم أبداً..اليوم أصبح لي مجلس ليلي دائم بالمقهي...بعد أن كان الليل لست سنوات حكراً للبكاء علي أبي!!
بالرغم من عزلتي الشديدة وربما بسببها؛كنت مشغولاً لأقصي حد بأحوال المجتمع المصري,والانهيارات المتوالية التي كانت تهدّم مصر وتمزق روحها,وكم قرأت من تنظيرات و تنبوءات عن الثورة وحتميتها,وفلسفة التاريخ وماهية التغيير,وكنت أصدقها وأتخيلها تحدث في مصر,ومما قوي اعتقادي التحليلات التي كانت تنشرها الصحافة الأمريكية والبريطانية,عن الطرق التي تسير فيها مصر...كلها في النهاية تؤدي للثورة,وكان سقوط بن علي حادثة قلبّت كل الموازين في العالم العربي؛لذلك كان لابد من نزولي يوم25يناير للتحرير.
عرفت أماكن التجمع من الفيس بوك وكنت قررت الذهاب لدارالقضاء العالي...في الواقع كنت مرتعباً من السير مسافة طويلة وحدي,ومجازر الشرطة ماثلة أمام عيني طوال الليل سهرته متخيلاً نفسي هاتفاً,محمولاً علي الأعناق,علي وشك أن يضربني ظابطاً علي رأسي وفجأة أجد أيادي أخري تمسك يده بعنف وتدفعه بقسوة لتحميني...أتخيل ذلك وأنا علي يقين أنه لن يحدث,سأظل مندساً وسط الجموع لأحتمي بها ولن أدخل في مواجهه مباشرة مع أي فرد يرتدي الميري,فأنا بطبعي-حتي ذلك اليوم-كنت أخاف إذا رأيت ظلي يمتد أمامي فجأة,فهل سأتحمل مثلاً هجوم كلب بوليسي متوحش عليّ وأنا مقيد!!!لذلك استأجرت سيارة أجرة وذهبت لدار القضاء اقرب مكان لمنزلي.
المشاركات التي شاهدتها علي الفيس بوك كانت تؤكد لي
أنه سيكون سأحكيه بفخرّ لأبنائي بعد ذلك وهم ينظروّن لي بدهشة من لا يصدق أنه كان فيه مثل ذلك في أي بلد..أخيراً سأجد ما أحكيه لأحد!!!
 قبل وصولي لمكان التجمع بأمتار فوجئت برجل يسير وحد هاتفاً بحرقة:عايزين ناكل
ثم يردّ علي نفسه متقمصاً دور متظاهر:عايزين ناكل
ثم يعود لدور القائد وظل هكذا,حتي ابتعد ومشيت في شارع آخر.
كنت أظن أن الوعي العام نضج بعد سقوط بن علي,وعرف أن مصر مشكلتها حسني مبارك وليس أي شئ آخر..لكني قلت لنفسي:واحد جعان من الجعانين..

بعد وصولي بدقائق بدأت المجموعة تسير,لم اكن أعرف أين هي ذاهبة؛فسألت شاب بجواري يحمل في يده علماً صغيراً يلوح به صامتاً:
-همَّ رايحين فين؟
فأجابني كأنه يعرفني منذ سنوات بعيدة وتقابلنا مصادفة بعد افتراق طويل:
-بيقولوا عالتحرير يا حمادة.
قلت ضاحكاً بسرور حقيقي من لهجته الحميمية الصادقة:
-حمادة مين بس ياعم.
كان قد جذبّني من يدي ومشي بجواري وهو يقول:
-ماهو شعبنا نصّه يا محمد يا محمود يا أحمد..وحمادة تمشي دلع ليهم...أنت انهي حمادة فيهم؟!

دفء الجموع في برد يناير جعلني استجيب لروحه المرحة
-لا انا من النص التاني اللي فيهم اسم صلاح نبيل..وانت؟
-أنا من نفس النص برضه...مايكل وديع
وسيصبح بعد ذلك هو أحد اصدقائي الاثنين اللذين اشرت إليهما..كل ما أملك في هذه الدنيا هما وخطيبتي هالة..وأحد الثلاثة الذين سيشهدون عودة عمار عبد العزيز...بعد موته!!
لا يعرف أحد من اسمي ديانتي,وربما كانت تلك حالة نادرة في مصر الآن,فأصحاب الديانتين يصرّان علي التأكيد علي هويتهما كلٌ في مواجهة الآخر..بعد الغزو الراديكالي للإسلام والمسيحية علي السواء..بعد أن أصبحنا نتصارع علي أرض هي لنا بحكم كل ما هو منطقي,وظهور أعضاء من كلا الفريقين يحاولان نفي بعضهما وادعاء حقهم في الوطن,بعد أن احتكر كل واحد الجنة لنفسه  وخاضوا ضد بعض المعركة بمبدأ"الجنة لاتباع ديانتي وانتهي الأمر المعركة الآن علي الدنيا..من له الحق في مصر"
 لو كان حسن الإمام هنا بكاميرته لظهرنا في الكادر؛نحتضن بعضنا ونتصافح ونحن نكاد نبكي من فرط الحب و التأثر!! ظهور الأمن المركزي المفاجئ سيمنع تلك اللقطة؛لأن الضابط لابد ان ينتزع منه الكاميرا,كما حاول أن يفعل مع إحدي الصحفيات,لكن البنت استعادتها مرة أخري وكادت أن تفتك به,وكانت تلك أول طعنة سامة موجهة لخوفي السابق-المقبور-لأني بدون أن أشعر وجدتني أشاركها معركتها ضد ذلك الضابط...
كان يشبه تشي جيفارا,بشعره ولحيته,ونظرته...تلك النظرة,لو عشت مليون سنة,سأذكر نظرة عمار,يسددها بلا جبن,لتقول للناظر إليها:"لن تهزموني يا أولاد الشرموطة,يا أولاد الزواني لن تقدروا علي,سأكون ما أريده وأفعل ما أشتهيه,غصباً عن اللي جابوكوا كلكوا,لن أتنازل عن حقي في العيش,ولا السعادة,وسأصنع منكم نماذج مسحوقة أمامي....."
كل ما تريد أن تقوله ستجده في عيني عمار...
تربيت علي الجبن والخوف,وشجاعاً كان,سألته ذات مرة عن المدارس والجامعات التي ارتادها,ولم أدهش حين أخبرني أنه أوقف دراسته عند المرحلة الإعدادية,ربما لو أكمل لكان مثلي,جاهلا,مقهوراً,مضروباً علي روحه ولعميت عواطفه...لكان "شيئاً" مثلي,وما كان ليعود مرة أخري.
كان الميدان ممتلئ لدرجة الانفجار,البراح كان في دواخلنا,لم نشعر بالضيق,شعرنا باتساع الأرض كأنها أصبحت السماء,الله كان يقف معي في تلك اللحظة,الله الرحيم,الله الذي افتقدته لسنوات خلت.
كان الناس في حالة بين اليقين و اللاتصديق,الذهول كان هو السيد,الجميع مذهول,ومن لم يبد مذهولاً وانشغل في متطلبات الميدان,كان إذا خلا إلي نفسه,ذهل..هل يحدث ما يحدث,وكيف بدأ الأمر بالضبط,وإلام سينتهي,وهل سيفعلها"أولاد الكلب الشعب"كما يقول الخال الأبنودي؟كيف سيكون هذا العام الذي ابتدأ منذ أيام قلائل؟
الثورة كانت في الثورة
اليوم كان في الساعة
والبطن غذائها الغاز
والجسد يستحم بالجرح
والقلوب تهتف
مدد
مدد
مدد
وكان عمار شهيداً.....
لست مجنوناً,ولا كان مايكل مجنوناً,ولا الحاجة نوال كانت مجنونة.
نحن من شاهدنا عمار بعد موته.
في منزلها الواقع قريباً من الميدان,كنا نجتمع ثلاثتنا,أنا ومايكل وعمار,فالحاجة نوال صديقة قديمة لوالدة مايكل,سيدة عجوز قد تتخطي السبعين,قال لنا مايكل بصوت هامس ونحن في الشرفة ندخن,بعد أن تركتنا لتنام:"ست أصيلة بجد,جوزها ماكانش بيخلف,ومارضيتش تخليه يطلقها,وعاشت معاه أربعين سنة,تشوفهم تقولش روميو وجولييت,ماشفتش حب في دنيتي دي زي كده يا عم الحاج,لحد مامات من سنتين-اقترب منا ووشوش آذاننا-أحلف لك أنهم كانوا في السن لسه بيناموا مع بعض"
ضحك عمار وهو يداعب ذقنه:"الحب ولع  في السرير ياله"
الحاجة نوال بنحافتها ووهنها,ونظارتها التي تخفي وجهها,كانت تمدنا بالقوة,وتوصينا بالمثابرة,وأن البلد يستحق أن نضحي له بأرواحنا,فرجتنا علي صورة لزوجها وهو يصافح الرئيس جمال عبد الناصر,في افتتاح أحد المصانع,أخبرتنا أنها رأت عبد الناصر في الميدان أمس...لكن طريقتها في إخبارنا لم تكشف إن كانت رأت صوره,أم رأته شخصياً!
..........
تسلم الإخوان الحكم من المجلس العسكري,في ظروف غامضة ربما يعرفها ابني"عمار",سميته علي اسم صديقي الشهيد عمار,تزوجت هالة بعد تنحي مبارك بيومين,وكانت ليلة الزفاف ليلة!!قذفت دموع كثيرة عقب قذفي لحيواناتي المنوية,سبحت دموعي فوق صدر هالة...عمار ابني ابن الحزن,كعمار صديقي.
بجوار الأستاذ علاء الأسواني,شاهدته آخر قبل أن يرديه رصاص القناصة,كان الأستاذ مع الثوار,وكان عمار يلازمه كلما لمحه,يركض نحوه ويلاصقه كأنه يحميه من شئ مجهول,كان يحمل لعلاء الأسواني دوناً عن جميع الأدباء تقديراً وحباً لا يمكن تخيله,ولثقافة عمار الطاغية كنت أتفهم هذا الإعجاب,فعمار آكل للكتب عبقري في الحوار,وله عدة أبحاث منشورة علي الانترنت,وله علاقات ومراسلات مع كتاب كبار في العالم العربي والغربي؛ولأنه لم يستمر في "مخارب" مصر التي دعوها مدارس وجامعات,كان عبقرياً بحق,يتقن لغات عدة,ويقرأ ويكتب في ميادين شتي,وصفحته علي الفيس بوك ومدونته تجتذب آلاف الزوار,ونشر مقالات عدة في صحف ومواقع إليكترونية.
علاء الأسواني عنده هو سيد الأدباء الذين هم علي قيد الحياة,وكان يبجله لوطنيته ودوره في محاربة الفساد,ويعتبره الأب الثاني للرواية بعد نجيب محفوظ...حدثني عنه كثيراً.
كان الأستاذ علاء يناقش الجماهير مرتدياً قميص وبنطلون في منتهي البساطة,وعلي رأسه قبعة رخيصة,حين اقتربت منه رأيت في وجهه انتصار الثورة,وفي كلماته عزيمة الواثق.
بدأت مجموعته تتحرك تدريجياً حتي اختفت,وأنا غارق في تأملاتي لما حدث وتوقعاتي لما سيحدث.
أفقت علي صوت الطلقات وهو يخترق أذني,ولم أع بنفسي إلأ وأنا أمدد جسده علي الأرض,ودمه يغطيني,ماذا حدث؟كيف رأيته؟متي حملته؟...حتي الآن لا أعرف آخر ما أذكره أنني التفت ناحية اليمين الباقي حلم لا أذكره.
قال الطب الشرعي أنه رصاص من بندقية قناص...تذكرة ذهاب وعودة تلك الرصاصة بين حياتين...سيعود عمار مع ظهور الطغيان الإخواني.


تلك السطور القادمة إلي ولدي عمار صلاح نبيل,حين يكبر ويقرأ:
سيكون لك حياة غير حياتي,وستعيش في عالم غير هذا الذي أعيش,وربما ستسخر من أبوك وتعتبره من الجيل القديم,جيل الفيس بوك وتويتر,الجيل الذي لا تتماشي أفكاره رؤاه مع جيل الشباب,طبيعي يا ولدي...والطبيعي أيضاً أن تكون الوطنية ومعناها ثابت,وأن تكون مصر في عيونكم كما كانت في عيوننا,وأن تعمل لخدمة بلدك وأنت تخدم نفسك,علي الأقل تكون نيتك خدمة الوطن...أنا أعلم أنك ستكون وطنياً كما كان سميك الذي سأحكي بقية حكايته التي لم تنته باستشهاده بين يدي.
لاتظن بأبيك الظنون,فأنا أخفيت عن الجميع الأمر حتي أمك لا تعلم,ولو كنت مت أنا قبل أن تقرأ تلك الأوراق,فاسأل عمك مايكل,ولو لم تجده لأي سبب,فاعلم أن ذنوبك هي التي منعتك....كانت تلك مزحتنا نحن جيل الفيسبوك الذي سيصير عجوزاً حين يظهر جيلك.

مادمت حياً يا عمار لا تأمن لإخواني في السياسة,ولو استطعت أن تبعد عنهم تماماً فافعل,أنت الآن شاب مثقف قارئ كسميك عمار الذي حكيت لك عنه وحفظتك مقالاته وأبحاثه,تعرف ما فعله الخرفان في مصر وما كانوا سيفعلون فيها لولا إرادة شعبها العظيم...العظيم رغم عيوبه...عبارة واحدة سأقولها عنهم:"لولا الإخوان والمتأثرين بهم لكانت مصر المتحضرة المثقفة الجميلة هي التي كنت أعيش فيها,بدلاً من الخراء الذي كنا نحياه".أتمني يا ولدي أن يكون هذا زمنك,الزمن الذي قاتلنا نحن أبناء الفيس بوك وتويتر له..مصر الجميلة المتحضرة.
يقتلون القتيل ثم يؤمون الصلاة عليه...ويقتلون الشهيد حين يعود...

ليلة غاب قمرها,أكلت أنت حينها 10شهور-أذكرها جيداً-كنت في شقة الحاجة نوال أستعيد أيام المجد في الميدان الذي راح,قتل الأوساخ كل ما حلمنا به في الشهور السابقة,نذالة وخسة ودناءة وقف عندها المؤرخون والمحللون طويلاً.قدمت لي الشاي بعد أن رفضت بحسم أي طعام.وعلي غير ميعاد جاء مايكل وبدا أنه فوجئ بوجودي,سألني عن سبب نحولي وهزال جسدي,كان يعلم أني أكذب وكنت أعلم أنه يعلم أني أكذب,لكننا أردنا تصديق أننا كالماضي مشاكلنا الشخصية والعملية هي فقط ما تشغل بالنا,وتأكل أرواحنا وأجسادنا,لم نكن نريد مواجهة السؤال الرهيب,أو الحديث عما كان ومخاوفنا مما سيكون.
من تلك اللحظة سيبدأ الجنون.
جلس ثلاثتنا في الصالة صامتين,نحدق في اللاشئ,دق الجرس,قبل أن تحرك الحاجة نوال جسدها لتنهض من الكرسي,فتح مايكل الباب,تراجع مذعوراً وهو يشهق,بالطبع أنت لاحظت جحوظ عينيه الواضح,وتعلم بارتجاف يدي المستمر,فظهور عمار عبد العزيز الذي دفناه بأيدينا,بنفس ملابس استشهاده التي أخذ كل منا جزء منها.....رأينا عفريته ببساطة,الوحيدة التي لم تصب بأي ذعر كانت الحاجة نوال,فهي أكثرنا إيماناً وطمأنينة تمتمت بآيات القرآن وبهدوء حدثت عمار,بعد أن اجتاز مايكل الجامد جاحظ العينين بصورة مخيفة:"جاي طالب مين؟باسم الله وبأمره بينا وبينك حجاب,باسم سيدنا النبي حارسنا ما تئذيناش"
"قد كده أنا مخيف"...حين شاهدت شبحه الحزين ارتجفت يدي وأوقعت الكوب"حتي انت يا صلاح".
يداي ترتجفان....كأني أراه أمامي الآن.
"أنا جاي أقولكوا حاجة واحدة بس,أنا مت تلات مرات,مرة من مبارك,والتانية من المجلس العسكري,والتالتة من مرسي...أنا مت بعد مامت"
ثم رحل..........."

لم يكمل صلاح نبيل كتابة حكايته...لكنه قال لابنه ذات يوم"الشهداء يموتون كلما رأوا أحلامهم مهدورة بسيف الظلمة...فلا تشارك في قتل شهيد بنسيان هدفه الذي مات لأجله...يا ولدي الحكايات العظيمة لاتنتهي بموت أصحابها بل تبدأ"

هناك تعليقان (2):

  1. تسلم أناملك أكثر من رائعه
    و بجد لو كملتها تعمل روايه أكثر من تحفه
    هتضم كثيرررررررررر
    أفكار و مشاعر و تاريخ و أفعال
    موت الشهيد عند موت هدفه فالشهيد حي عند الله
    و لكن ظلمه و قتله بقتل سببه لموته
    لو علمنا الهدف ما طالبنا بحق الشهيد بموت أناس بل بموت أهداف

    ردحذف